ليلى والذئب ...من كتاب "عشر مسرحيات مدرسية "

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فاطمة يوسف عبد الرحيم
    أديب وكاتب
    • 03-02-2011
    • 413

    ليلى والذئب ...من كتاب "عشر مسرحيات مدرسية "

    ليلى والذئب

    المشهد الأول
    الشخصية الرئيسة : ليلى
    الشخصيات الثانوية: الأم، الجدة، فارس، الذئب، الثعلب (حيوانات الغابة المسالمة)

    قبل فتح الستارة يعلو عواء الذئاب، ثم يتبعه صوت فتاة تبكي بهدوء ثم ترتفع وتيرة البكاء إلى أن تصبح عويلا: ليتني سمعت نصيحة أمي، لقد خسرت كل شيء، كيف سأواجه الحياة، أنا منبوذة محتقرة من الجميع.
    تفتح الستارة ويسلّط الضوء على امرأة جالسة تخيط ثوبا أحمر،تترك الثوب جانباً لتقف منادية بحنو: ليلى، أين أنت يا ابنتي، تعالي يا غالية.
    تظهر ليلى متقافزة بخطوات خفيفة مرحة مدندنة مطلع أغنية خفيفة: أنا ليلى، أنا ليلى أحب اللعب والشدو.
    الأم برفق: أقبلي، يا فتاتي كفاك لعباً، لم تعودي طفلة غريرة، فالصبا أضفى على محياك نور الجمال، وتضرجت وجنتاك بدماء الحياء، وطرفك أضحى ساهياً وراء أحلامك، ونبرات صوتك الحالمة تستميل الآذان الغاوية.
    ليلى متمايلة معجبة بجمالها: ما بالك، كأنك ترينني للمرة الأولى؟
    الأم(تخميس احترازا للحسد): أنا دائماً أراك بعيون الأم اللاهفة وانتظر صباك الذي يحنو على قوامك الغضّ الريّان.
    ليلى(باستغراب): الفزع يسكن عينيك وتحكي برفق متوجع.
    الأم بتنهيدة وجع (تداعب خد ليلى): لأنني يا ابنتي، ومع ضجيج الصبا في حناياك أصبحت أنا وأنت على مفترق طريق الحياة.
    ليلى (مستفسرة): ما الطريق الذي أضفى على محياك الهلع؟
    الأم تشير بيدها: الغابة تناديك وعليك تلبية النداء و هناك ستجدين الجدة في انتظارك وستكون الكعكة بحوزتك.
    ليلى (بلهفة وإرباك): عن أي كعكة تتحدثين ؟
    الأم (بجديّة): كعكة صنعتها بيدي، طهوتها بروح الفضيلة وزينتها بجواهر الخلق الكريم، لكنّها هشة طرية وقد تتصدع إذا استمالها عواء الذئاب، حافظي عليها إنها كعكة زفافك التي يجب أن تصل إلى الجدة سليمة.
    ليلى(تهزا رأسها): فهمت يا أمي وأعدك أن تصل الكعكة إلى الجدة دون أي صدع أو خدش، لكنني يا أمي جميلة جداً وقد يستهويني إطراء الشباب.
    الأم تلوح (بيده ملوحة): إياك وعواء الذئاب، إنها قد تغرر بك بأساليبها البراقة وقولها المعسول.
    ليلى(غير مكترثة بتلميحات أمها): أماه لقد دققت النظر في المرآة وبهرتني صورتي فيها وراعني جمالي الأخّاذ.
    الأم (رنت إليها بتحنان): ابنتي إذا نظرت إلى المرآة انظري لجمالك بعين الفضيلة وليس بأعين الذئاب.
