رسائل إخوانية (1)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عدنان أبوشعر
    أديب وكاتب
    • 11-02-2010
    • 11

    رسائل إخوانية (1)

    كانت مجموعة من المراسلات المتخمة بالإشارات، المثقلة بالتساؤل، حاكتها الحيرة، وطرَّزها العقل، فوثبت تبحث عن إجابة.

    للأغبياء فقط:

    رسائل إخوانية- (1)

    " الوجود البشري في جوهره عذاب ديني".

    أخي عدنان:
    قل لي يا أخي: إلى متى سيستمر تراكم ألمي ؟ ومتى سأصل للصدق والحب والحق والجمال ؟
    الدنيا، في عيني، رغم جميع آفاقها، مجموعة علاقات بائدة. بل مجموع مبادئ رديئة تعارف عليها الناس، وتواصوا بها، فصارتْ دستوراً عطناً يُنفذ عن رضى أو بالإكراه.
    وأنا، مع هذا الخضم الجارف، من الصور، والألوان، والأفكار المكررة، .. مشتتٌ أولا، حائر ثانياً، لا مبال ثالثاً، أشعر باللاجدوى والتفاهة.
    لقد قلتَ لي: العمر في أوله، والزمن الشخصي، مهما طال، قصير، لن يتجاوز المئة عام، والمئة عام في عمر الكون صفر. والصفر يعني لا شئ.
    وقتها، حدثتني عن التوازن الجاد، والماضي المشرق، والأحلام الممكنة، والأفكار الحلوة. فكنتُ، وأنا معك،أحاول أن أقنع نفسي بقيمة كل ذلك وبجدواه. ولم تدر أنني سأكون اثنين في واحد: أكلمك صامتاً، وأنصتُ إليك محدَّثاً، وذهني يتطلع إليك بعينين فارغتين، وعقل خاو، ومشاعر ميتة.
    ولأنني كنتُ اثنين، كرهتك وأحببتك، ونقمتُ وأشفقتُ عليك، ثم لعنتك ورضيتُ عنك .. وعندما بكيتُ، وأنتَ تصف لي روعة التحدي الصادق، كان في داخلي لسان طويل يهزأ من الكون بسخرية، ويعيث بالوجود بمرارة وألم.
    أنا سفينة بلا ملاح ولا اتجاه .. بل مجموعة سفن أضاعت ربانها، وحطمتْ صواريها، ومزقتْ كل أشرعتها، فبقيتُ مع الموج والملح وطعم الصبار.
    في حلقي غصة، وجوفي ينزُّ الصديد والدم، وأشعر أنني هيكل جاف يتحرك ويسير ضمن آلية رتيبة محددة.
    وعندما أتساءل عن قيمة العلاقات، وعن جدوى الحياة، وعن صدق الرمز وماهيته، أجد الخواء والوحشة في كل مكان.
    فبتُّ أخاف من نفسي وحيرتي. وأشعر، رغم كل شئ، أنني بحاجة إلى من يضمني إلى صدره الكبير، ويحتويني بذراعيه القويتين، فيأخذ صدأي، ويجلو ران قلبي، ويقوي موات عزيمتي، .. ويوصلني إلى الكبير، فتصوغ معجزته جفاف تربتي، وتصوغ راحتاه دمار قلقي، وتصوغ عيناه جراح ألمي.
    فهل أنتظر؟! وإلى متى أنتظر ؟! وهل سيطول الانتظار ؟! أم أنا أتألم، وسعيد بألمي وجرحي النازف !؟
    قل لي يا أخي، ماذا أفعل ؟! وماذا أريد ؟
    لك تحياتي، وإلى لقاء.


