بسم الله الرحمان
الأعزاء الساهرين على منتدى النصوص المرشحة لقسم الترجمة ( أدب وفنون) أرشح نصي :اشتهاء وعندما تكتب أنثى (نزيف الحروف ) ..قراءة في ديوان جنة نجية .
النص الأول:
(( عندما تكتب أنثى..(نزيف الحروف)..قراءة في ديوان جنة نجية ...))
هو اصطدامي الأول بكتابة الأديبة "جنة نجية" ،الأنثى العاشقة للحرف،الهائمة ببهاء الكلمات، ستبحر ذاتي ومشاعري في ربوع مملكتها الشعرية الوارفة الظلال، مع نصوصها الشعرية التي اجترحت لها عنوان : " أنزف مرتين".
أحبائي لا شك أن النزيف كان عسيرا..يتاخم الجروح والأحزان ويتمرأى لنا هذا بجلاء بحضور مفردة " مرتين " .
فقد كان وقع النزيف قويا وحادا ..وهذا ما ستنم عنه النصوص التي احتوتها دفتي الكتاب.
فدعونا إذن، ننفلت من قبضة الزمن المتسارع،العابث بأحلامنا البسيطة..ونرتاد مرفأ الشعر والبوح مع " جنة" ، للاحتفاء بعبق الشعر ورائحته.
سَتُمْطرُ
بإيحاء جميل، مطر تستهل الشاعرة نُصُوصَها الشعرية، إنه إعلان عن أفق زاخر بالأمل، بالخير، فالمطر يؤثث لفرحة الشاعرة ومغادرة الشجن والألم لذاتها، كما أن حضور حرف السين ينم عن استشراف الذات الشاعرة لمستقبل أفضل، وطبعا المطر المتسم بالهدوء، والصمت، والسخاء، سيورِقُ فجرا جميلا..إن الشاعرة تستلهم عناصر الطبيعة والكون لتُشاركها انتشاءها: ( البحر،الأقحوان، السماء، الزنابق،الرحيق،الأشجار...).
إن عنوان النص الشعري الأول سَتُمْطِر فاتحة خير وأمل تعلن عنه ذات الشاعرة الصادقة، الشفيفة، وحالة المطر، لم يُعلن عنها في عنوان النص الشعري ، إنما فيما تلاه من أسطر شعرية، ودائما تسترسل الشاعرة مع مكونات الطبيعة بعنوان آخر:" موسم الربيع" الذي تُخاطب فيه الزمن الذي وسمته بالرديء ، والذي لا يستوعب الكلمات، والمصائب،إنها صرخة الشاعرة في وجه الزمن من أجل أن تحظى بأٌقْحوان الربيع، ويعقب" موسم الربيع" " غروب" ، إنه غروب ممزوج بالانتظار، وصمت الغربة.
إن الذات الشاعرة ترسم لنا لوحات تُزواج فيها بين نسائم الغبطة حينا ، وزفرات الحزن حينا آخر، هي ما تنفك تُسافر باحثة عن بر الأمان .
وتنتقل بنا الشاعرة من حالة الشجن ..فتتطلع إلى انبعاث الشمس المتوارية الباهتة الألوان..وما أجمل أنْ نَنْسُجَ الأسئلة تلو الأسئلة! ونتركها دونما إجابات ..إنها لحظات التشظي تستبد وتعبث بذات شاعرتنا.
إن حضور الصور الحزينة بين ثنايا الأسطر الشعرية هو ما حذا بالشاعرة لوَسم شعرها بـ:" أنزف مرتين" ، هو نزيف أمل ونزيف سدم.
إن ذات الشاعرة متألمة، منتظرة، بها اشتياق وحنين. وشعرية " جنة نجية " تتكئ على أسلوب بسيط سلس كما ألمع إلى ذلك في مقدمة الكتاب " مصطفى الغثيري"1، فهي لا تعدو أن تكون دفقات إنسانية تتلون بألوان الحياة ونبضاتها المتابينة.
الشعر عند " نجية جنة" بوح جميل، صادق، صادر عن ذات صادقة، سفر عبر الذاكرة، فأن تكتب بصدق وإبداع ، فهذا ينم على أنك مبدع تستنطق جمال الحروف، والذاكرة التي تختزل أشياء وأشياء..
