طرق .. طرق../قصة مازالت الأبواب المنسيّة ترويها/بسمة الصيادي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • بسمة الصيادي
    مشرفة ملتقى القصة
    • 09-02-2010
    • 3185

    طرق .. طرق../قصة مازالت الأبواب المنسيّة ترويها/بسمة الصيادي


    طَرْق .. طَرْق ..

    ولأنّ الباب أذن دامعة ... شاهد ضعيف الحيلة .... وقلب مكسور ... يخرج عن صمته أمام الليل ...كل ليل .... ليشهق بالحكاية
    .......


    جلست القُرْفُصاء فوق بلاط المطبخ البارد، تدندن بصمت موّالاً من زمن الحزن، اعتادت المرأة أن تواسي به نفسها بعد كلّ موت، يسمّونه موال السلام ... وللحرب في نفوس الأبرياء كلّ السلام ... وربّما كانت مازوشيّة خاصة اعتادت أن تلطم بها جراحها، لتضيف إلى الأحمر لون الأنوثة، مثلما اعتادت أن تغنّي للصغير الذي لم يكبر أغنيةً عند النوم .. أغنية من كلامٍ وحبّ ...
    «سوف يُدقّ الباب ... حتماً سوف يُدقّ .. » وترفع صمتها ليكبر الصوت في أعماقها أكثر .. لئلاّ يدقّ الباب حين يدقّ ...
    واحد .. اثنان .. كم مرّة على الزمن أن يمارس لعبة الأرقام .. كم طلقة موجعة على الانتظار أن يتحمّلها كي تولد الفاجعة!
    واحد .. اثنان .. أقراص الكبّة لا تشبه نفسها ... عددها نقص، عدنان كان يحبّها كثيراً، كان يأكل في كلّ مرة الحصّة الكبرى ... أقراص الكبّة لا تشبه نفسها أيضاً، تتكوّم في الصينيّة، كأنّها تراب يردم جثّة ... بل سبع جثث .... تنتفض مذعورة من شيطان الفكرة الذي مسّها .. «بعد الشرّ .. بعد الشرّ
    ....... سلام قولا من ربّ رحيم».
    «لا مكان لحصّتك يا عدنان ... ».
    قرار أصدرته بحرقة ... تردّد وكأنّه أمامها: «لا مكان لك يا حبيبي اليوم إلاّ في قلبي ... لا تكرهني يا حبيبي ....».
    وتتحقّق النبوءة، ساخرة من اعتذارها، من أمومتها. يُدّق الباب ... يُدقّ الباب .. بل يكاد يُكسر، نسيَت غطاء رأسها وفردة الحذاء، صرخت بأبنائها «ابتعدوا... أنا أفتح .. أنا أفتح ....».
    مِفصل الباب يحتاج إلى زيت، ثقيل و صوته مزعج فوق الاحتمال، عنيد ومنكسر حدّ الانفصام، وصراخ رجال المخابرات مركّب، ممزوج بصدى بعيد، وبخشونة ليست بمصطنعة، المسدّسات مطمئنّة لأيدي الفولاذ، والرصاص يحتاج إلى ذخيرة، إلى جسد ضحيّة، أو إلى قلب أمّ يقتله دون بارود، يقتله بعرق بارد ..
    - أين هو؟؟ أين ابنك عدنان؟
    - ليس هنا .. ليس هنا سيدي ...
    - فتّشوا المنزل ....
    حاولت أن تُفهمه، أبعدها بقسوة ألقت بها أرضاً.....
    فوق الأرض خطى منقوشة بكلّ الأحجام، سبعة قياسات، سبع أكباد ... الأرض صَلبة، والقلب هشّ ولكن ...... !
    عاد الرجال خائبين، منتصرين فقط بما حقّقوه من فوضى وتخريب: «سيّدي لم نجده» ...
    السيّد يرتدي بنطالا أسودَ، وقميصاً أسود، وقلباً بشريّاً أسود، اقترب منها كثعلب يحوم حول مالك حزين يتحصّن بشيء من الحكمة:
    - أقراص الكبّة في الفرن، أكثرتِ من البرغل هذه المرّة، قرص ناقص، وستّة أقراص تكاد تحترق ... هل تريدينها أن تحترق ؟
    ذُعرت وبدأت ترتجف، تحاول استيعاب الأمر بينها وبين نفسها، كيف عرف ؟
    ردّ عليها : «نحن نعرف كلّ شيء ... ونسمع كلّ شيء .... عدنان لن يأكل حصّته ... أمّا الباقون..؟
    عدنان ولدك البكر، لم تربيه جيّداً، حقير يظنّ نفسه مثقّفاً، يتحدّث في السياسة، سمعوه يلعن الرئيس، ومشى في مظاهرة مع المشاغبين... قولي أين خبّأتِهِ...».