    ليلى(تبدي استعدادا للرحلة): أترافقينني وحيدة في هذه الرحلة؟
    الأم (بحزم): بل وحيدة مع كعكتك البهية وسأعطيك كتاب الفضيلة والعلم حتى يكون سلاحك ضد صغائر الأمور.
    ليلى(بدلال): لكنني أرغب بالرفيق المؤنس، فالغابة بعيدة ومخيفة، وكيف أستطيع تحمل تعب الرحلة وحدي؟
    الأم (برفق): يا ابنتي أن مشوار الغابة لزام على كل فتاة أحسني اختيار الرفقاء؟
    ليلى(تغطي وجهها بكفيها حياء): أمي أود أن استفسر عن أمر ما.
    الأم(تحتضن ليلى): لا حياء بين الأم وابنتها فأنت فلذة كبدي.
    ليلى(محتارة): هل تنتظرني الجدة وحدها يا أمي؟
    الأم (تبتسم): لا يا ابنتي، هناك فارس ابن عمك، أتذكرينه؟
    ليلى(بفرح عبثيّ): أذكره، درجنا على مرابع الطفولة معا.
    الأم (بارتياح): فارس يمتلك كرم الأجداد فإذا وصلت إليه مع كعكة الزفاف دون خدش تصبحان من حراس الكرم.
    ليلى (تدور فرحا): آه يا أمي كم أنا متلهفة لهذه الرحلة؟
    الأم (بصوت واهن): في الغد ومع شروق الشمس تنطلقين إلى الغابة،
    وأدعو الله أن يحميك، قلبي معك.
    ليلى (مأخوذة بجمالها): أمي هلا صنعت لي ثوب الرحلة.
    تبتعد قليلا لتتناول الرداء الأحمر،الأم(باهتمام): نعم صنعت ثوباً أحمراً فضفاضاً جميلاً ومعه غطاء للرأس.
    تبتعد قليلا وتشير بيدها دلالة الرفض، ليلى(مستاءة): أمي لِمَ غطاء الرأس،لا أحبّ الثوب الفضفاض بل أرغب في ثوب يظهر معالم جسمي ومفاتني وأحب لشعري أن يسترسل على كتفي ويحلق مع هبات الريح، وأتجمل بالأصباغ وأنتشي بالعطور العبقة.
    الأم (بنظرة تحذيرية): لا، فلتكن الفضيلة عطرك، والحياء خضابك، والتقوى إضاءتك،والعلم سلاحك.
    ليلى متذمّرة: يا أمي عباراتك ثقيلة على مسمعي ونداء الحياة يعزف على شغاف قلبي، لكنني سأحاول تذكر نصائحك
    الأم (نهرتها): قلبي يرتجف خوفا من كلامك، حافظي على نفسك.
    ليلى(قلقة): أماه، لم تغشّاك الحزن وجثم الهم على صدرك؟
    الأم (شملتها السكينة): لا شيء، رعاك الله في رحلتك إلى الغابة.
    ليلى (بحبور): متى تبدأ الرحلة إلى الغابة؟
    الأم (تفرّست فيها بقلق): في الغد صباحا تبدأ رحلة الحياة يا ابنتي.
    تخرج ليلى وتحمل الأم مكنسة وتعمل، تعود ليلى وقد ارتدت فستانها الأحمر وعقدت غطاء الرأس على رأسها، ثم حملت السلة بيمينها والكتاب بيسارها.
    تحتضن أمها :إلى اللقاء يا أمي.
    الأم (بقلق داهم):بل وداعاً أشعر كأننا لن نلتقي أبداً، رعاك الله يا ابنتي.
    ليلى(غرقت بدفء حضنها) : بل سنلتقي بإذن الله يا أمي .
    المشهد الثاني
    (في الغابة)

