خرائط الانتماء .. قصيدة مقطعية
إذا ما تحدثتَ عني
فقـُلْ أنني غيمة ُ البيد ِ
ضيفٌ على وشوشات ِ الجريد ِ
يـُزيحُ حطامي الحطامَ .. ويحشدُ فيَّ الكلام َ
لأشنقَ صحراءَكَ المستبيحة َ لحمي بحبل ِ وريدي
كم مرة سأموتُ تحت نجوم ِ الهداية
أيصح أن أغرق فيكِ ؟
بسحر ِ اللوعة ِ
تحلمُ أصابعُ الترهات ِ وتخطفُ استفاقة ً حزينة
في وجهِ الظلمة ِ
تعلن ُ النجومُ عجز َ وميضِها الفضي
عن كسر ِ شوكة ِ السواد
وسطوة ِالبرودةْ
تـُشعلُ الأرضُ روحَها .. وتحتضنُ طفلَها المدللْ
من قلب ِ الصخر ِ السجين ِ في متاهة ِ السكونْ
تننطلقُ أغنية ُ الحياة ِ
وعندَ حدود ِ الغيم ِ يتجلى ماردُ التراب ِ الحي
ليعلن َ أغاريد َ الولادة ِ الجديدة
قد لا تنامُ الحروف ..
ولا تغمضُ الكلماتُ وتسبحُ في سكون
ولكنَّ الشوقَ يبقى ساهراً
كي يحتفلَ ويوقظ َ كل القصائد ..
قد يُغمضُ القلبُ هنيهة َ سفر
ثم يتابعُ السيرَ فوقَ خطاهُ القديمة
لكنه لن ينسى أولَ محاولاته للطيران ِ بأجنحة ٍ من بياض
على وهج ِ البرودة
تنطفئُ المشاهدُ الساكنة ُ في ذاكرة ِ فتيل
وتتعرى منابعُ الضوء ِ
ليبدأ الماءُ رقصته الحالمة َ بدفء أنفاسنا
سلامُ العاشقينَ
لكَ السلامُ
يهزُّ خوافقاً ليست تـُلامُ
فلا يُخفي المودة َ
قلبُ صبٍّ
ولا يَتجنبُ الضبحَ الضِرامُ
ومن أمضى بدمعٍ ٍ من مُحب ٍ ؟؟
يذيبُ القلبَ في فمه ِ الكلام ُ ..!!
الشوقُ للوطن ِ أذلَّ الحروفْ
...
خرائط الانتماء
العنوان وحده حكاية كبيرة قبل أن نلج هذه القصيدة المقطعيّة
التي جاءت لتضيف رونقا كريستاليّا جميلا في قسم قصيدة النثر، أين أدرجها الشاعر.
عنوان نلمس فيه المكان، المكان الذي يسع كلّ هذا العالم في كلمة صغيرة "خرائط"
وهذه "الخرائط" المصوّرة على "الكرة الأرضيّة " عليها بقع لا تكادُ تُرى لكنها أوطان،تلك التي ننتمي إليها ،
هنا أشعر أن العنوان متشبّع بالهويّة..
فكم حلمنا بوطن نهاره أخضر، وطن يحملنا إلى مرافئ الجمال والآمان.
هكذا هو شاعرنا صادق حمزة منذر، يذيب روحه حرفا صادقا نبيلا .
فلن يلد هذا الحرف سوى نورا يضيئ عتمة ما ، وعزلة ما، وصمتا رهيبا، يكمن في الروح يتَتَرجم. شعرا جميلا .
نشرّع باب القصيدة، إذن ..
فنجدها ترفل في ثوبها الحريريّ لنقف عند الصور الغارقة في الوجع ،
وجع المتحدّث باسم كل من يعشق الأرض والوطن ويفتخر بانسانيته، مهما سدّوا منافذنا بالدم والتقتيل والتنكيل،
ومهما اكفهرّت السماء بغيوم الحرب والدمار ستظلّ النوافذ تشعّ بالضوء والألوان.
جاءت القصيدة كبداية خاشعة مليئة بتراتيل تشبه وشوشات الجريد
أو صلوات قادمة على مهل رغم كل أجراس الظلام التي تريد أن تسدل علينا أجناحتها
وتمحي هويّتنا بخطب خاوية وهداية منمّقة بلا وجه ولا درب..
كلّ ما هنالك هي شعارات جوفاء متطرّفة تؤرّق الإنسان، ابن هذا الأرض الطيّبة..
تلك الأرض نشعر بها قريبة جدّا من الذات الشاعرة
فهي تسكنها، تدغدغها، تناجيها، ويذهب إليها الشاعر مسافات
إكراما لها وحبّا حدّ الغناء،، حدّ الولادة من جديد.
نحن إذن، أمام شاعر يقدّم لنا صرخة انسانيّة بأسلوب شعري مغلّف بغلالة رقيقة و شفيفة ليضعنا خارج الكتابة النمطيّة التي تعنى بتفسير الصور والمقاصد التشكيليّة وبالتالي العبور إلى مسؤوليّة الإدراك .لنصل بعد تموّجات القصيدة
بين مدّ وجزر،
بين شجن وبكائيّة خفيّة،
إلى ولادة مشرقة تعانقنا وتعانق تلك الهويّة المتشبّعة بالصبر والصمود في وجه الطغيان...
تستمرّ أغاريد الولادة فنسمو معها وبها إلى أماكن علويّة ، نبيلة و وجدانيّة
في قليل من الكلمات "فالكلام على الكلام صعب" كما يقول أبو حيان التوحيدي ،
لنجد أن الشاعر صادق حمزة منذر، قد اختار أسلوبا شعريّا جميلا محبّبا وقريبا من المتلقّي ،
طريقة ذكيّة لجعل هذا المتلقّي ينتظر معه تلك الولادة الجديدة.
تقبّل مروري شاعرنا
ولك فائق التقدير.
تعليق