    قاطعته دون أن تشعر: «أعوذ بالله سيّدي ... إلاّ الرئيس ... إلاّ الرئيس ... نحن نحبّه سيّدي ... ذلك الخائن هو الملعون. ذلك الخائن ليس ولدي، أتبرّأ منه أمامكم وأمام الله ... أقسم لك سيّدي نحن لا نعرف عنه شيئاً .. ولا نريد أن نعرف ...».
    «سيناريو مكرّر» .. لم يعجبه كلامها، رفع حاجبه ليحاصر كذبتها، تنهّد ثمّ هدّد:
    - لو شممنا خبراً أنّكم التقيتم به ... أو عرفتم عنه شيئاً ... سنأخذهم جميعاً .. الشباب الخمسة وابنتك الصبيّة ... سنأخذهم كلّهم هل تفهمين ...!!!
    - نعم نعم سيّدي ... بل نسلّمه لكم بأيدينا .. إلاّ الرئيس سيدي ... إلاّ الرئيس ...
    وغادروا من الباب نفسه... ويا لوجع الباب،
    حين حلّ ظلام اليوم التالي وقف عنده ملثّماً، خائفاً، لاجئاً، متوسّلاً ...
    - أمّي حبيبتي وأخيراً استطعت العودة ... خبّئيني ... خبّئيني يا أمّي ... يبحثون عنّي ...
    لم تعرف بمَ تردّ عليه، لطمت خديّها، شهقت، اختنقت بكلماتها :
    - لا أستطيع ... سيأتون .. كيف أخاطر بإخوتك أيضاً..؟
    - سأختبئ جيّداً .. في بيت المونة مثلاً ... وربّما لن يسألوا عنّي مرّة أخرى ..
    تظاهرت بالقسوة، عاتبته بشدّة: لماذا يا عدنان .. ألم أحذرك طويلاً ...؟
    - لم أفعل شيئاً .. لم أنتمِ إلى أحد .. ألا تصدّقين ؟!... ولكن ألم تسمعي ماذا فعلوا بأبي صالح ؟.. وعائلة الزيتونيّ ... ظلموهم يا أمي، غدروا بالمختار أيضاً، وألقوا عِمامة الشيخ أرضاً وسط السوق. حاولنا فقط مساعدتهم .. ضمّ صوتنا إليهم ... لم تكن مظاهرة كان تجمّعاً سلميّاً تضامناً مع المظلومين ... أمّي إنّه القرن العشرون يا أمّي .... إلى متى سيظلّون يقمعون أصواتنا ؟؟ إلى متى ؟!
    عبثاً حاولت التجرّد من أمومتها، حضنته بغصّة قاتلة، بلّلته بالدموع:
    - سامحني ... سامحني يا ولدي ... أنت لا دخل لك ... أنت طفلي .. كان عليك فقط أن تفكّر في أمّك .. إخوتك .. أختك سهام ... هل تريد أن ......!
    - "لا تكملي......"
    لم يحتمل أكثر .. قبّل يدها ورحل هارباً من المأساة المحتملة، ملثّماً بالليل ..
    كما الريح رحل .. إلى الريح رحل ...
    كان قحطان يستمع إلى الحديث، لم يستطع أن يقابله، كيف يُريه وجهه وهو تخلّى عنه؟
    كتم أنينه وهرب إلى المطبخ، حاول أن يُقنع ضميره: «هو ورّط نفسه ... أنا مازلت في الجامعة ... لن أتحمّل تعذيبهم .. لن أتحمّل السجن .. لا أريد أن أموت».
    فتح باب البرّاد وضع في فمه شيئاً، راح يلوكه والملح ينسكب فوق شفتيه، لقمة تلو اللقمة ... «كُل يا قحطان لابدّ أنّك جائع». أرغم نفسه على ابتلاع ذلك الشيء كلّه، ثمّ فكر بحلّ آخر ... جسد حبيبته راضية الذي لم يره قط، شدّ على عينه كي تُغمض:
    «راضية جميلة، راضية فاتنة بل شهيّة، لا بدّ أنّها كذلك ... تعالي راضية ... اقتربي .... اقتربي».
    أحسّ برعشة الانهزام، بالعار، بالعجز، صفعها، لعنها، ضربها بعنف، حطّم أضلاعها، صرخ بها:
    «أنا رجل رغماً عنك ... رجل ... رغماً عنك أنا رجل ... أنا ... أنا ... أنا لم أخن أخي .. لم أخن أخي».
    ثم وقع منهاراً فوق حطام الطبق الزجاجيّ .....
    وفي الدار أمّ عادت تدندن ألحانها، تجلد نفسها وتغني لينام عدنان، عدنان عاد رضيعاً « كيف تخلّيت عنك يا ولدي ؟ أيّ أمّ أنا ؟ عدنان يا طفلي الصغير ... يا كلمة "ماما" الأولى ... كيف وصلت أيديهم إلى أمومتي ؟»

