يا صايغين الدهب ... / للمبدعة الكبيرة إيمان الدرع

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    يا صايغين الدهب ... / للمبدعة الكبيرة إيمان الدرع

    يا صايغين الدهب


    صوته المبحوح، خالط حبات المطر، فارتعد معه الكون الموغل في الظلام ينادي: ـسعااااااااااد..سعاااااااااااااد ..أينكِ ؟؟!! أين رحتِ ؟؟!!!
    أبواب العمارة فُتحت تباعاً ، تحمل فضول أهلها، عن مصدر قلق جارهم الشاب الفارع، الأسمر، الغارق في حزنه، النزق على الدوام، التفت إليهم، يخاطبهم بانكسار:
    ـ أستحلفكم بالله، هل رأيتموها..؟؟!! لقد خرجت للتوّ غاضبة، كلمح البصر اختفت ، لا أعرف أين!! عييت وأنا أبحث عنها..
    البعض أغلق أبوابه معتذراً ، وآخرون اسستنفروا معه، يردّون لهفته، وقد أضناهم البحث، من غير طائل، كاد الانهيار يتمكّن منه ، لولا أن أنقذه صوت جاره الحاج محمود يناديه:
    ـــ تعال يا ولدي..إنها هنا..في الطابق العلوي المعد للإكساء، ....ملتفتاً نحوها: ـــ أقبلي يا سعاد..هاتي يدك ..لاتخافي ...فارتفع صوت نحيبها:
    ـــ دخيلك ياعمي..لا أريد ان أذهب إلى هذا الوحش الكاسر، ماعدت أحتمله، لئن قضيت ليلتي هنا، أهون علي ألف مرة، من أن أبيت مع هذا المجنون في بيت واحد.
    الزوج يستعطفها محاولاً سحب يدها ـ تعالي سعاد أرجوك، أنا آسف حبيبتي، هيا إلى الدار، سنتفاهم على كل شيء..
    فأجفلت منه مخلّصة ذراعها من أصابعه ـ ابتعد..ابتعد لا تلمسْني..طلّقني..ماعدت أحتملك..ماااااعدت...
    أطلّت الجارة ( أم عادل ) من بابها، تمطّ رأسها الأشيب بعد أن لفحته بغطاء الصلاة على عجل: ـ اتقِ الله فيها، إنها بنت عالم، وناس، وقد تحمّلتْ من قسوة العيش، و منك الكثير، وأقسم بأنك لن تراها بعد اليوم، لو خرجتْ من دار ها غاضبة، واعلم بأننا أهلها هنا، بدل أهلها البعيدين عنها..لا تظنّن بأنها وحدها....( فالتصقت سعاد بها لائذة:
    ــــ دخيلك ياخالة لقد كرهته، خلّيني عندك حتى الصباح، أريد أن أسافر إلى أهلي، رغم الحرب، والدمار، وخطورة السفر، رغم مغادرتهم حيهم الذي يحترق ، وإقامتهم عند عمي..فذلك أرحم من البقاء عنده..
    فأخذ الزوج يدها المرتعشة بين يديه يقبّلها، متمتماً: أرجوك سامحيني أقرّ بذنبي، عودي بقدميك الطاهرتين ..واجتازي العتبة إلى بيتك..أرجوووووك...عووووودي...
    ولما لاحتْ لها دمعته التي عرّتْ ضعفه أمام الجوار ـ الداعين لهما بصلح الحال، وردّ كيد الشيطان ــ تحرّكتْ الشفقة في قلبها، فخشيت على انكسار رجولته، أن تسفح على أدراجهم، أمام مرآهم ......رافقته حيث يقف طفلهما أمام باب البيت...مهلّلاً، يلثغ بحروف الفرح، يهديها لعبته الأثيرة عنده /السيارة الصغيرة / التي كان يكرجها للتو على بلاطه البارد..
    أراد أن يقول شيئاً ..أن يعتذر ، فانكشف الضماد عن الجرح، وانبجس الدم، وسال أودية ، وأنهاراً : سعااااااااد .....أنااااااااااااااااا
    ـــ أرجوك..أرجوك...لا تقل شيئاً..أنا متعبة، أريد أن أغفو ـــ متحسّسة كتفها الموجوع من قبضته، وهو يلوحها منفعلاً، قبل أن تهرب منه ـــ وافترشت الأرض ، مصوّبة وجهها نحو الحائط، وسط بحر من الدموع، حتى غفتْ.
    وعلى ضوء شمعة يتطاول لهبها، قبل انطفاءته الأخيرة، تأمّلتها عيناه المبرقتان مطراً كثيفاً ، تخاطبانها: ـــ نحيلة أنت يا حبيبتي، وشاحبة ، وشعرك نسي حيوية أمواجه، ثيابك باهتة، رقيقة ..تعجز أن تردّعنك البرد الذي داهمنا بلا رحمة،..قبل أن نستعد له، فلم يرحم قلة حيلتنا، في بيت نزحنا بثيابنا إليه هرباً من الموت .. ، ليس لنا...ليس عشنا الذي ابتدأنا أيامنا به، آاااااااااااخ يا أميرتي، فلتلعني فارسك ألف لعنة، ذاك الذي رقصت له يوم العرس، والضحكة الخجول تملأ وجهك الجميل، على وقع لحن مازال يجلدني بصداه: (يا صايغين الدهب..حبيت أدلعها...شوفولي خاتم حلو يستاهل إصبعها) حين أخذتك بين ذراعيّ، أحملك ، أدور بك كفراشة بيضاء، والأساور الذهبية تلتمع في زندك زهواً ، وعيون الصبايا تتبعك إعجاباً، وغبطة، وحلماً واعداً يداعبهن في الغد الآتي.. وهاهي أساورك تفقد رنينها ...تتناقص واحدة ، فواحدة، وفارسك عاجز عن حمايتك يا ست النساء، يجرّ قدمه المعلولة ، التي أعطبتها الحرب، كجسمٍ غريبٍ، ميْتٍ، منطفئ الإحساس، وربّ العمل... الآمر ،الناهي......صار لا يصلح للقيام ، حتى بغسل الأدراج، بعد أن كان يملك ورشة كبيرة ..أكلتها النيران، بفكّ شرهٍ لا يعرف الشبع.
    انهضي هياااااااااااااااا واصفعيني...وارميني أرضاً ، وأشبعيني شتماً ، وقولي: أيها العاجز ..يا صاحب العاهة، ولكن لا تقولي أيها الكاذب...لقدسعيت أن أمنحك ..كل هدايا الكون..أن أتوّجك حتى كعبيك بالذهب..ولكن قدمي المسلوخة عن أوردة جسدي، نقلت إلى روحي القذى ، والدخان، وحرقة النار...فتفجر قلبي ... وتناثر ...كما تناثرت قطع الورشة وصارت هباء...أريدك أن تكرهيني، أن تستمتعي بشبابك، ربما ...ربما لخيّال آخر يليق بأميرة لا يبيع تاجها من أجل انكسار حاله...ولكنني جبُنت ، ما استطعت التخلص منك في قسوة كاذبة ... ما استطعت ..فأنا أحبك..أحبك.....لم أستطع أن أوقّع وثيقة إعدامي بيدي...
    و توجّه إليها ، زاحفاً ، متّكئاً على قدمه السليمة، يمشّط بأنامله المرتعشة ، العاشقة، شعرها الكستنائي الفوضوي الطويل، وانفجر صوت بكائه ، فألجمه، حين تعبعبتْ أنفاسها في صدره، تشدّه إليها كطفلٍ موجوع يقرّ بذنبه...ويريح بالاعتراف قلبه... همست له: ـ بصوت دافئ : ـــ نم يا محمد... هناك فجر جديد..رغم كل شيء...هناك فجر جديد....فاقترب منها ملاصقاً ، محاولاً رمي أحماله بين ذراعيها المفتوحتين، تنتظران عناقه....وانطلقت منهما ضحكة مكتومة...حين قفز الطفل بينهما ...ملتجئاً...يلثغ. بحروفه البريئة ، . يريد الدفء ، والنوم بين أحضانهما.
    sigpic
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    يا صايغين الدهب..حبيت أدلعها...شوفولي خاتم حلو يستاهل إصبعها
    هذه هي " إيمان الدرع " ، شوفولي خاتم حلو ، يستاهل إصبعها ، لجلن تعود الفرحة من تلة الغربة ، و نعود سوا نحضن أماني العمر !

