قصائص مقاهية (3)
لسيد يوسف مرسى
(فسيكة)
نحيل الجسد دقيق الساقين هادئ الطبع غائر العنين أسمر بحمرة تعلو وجهه الدقيق وإن كان يلتفح وجهه شارب تضحم فتدلى على فمه يكاد يكسوه أسقط رأسه فى عمامته التى تضخمت من كثرة الطى واللف غارت رأسه بداخلها فلا يظهر له وجه ( زرزور)كما تدعوه زوجته النكدية (فسيكة)الذى هو يدعوها أيضا(بفسيكة) لنحافتها وسرعة حركاتها وعدم توقفها كأنها طائر الفسيك فهى فى طيارانها
طوال اليوم مع كثرة الثرثرة طالما هو متواجد معها بالبيت وكما يحلو لها التحقير من أى شئ يأتى به إلى الدار فصارت له مصدر ضيق
ونكد فلا يقيل فى بيته من حر ولا يدخل عليها إلا متأخرا خوفا من أن يلقى وينال منها ومن لسانها ما يؤذيه ويغضبه فكانت تلهبه بلسانها وتحقر أى عمل يقوم به فهى لا يعجبها عجب العجاب
؛ وفى ذات يوم رجع مبكرا قبل غياب الشمس فما أن رأته حتى صاحت فى وجهه وكشرت على أنيابها وملأت الدنيا ثرثرة ؛
فضاق صدره ضيقا شديدا وأقسم أن يخرج وألايعود ثانية إلى البيت
مهما كان فيه حتى لايرى وجهها ولا يسمع صوتها ؛ فأرض الله واسعة ؛وحمل عصاه فوق كتفه حافى القدمين لا ينظر خلفه ؛
تحمله رجليه الدقيقتين ؛وأمله فى النجاة ؛
وظل يمشى متنقلا بين البلاد ؛يتسول طعامه وشرابه ؛
أما نومه فكان تحت جدران منزل ؛أو جوف بيت مهجور ؛يلتحف السماء وفراشه الأرض ؛
وذات يوما دخل أحد البلاد ويظل يطوف بشوارعها لعله يجد أحدا يسأله عن طعام له فما وجد إلا رجل يسير مسرعا ؛فنادى عليه ؛ أن توقف وأعطنى ؛قال الرجل وهو يظن أنه من أهل بلدته ؛تعالى معى حيث المهرجان الأميرى لتولية الأمير الجديد فى هذا اليوم وسوف تجد هناك طعاما وشرابا لك ولكل الناس ؛
ذهب خلفه يتبعه ببصره لأنه يكاد يقوى على الجهد الزائد لضعفه ؛
حتى وصل إلى الجمع المجموع وإذا به بخلق كثير ؛ نساءا ورجالا
وأطفالا يلتفون فى حلقة وسطها ساحة شاسعة يوضع فى وسطها إناء فضى كبير يخبئ أسفله شيئا ؛
ويقف بعض الرجال بجانبه وواحد منهم يشير إلى الإناء وينادى
من يقول ما هو الشيئ الذى يختبئ أسفل الإناء ؛
والذى يساعده الحظ فى هذه اللحظة هو الأمير فهو الذى عرف المخبئ أسفل الإناء فيصير أميرا
فيخرج من يخرج ويعودوامن يعود كما خرجوا رجعوا وتتعلق العيون بمن يخرج
وكان زرزور قد اتخذ لنفسه مقام متقدم فى مواجهة الحلقة ؛
وإذا بأحد الواقفين يلكزه بغير قصد فيميل مندفعا للأمام فظن الحضور أنه يريد الدخول وصاح الناس وصفقوا فى كل إتجاه له
وهو يأبى الدخول والناس تدفع به للأمام ؛
فلما وجد نفسه داخل الحلقة رضخ وتقدم وهو يرتعش ولا يعرف ماالذى سيقوله
ونظر إلى الإناء ولمسه بعصاه ونظر الناس فاذا هم سكوت ينظرون
ثم تبسم وضحك على نفسه وعلى قدره الذى ساقه على هذه البلدة
وهويقول لنفسه تدفعك المرأة كى تغادر البيت ولا تعرف مصيرك ماذا ؛سيكون من أمرك؟
يكون ما يكون
؛قل أى شيئ لكن مالذى تقوله
أنت يا زرزور لاتعلم الغيب فما الذى ستقوله للناس ؟
ثم جلس على الأرض ومد عصاه ثانية ومن ضيقه وحزنه من زوجته قال بصوت مرتفع؛
عملتيها يا( فسيكة ) وكان وعد القدر فاذا الذى تحت الإناء طائر الفيسك وزرزور يقصد زوجته فى قوله وهنا صاح الناس بالتهليل والتكبير وحمل على الأعناق وطاف به الناس وهو فوق رقابهم وأكتافهم أميرا لا زرزور المكدود الذى لايطاق
تمت والحمد لله
سيد يوسف مرسى