    مرّت أيام طويلة وعدنان لم يكبر، عدنان جنين ما زالت حبلى به ... تطلق كلّ مساء ... تمزّق أوردة الكون ....... ولادة صعبة .... ولادة شبه مستحيلة....
    قدر أن تبقى أمومتها عالقة حتّى تأتي طلقة الخلاص، ربّما كانت عقيماً، نعم عقيم، الجارة شهدت أنّهم استأصلوا رحِمها مرّاتٍ عديدة، وأقسمت أخرى في السوق أنّه حَمْلٌ كاذب، وأنّ أبا عدنان لم يكن ... وأسكتتها أخرى « دعينا من سيرتهم، لا نريد مشاكل».
    مرّت سنون والباب يستيقظ كلّ ليلة .. ينادي أصحاب البيت، لا يريد زيتاً، ولا أياديَ تفتح .. بل يحتاج منديلاً يكفكف الدمع ...
    سنون والطرق يزيد، طرق على الباب، على السقف، على الجدار، على الصدر، في القلب، في الذاكرة، في صميم العجز، على يد أمّ شلّها الذعر...
    .
    .
    بسمة الصّيادي
    01.06.2013
    في انتظار ..هدية من السماء!!
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    بسمة الصيادي
    نص بحجم الفجيعة
    بحجم الوجع
    بحجم الظلم
    نص يستحق أن يعلق أيقونة
    ولن أستطيع أن أقول أكثر فما زلت تحت تأثير خبر وفاة الزميلة أمنية نعيم رحمها الله
    لكني تركت النجوم لتحل محلي
    ولأقول لك بدأت طريق الألف ميل منذ زمن
    أبصم أني كنت هنا لأنك كنت شجرة عملاقة هنا
    كوني بخير غاليتي لأني لست كذلك
    لكن لاتبتعدي أرجوك بسمة لاتبتعدي
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • حارس الصغير
      أديب وكاتب
      • 13-01-2013
      • 681

      #3
      تهت في روعة الكلمات
      ذُبحت بألمها ووجعها
      هي المأساة في كل أوطاننا
      لا تترك لنا هواء نتنفسه.. يضيقون علينا كل منذ
      آه وآه وألف آه
      تحيتي وتقديري