    يضاء المسرح بأكمله، يتصدره رسم لغابة، تسير ليلى وحيدة في الغابة تدندن أغنيتها المحببة "أنا ليلى، أنا ليلى" ثم تتوقف لحظة حين تسمع صوت جماعي قادم من الغابة، تناجي نفسها في هوس وخوف: ما هذه الأصوات، جوقة موسيقية، أصوات غريبة تتكلم لغات مختلفة، يجمع بينهما لحن واحد!! تقف واضعة يدها خلف أذنها كمن يسترق السمع تتفاقم الأصوات ثم تجفل هاربة ومختبئة خلف شجرة فتخفت الأصوات وتظهر على المسرح مجموعة من الحيوانات وعلى رأس كل حيوان ما يدل على نوعه، وتدور الحيوانات على المسرح دورتين وتتابع أغنيتها" في غابتنا حيوانات"عند الانتهاء من الغناء تلاحظ الحيوانات ليلى واقفة بعيداً خلف الشجرة فيجري بينهم هذا الحوار.

    العصفور(مزقزقا): أترون كأنني أرى فتاة في الغابة.
    البطة (تطرق بمنقارها طرقات مدوّية): لعله مشوار الحياة المعتاد.
    القطة(بمواء متعجبة): وتحمل سلة جميلة.
    الأرنب (متقافزا): طبعا في السلة كعكة كبيرة وشهية.
    الكلب(عواءه متواصل): وتحمل أيضا كتاب. الديك(معلنا بصياح البشارة): إنّها ليلى العصرية.
    (تتهادى ليلى لتلتف حولها مجموعة الحيوانات وتحدق فيها بعُجب) العصفور: وضّاحة الوجه ضاحكة العينين.
    البطة: زهراء اللون كالقمر الطالع في أمسية ربيعية.
    القطة: تحسبها لنقائها كأن الملائكة أضفت عليها ضوء النهار.
    الأرنب : بضة مقسمة أبدع تقسيم.
    الكلب : مياسة كالغيد الحسان.
    الديك : باسمة يتلألأ البهاء عن ثغرها.
    تبتعد ليلى من بينهم وجلة: أأنتم شياطين الغابة؟
    بصوت واحد: بل ظرفاء الغابة.
    ليلى(بمرح شبابيّ) لقد استطار قلبي فزعاً منكم، لكن صوركم مألوفة وكلامكم جميل كبلسم للروح الغريبة في غابة الحياة.
    الحيوانات: نحن أصدقاء لا تخافي.
    ليلى(مستغربة): أصدقاء، أصدقاء من؟ الحيوانات(بصوت واحد): أصدقاء من يرغب بالصداقة والحب الحقيقي.
    تغني الحيوانات أغنية الحب الحقيقي، وبعد الانتهاء توضح مبادئها في هذه الحياة.
    القطة : نألف الإنسان ونؤنس وحدته.
    الأرنب : نقدم النصح والإرشاد ونحذر من الخطر .
    الكلب : مبدؤنا الحب والإخلاص والوفاء.
    البطة : نحفظ السر.
    الديك : نكره الذئاب.
    العصفور : نحب التعاون والعمل الجدي.
    الحيوانات ( بصوت جماعي): نكره، الخديعة والرذيلة والنفاق.
    ليلى : كم أنا بحاجة إليكم يا أصدقائي، لأن مشوار الغابة طويل وبيت جدتي بعيد، وأرغب في التسلية وتخفيف همّ الاغتراب.
    العصفور: حبا وكرامة لأجمل صديقة في الغابة.
    البطة: سنحمل معك هم الوحدة والغربة .
    القطة: سنبعد عنك إن شئت ذئاب الطريق.
    الأرنب: ونطيع أوامرك ونحذرك من النفوس المضطربة بالأطماع الدنيئة.
    الكلب: نمشي في إثرك الغدوة والروحة.