لسيد يوسف مرسى
(فسيكة)
نحيل الجسد دقيق الساقين هادئ الطبع غائر العنين أسمر بحمرة تعلو وجهه الدقيق وإن كان يلتفح وجهه شارب تضحم فتدلى على فمه يكاد يكسوه أسقط رأسه فى عمامته التى تضخمت من كثرة الطى واللف غارت رأسه بداخلها فلا يظهر له وجه ( زرزور)كما تدعوه زوجته النكدية (فسيكة)الذى هو يدعوها أيضا(بفسيكة) لنحافتها وسرعة حركاتها وعدم توقفها كأنها طائر الفسيك فهى فى طيارانها
طوال اليوم مع كثرة الثرثرة طالما هو متواجد معها بالبيت وكما يحلو لها التحقير من أى شئ يأتى به إلى الدار فصارت له مصدر ضيق
ونكد فلا يقيل فى بيته من حر ولا يدخل عليها إلا متأخرا خوفا من أن يلقى وينال منها ومن لسانها ما يؤذيه ويغضبه فكانت تلهبه بلسانها وتحقر أى عمل يقوم به فهى لا يعجبها عجب العجاب
؛ وفى ذات يوم رجع مبكرا قبل غياب الشمس فما أن رأته حتى صاحت فى وجهه وكشرت على أنيابها وملأت الدنيا ثرثرة ؛
فضاق صدره ضيقا شديدا وأقسم أن يخرج وألايعود ثانية إلى البيت
مهما كان فيه حتى لايرى وجهها ولا يسمع صوتها ؛ فأرض الله واسعة ؛وحمل عصاه فوق كتفه حافى القدمين لا ينظر خلفه ؛
تحمله رجليه الدقيقتين ؛وأمله فى النجاة ؛
وظل يمشى متنقلا بين البلاد ؛يتسول طعامه وشرابه ؛
أما نومه فكان تحت جدران منزل ؛أو جوف بيت مهجور ؛يلتحف السماء وفراشه الأرض ؛
وذات يوما دخل أحد البلاد ويظل يطوف بشوارعها لعله يجد أحدا يسأله عن طعام له فما وجد إلا رجل يسير مسرعا ؛فنادى عليه ؛ أن توقف وأعطنى ؛قال الرجل وهو يظن أنه من أهل بلدته ؛تعالى معى حيث المهرجان الأميرى لتولية الأمير الجديد فى هذا اليوم وسوف تجد هناك طعاما وشرابا لك ولكل الناس ؛
ذهب خلفه يتبعه ببصره لأنه يكاد يقوى على الجهد الزائد لضعفه ؛
حتى وصل إلى الجمع المجموع وإذا به بخلق كثير ؛ نساءا ورجالا
وأطفالا يلتفون فى حلقة وسطها ساحة شاسعة يوضع فى وسطها إناء فضى كبير يخبئ أسفله شيئا ؛
ويقف بعض الرجال بجانبه وواحد منهم يشير إلى الإناء وينادى
من يقول ما هو الشيئ الذى يختبئ أسفل الإناء ؛
والذى يساعده الحظ فى هذه اللحظة هو الأمير فهو الذى عرف المخبئ أسفل الإناء فيصير أميرا
فيخرج من يخرج ويعودوامن يعود كما خرجوا رجعوا وتتعلق العيون بمن يخرج
وكان زرزور قد اتخذ لنفسه مقام متقدم فى مواجهة الحلقة ؛
وإذا بأحد الواقفين يلكزه بغير قصد فيميل مندفعا للأمام فظن الحضور أنه يريد الدخول وصاح الناس وصفقوا فى كل إتجاه له
وهو يأبى الدخول والناس تدفع به للأمام ؛
فلما وجد نفسه داخل الحلقة رضخ وتقدم وهو يرتعش ولا يعرف ماالذى سيقوله
ونظر إلى الإناء ولمسه بعصاه ونظر الناس فاذا هم سكوت ينظرون
ثم تبسم وضحك على نفسه وعلى قدره الذى ساقه على هذه البلدة
وهويقول لنفسه تدفعك المرأة كى تغادر البيت ولا تعرف مصيرك ماذا ؛سيكون من أمرك؟
يكون ما يكون
؛قل أى شيئ لكن مالذى تقوله
أنت يا زرزور لاتعلم الغيب فما الذى ستقوله للناس ؟
ثم جلس على الأرض ومد عصاه ثانية ومن ضيقه وحزنه من زوجته قال بصوت مرتفع؛
عملتيها يا( فسيكة ) وكان وعد القدر فاذا الذى تحت الإناء طائر الفيسك وزرزور يقصد زوجته فى قوله وهنا صاح الناس بالتهليل والتكبير وحمل على الأعناق وطاف به الناس وهو فوق رقابهم وأكتافهم أميرا لا زرزور المكدود الذى لايطاق
تمت والحمد لله
سيد يوسف مرسى
تعليق