هي حتما حروفها النازفة تتسلل إلى أرواحنا،هي تغاريد الحنين والحزن يجتمعان لينبلج نبض أشاع الرقي بين بتلات السطور، وقد ارتهنت الشاعرة لقضايا ذاتية،وبذلك نأت عن ضجيج القضايا الكُبرى.
كما تؤكد الذات الشاعرة هُيامها بالطبيعة ،فتستنطق مرة أخرى الرياح ،والأشجار، والنجوم، والليل ، لتكشف عن الحنين الذي يسكنها، فيجعل يراعها نازفا، يرسم قصائد بدون عنوان، إذ تسافر بنا في متاهات الحياة، علها تعثر على عناقيد الحب المفقود.وهي دائما ترنو لِمُعانَقَةِ الانبعاث الذي تحجبه شمس مصبوغة بألوان باهتة..وهي شمس الحرية المتوارية عنا طبعا بفعل غيوم الشجن..
إنها الشاعرة " نجية"، تعلن في ثنايا الأسطر الشعرية عن كمدها ومعاناتها، فنزيف الشاعرة الشعري بعيد كل البعد عن الكلمات المقنعة،المذبجة، هي شعريتها الصريحة الصادقة التي لا تختبئ وراء نفاق الجناس كما أعلنت:"شعري أنا ...يطعن في نفاق الجناس".2
نجية أيضا ترثي عزيز عليها،إذ يؤرقها هاجس التذكر ويحملها الحنين والشوق إلى أفضية ماضية:" لا زالت رائحة البحر تحملني إليك "،" تأخذني الصورة" ...الخ.
وباتكاء الشاعرة على الفعل الماضي الناقص" كان" في نصها:" كان لي"، تعلن عن انصرام حالة موسومة بترانيم الفرحة،إلى حلول أخرى عنوانها الانتظار والانكسار.
وتختم الشاعرة عملها الشعري بدعوتنا لنا للتأمل في نصها التي ارتضت له عنوان :" تأمل" .
إذ ستجيب في اللاحق من الأسطر عن طبيعة وكنه هذا التأمل ..الذي هو انطلاق،وترك للدهشة والذهول والاكتئاب، معلنة على استمرار المسير رغم نبضاتها الحزينة وآهاتها وحنينها وانتظارها...في عوالم شعرية اقتنصتها من ذاتها،وأشركتنا معها في الإبحار في يم حروفها وكلماتها..إنها " جنة" ترتحل بنا من خلال نصوصها لنعيش معها حياتها بكل تموجاتها ومراحلها،المُعْلَنَة حينا ،المتوارية حينا آخر،الحالمة والمشحونة بالحزن حينا آخر.
وأجْمِلْ بأن تختم الشاعرة بوحها الشعري بصيغة الأمر:"تَأمَّلْ" الممزوجة بالنهي،إنه الزخم الشعري يشي بزفرات شجن حينا وفرح أحايين أخرى كما ألمعت في السالف من السطور.
فلنبحر معها إذن في " أَنْزِفُ مرتين".
1- مصطفى الغثيري، كاتب وروائي مغربي من أعماله" أسلاك شائكة"و "تأملات في حرفة الأدب"...
2- ص.25 نص: لا قناع .
النص الثاني:
اشتهاء
نحن لزمن المتنبي ولخيله والبيداء
في زمن الانحسار والضيـــق
ننسى نكهة فنجان القهــوة
و جلسة أنــيس
في زمن البغض نستجدي الآمان
الحب
والوئــــــــــام
ننتظر المطر .. وقطرات الندى
نشتهي في زمن الاندحــار
أريج الزهرة
وإكليل الجبل
ويحاكم جيل متاهة ..اُغْتليت فيه ضحكاتنا
ماضيـــنا أماسينا الجميلـــة
بتنا نشتهــي
بسمة طفل يُسافر وحده
عبر زورق
لا يخشى أدران رصاصة
لا يأبه لقناص نَهِـــمْ
وأنا أيـضـا
أشتهـــي
لوحة باسمة خلفتها هنــاك
حيث روحــي ..