    الديك: سنكون طوع أمرك بالحق وتعملين بالنصيحة الموجهة إليك.
    ليلى(تنتفض مرتدة): أأنا غريرة لينة! الكلّ يهتم بنصحي وإرشادي.
    العصفور(محذرا): الغابة مليئة بالذئاب، وأنت كالشوكة الخضراء في إملودها الريان تنكسرين أمام آهات الذئاب وإغوائهم.
    ليلى(بغنج ودلال): لي نفس ترف بأحاسيس الصبا وقلب يتفتح بحلو الكلام وهمس الغرام.
    تحدث حالة من الذعر عندما يعلو صوت عواء الذئاب في أنحاء الغابة، فتهرب الحيوانات إلى مخابئها مذعورة.
    العصفور: الذئب قادم.
    البطة: هيّا إلى الاختباء.
    القطة: حاذري يا ليلى من الذئاب.
    الأرنب: معرفة الذئاب ضياع للمستقبل. الكلب: عندما يصلهم شميم أنثويّ يعلو عواءهم ويضمرون الغواية.
    الديك: لا تستسلمي لبريق الثراء ولا يستهويك حب المغامرة .
    تخاف ليلى وتجلس في مكان قصي خلف شجرة ولكنها تراقب الموقف وقد ملأها الفضول لمعرفة الذئب، يتقدم ذئب برفقة ثعلب (شابان يلبسان قناعين) الذئب (حائرا): يا صديقي الثعلب قد عيل صبري وضعف احتمالي، في النفس علة، هذه الغابة خاوية من أي صيد ثمين، كم كان لي فيها جولات وصولات آه للذكريات عبق في الذات.
    الثعلب(مستنكرا): كم أنت نهم، بالأمس ابتلعت وحدك أرنبا.
    الذئب (مشيرا لشكل أنثوي): يا غبي، أقول لك صيدا ثميناً.
    الثعلب (تهدّجت نبراته): طبعاً تحنّ إلى مغامرة دسمة، لكنّك مقصر، ومصنوعاتك من والرقص والغناء والإغواء قد بارت.
    الذئب (مدركا ما وراء النبرة) (هم هم)لو وقعت في شباكي فريسة تروق لي سأبدع في صناعتي.
    الثعلب(مراوغا): أراك قد انسقت وراء خيالك لتتقن صنع مكائدك،(يشير بيده في حركة السياقة) لا تنسى عروض السرعة في سيارتك والاهتمام بأناقتك.
    (ينصتان إلى شدو ليلى) (تغني): أنا ليلى، أنا ليلى أهيم بالهمس والنجوى.
    الذئب)بنبرة حالمة): صه يا صديقي الثعلب أصغ إلى الصوت الملائكي آتيا من الغابة، ونبرات الحنان والدفء تملؤه، إنها غزالتي المنشودة وصوتها الشجيّ يوقظ الوجد في الفؤاد.
    الثعلب: انظر، إنّها هناك تتهادى كفراشة تزدهي بثوبها الأحمر ووضاءتها حدّق إنها تسرقنا النظر، تأملها خلسة دون أن تلاحظك.
    الذئب بفرح طاغٍٍ: إنّها مقبلة، لها نظرة الظبي الأغن إذا تراءى في الحقول، ميّاسة القد، نجلاء العينين.
    الثعلب (بخبث): يبدو أن القلب قد امتلأ حبوراً.
    الذئب (بدهاء) : انظر إليها ما أجملها !
    الثعلب(بخبيث): ليتك يا صديقي المقرّب والمخصوص بالحظوة.
    يقترب الذئب منها منحنياً بأدب رافعاً قبعته: من أنت يا ملكة الغابة.
    ليلى (بوجل): أنا ليلى وهذه كعكتي في السلة، أأنت الذئب؟
    الذئب بمكر وخديعة: هو مجرد لقب لكنني طيب القلب، سمح النفس، غرير هادئ مسالم، أهوى الجمال أينما كان. تأخذ الحيوانات المختبئة خلف الأشجار أو فوقها بتوجيه إنذارات.