    هذه أنتَ أيتها الممتلئة حتى النخاع ، بدروب سوريا ، وأزقتها النازفة ، و قلوب أهلها النوابض ، المشحونة بإرث ثقيل ثقيل من الفرح و المعاناة ، من الانتصارات و الانكسارات

    هذه قصة شاهدة على ما يتم
    و إحدي تجليات الواقع الذي لم نكن لنحلم به ، أو نترقب حضوره ، مثلما كنا نحلم بالفرح و النصر و التحقق !

    sigpic

    تعليق

    • إيمان الدرع
      نائب ملتقى القصة
      • 09-02-2010
      • 3576

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
      يا صايغين الدهب..حبيت أدلعها...شوفولي خاتم حلو يستاهل إصبعها
      هذه هي " إيمان الدرع " ، شوفولي خاتم حلو ، يستاهل إصبعها ، لجلن تعود الفرحة من تلة الغربة ، و نعود سوا نحضن أماني العمر !

      هذه أنتَ أيتها الممتلئة حتى النخاع ، بدروب سوريا ، وأزقتها النازفة ، و قلوب أهلها النوابض ، المشحونة بإرث ثقيل ثقيل من الفرح و المعاناة ، من الانتصارات و الانكسارات

      هذه قصة شاهدة على ما يتم
      و إحدي تجليات الواقع الذي لم نكن لنحلم به ، أو نترقب حضوره ، مثلما كنا نحلم بالفرح و النصر و التحقق !
      هي لوحة صغيرة من متحف الألم السوري...ووثائق كتبها التاريخ بالدمع، والدم، والنار..
      هي روح لأسرة صغيرة .. كغيرها من ملايين الأسر المنهكة
      .تقاوم بالحب، والأمل ما أعطبه الجنون، والموت القسري..في الحنايا...
      الشكر لك يا صاحب القلب الذهبي..
      أردت أن ألقي بعض أحمال روحي المثخنة بأنين وطني
      وألوذ وراء غيمة حزني
      فتلقيتَ انهمارات أحزانها بكفّيك السخيتين ـ على عادتك ـــ
      لا أجد من العبارات ما يليق بحضورك البهيّ ...ومحبتك الغامرة
      فأنت أكبر من كل الحروف...
      لا حرمتك أيها الربيع النبيل على هذه اللفتة، والاحتواء الكريم.
      أشكرك....إلى ما لانهاية...

      تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

      تعليق

      • عائده محمد نادر
        عضو الملتقى
        • 18-10-2008
        • 12843

        #4
        إيمان الحبيبة
        عودتك لنا لن تأتي إلا بالحب
        إلا بالوهج
        وسعاد التي بح صوتها وهي تريد الإنفكاك عن زوجها الحبيب
        أي جرح ذاك الذي أوجع قلبه فصار قاسيا أهي رجله التي أعيقت فبات يصب جام الغضب على الحبيبة
        أم هو النزق الذي يرافقه دائما
        ساق معاقة
        نزق
        إقرار بالذنب
        العتبة
        كيد الشيطان
        كلها دلالات
        ستكون معي حين عودتي مرة أخرى للنص بعد أن أشرب قهوتي يالغاليه، لأني لم أنم إلا 10 صباحا والعراق يغلي
        سعيدة منذ الأمس لأني سمعت صوتك الحنون فاطمأن قلبي المحزون
        كل المحبة لك
        الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