    16 /7 /1986
    ** ** **
    أخي منذر:
    ِكلما أوغلت في دراسة حالة التمزق المفزع الذي ينتابك بشكل مزمن، تتوضح أمامي الصورة العويصة الفهم والإدراك التي حاول ويليام بكيت رسمها بانتظار غودو.
    فأنت، وبكل جرأة، واحد من أولئك المتقاعسين الذين يثرثرون بلا جدوى، ويبحثون بغير ما فائدة،(ويحسبون أنهم مهتدون).
    أنت قمة العبث، وملك (السأم)، وتجسيد رجل ثقب الحائط لباربوس: تَرْقب
    الأشياء من ثقب الجدار، ويخطر ببالك ألف فكرة وفكرة، ولكنك تقبع صامتاً متشتتاً خلف الجدار، تحوطك العناكب، وتعلوك ألف حشرة وحشرة !
    تبني قلاعاً وهمية، وتطارد بسيفك الخشبي طواحين هوائية وغيلان لا وجود لها.
    أنت إيكاروس بأجنحته الشمعية، يتجه نحو الشمس، وكلما ازداد اقتراباً، زادت أجنحته ذوباناً، إلى أن يسقط هاوياً إلى جنب ديادالوس !
    من أنت ؟! أنت الصمت والحيرة والفراغ اللامتناهي !
    كم يُعوزك النهوض من غفوة الرقاد والشتات العابث ؟! كم يعوزك أن تنطلق من هذه الزنزانة الصدئة التي بنيتها لنفسك كي تحقق جزءاً من مفهوم جورج أرويل ((Coming Up For Air؟
    ابدأ السير..فقد أصاب الخمول أطرافك، وفاض عقلك المتوقِّد بالمعرفة الصامتة !
    كسِّرِ القيود التي ألزمت نفسك بها ! وعندها، يمكن لك أن تنال قسطاً من الإدراك الواعي والحقيقي للحياة !
    تعال من خلف الجدار، واستغرقْ في المعاناة الحقيقية المادية، وعندها ستدرك أن
    حالة التحنط التي تعيشها، هي قمة التقزيم لهذا العقل المبدع الخلاق.
    لعمري، إنَّ الجواب أقرب منك إليك .. إنه في تناغم حركة فكرك مع قدمك .. إنه حين تصبح (القدم التي يمشي بها، واليد التي يبطش بها).
    أنت سرُّ الوجود، لا في عقلك منفصلا عن يدك وقدمك، بل بجماع هذا كله.
    عدنان أبوشعر
    الساعة 12 ليلا
    ** ** **
    التعديل الأخير تم بواسطة عدنان أبوشعر; الساعة 06-12-2013, 02:36.
  • راما سعيد
    أديب وكاتب
    • 14-02-2014
    • 37

    #2

    .... رسالة فلسفية عميقة تتوغل إلى داخل النفس البشرية محاولة فهم جزء من كينونة هذا الكائن المكرم الذي سخر الله له العوالم الأخرى وكيف يمكنه التغلب على الحيرة والقلق !؟
    فكان الجواب لها كوميض نور يشيرإلى كنز الجواب ، وأنه قابع بين ثنايا السؤال !!!



    أخي عدنان لدي سؤالين تكرماً :

    س/ ماذا لو تناغم صوت الفكر مع حركة القدم ، وكسَّر الإنسان قيوده لينطلق كطير حرّ يعانق السحاب .
    بيد أن هناك أغلال صلبة راسخة كراسيات ، تنبعث من المجهول ، قوية كقدرة آلهة . توغل الإنسان إلى حيث السكون ،
    تجعل منه جسدا مسجى ، هل يعالجها على أمل ولادة كرامة قد تحطمها بعد رحيل زمن المعجزات !؟
    أخي عدنان ؛
    س/سنة صراع عنيف قائم ، يثير من خلفه وقع حيرة يقبع في نفوس تتطلع لشروق شمس لا تعرف الغروب .
    أرواح مهاجرة نحو عالم النور ، قلقة تائهة ، تفر من دروب فكرٍ متطرفة ، وقلوب قاسية !!!
    أتقف عند مفترق النور والعتمة ،، تنظر للآخرين بمنظور " الأبيض والأسود " ،،
    فتجعل من الحياة رحلة بلا حراك ، صورة غير واضحة الملامح ...!؟
    أم تلهث وراء حطام زائل ، وتنسلخ منها قيم الوجود ، أم تظل تصارع الريح وتحجبها عن معابد الآلهة !؟
    الله خلقنا من كبد ، فلم نخالف مراد الله ونلهث وراء سعادة زائفة !؟

    مودتي .


    .... راما سعيد ....
    التعديل الأخير تم بواسطة راما سعيد; الساعة 14-02-2014, 04:46.
    * .... في داخل كل إنسـان وطنٌ خاصٌ به
    الإنْسـان لا ينتمي إلى رقعة ، الإنْسان ينتمي إلى دواخله ....*


    تعليق

    يعمل...
    X