عندما قرر المصريون القدماء ان يتحدوا لاول مرة .. قرروا ان يسلكوا النظام العسكرى ...
وعندما سئموا الوحدة وقرروا ان يرتقوا ويعمروا .. انتقلوا إلى النظام المدنى ...
وعندما آرادو ان يصنعوا حضارة اختاروا النظام الدينى ....
وبعد الاف السنيين من كل هذا ... لا يزال احفادهم فى حيـرة بين هذه الانظمة الثلاث ...
ترى كيف كان تفكير الرعيل الاول ومن تلاه من هذه الشعب .. تجاه انظمته ودولتهم او دولهم هذه ... هذا ما سوف نتخيله ....
بقلمى : أحمدخيرى
1-سو يا سو حبيبى حبسوه ...
عندما جف نهر الوادى او " طمس " قبل 7 الاف سنة .. وانتقل من انتقل من الرعيل الاول فى اتجاه الوسط من الدلتا ، وحتى الجنوب بمحاذاة هذا النهر الذى اسموه " حابى " .. كان كل هم هؤلاء وقتها .. ان يحافظوا على عيشهم وحياتهم واطفالهم ، وانتقلت مع اهل الجنوب حرفتهم الاساسية و هى الرعى .. غير ان اهل الشمال تعلموا حرفة جديدة ايضا ، وهى رمى الحبوب فى الارض ، فيأتى " حابى " على هذه الحبوب ويرويها ، وشيئا فـ شيئا تتحول إلى اشياء صالحة لـ الاكل ..وعندما اتقنوا هذه الحرفة الجديدة .. وسموها الزارعة ... طمع هذا الرعيل " شمالا وجنوبا " ان يكون لهم مكانة فـ نشأت دويلات صغيرة اجتمعت من حولها لـ لتصنع دويلة كبيرة نوعا ...
و كان هذا الحال فى "الشمال والجنوب " ، ولهذا قررت كل دويلة منهم ان يكون لها علمها وشعارها ومعبودها ... فكانت زهرات اللوتس وورق البردى هى العلامات والنسر والثعبان رؤوس التيجان ...
على الجانب الاخر وفيما وراء العقل ..
كان "انوبيس " احد الشياطين السفلية الذى تمثل لـ رجل " اقرع " او اصلع الرأس .. كان اسمه " كـ ااا هن " واندهش هذا الـ " كـ ااا هن " من ظهور " انوبيس" الشرير له بجسده البشرى ورأسه الذئبية ... فقرر ان يتخذه معبودا ..وهكذا عبد اهل الجنوب انوبيس ، وسمي كل " اصلع " يدعو لـ الوهيته او غيره من الالهة " كهااان ".. وونتيجة لـ عبوديتهم لـ انوبيس علمهم فنون الحرب والقتال .. ويقال والعهدة على ويكيبديا .. ان اول الملوك الذين ظهروا وفكروا فى هذه الوحدة الدموية بـ واسطة السيف كان الملك العقرب " بغض النظر عن الفيلم الامريكى الشهيـر " وبالمناسبة الملك العقرب يمثل احد الاسر النوبية والتى كانت ممكلة قائمة بـ ذاتها " ما علينا ..
المهم شيئاً فـ شيئا جاء هذا القائد الجنوبى .. والذى يسميه بعضهم " مينا " والبعض الاخر " نارمر " وآمن بـ تعاليم انوبيس والتى تعنى الوحدة بـ الدم ... ومن هنا جيش الجيوش .. وقرر الغزو .
من ناحية اخرى .. اقر اهل الزراعة الشماليين او الدلتاوية .. انهم ليسوا على نفس قدرة وكفاءة اهل الجنوب الرعيان .. والذين تعلموا الحرب على يد " انوبيس ابو رأس ذئبية " فـ اجمعوا إجتماع فى " بيت العيلة " حتى وصلوا إلى خطة جهنمية " سلمية " وهى ان يذهب الامير " سوو " إلى الملك " نارمر " ويطلب منه يد ابنته " نع نا عه " وان يكون مع الخطيب " سوو " قافلة محملة بـ خيرات الدلتا " ايشى عسل اسود على عسل ابيض على فطير مشلتت شعير لان القمح لم يعرف وقتها بعد على كام بقره وهكذا الخ الخ " واصطحب " سوو " فى رحلته عدد لا بأس به من المطربين والفنانين والرقاصات ... حتى يحدث اختلاط ثقافى بين كلا الاقليمين بجوار المصاهرة .. فـ يعرف اهل الجنوب .. ان هناك فنون اخرى غير فنون التحطيب والمصارعة .. تكمن فى الغناء والموسيقى والطرب ، وكذا جلب معه بعض المثقفين والطلبة حتى يتعلموا سر التحنيط الذى اختص به اهل الجنوب انفسهم ..