        تعليق

        • إيمان الدرع
          نائب ملتقى القصة
          • 09-02-2010
          • 3576

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
          إيمان الحبيبة
          عودتك لنا لن تأتي إلا بالحب
          إلا بالوهج
          وسعاد التي بح صوتها وهي تريد الإنفكاك عن زوجها الحبيب
          أي جرح ذاك الذي أوجع قلبه فصار قاسيا أهي رجله التي أعيقت فبات يصب جام الغضب على الحبيبة
          أم هو النزق الذي يرافقه دائما
          ساق معاقة
          نزق
          إقرار بالذنب
          العتبة
          كيد الشيطان
          كلها دلالات
          ستكون معي حين عودتي مرة أخرى للنص بعد أن أشرب قهوتي يالغاليه، لأني لم أنم إلا 10 صباحا والعراق يغلي
          سعيدة منذ الأمس لأني سمعت صوتك الحنون فاطمأن قلبي المحزون
          كل المحبة لك
          أريد ان أشاركك قهوتك يا الحبيبة
          فهل تأذنين لي ؟؟؟!!!!
          هل تفسحين لي مكاناً على أريكة تضمنا معاً؟؟؟!!!
          نتحدث عن مواجع الأوطان
          وما فعلته بنا الأيام ؟؟!!!!
          هل ستكفينا كلّ المناديل؟؟!!
          كلّ الحسرات التي ستزفرها صدورنا؟؟!!!
          صوتك ليلة أمس.. أربك بي المواجع..
          بين صدى ذكريات ماض عشقته بصحبتك الوارفة...
          وبين واقع لئيم قاس يلقي بشحّه وسواده على ظلال المسافات التي بيننا...
          ورغم ذلك رمى لنا ببارقة الصداقة النقية، والوفاء الذي يهيمن على جوارحنا...
          فيبقيها على نفس الصفاء والود الذي سقينا من معينه عمرا لا يستهان به...
          محبتي لك يا العزيزة ..وتاج غاردينيا / ورودك التي تحبين..على رأسك الشامخ...
          ألف ألف شكر لك وتحية

          تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

          تعليق

          • حسن لختام
            أديب وكاتب
            • 26-08-2011
            • 2603

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
            يا صايغين الدهب