    العصفور : إنه يغرر بك، هذه صلاة ذئب يتظاهر بالتقوى أمام الدجاجة.
    الذئب (بتغافل): ما هذه الأصوات ؟
    ليلى(تلفت نظره إليها): لا تهتم، إنّه عصفور صغير لا يشبع نهمك.
    الذئب : (بمكر واشتهاء) لا تشبع نهمي إلا غزلان الغابة الشاردة.
    ليلى(بدلال): أماهر أنت في الصيد؟
    الذئب (يواصل حديثه همسا): وماذا أفعل الآن ؟
    ليلى (مستفسرة): ماذا؟
    الذئب(ينظر إليها بإعجاب): لاشيء، بل أقول كم أنت رائعة ساهية الجفون مرهفة الحس، آه لقد توهج القلب لمرآك.
    القطة تلوّح بذيلها منبهة: احذري أن تخدعي نفسك.
    الذئب(بخبث ولطف اللسان): عندي وكر جميل، لا،لا أقصد، عندي قصر منيف وسيارة شبح، وأغان راقصة، وأشرطة فيديو وكؤوس تذهل الخيال ونهش وجيع وعواء مقيت، ما رأيك؟
    البطة تطرق بمنقارها: احذري كلامه الشيطاني فيه إغراء وجمال.
    ليلى(برغبة جامحة): لم أشاهد قصراً من قبل وأتمنى ركوب سيارة شبح، ألها أجنحة؟
    الذئب(مختالا): طبعاً لها أجنحة إذا ضغطت على دواسة البنزين يصبح لها أجنحة ونحلق معاً في عالم الأحلام.
    ليلى (ضحكت بعذوبة نورانية): شيء رائع، غناء ورقص وطيران وحياة في قصر الأحلام.
    الأرنب(يتقافز) : إياك والسقوط في براثنه إنها الزلزلة.
    الذئب (مرتعش الأطراف): أتدرين يا ليلى، لقد ألهبت في قلبي جمرة، وسهم حبك اخترق قلبي.
    ليلى(ببراءة): كلامك معسول منعش للروح.
    الذئب ( يأخذ نفسا عميقاً ): لك عطر طيب الشميم عاصف النشوة حتى الصميم.
    الثعلب(بازدراء): هلّا وقعت حقاً يا صديقي في هواها.
    الذئب(بأسلوب تهكمي): طبعاً لا،لم يصب عقلي بلوثة الجنون، أنا أردد هذه العبارات لكل غزالة شاردة فتقع في شباكي لكنّ قلبي خاليا من حكايا الحب.
    الكلب: يلبس ثياب الإنسانية لكنّه وحش في أغلاله، ابتعدي، له قدرة على مصارعة الشيطان.
    الديك(متعاليا): إنه منحط الغريزة يتهالك على الرذيلة دون الفضيلة.
    ليلى(حائرة): إني أسمع أقوالا كثيرة من أصدقائي الحيوانات تحدثني عن أمور غريبة من بواطن الأمور.
    الذئب (بجرأة ونزق جامح): لا تهتمي لأقوالهم، فأنا عفيف الإزار شريف القصد وجودك وجود لذاتي وبعادك ضياع لذاتي.
    العصفور محلقا فوقها: حاذري يا ليلى غوايات الذهب والمال.
    الأرنب(بحزم): يجب أن تصلي إلى الجدة وكعكتك سليمة (يهرب مسرعا).
    الكلب (غاضبا): سلاحك كتاب الفضيلة، أشهريه بوجهه.
    ليلى(بإطلالة متشككة): أستشعر الصدق في أقواله ولكنّي خائفة.
    الثعلب(منبها): إنها تكابد العفاف، قد تريك الغصن وتخبئ الأزهار.
    الذئب (بمكر وخديعة): لي أساليبي في إخراج الحية من وكرها (ويلتفت إلى ليلى مناجيا) أنا مستيهم بك، مدلّه بجمالك، هيا إلى قصري عند ساعة الديجور.