قبل " نارمر " اللقاء الاول مع احد امراء الشمال .. ربما حتى يعرف مدى قوة خصومه ... ولكنه اندهش إيضا .. من كم الهدايا التى جاء بها .. ولفت نظره احدى الفاتنات البارعات فى الرقص والموسيقى اسمها " في فى " فـ استئذن من ضيفه قليلا لـ يختلى بها عله يتعلم شىء من ثقافة اعداءه ... واثناء تركه لـ الامير سوو فى خيمة كبار الضيوف ... كانت هذه الحسناء السمراء السمهرية " نع نا عه " ذات التضاريس الريانية والعيون المهوية ، والشفاة الكنزية والمتدثرة بـ عقود ياسمينية .. تتلصص من خلف ثقب ال شبكة العنكبوتية " عفوا اقصد الخيمة الملكية "
.. على هذا الوافد من الشمال المحمل بالهدايا ..
ثم التفتت وسألت احدى الوصيفات قائلة :
" مين الواد الموُز دهـ
وتمر ايام فـ اسابيع فـ شهر وآخر ..
،
و
مثلما كان " نارمر " يتذوق "خمير الشعير" من كآس " فى فى " .. كان الامير " سوو " يرتشف "عرق البلح" فى صحن " نع نا عه " ...
ومن حسن حظ " سوو " ان الملك كان مستمعا صبورا إلى ابعد الحدود ... مستمع بـ قوة 64 حصان هى نفسها عدد الليالى التى قضاها مع " فى فى " يتعرف على ثقافة شعبها وخبراتهم ،وكذا نقاط القوة والضعف ...
واثناء هذه الفترة ضرب "سهم كيبوبيد الاحول" قلب الصغيرة السمراء " نع نا عه " فتعلقت بهذا الشمالى الشاب الابيض اللون .. وخلال فترة الـ 64 يوم استجواب الملكية ... كان لقاء الشمال والجنوب يزداد على التوالى مثل الوصلات الكهربائية القديمة .. فـ من " تقارب إلى شغف إلى مودة حميمة فـ عشقا " فـ وله ، فـ شبق .. فـ ولع إلى ان " ولعت الخيمة بـ اللي فيها من شدة الوليعة "
وعندما انتهى " نارمر " من استجوابه الممل والتقائه الحضارى والثقافى .. خرج من خيمته هاشا باشا منتشيا .. يخبط على صدره مثل كينج كونج ، ولسان حاله يتمتم مفتخرا :
" اوديكى فين يا صحة ...
ولكن فرحته اللحظية لم تلبث ان انقلبت إلى ثورة وغضب عارم .. عندما اكتشف ان ضيفه كان قد قرر إهدائه حفيد ..
فـ لطمت سريرته منكسره من هذا العار القادم قائلة :
" يا داهوتى السودا يانا ياما ...
- الناااار ، ولا العااااار
ونصبت محكمة عسكرية سريعة لـ المدعو " سوو " تم اتهامه وادانته بـ تصدير الارهاب الشمالى .. إلى الجنوب المحافظ السعيد ، والدليل على جريمته الارهابية هى " الخيمة المحروقة " من نار العشق والهوا " ... ولم تلبث هذه المحكمة ان حكمت على " سووو " بـ السجن مدى الحياة ، واعلان الحرب على الشمال الارهابى .. وبعد صدور الحكم العلنى واقتياد " سووو " إلى محبسه سحلا على طريقة " محمد ابو سويلم فى فيلم الارض " صرخت " نع نا عه " بالصوت الحيانى :
" سوووووووووووو ...
- سووو ياااااا سووووو .. حبيبى حبسوه
ثم ارتكنت على شجيرة موز صغيرة تحتضنها شبه مهذية غائبة عن الوعى ..
فلم يحتمل " نارمر " عار ابنته اكثر من ذلك .. فـ التقط بلطه او فاس او منجل او اى شىء " يحش الرؤوس والسلام" ...
وضرب عنقها .. لتسيل دماءها الـ " نع نا عية " لتروى شجيرة الموز ...
وكان ذلك هو اخر ما رآه " سووو " اثناء سحله إلى سجنه الادبى فـ انشد كلماته الاخيرة :
" نع ناااا عــــــــــ هـ
- " نع ناااا ع الجنينة المسقى فى حيضاااااان .. شجر الموز طرح ضلل على عيداااااان
وهكذا اصبحت دماء العاشقة السمهرية ، وسجن العاشق الـ مُوز ... بداية الحرب ، والوحدة .. فـ دقت الطبول لـ يشن المحاربين الانوبيسين حربهم على اهل الشمال.. حتى انتصروا فيها واعلن عن توحيد القطرين تحت قيادة الملك " نارمر " والذى لقب بـ نسر الشمال وثعبان الجنوب ولبس تاج مزين بـ رأس الكوبرا وجناحى النسر ..
وحرصا من نارمر على هذه الوحدة فى بدايتها .. فقد اقـر بـ ثقافة وفنون وعقائد اهل الشمال .. حتى تختلط الثقافات وبعضها البعض ويكون الجميع احرار من وجهة نظره فى ميولهم وافكارهم .. مادامت حريتهم لن تعكر صفو النظام ، وحدة الدولة ..
واخيرا ، و فى خطوة غير مسبوقة من حاكم عسكرى ..
تقرر اعلان السيدة " فى فى " الجارية سابقا ..
وزيرة لـ الثقافة والفنون والدلع فى الدولة الموحدة ... حرصا منه على الوحدة الاقليمية ، وحفاظا على الدم الموحد
فى النظام العسكرى الجديد .
تعليق