      تعليق

      • ربيع عقب الباب
        مستشار أدبي
        طائر النورس
        • 29-07-2008
        • 25792

        #4
        كم مرة على أن أقرا هنا ،
        لأرى كيف تحول العادي إلي غير عادي
        كيف نستطيع أن نمنح القديم ثوبا جديدا قادرا على بنائه جديدا
        كأن لم يكتب قبلا
        مثلما اعطتنا الواقعية السحرية
        دون حضورها
        كان الخوف يصنع تواطؤه
        مع الام و الاخ
        و كيف اصبح الطرق هو الدائم و المهيمن على الباب ؟
        ربما علىّ أن أعيد الدرس
        حتى أرى
        كيف كانت اللغة حية و إلي اي مدى كان لها هذا ؟

        لي عودة

        يثبت
        sigpic

        تعليق

        • بسمة الصيادي
          مشرفة ملتقى القصة
          • 09-02-2010
          • 3185

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
          بسمة الصيادي
          نص بحجم الفجيعة
          بحجم الوجع
          بحجم الظلم
          نص يستحق أن يعلق أيقونة
          ولن أستطيع أن أقول أكثر فما زلت تحت تأثير خبر وفاة الزميلة أمنية نعيم رحمها الله
          لكني تركت النجوم لتحل محلي
          ولأقول لك بدأت طريق الألف ميل منذ زمن
          أبصم أني كنت هنا لأنك كنت شجرة عملاقة هنا
          كوني بخير غاليتي لأني لست كذلك
          لكن لاتبتعدي أرجوك بسمة لاتبتعدي
          آخ يا عائدة ....
          أدمنا الوجع حتى صار جرعة مخدّرة
          لم أعرف الأخت أمنية كثيرا لكني شعرت بألم الفقد
          وبانطفاء ألوان جديدة للحياة
          مع ذلك كلّي أمل بأن تطل علينا من جديد
          مع أغنية لفيروز كما اعتادت أن تفرحنا
          وربما كان سوء فهم عائدا
          حدث قبلا مع أحد الأصدقاء حيث بكوا وأكدوا لي موته وكان حيا يرزق
          الله أعلم ..وأرحم ...
          اسمعي عائدة كلنا سنرحل ..وهنيئا لمن ترك أثرا جميلا في نفوس الآخرين وأدبا راقيا
          كوني بخير أيتها العظيمة
          وللكلام بقية
          محبتي و حفنة من تراب الوطن
          في انتظار ..هدية من السماء!!

          تعليق

          • بسمة الصيادي
            مشرفة ملتقى القصة
            • 09-02-2010
            • 3185

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة حارس الصغير مشاهدة المشاركة
            تهت في روعة الكلمات
            ذُبحت بألمها ووجعها
            هي المأساة في كل أوطاننا
            لا تترك لنا هواء نتنفسه.. يضيقون علينا كل منذ
            آه وآه وألف آه
            تحيتي وتقديري
            نعم هي المأساة ..والملهاة معا
            بات من الصعب الفصل بينهما
            أشكر مرورك الكريم سيدي
            دمت وبود والف خير
            في انتظار ..هدية من السماء!!

            تعليق

            • حسن لختام
              أديب وكاتب
              • 26-08-2011
              • 2603

              #7
              نص قوي، ولغة متينة
              راقت لي جدا النهاية القوية والموجعة والواخزة
              دمت مبدعة أنيقة، أختي العزيزة بسمة
              محبتي وكل التقدير

              تعليق

              • بسمة الصيادي
                مشرفة ملتقى القصة
                • 09-02-2010
                • 3185

                #8
                لقد شاركت بهذه القصّة في مسابقة القصّة القصيرة
                وكان هذا هو نقد أو تعليق استاذنا الكبير سالم وريوش الحميد