    يأخذ الذئب بمناجاة ليلى في زاوية المسرح وهي مستجيبة لكلامه إذ تبدو على وجهها دلالات الإغراق في حبه.

    الثعلب: (مخاطباً نفسه) لقد علقت المسكينة بالفخ، إنها تارة تضاحكه وطورا تعاتبه أو تناجيه ها هو يتصنّع العشق.

    ليلى(بنبرة هادئة): أتسكن وحدك في القصر؟ الذئب (يطرق قليلا ثم يستدرك): لا بل أسكن مع أمي المقعدة.
    تتردد ليلى قليلا قبل أن تصحب الذئب إلى قصره ليلى(تحدث نفسها واثقة): يبدو لي من نظرته المعاتبة الانكسار والفتور، وروح الصدق على محياه.

    تعبر ليلى عن فرحتها قبل دخول القصر برقصة تتهادى فيها كالفراشة على موسيقى هادئة والذئب يراقصها ثمّ يسحبها نحو القصر

    فتخرج الحيوانات من مخبئها حزينة، القطة: مسكينة ليلى وقعت في الفخ يا ويلها.
    الديك : وقعت مع من يبتذل الحب ويمتهن الفضيلة.
    البطة : هذه النفس الفاضلة اقترفت الإثم .

    تدور الحيوانات على المسرح في حالة فزع تؤدي حركات صاخبة تحاول بيان هول الموقف الذي وصلت إليه ليلى، ثم تخرج ليلى من القصر(رسم قصر على الديكور) باكية ثيابها ممزقة تنظر إلى نفسها وإلى السلة فزعة

    (تبكي بعبارات متقطعة): يا ويلي، كعكة الزفاف تصدعت، لقد خدعني النذل، سلبني كلّ شيء، كيف سأواجه الجدة، آه، أين أنت يا أمي،تبكي بكاء حارا ثم تغني أغنية إلى أمها فيها الكثير من التوجع والقهر والإحساس بالندم.
    (تطل الحيوانات متأثرة): مسكينة يا ليلى لقد تصدعت الكعكة.
    ليلى(بنبرة كسيرة): يجب أن أتابع المشوار لأصل جدتي، أترافقونني إلى بيت الجدة، فأنا خائفة؟
    العصفور: لا يا ليلى، مشوار الغابة هذه المرة ستكونين وحيدة.
    ليلى (وبغرابة التأسي): ولِمَ التخلي عني؟
    البطة: لأنك نقضت عهد الصداقة ورفضت الاستماع إلى نصائحنا.
    القطة(بمواء قاسِ): لقد استسلمت إلى الذئب،اغربي عنّا.
    ليلى (متحسرة): لكنّه أغواني بأحلى الكلام وأصدق الوعود.
    الكلب: لكنه ذئب ثري أساليب إغوائه كثيرة.
    الديك : ويستطيع استدراج كل وقت إلى وكره غزالة.
    المشهد الثالث
    بيت ريفي (رسم على أطراف الغابة)