            صوته المبحوح، خالط حبات المطر، فارتعد معه الكون الموغل في الظلام ينادي: ـسعااااااااااد..سعاااااااااااااد ..أينكِ ؟؟!! أين رحتِ ؟؟!!!
            أبواب العمارة فُتحت تباعاً ، تحمل فضول أهلها، عن مصدر قلق جارهم الشاب الفارع، الأسمر، الغارق في حزنه، النزق على الدوام، التفت إليهم، يخاطبهم بانكسار:
            ـ أستحلفكم بالله، هل رأيتموها..؟؟!! لقد خرجت للتوّ غاضبة، كلمح البصر اختفت ، لا أعرف أين!! عييت وأنا أبحث عنها..
            البعض أغلق أبوابه معتذراً ، وآخرون اسستنفروا معه، يردّون لهفته، وقد أضناهم البحث، من غير طائل، كاد الانهيار يتمكّن منه ، لولا أن أنقذه صوت جاره الحاج محمود يناديه:
            ـــ تعال يا ولدي..إنها هنا..في الطابق العلوي المعد للإكساء، ....ملتفتاً نحوها: ـــ أقبلي يا سعاد..هاتي يدك ..لاتخافي ...فارتفع صوت نحيبها:
            ـــ دخيلك ياعمي..لا أريد ان أذهب إلى هذا الوحش الكاسر، ماعدت أحتمله، لئن قضيت ليلتي هنا، أهون علي ألف مرة، من أن أبيت مع هذا المجنون في بيت واحد.
            الزوج يستعطفها محاولاً سحب يدها ـ تعالي سعاد أرجوك، أنا آسف حبيبتي، هيا إلى الدار، سنتفاهم على كل شيء..
            فأجفلت منه مخلّصة ذراعها من أصابعه ـ ابتعد..ابتعد لا تلمسْني..طلّقني..ماعدت أحتملك..ماااااعدت...
            أطلّت الجارة ( أم عادل ) من بابها، تمطّ رأسها الأشيب بعد أن لفحته بغطاء الصلاة على عجل: ـ اتقِ الله فيها، إنها بنت عالم، وناس، وقد تحمّلتْ من قسوة العيش، و منك الكثير، وأقسم بأنك لن تراها بعد اليوم، لو خرجتْ من دار ها غاضبة، واعلم بأننا أهلها هنا، بدل أهلها البعيدين عنها..لا تظنّن بأنها وحدها....( فالتصقت سعاد بها لائذة:
            ــــ دخيلك ياخالة لقد كرهته، خلّيني عندك حتى الصباح، أريد أن أسافر إلى أهلي، رغم الحرب، والدمار، وخطورة السفر، رغم مغادرتهم حيهم الذي يحترق ، وإقامتهم عند عمي..فذلك أرحم من البقاء عنده..
            فأخذ الزوج يدها المرتعشة بين يديه يقبّلها، متمتماً: أرجوك سامحيني أقرّ بذنبي، عودي بقدميك الطاهرتين ..واجتازي العتبة إلى بيتك..أرجوووووك...عووووودي...
            ولما لاحتْ لها دمعته التي عرّتْ ضعفه أمام الجوار ـ الداعين لهما بصلح الحال، وردّ كيد الشيطان ــ تحرّكتْ الشفقة في قلبها، فخشيت على انكسار رجولته، أن تسفح على أدراجهم، أمام مرآهم ......رافقته حيث يقف طفلهما أمام باب البيت...مهلّلاً، يلثغ بحروف الفرح، يهديها لعبته الأثيرة عنده /السيارة الصغيرة / التي كان يكرجها للتو على بلاطه البارد..
            أراد أن يقول شيئاً ..أن يعتذر ، فانكشف الضماد عن الجرح، وانبجس الدم، وسال أودية ، وأنهاراً : سعااااااااد .....أنااااااااااااااااا
            ـــ أرجوك..أرجوك...لا تقل شيئاً..أنا متعبة، أريد أن أغفو ـــ متحسّسة كتفها الموجوع من قبضته، وهو يلوحها منفعلاً، قبل أن تهرب منه ـــ وافترشت الأرض ، مصوّبة وجهها نحو الحائط، وسط بحر من الدموع، حتى غفتْ.