                طرق طرق

                نعم نعم سيدي ... بل نسلمه لكم بأيدينا .. إلا الرئيس سيدي ... إلا الرئيس ..
                مفارقة رائعة حين يلتقي الحب كله مع الحقد كله في حوار جاء ليجسد فكرة النص كله .
                .حب الأم لأبنها المتهم بمناوئة السلطة القهرية التي تعتمد على أدق المعلومات الإستخبارية وتبدأ بتحليلها وتأويلها لصالح جهدها وهذا ما أراد إثباته لنا الكاتب في تصوير قطع الكبة وأعدادها ،الحب في ظل هذه الأنظمة يتحول إلى خوف دائم حيث البطش والقهر وامتهان كرامة الإنسان والسجون والمعتقلات المنتشرة في كل مكان .. تلك الأنظمة التي أحصت على الشخص أنفاسه ، البعض يرى أن الولاء لها كالولاء لله .. وهذا أحد عوامل صناعة الطغاة

                النص رائع جدا .. ولكن هل النص استطاع أن يرضي ذائقة المتلقي الجمالية ..؟ لمثل هذا السؤال شقين من الإجابة أولهما أن محاولة الإيغال بالرمزية أو إقحامها على النص قد تخلق شعورا مغايرا لدى المتلقي لأن المضمون واقعي والرؤيا واضحة ومسار القصة لا يحتاج لمثل هذه الرمزية ، أما الشق الثاني من الإجابة فأن القاص احتاج الرمزية في بعض المشاهد التي أراد أن يعطي قوة دفع لنصه .. لكونه يحمل مضمونا متجددا قد نعيشه في أي زمان أو مكان وفيه قدرة على استبطان الأفكار ليجد من المتلقي هو القادر على فك تلك التشفيرات التي وضعها الكاتب وتحليلها وفق رؤيا ه
                أنا أرى أن الكاتب نجح في اقتناص مضمونا جيدا من الواقع حاول أن يرسمه بإبداع ليحوله إلى نص ..
                لكن تبقى الشخصيات التي رسمها الكاتب محيرة أهي واقعا أم خيالا ..تبقى الأم هي الشخصية الواقعية الموجودة في النص والتي لم نشك بوجودها لأن الكاتب حاول تشويش أفكارنا
                ((، ربما كانت عقيما، نعم عقيمة، الجارة شهدت أنهم استأصلوا رحمها مرات عديدة، وأقسمت أخرى في السوق أنه حمل كاذب، وأن أبا عدنان لم يكن ... وأسكتتها أخرى " دعينا من سيرتهم، لا نريد أيّ مشاكل ))
                فقحطان وعدنان وبناتها ,, ربما هم وهما .. لكن تبقى حقيقة آخرى حاضرة في أذهاننا
                وهي إجابة على تلك الإشكالية التي أراد الكاتب أن يوهم القارئ بها قد تكون حقيقة ثابتة في ظل أنظمة القمع هي أن ذاكرة المجتمع التي قد تمحي أفرادا من الواقع للتخلص من المشاكل والولوج في مسائلة هم في غنى عنها
                الكاتب وقع في بعض الأخطاء الكيبوردية
                لكن يبقى هذا النص من النصوص الجيدة والمميزة ..والتي تستحق التمييز
                في انتظار ..هدية من السماء!!

                تعليق

                • بسمة الصيادي
                  مشرفة ملتقى القصة
                  • 09-02-2010
                  • 3185

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة بسمة الصيادي مشاهدة المشاركة
                  لقد شاركت بهذه القصّة في مسابقة القصّة القصيرة
                  وكان هذا هو نقد أو تعليق استاذنا الكبير سالم وريوش الحميد



