مرثيّة الهزيع الأخير

وكانت الريح من عوّدي ...
ثوت قرب السرير تعدّد مناقبي وتذكي الجمر بداخلي ...
غبار في الجوّ يعمي بصيرتي ،
خذ بيدي يا أبي فالطين اللازب
استبدّ بنشوتي وضاعت الأصوات والأصداء في غربتي،
حطَّ الرحال يا "رهج" الطّريق واطرح على صدري العاري
الثلج العتيق ومزّق سجف الحريق
اليوم ينزل من عليائه الماء الدّافق،
ويغمر المجاهل ويبدأ الطّوفان،
ممدّدا على سريري،على رمث يغازل أنوثة المكان،
يراود غصّة في داخلي وينزعني من وحدي وعزلتي إلى الجنة ...
إلى الجنة، إلى النار والدّخان والهوان،
أموت الليلة في مفاصل الشتاء وقد تجمّدت أوصاله وفؤاده،
ضلعي الخامس جليد ويسرجني سريرا,
رمثا , ويجلدني فتضمّني بروج السّماء،
ويصيح الكون بداخلي أنا لها ...أنا لها ... غزوتي أنا لها،
أموت الليلة والشتاء يشرب الصّقيع والنجيع، أموت بالتقسيط .
أموت وتنتهي المسافة على تخوم جدّنا الربيع،
الريح تلطم فوق رأسي ,
لواقح تسوق قدّامها الغمام،
إلى الأمام ...إلى الأمام ...إلى مهوى الرّدى،
أنا لها ...أنا لها ذي غزوتي وأنا لها،
أصّاعد تحملني الريح على جناحها
وأنا الصّبي الجعد أرى في الحلم شعري
تفرقه العواصف عقيقة الشتاء والأنواء والأرزاء ...
أنا الفداء ...أنا لها ...
أنا أصّاعد إلى عنان السماء مع الصّهيل والعويل والبكاء ...أنا لها...
وأرفع في صمتي آيات الهزيمة "
أيموت مثل أبي شجاع فاتك ويعيش حاسده الخصّي الأوكع "
وأذرع السماء من الفناء إلى الفناء ...
أنا هنا ...أنا هنا،همست في مسمع الريح العقيم :
"من هنا ؟ من معنا؟"
فمات في حلقي رجع الصّدى وامحى...هنا ..نا..ا..ا..
فتح الشتاء عينيّ وغرز في البؤبؤ ثلج المساء
ومار المكان بالسرير وعوّدي
ونفضت الريح يديها من الصواعق وتناثر الحريق على جسدي
وكانت النار تأتيني من أطرافي تنقصني،
فتيبّس الطّين الطّريّ وتحجّر في مدمعي،
وذهبت والطّين والجمر في قدح الشرا
يلفّنا الشتاء بالجليد السّرمدي، سأعود في نزوة الأنواء.