    تظهر الجدة العجوز تحمل عصا تتكئ عليها: إني انتظر حفيدتي على أحر من الجمر (ثم تنادي): ليلى متى تصلين يا حبيبتي، نحن بانتظارك، فارس ينتظرك بلهفة وشوق حتى تقوما على رعاية الكرم معاً.
    تسير ليلى بلهفة للقاء جدتها وتحضنها باكية: كيف حالك يا جدتي. الجدة (بنبرة صارمة): إن كنت أنت بخير فأنا بألف خير.
    ليلى (تذرف الدمع سخيا): جدتي، إنّ نفسي انطلقت على سجيتها وانسقت وراء عواطفي ولم أحكم عقلي.
    الجدة مرتابة وتحرك عصاها متوعدة: إذن تصدعت الكعكة !!
    ليلى (تبكي بضعف): نعم ، لم أقدر عواقب الأمور، غرر بي يا جدة.
    الجدة (غاضبة): إذن، أمك لم تفلح في تربيتك.
    ليلى(مبررة): أمي طيبة جداً لم تكن حازمة معي، دللتني كثيرا، تركتني على هواي.
    الجدة : ألم تُسمعك مبادئ الفضيلة؟
    ليلى : بلى، ولكنّ مشاعري مرهفة ورغباتي طغت على كلّ شيء.
    الجدة (بغضب وصرامة): لكنك الآن تحت ستار الليل الأسود مطرقة كاسفة ذابلة الوجه، يا بؤس ما وصلت إليه من حال.
    ليلى(بصوت واهن) : العقل ضاع يا جدتي، (ثم تصرخ بحدة) لكنه عزف على وتيرة مشاعري فاستسلمت لأهوائه الشريرة.
    الجدة (ترصدها بعيون غاضبة): ابتعدي عني، هذا الجسم الظمآن إلى سكينة الحياة أضحى معروقا بحمى الآثام.
    ليلى( تتوسل بحنو): سامحيني، ما أقسى عذابي، أشعر بالخذلان.
    الجدة (بلهجة قاسية): أنت تستحقين العقاب.
    ليلى(مستجدية الرحمة): ضاع كلّ شيء في لحظة منسية من الزمن وتاه العقل عن الصواب.
    الجدة (بنفور واشمئزاز): مسكينة ، لقد بعت نفسك للشيطان بلا تعقل لعواقب الأمور.
    ليلى(متفائلة): فارس يا جدة ابن عمي ألا يستطيع حمايتي.
    الجدة (بكلمات خائبة): لقد خسرت الكرم و لم تعودي أهلاً له.
    يأتي فارس من بعيد مهللا ومرحبا: أين ليلى يا جدة؟ الجدة (تشير إليها بقرف)ها هي تعلوها علامات الضعف والندم والذلة والحسرة.
    فارس( مندهشا): لقد داخلتني رقة شديدة من هذا الجمال .
    تقترب الجدة وتسحبه بعيدا وبقسوة: ابتعد عنها لم تعد لك.
    فارس(عطوفا): كفي دمعك فهو نار تلظى، ما الهم الذي أذاب نفسك وأسقمك؟
    الجدة(تصيح بلؤم): ابتعد عنها لم تعد أهلا للإكرام والمناجاة.
    (تركع ليلى عند قدمي فارس) ليلى (بتذلل): أنا أستجير بك يا ابن عمي وسأخلص في توبتي.
    فارس(حزين كمحتضر): لونك كاسف متغير، لم تعودي مشرقة وضاءة حييه ودلائل الانكسار على جبينك والفسق أكمد البراءة في عينيك.
    الجدة(تلوح بعصاها وتكزّ أسنانها): أتركها لم تعد لك، إنّها غصن أصابه العفن فاستحق البتر.
    فارس(مبتعدا): يبدو أنك واقعة في شأن عظيم ومصاب جلل.
    الجدة (باكية ومشيحة بوجهها) : هو ذاك لو نعطى الخيار لما افترقنا ولكن لا خيار مع الهاوية.
    ليلى (بنشيج حادّ): الرحمة، إن حلّ غضبك عليّ لن يستقيم لي طريق ولن تكون ألفة مع الحياة.
    الجدة( تعتريها لفحة حزن عميقة وتميل باكية): واحر قلباه على ما أصابك، إنه ليثقل على نفسي تذكر ما أنت فيه.
    فارس (تسري في أوصاله ذكرى أصداء حزينة): انتظرتك طويلاً يا ليلى ولكن الخطيئة أنهت وجودك من حياتي، ابتعدي عني وسأبحث عن ليلى جديدة متلألئة بالفضيلة، لنعمّر كرم الأجداد.
    ليلى (يعلو على نبراتها رجع نواح عميق): الوداع يا جدة.
    الجدة (تتراتب أنفاسها بنشيج آسيف): لا أعاد الله لك طريقا إلينا، لقد حنثت الوعد وتعثرت خطاك، هيا لا نريد لك وجودا في حياتنا.
    ليلى(بحزن): سأعود، إلى صدر أمي الحنون.
    الجدة(بصرامة): أمك فارقت الحياة منذ علمت بخطيئتك، وأنت منبوذة مكروهة من الجميع .