            وعلى ضوء شمعة يتطاول لهبها، قبل انطفاءته الأخيرة، تأمّلتها عيناه المبرقتان مطراً كثيفاً ، تخاطبانها: ـــ نحيلة أنت يا حبيبتي، وشاحبة ، وشعرك نسي حيوية أمواجه، ثيابك باهتة، رقيقة ..تعجز أن تردّعنك البرد الذي داهمنا بلا رحمة،..قبل أن نستعد له، فلم يرحم قلة حيلتنا، في بيت نزحنا بثيابنا إليه هرباً من الموت .. ، ليس لنا...ليس عشنا الذي ابتدأنا أيامنا به، آاااااااااااخ يا أميرتي، فلتلعني فارسك ألف لعنة، ذاك الذي رقصت له يوم العرس، والضحكة الخجول تملأ وجهك الجميل، على وقع لحن مازال يجلدني بصداه: (يا صايغين الدهب..حبيت أدلعها...شوفولي خاتم حلو يستاهل إصبعها) حين أخذتك بين ذراعيّ، أحملك ، أدور بك كفراشة بيضاء، والأساور الذهبية تلتمع في زندك زهواً ، وعيون الصبايا تتبعك إعجاباً، وغبطة، وحلماً واعداً يداعبهن في الغد الآتي.. وهاهي أساورك تفقد رنينها ...تتناقص واحدة ، فواحدة، وفارسك عاجز عن حمايتك يا ست النساء، يجرّ قدمه المعلولة ، التي أعطبتها الحرب، كجسمٍ غريبٍ، ميْتٍ، منطفئ الإحساس، وربّ العمل... الآمر ،الناهي......صار لا يصلح للقيام ، حتى بغسل الأدراج، بعد أن كان يملك ورشة كبيرة ..أكلتها النيران، بفكّ شرهٍ لا يعرف الشبع.
            انهضي هياااااااااااااااا واصفعيني...وارميني أرضاً ، وأشبعيني شتماً ، وقولي: أيها العاجز ..يا صاحب العاهة، ولكن لا تقولي أيها الكاذب...لقدسعيت أن أمنحك ..كل هدايا الكون..أن أتوّجك حتى كعبيك بالذهب..ولكن قدمي المسلوخة عن أوردة جسدي، نقلت إلى روحي القذى ، والدخان، وحرقة النار...فتفجر قلبي ... وتناثر ...كما تناثرت قطع الورشة وصارت هباء...أريدك أن تكرهيني، أن تستمتعي بشبابك، ربما ...ربما لخيّال آخر يليق بأميرة لا يبيع تاجها من أجل انكسار حاله...ولكنني جبُنت ، ما استطعت التخلص منك في قسوة كاذبة ... ما استطعت ..فأنا أحبك..أحبك.....لم أستطع أن أوقّع وثيقة إعدامي بيدي...
            و توجّه إليها ، زاحفاً ، متّكئاً على قدمه السليمة، يمشّط بأنامله المرتعشة ، العاشقة، شعرها الكستنائي الفوضوي الطويل، وانفجر صوت بكائه ، فألجمه، حين تعبعبتْ أنفاسها في صدره، تشدّه إليها كطفلٍ موجوع يقرّ بذنبه...ويريح بالاعتراف قلبه... همست له: ـ بصوت دافئ : ـــ نم يا محمد... هناك فجر جديد..رغم كل شيء...هناك فجر جديد....فاقترب منها ملاصقاً ، محاولاً رمي أحماله بين ذراعيها المفتوحتين، تنتظران عناقه....وانطلقت منهما ضحكة مكتومة...حين قفز الطفل بينهما ...ملتجئاً...يلثغ. بحروفه البريئة ، . يريد الدفء ، والنوم بين أحضانهما.
            ياالله، على هذا النص الذي ترك ماتركه في النفس، وجعل نبضات القلب ترتفع إلى أقصى مدى.
            راق لي هذا النص الموحي..فالقارىء يشعر، ويصدّق عنوة أن ما يقرأه هنا،في هذا النص الرائع، قد حدث، ووقع بالفعل..وهذا ما يسمى بالإيهام. لحسن الحظ، بين جمل نهاية النص (التحفة) ما تزال ترفرف أجنحة الأمل(من خلال الأبن)..وسيستمر الحب، بين سعاااااد، وزوجها العاشق، المغلوب عن أمره
            شكرا لك، سيدتي، على متعة القراءة..بطعم الوجع
            محبتي وتقديري، وكل عام وأنت بألف خير