                  طرق طرق

                  نعم نعم سيدي ... بل نسلمه لكم بأيدينا .. إلا الرئيس سيدي ... إلا الرئيس ..
                  مفارقة رائعة حين يلتقي الحب كله مع الحقد كله في حوار جاء ليجسد فكرة النص كله .
                  .حب الأم لأبنها المتهم بمناوئة السلطة القهرية التي تعتمد على أدق المعلومات الإستخبارية وتبدأ بتحليلها وتأويلها لصالح جهدها وهذا ما أراد إثباته لنا الكاتب في تصوير قطع الكبة وأعدادها ،الحب في ظل هذه الأنظمة يتحول إلى خوف دائم حيث البطش والقهر وامتهان كرامة الإنسان والسجون والمعتقلات المنتشرة في كل مكان .. تلك الأنظمة التي أحصت على الشخص أنفاسه ، البعض يرى أن الولاء لها كالولاء لله .. وهذا أحد عوامل صناعة الطغاة

                  النص رائع جدا .. ولكن هل النص استطاع أن يرضي ذائقة المتلقي الجمالية ..؟ لمثل هذا السؤال شقين من الإجابة أولهما أن محاولة الإيغال بالرمزية أو إقحامها على النص قد تخلق شعورا مغايرا لدى المتلقي لأن المضمون واقعي والرؤيا واضحة ومسار القصة لا يحتاج لمثل هذه الرمزية ، أما الشق الثاني من الإجابة فأن القاص احتاج الرمزية في بعض المشاهد التي أراد أن يعطي قوة دفع لنصه .. لكونه يحمل مضمونا متجددا قد نعيشه في أي زمان أو مكان وفيه قدرة على استبطان الأفكار ليجد من المتلقي هو القادر على فك تلك التشفيرات التي وضعها الكاتب وتحليلها وفق رؤيا ه
                  أنا أرى أن الكاتب نجح في اقتناص مضمونا جيدا من الواقع حاول أن يرسمه بإبداع ليحوله إلى نص ..
                  لكن تبقى الشخصيات التي رسمها الكاتب محيرة أهي واقعا أم خيالا ..تبقى الأم هي الشخصية الواقعية الموجودة في النص والتي لم نشك بوجودها لأن الكاتب حاول تشويش أفكارنا
                  ((، ربما كانت عقيما، نعم عقيمة، الجارة شهدت أنهم استأصلوا رحمها مرات عديدة، وأقسمت أخرى في السوق أنه حمل كاذب، وأن أبا عدنان لم يكن ... وأسكتتها أخرى " دعينا من سيرتهم، لا نريد أيّ مشاكل ))
                  فقحطان وعدنان وبناتها ,, ربما هم وهما .. لكن تبقى حقيقة آخرى حاضرة في أذهاننا
                  وهي إجابة على تلك الإشكالية التي أراد الكاتب أن يوهم القارئ بها قد تكون حقيقة ثابتة في ظل أنظمة القمع هي أن ذاكرة المجتمع التي قد تمحي أفرادا من الواقع للتخلص من المشاكل والولوج في مسائلة هم في غنى عنها
                  الكاتب وقع في بعض الأخطاء الكيبوردية
                  لكن يبقى هذا النص من النصوص الجيدة والمميزة ..والتي تستحق التمييز
                  قحطان وعدنان ... والقبائل الأولى
                  يبدأ تاريخنا بالأخوة ...... بالشهامات التي تتحول إلى خيانات
                  بالوقائع التي تصبح خرافات ..
                  ليس علي أن أفك شيفرات ومفاتيح النص
                  ولكن لا بأس بلمحة ...
                  المعاني مطروحة في الطرقات ... والأحداث تتكرر بشكل او بآخر
                  لكن ما الفرق بين كتابة قصة؟ أو كتابة مقال؟
                  لم أسع إلى تشفير النص عن قصد أو إقحام الرمزية
                  ولكن هناك حقبة كبيرة وصور متراكمة لوجوه متشابهة
                  ذات التماثيل بملامح مختلفة قليلا ...
                  نفس الموت .. نفس الصراعات ...
                  خوف واحد ..... وطرق حثيث على الباب .. " من أجل الثورة"

                  ..تبقى الأم هي الشخصية الواقعية الموجودة في النص والتي لم نشك بوجودها لأن الكاتب حاول تشويش أفكارنا ((، ربما كانت عقيما، نعم عقيمة، الجارة شهدت أنهم استأصلوا رحمها مرات عديدة، وأقسمت أخرى في السوق أنه حمل كاذب، وأن أبا عدنان لم يكن ... وأسكتتها أخرى " دعينا من سيرتهم، لا نريد أيّ مشاكل ))

                  أما الخرافة .. فهي تشويه الحقيقة ... بدافع الخوف أو إرضاء الضمير
                  والشعوب تهرب من الحقيقة عبر الأسطورة
                  فكان لابد من جعل ما حدث مع أم عدنان .. أسطورة ... لتستمر الحياة بهدوء ...