رسمتُ الحكــايــــة
وسمتُها بطفلتي المشتهـــاة
علمتُها أنْ لا تُغادر مملكة البراءة
أن لاخنوع ..لا إذعـــان
سوى للرحمان بارئ الأكوان
أشتهـــي
طقوس صلوات صوفيـــة
ونخلة كتلك التي كانت لمريم العذراء
معطاءة سخــــيــة.
أشتهي سفينة كالتي كانت لنوح طيعة
هنيــة..
وأغنية "مارسيلية" في مدرات روحانيـة
وقصيدة لمحمود درويش ..تعانق الآفاق
البهيـــة،
كي يرحل الوهم وتعتلي عرش القافية
معلنة الانتصار في زمن التوجس
والتوحش والارتقاب
هي نوستالجيا عشق حالمـــة.
أشتهــي
وثبة إليها ..بأقدام حافيــة
و تقبيل قرنفلة حديقتهــا
ومروج حقولها/ وشقيق جِنانها الفيحاء
أشتهــي
نسيم التي أوجدتنـــي أنثى
أبية مــذ كنتُ صبيـــة
فمرحى لسطور الخُلْدِ بين ثناياها
مرحـــى.
وطوبـــى
لصورة ملائكية نَسَجَتْها خيطا ..خيطا
فصول المدرسة التي احتضنتني أولى
مقاعدها.
شين الشهامة أشتهيها في محطاتهــا
وحلم شباب أينع فيها وتألق كشحرور طروب
أشتهي أيتها الحبيبة
شين الشادي في قممك الشماء
صَوْتَكِ الصداح بالحرية هناك
فسلام عليك يا ظبية " تازكة"
يا لــحْنِيَ الجميـــل
حِبْري يسيل عبرات شوق
ليُطفئ نيران صبابتــي
توجسـي
إني أشتهيك يا فجري المشع
هنــــاك دومــا
يا أيتها الأم الــرؤوم
توسلي سماءك علها تُلهمني عيدا
فلست أبتغي سوى
عودة روحي السليبة
سيدتي الأبية ..تاريخك يغرقني
يما من الحكايات الأسطورية
ريشتك أهدت للعالم صورا سرمدية
تعانقها مخيلتي كلما وقفت في محرابك
عاجزا..
لن أنسى أيتها الطفلة المشتهاة أولى
مفردات نمقت بها كراستي الأولى
أدفأت بها لواعجي البــاردة
فأحلتيها سطورا متمردة.
الآن فقط أستطيع تذكر جولاتي الشتوية
في فراديس تضاريسك العصيـــة.
أشتهيك ..لأنني أودعْتُ عندك
الأهل والخلان
وأرشفة صبية شقية .
فصرت أهوى السفر عبر سماءك كنجمة
قُطبيـــة.
أهوى ثراك ..فعسى أبجديتي البسيطة
تختصر المسافات إليـــك
لــتطرد الجفاء ..
و تغني للحب ..للخلود
فلا تركعي أبدا سيدتي أمام الوعود
فأبجديتـــي
لا يقهرها كلل النــوى
فقد تخلصت من قيود البغض
فانسابت سطورا شعرية أرجوانية
مباغتة ،مشاكسة.
أبجديتــي
عَنْوِينِي مساءاتي ورودا ثورية
وشُقي عني دثار الوهَـــن
اجعليني قيثارة ...نايا
لكـــيْ
أحلـــ م
أتبخْتر
أنْزِفُ
وأتعثر
أقوم..
أنْتفِضُ
أرقص
أصرخ
ثــــــــــــــائرا
قائلا:
إنني أشْتَهِيكِ
كالعاصفة
كالنار ..فبردا وسلاما .
أشتهيك سيدتــــي
عناديل محلقة
في أجوائي
آلهة قصائدي الأولى
لتطردي تباريح الجوى الملتهب
فإلى متــى سأظل أشتهيك
سيدتي!!.
نزيفا
لهيبا
طوفاناً
فطوقيني بمعصم الأمل ..وكفاك.
أقول: اشتهائي /وفــاء/ جثو
أمام محراب الأم المعطاء
ولأنك شهرزاد
فأنت غوايتي /مراودتي عن نفسي،
فإليك وحي القلم ،كلفي،نزيفي وبوحــــــي.