            تعليق

            • إيمان الدرع
              نائب ملتقى القصة
              • 09-02-2010
              • 3576

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة حسن لختام مشاهدة المشاركة
              ياالله، على هذا النص الذي ترك ماتركه في النفس، وجعل نبضات القلب ترتفع إلى أقصى مدى.
              راق لي هذا النص الموحي..فالقارىء يشعر، ويصدّق عنوة أن ما يقرأه هنا،في هذا النص الرائع، قد حدث، ووقع بالفعل..وهذا ما يسمى بالإيهام. لحسن الحظ، بين جمل نهاية النص (التحفة) ما تزال ترفرف أجنحة الأمل(من خلال الأبن)..وسيستمر الحب، بين سعاااااد، وزوجها العاشق، المغلوب عن أمره
              شكرا لك، سيدتي، على متعة القراءة..بطعم الوجع
              محبتي وتقديري، وكل عام وأنت بألف خير
              شرفتني بمرورك الكريم: الأستاذ القدير: حسن لختام
              ورأيك وسام من ضياء ملأ بالبهجة روحي... المكتظة برائحة البارود، وحرائق الدروب
              هي نصوص تكتب ذاتها...تصطرخ في العيون التي خزنت شريط تصوير..سمعي وبصري...سكن الذاكرة وأنى له الهروب...؟؟!!!
              والله نسأل أن يحمل العام الجديد على جناحه البلسم الشافي لكل الجراح...بمشيئة الله....
              كل عام وأنت بخير ...سعيدة بهذه السطور الصادقة ...
              تحياتي..وكل امتناني...

              تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

              تعليق

              • صالح صلاح سلمي
                أديب وكاتب
                • 12-03-2011
                • 563

                #8
                قص أضناه واقع الحال.. فبدت لي عباراته تدل على اكبر من مدلول الحال..
                وكأني بعودة الأبن الضال الى الأوطان
                هي سوريا سيدتي هي سوريا .. ترجون صفحها عنكم وعنا
                بردا وسلام ياشام.
                تحية وتقدير.

                تعليق

                • عبير هلال
                  أميرة الرومانسية
                  • 23-06-2007
                  • 6758

                  #9
                  الله عليك أديبتنا القديرة

                  إيمان

                  قصتك مؤثرة للغاية

                  كونها رسمت حروفها الحزينة

                  من أرض الواقع المرير..