    تخرج ليلى باكية حزينة إلى طريق الضياع في غابة الحياة، حائرة تبحث عن حل لمشكلتها فتجلس عند شجرة مطأطئة رأسها،ويُسمع خطاب تربوي بصوت الأم الراحلة ليطرح مشكلة الكثير من الفتيات ومعبراً عن مشكلة ليلى: هذا الجيل الضائع الحائر، الذي تتجلى له الحياة بكل ألوانها ولا يستطيع مقاومة المغريات التي تحيط به فينجرف نحو الهاوية، ليلى ليست المسؤولة الوحيدة عن خطيئتها، بل نحن مسؤولون أيضا، لقد زينت لها الحياة من خلال وسائل الإعلام والتواصل الحديثة سبل الانحراف إضافة إلى عرض صور الحب المبتذلة، لو وقفنا وقفة صدق مع ضمائرنا لتبين لنا أن ليلى ضحية، لأنها ضحية للأسرة المتخبطة في دائرة الصراع الاقتصادي من أجل تأمين لقمة العيش، ولو سلمنا بأن الوضع قد خرج من أيدينا، الآن الحياة العصرية أصبح لها نوافذ مشرعة يستحيل إغلاقها أمام أبنائنا، إذن لا بد من حلول، فالحل واضح لكن إذا تكاتفت الجهود، واستطعنا إرساء قواعد الفضيلة ونبذ كلّ وسيلة تدعو إلى الرفاهية المناقضة لأخلاقنا باسم الحضارة وعدنا إلى قيم ديننا الحنيف، ستصبح كلّ ليلى فاضلة ولتكون قدوتها الصورة النقية التقية للسيدة البتول لفاطمة الزهراء أو عائشة أو أسماء وغيرهن، هذه آهات أم، ماتت كمدا وحسرة بسبب ما حل لابنتها من ضياع.

    تقف ليلى حائرة حزينة: الكلّ يرى أني مخطئة، هل أنا فتاة رفضتْ وشاح الطهر والشرف ودنستْ نفسها بالخطيئة ؟؟ أنا مكسورة الجناح وحيدة بين براثن الخطيئة وموبوءة بالحمق؟ الكل يرفضني، يكرهني، ماذا علي أن أفعل، الحياة نبذتني، أأعود إلى وكر الذئاب ! لا،لا، لقد تربيت على الفضيلة، لكني سقطت في لحظة ضعف، فمن كان منكم بلا خطيئة فليرجم بالحجارة، لن أكون كذلك، لكن ما الحل ( وتبكي بمرارة،

    فتخرج إليها الحيوانات ) القطة بدفء: التوبة يا ليلى!! البطة بحزم : نعم التوبة النصوح الصادقة.
    العصفور : والالتزام بكل سلوك يحث على الفضيلة.
    الأرنب بشدة: وجعل التقوى رداء.
    ليلى (بفيض الرجاء): أتقبلني الحياة إن عدت تائبة توبة صادقة.
    الكلب : نعم ستجدين من يقبلك تائبة توبة صادقة.
    الديك : التوبة الصادقة هي محط الرجاء و بإذن الله ستقبل توبتك.
    ليلى (تناجي نفسها): سأكون صادقة بإذن الله في توبتي ولعل الحياة تبسم لي، تغني ليلى أغنية تدل على توبتها "غفرانك ربي غفرانك".

    انتهت
    التعديل الأخير تم بواسطة فاطمة يوسف عبد الرحيم; الساعة 13-02-2014, 10:23. سبب آخر: لتصويب التنسيقات
يعمل...
X