الأعزاء الساهرين على منتدى النصوص المرشحة لقسم الترجمة ( أدب وفنون) أرشح نصي :اشتهاء وعندما تكتب أنثى (نزيف الحروف ) ..قراءة في ديوان جنة نجية .
النص الأول:
(( عندما تكتب أنثى..(نزيف الحروف)..قراءة في ديوان جنة نجية ...))
هو اصطدامي الأول بكتابة الأديبة "جنة نجية" ،الأنثى العاشقة للحرف،الهائمة ببهاء الكلمات، ستبحر ذاتي ومشاعري في ربوع مملكتها الشعرية الوارفة الظلال، مع نصوصها الشعرية التي اجترحت لها عنوان : " أنزف مرتين".
أحبائي لا شك أن النزيف كان عسيرا..يتاخم الجروح والأحزان ويتمرأى لنا هذا بجلاء بحضور مفردة " مرتين " .
فقد كان وقع النزيف قويا وحادا ..وهذا ما ستنم عنه النصوص التي احتوتها دفتي الكتاب.
فدعونا إذن، ننفلت من قبضة الزمن المتسارع،العابث بأحلامنا البسيطة..ونرتاد مرفأ الشعر والبوح مع " جنة" ، للاحتفاء بعبق الشعر ورائحته.
سَتُمْطرُ
بإيحاء جميل، مطر تستهل الشاعرة نُصُوصَها الشعرية، إنه إعلان عن أفق زاخر بالأمل، بالخير، فالمطر يؤثث لفرحة الشاعرة ومغادرة الشجن والألم لذاتها، كما أن حضور حرف السين ينم عن استشراف الذات الشاعرة لمستقبل أفضل، وطبعا المطر المتسم بالهدوء، والصمت، والسخاء، سيورِقُ فجرا جميلا..إن الشاعرة تستلهم عناصر الطبيعة والكون لتُشاركها انتشاءها: ( البحر،الأقحوان، السماء، الزنابق،الرحيق،الأشجار...).
إن عنوان النص الشعري الأول سَتُمْطِر فاتحة خير وأمل تعلن عنه ذات الشاعرة الصادقة، الشفيفة، وحالة المطر، لم يُعلن عنها في عنوان النص الشعري ، إنما فيما تلاه من أسطر شعرية، ودائما تسترسل الشاعرة مع مكونات الطبيعة بعنوان آخر:" موسم الربيع" الذي تُخاطب فيه الزمن الذي وسمته بالرديء ، والذي لا يستوعب الكلمات، والمصائب،إنها صرخة الشاعرة في وجه الزمن من أجل أن تحظى بأٌقْحوان الربيع، ويعقب" موسم الربيع" " غروب" ، إنه غروب ممزوج بالانتظار، وصمت الغربة.
إن الذات الشاعرة ترسم لنا لوحات تُزواج فيها بين نسائم الغبطة حينا ، وزفرات الحزن حينا آخر، هي ما تنفك تُسافر باحثة عن بر الأمان .
وتنتقل بنا الشاعرة من حالة الشجن ..فتتطلع إلى انبعاث الشمس المتوارية الباهتة الألوان..وما أجمل أنْ نَنْسُجَ الأسئلة تلو الأسئلة! ونتركها دونما إجابات ..إنها لحظات التشظي تستبد وتعبث بذات شاعرتنا.
إن حضور الصور الحزينة بين ثنايا الأسطر الشعرية هو ما حذا بالشاعرة لوَسم شعرها بـ:" أنزف مرتين" ، هو نزيف أمل ونزيف سدم.
إن ذات الشاعرة متألمة، منتظرة، بها اشتياق وحنين. وشعرية " جنة نجية " تتكئ على أسلوب بسيط سلس كما ألمع إلى ذلك في مقدمة الكتاب " مصطفى الغثيري"1، فهي لا تعدو أن تكون دفقات إنسانية تتلون بألوان الحياة ونبضاتها المتابينة.
الشعر عند " نجية جنة" بوح جميل، صادق، صادر عن ذات صادقة، سفر عبر الذاكرة، فأن تكتب بصدق وإبداع ، فهذا ينم على أنك مبدع تستنطق جمال الحروف، والذاكرة التي تختزل أشياء وأشياء..