                  .
                  .

                  أما الرجولة .. في زمن تخلى فيه الاخ عن أخيه
                  وقتلت فيه الصرخة ... فهي المتمثلة ب "راضية "
                  رجولة زائفة .. وسلطة على الأضغف فقط ...

                  لن أقول المزيد
                  فأنا لا أحب القصة التي تقول كل شيء
                  ولا أحب الصورة الفوتوغرافية التي تنقل المشهد آليا
                  بل أحب الصورة المرسومة بريشة فنان .. يضفي عليها الكثير من فنه وعفويته وذوقه وإنسانيته وفكره ..
                  .

                  .
                  هذا كان ردّي أحببت أن أنقله إلى هنا ... أسعد بأي نقد أو ملاحظة توجّه لأي عمل من أعمالي البسيطة
                  أشكرك مجددا سيد سالم القدير
                  دمت بودّ
                  في انتظار ..هدية من السماء!!

                  تعليق

                  • بسمة الصيادي
                    مشرفة ملتقى القصة
                    • 09-02-2010
                    • 3185

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
                    كم مرة على أن أقرا هنا ،
                    لأرى كيف تحول العادي إلي غير عادي
                    كيف نستطيع أن نمنح القديم ثوبا جديدا قادرا على بنائه جديدا
                    كأن لم يكتب قبلا
                    مثلما اعطتنا الواقعية السحرية
                    دون حضورها
                    كان الخوف يصنع تواطؤه
                    مع الام و الاخ
                    و كيف اصبح الطرق هو الدائم و المهيمن على الباب ؟
                    ربما علىّ أن أعيد الدرس
                    حتى أرى
                    كيف كانت اللغة حية و إلي اي مدى كان لها هذا ؟

                    لي عودة

                    يثبت
                    أيها الغالي
                    أشتاق لكلامك دائما .... وأفرح بك وباسمك حين ينير الصفحات
                    ربيعنا أيها الأستاذ والصديق
                    تعلم كيف كانت البداية ... فإن كان هناك تقدّم
                    فلك الفضل الأكبر ...... والشكر الدائم .....
                    إنها قصص من واقعنا الأليم .. علين أن نعيد صياغتها كي تصلح أدباً ..
                    أحاول أن أنجح بذلك .. كي تختفر بي
                    وأرجو أن تفعل يوما ....
                    وأنا أيضا أنتظر روايتك العظيمة أن تكتمل لاحتفل بها وبك
                    أرجوك لا تدعني أنتظر كثيرا .......
                    أنتظر عودتك بفارغ الصّبر
                    محبتي التي تفوق كل حد .....
                    في انتظار ..هدية من السماء!!

                    تعليق

                    • بسمة الصيادي
                      مشرفة ملتقى القصة
                      • 09-02-2010
                      • 3185