                  كنت ولا زلت وستبقين


                  نجمة متلألئة بسماء الإبداع
                  sigpic

                  تعليق

                  • إيمان الدرع
                    نائب ملتقى القصة
                    • 09-02-2010
                    • 3576

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة صالح صلاح سلمي مشاهدة المشاركة
                    قص أضناه واقع الحال.. فبدت لي عباراته تدل على اكبر من مدلول الحال..
                    وكأني بعودة الأبن الضال الى الأوطان
                    هي سوريا سيدتي هي سوريا .. ترجون صفحها عنكم وعنا
                    بردا وسلام ياشام.
                    تحية وتقدير.
                    لك مني، ومن الشام ألف ألف تحية
                    الأديب المبدع:
                    صالح صلاح سلمي..
                    مرورك يهديني الفرح..ويشعرني بأن ثمة قلوب نضرة ما زالت تنبض
                    بالخير، والسلام، والمحبة، والمؤازرة....
                    سررت أنك هنا...مع شجن وطن...ليس كأي شجن..
                    حياااااااااااك.

                    تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                    تعليق

                    • إيمان الدرع
                      نائب ملتقى القصة
                      • 09-02-2010
                      • 3576

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة عبير هلال مشاهدة المشاركة
                      الله عليك أديبتنا القديرة

                      إيمان

                      قصتك مؤثرة للغاية

                      كونها رسمت حروفها الحزينة

                      من أرض الواقع المرير..

                      كنت ولا زلت وستبقين


                      نجمة متلألئة بسماء الإبداع

                      الأديبة الراقية: عبير هلال:
                      أشكرك..على طيب حروفك
                      ألق مرورك
                      روعة رؤيتك..
                      ثقتك الغالية بنصوصي..
                      تسلميلي عبير
                      محبتي...

                      تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                      تعليق

                      • سمرعيد
                        أديب وكاتب
                        • 19-04-2013
                        • 2036

                        #12
                        يامال الشام يللا يامالي ؛طال المطال يافرحة تعالي
                        طال المطال طال وطول..وعمر اللي صار مايخطر على بالي..
                        طال المطال وعيوني بتبكي وقلبي مليان مابقدر احكي
                        يارب ترجع لبلادي الضحكي؛وترجع المحبة تضوي الليالي
                        إنه الوجع الذي لحق بجميع السوريين،فتشقق القلب وانفطر..

                        إنه الألم الذي استوطن ساحات مدينتي الجميلة،وتسلق أسوارها المنيعة..
                        سوريا يا حبيبتي؛ ما أجمل هذا المكان الذي بالمحبة يجمعنا..
                        إنها حكاية شام الآلام ؛ وحمص الأحزان وحلب الجريحة ومدننا الملتهبة بالجراح..
                        بوركت أيتها الياسمينة الدمشقية؛وسوف تعود الشام بإذن الله ويغني الفرح:
                        ياصايغين الذهب..
                        بيقولوا لبسها لولو حرير وخاتم الماس..
                        بيلبئلك شك الألماس ياشاااام ..يا أطيب وأغلى ناس..

                        تعليق

                        • نجاح عيسى
                          أديب وكاتب
                          • 08-02-2011
                          • 3967

                          #13
                          أبكيتني يا إيمان ..
                          أبكيتني أيتها الصديقة ..
                          فرحتُ أي فرح وأنا أصافح حروف اسمك التي اشتقتُ لها ، واشتقت لهذا الألق المطل من بين سطورك
                          مرّ وقت طويل وأنا أتساءل أينك ايتها العزيزة ، كم اشتقت لكما يا توأم الروح ..أنت وبيان ..
                          دائما أتساءل عنكما وعن أحوالكما وسط جحيم الأحداث الدامية ..التي اغتالت أهازيج الفرح ..وعطور
                          الياسمين ..ونارنج الشام الغالية ..
                          تحياتي وكل الود والتقدير لقلم مضمخ بالحنين ..معبأ بالشجن يغوص بالروح إلى أعمق أعماق الجرح
                          فيخرج بالآه الموجوعة على ما آلت إليه حال الأوطان ..
                          يالهُ هذا الحرف الساحر كرجع ناي بعيد بعيد ..يفترش الأثير ويعبر الأجواء حاملاً تراتيل الحنين
                          وانة القلب الحزين ..
                          اعذريني ايتها الغالية أردتُ أن اكتب الكثير الكثير ..لكنها مصافحة سريعة غلبتها الدموع ..
                          تحياتي لك ولبيان ..محملة برجاء ..ألا تبتعدا كثيراً ..فأنا يوجعني فراق الياسمين ..!
                          ودعواتي ..بالخير والخلاص والأمان للشام وأهل الشام الكرام ..
                          احترامي ومحبتي التي تعرفين .