هي حتما حروفها النازفة تتسلل إلى أرواحنا،هي تغاريد الحنين والحزن يجتمعان لينبلج نبض أشاع الرقي بين بتلات السطور، وقد ارتهنت الشاعرة لقضايا ذاتية،وبذلك نأت عن ضجيج القضايا الكُبرى.
كما تؤكد الذات الشاعرة هُيامها بالطبيعة ،فتستنطق مرة أخرى الرياح ،والأشجار، والنجوم، والليل ، لتكشف عن الحنين الذي يسكنها، فيجعل يراعها نازفا، يرسم قصائد بدون عنوان، إذ تسافر بنا في متاهات الحياة، علها تعثر على عناقيد الحب المفقود.وهي دائما ترنو لِمُعانَقَةِ الانبعاث الذي تحجبه شمس مصبوغة بألوان باهتة..وهي شمس الحرية المتوارية عنا طبعا بفعل غيوم الشجن..
إنها الشاعرة " نجية"، تعلن في ثنايا الأسطر الشعرية عن كمدها ومعاناتها، فنزيف الشاعرة الشعري بعيد كل البعد عن الكلمات المقنعة،المذبجة، هي شعريتها الصريحة الصادقة التي لا تختبئ وراء نفاق الجناس كما أعلنت:"شعري أنا ...يطعن في نفاق الجناس".2
نجية أيضا ترثي عزيز عليها،إذ يؤرقها هاجس التذكر ويحملها الحنين والشوق إلى أفضية ماضية:" لا زالت رائحة البحر تحملني إليك "،" تأخذني الصورة" ...الخ.
وباتكاء الشاعرة على الفعل الماضي الناقص" كان" في نصها:" كان لي"، تعلن عن انصرام حالة موسومة بترانيم الفرحة،إلى حلول أخرى عنوانها الانتظار والانكسار.
وتختم الشاعرة عملها الشعري بدعوتنا لنا للتأمل في نصها التي ارتضت له عنوان :" تأمل" .
إذ ستجيب في اللاحق من الأسطر عن طبيعة وكنه هذا التأمل ..الذي هو انطلاق،وترك للدهشة والذهول والاكتئاب، معلنة على استمرار المسير رغم نبضاتها الحزينة وآهاتها وحنينها وانتظارها...في عوالم شعرية اقتنصتها من ذاتها،وأشركتنا معها في الإبحار في يم حروفها وكلماتها..إنها " جنة" ترتحل بنا من خلال نصوصها لنعيش معها حياتها بكل تموجاتها ومراحلها،المُعْلَنَة حينا ،المتوارية حينا آخر،الحالمة والمشحونة بالحزن حينا آخر.
وأجْمِلْ بأن تختم الشاعرة بوحها الشعري بصيغة الأمر:"تَأمَّلْ" الممزوجة بالنهي،إنه الزخم الشعري يشي بزفرات شجن حينا وفرح أحايين أخرى كما ألمعت في السالف من السطور.
فلنبحر معها إذن في " أَنْزِفُ مرتين".
1- مصطفى الغثيري، كاتب وروائي مغربي من أعماله" أسلاك شائكة"و "تأملات في حرفة الأدب"...
2- ص.25 نص: لا قناع .
النص الثاني:
اشتهاء
اشتهاء
في زمن البغض نشتهي صلحـانحن لزمن المتنبي ولخيله والبيداء
في زمن الانحسار والضيـــق
ننسى نكهة فنجان القهــوة
و جلسة أنــيس
في زمن البغض نستجدي الآمان
الحب
والوئــــــــــام
ننتظر المطر .. وقطرات الندى
نشتهي في زمن الاندحــار
أريج الزهرة
وإكليل الجبل
ويحاكم جيل متاهة ..اُغْتليت فيه ضحكاتنا
ماضيـــنا أماسينا الجميلـــة
بتنا نشتهــي
بسمة طفل يُسافر وحده
عبر زورق
لا يخشى أدران رصاصة
لا يأبه لقناص نَهِـــمْ
وأنا أيـضـا
أشتهـــي
لوحة باسمة خلفتها هنــاك
حيث روحــي ..