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
                      بسمة الصيادي
                      نص بحجم الفجيعة
                      بحجم الوجع
                      بحجم الظلم
                      نص يستحق أن يعلق أيقونة
                      ولن أستطيع أن أقول أكثر فما زلت تحت تأثير خبر وفاة الزميلة أمنية نعيم رحمها الله
                      لكني تركت النجوم لتحل محلي
                      ولأقول لك بدأت طريق الألف ميل منذ زمن
                      أبصم أني كنت هنا لأنك كنت شجرة عملاقة هنا
                      كوني بخير غاليتي لأني لست كذلك
                      لكن لاتبتعدي أرجوك بسمة لاتبتعدي
                      تعلمين عائدة أنني لو جلست معك أتحدّث حتّى نهاية العمر
                      لن أكتفي ولن ينتهي الكلام .....
                      تجمعنا هذه الحياة بكل تفاصيلها وأوجاعها
                      وكلانا يعرف أن الإنسان عالم أوسع من هذا الكون
                      وأعمق من فكرة الوجود ....
                      في حين أننا مهدّدون بعملية الترقيم .. (تحويلنا إلى أرقام)
                      مازلنا نشعر بتلك الإنسانية المختبئة .. ومازلنا نردّد الأسامي
                      ونسرد الأحداث ... لا لنرفع أسامينا ..بل لنعلن أننا هنا ... بشر ..
                      بكل ما حملت الكلمة من معنى .....
                      وما زلنا نسمع ونرى ونبصر ونتذوق طعم الملح والمطر ....
                      أرأيت .. كم هو كبير هذا الأمل!
                      كوني .... كما أنت فقط
                      في انتظار ..هدية من السماء!!

                      تعليق

                      • نادية البريني
                        أديب وكاتب
                        • 20-09-2009
                        • 2644

                        #12
                        بسمتي الحلوة...أقرأ قصّتك على وقع مطرينهمر منذ البارحة في صفاقس عاصمة الجنوب التّونسي...مطر يغسل أدراننا...أوجاعنا...يقلّل من حجم مآسينا...المطر يطرق بهدوء وجمال...هناك كان الطّرق قويّا عنيفا...طرق باب وخفق قلب...وجع البشر والحجر والشّجر...عروبة تتفتّت على جدران الخديعة والاقتتال...منذ عدنان وقحطان والاقتتال قائم...لكنّنا نرقى في معارفنا وتزداد وحشيّتنا...متى تكون الأمطار جارفة لهذه الأدران التي تلبّس بعروبتنا...علينا أن نتشبّث بالأمل...سنبقى بخير مادامت بعض القلوب تنبض بالخير والحبّ والجمال...
                        كنت رائعة بسمة...رائعة القلم والإحساس...كم أحبّك بسمتي الحلوة...تحيّاتي لقلم عرف طريقه وتمكّن بإبداع أن يغمس في الدّواة فيتلقّف الحبر ويعطي الجمال...والله يعجبني قلمك كثيرا...

                        تعليق

                        • وسام دبليز
                          همس الياسمين
                          • 03-07-2010
                          • 687

                          #13
                          بسمة الرائعة لا ازال ادهش امام كل نص لك واخرج منه وعلى شفاهي ابتسامة بحق انك تنزفين حتى الابداع وتتركين لصدى ابداعك صوتا يتردد مرات عدة
                          بسمة مبدعة وكفى

                          تعليق

                          • بسمة الصيادي
                            مشرفة ملتقى القصة
                            • 09-02-2010
                            • 3185

                            #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة حسن لختام مشاهدة المشاركة
                            نص قوي، ولغة متينة
                            راقت لي جدا النهاية القوية والموجعة والواخزة
                            دمت مبدعة أنيقة، أختي العزيزة بسمة
                            محبتي وكل التقدير
                            الأستاذ القدير حسن لختام
                            يشرفني حضورك ويسعدني إعجابك بالعمل
                            أشكرك من كل قلبي ....
                            ها هو الوجع مازال يكتب فينا
                            مودتي وتقديري
                            في انتظار ..هدية من السماء!!

                            تعليق

                            • محمد فطومي
                              رئيس ملتقى فرعي
                              • 05-06-2010
                              • 2433

                              #15
                              كلّما هممتُ بالتّعليق قرأت النصّ عوضا عن ذلك.
                              مازلتُ أستزيد.
                              لي عودة لأدلو بما تعلّمته.
                              تحيّة بالورد لك بسمة.
                              مدوّنة

                              فلكُ القصّة القصيرة

                              تعليق

                              يعمل...
                              X