                          تعليق

                          • البتول العاذرية
                            أديب وكاتب
                            • 27-09-2012
                            • 1129

                            #14
                            أيتها القديرة إيمان الدرع
                            لله درك
                            من أول كلمة رحلت بي حروفك وجذبتني
                            وعن ماسواها غيبتني

                            رائعة السكب أنت قلمك ماسي جاذب
                            عميق الغور حتى الوجع المؤلم

                            نكأت كل جراح عالمنا العربي النازف وأكملت صديقتك المبدعة عائدة محمد نادر قصة الحزن والليل العربي السرمدي الحلول

                            فنثرتما مزيد دموع مااستراحت سحبها وماكلت

                            وماأذنت لشروق شمس طال انتظارنا لها
                            دمت أستاذتنا للتألق عنوان

                            وأصلح الله حالنا ورفع عنا الأسى والحزن
                            لتحكي بصمتك بلغة الحرف
                            لتترك أثرها على الأسوار
                            على ذوب جليد الأنهار
                            على الأغصان والأزهار
                            لتكن بصمتك حرف يُسمع الأصم ويُري الأعمى

                            تعليق

                            • إيمان الدرع
                              نائب ملتقى القصة
                              • 09-02-2010
                              • 3576

                              #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة سمرعيد مشاهدة المشاركة
                              يامال الشام يللا يامالي ؛طال المطال يافرحة تعالي
                              طال المطال طال وطول..وعمر اللي صار مايخطر على بالي..
                              طال المطال وعيوني بتبكي وقلبي مليان مابقدر احكي
                              يارب ترجع لبلادي الضحكي؛وترجع المحبة تضوي الليالي
                              إنه الوجع الذي لحق بجميع السوريين،فتشقق القلب وانفطر..

                              إنه الألم الذي استوطن ساحات مدينتي الجميلة،وتسلق أسوارها المنيعة..
                              سوريا يا حبيبتي؛ ما أجمل هذا المكان الذي بالمحبة يجمعنا..
                              إنها حكاية شام الآلام ؛ وحمص الأحزان وحلب الجريحة ومدننا الملتهبة بالجراح..
                              بوركت أيتها الياسمينة الدمشقية؛وسوف تعود الشام بإذن الله ويغني الفرح:
                              ياصايغين الذهب..
                              بيقولوا لبسها لولو حرير وخاتم الماس..
                              بيلبئلك شك الألماس ياشاااام ..يا أطيب وأغلى ناس..
                              يا مايلة عا الغصون عيني ...حلوة يا سوريا
                              يحرق قليبو الهوى ..يابا شو عمل فييا ااااااا
                              صباح الخير سمر...
                              صباح الحرف الندي
                              العابق بالمحبة، والجمال، والطيب...
                              صباح شآمي...لا يتحسس عبقه إلا من أحبها بصدق،
                              وحضنها بلهفة...
                              وافتداها بالروح...
                              وأسكنها بين الضلوع
                              ما أسعدني بك أيتها الأديبة الرائعة...شذية الحضور، والتوقيع...
                              (((البلبل ناغى ع غصن الفل ... آه يا شقيق النعمان ...قصدي ألاقي محبوبي بين الياسمين والريحان..
                              ويا ما اسعد الصبحية ..مع طلعة الفجرية..انت الدلال يلبقلك ..وانا العذاب كله عليا ...
                              وعا الصالحية ويا ياصالحة...وياوردة جورية ومفرفحة...وجابلي وجابلي يا ماما جابلي...حلق الألماس ان شالله يلبقلي...))))
                              سمر...هل سيعود الفرح...وتعود الأعراس تصدح في جنبات مدننا الحزينة ؟؟!!!
                              هل سيكفّ الموت عن التهام الياسمين ؟؟!!!
                              وأسأل ...أما لهذه الدموع من سبيل يوقف شلالها ..؟؟!!!
                              محبتي لك أيتها الرائعة..

                              تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                              تعليق

                              يعمل...
                              X