رسمتُ الحكــايــــة
وسمتُها بطفلتي المشتهـــاة
علمتُها أنْ لا تُغادر مملكة البراءة
أن لاخنوع ..لا إذعـــان
سوى للرحمان بارئ الأكوان
أشتهـــي
طقوس صلوات صوفيـــة
ونخلة كتلك التي كانت لمريم العذراء
معطاءة سخــــيــة.
أشتهي سفينة كالتي كانت لنوح طيعة
هنيــة..
وأغنية "مارسيلية" في مدرات روحانيـة
وقصيدة لمحمود درويش ..تعانق الآفاق
البهيـــة،
كي يرحل الوهم وتعتلي عرش القافية
معلنة الانتصار في زمن التوجس
والتوحش والارتقاب
هي نوستالجيا عشق حالمـــة.
أشتهــي
وثبة إليها ..بأقدام حافيــة
و تقبيل قرنفلة حديقتهــا
ومروج حقولها/ وشقيق جِنانها الفيحاء
أشتهــي
نسيم التي أوجدتنـــي أنثى
أبية مــذ كنتُ صبيـــة
فمرحى لسطور الخُلْدِ بين ثناياها
مرحـــى.
وطوبـــى
لصورة ملائكية نَسَجَتْها خيطا ..خيطا
فصول المدرسة التي احتضنتني أولى
مقاعدها.
شين الشهامة أشتهيها في محطاتهــا
وحلم شباب أينع فيها وتألق كشحرور طروب
أشتهي أيتها الحبيبة
شين الشادي في قممك الشماء
صَوْتَكِ الصداح بالحرية هناك
فسلام عليك يا ظبية " تازكة"
يا لــحْنِيَ الجميـــل
حِبْري يسيل عبرات شوق
ليُطفئ نيران صبابتــي
توجسـي
إني أشتهيك يا فجري المشع
هنــــاك دومــا
يا أيتها الأم الــرؤوم
توسلي سماءك علها تُلهمني عيدا
فلست أبتغي سوى
عودة روحي السليبة
سيدتي الأبية ..تاريخك يغرقني
يما من الحكايات الأسطورية
ريشتك أهدت للعالم صورا سرمدية
تعانقها مخيلتي كلما وقفت في محرابك
عاجزا..
لن أنسى أيتها الطفلة المشتهاة أولى
مفردات نمقت بها كراستي الأولى
أدفأت بها لواعجي البــاردة
فأحلتيها سطورا متمردة.
الآن فقط أستطيع تذكر جولاتي الشتوية
في فراديس تضاريسك العصيـــة.
أشتهيك ..لأنني أودعْتُ عندك
الأهل والخلان
وأرشفة صبية شقية .
فصرت أهوى السفر عبر سماءك كنجمة
قُطبيـــة.
أهوى ثراك ..فعسى أبجديتي البسيطة
تختصر المسافات إليـــك
لــتطرد الجفاء ..
و تغني للحب ..للخلود
فلا تركعي أبدا سيدتي أمام الوعود
فأبجديتـــي
لا يقهرها كلل النــوى
فقد تخلصت من قيود البغض
فانسابت سطورا شعرية أرجوانية
مباغتة ،مشاكسة.
أبجديتــي
عَنْوِينِي مساءاتي ورودا ثورية
وشُقي عني دثار الوهَـــن
اجعليني قيثارة ...نايا
لكـــيْ
أحلـــ م
أتبخْتر
أنْزِفُ
وأتعثر
أقوم..
أنْتفِضُ
أرقص
أصرخ
ثــــــــــــــائرا
قائلا:
إنني أشْتَهِيكِ
كالعاصفة
كالنار ..فبردا وسلاما .
أشتهيك سيدتــــي
عناديل محلقة
في أجوائي
آلهة قصائدي الأولى
لتطردي تباريح الجوى الملتهب
فإلى متــى سأظل أشتهيك
سيدتي!!.
نزيفا
لهيبا
طوفاناً
فطوقيني بمعصم الأمل ..وكفاك.
أقول: اشتهائي /وفــاء/ جثو
أمام محراب الأم المعطاء
ولأنك شهرزاد
فأنت غوايتي /مراودتي عن نفسي،
فإليك وحي القلم ،كلفي،نزيفي وبوحــــــي.
تعليق