امرأة مهمشة (أقصوصة)
قدم من الخارج بعد غياب سنوات.. معربا عن رغبته بالزواج، وطلب من والدته مشاركته البحث عن فتاة، مشترطا يتمها وفقرها، موقنا أن هذه المواصفات لازمة لسرعة تكيّفها في المهجر، عكس ما تصبو إليه والدته بذات الدين والجمال، الحسب والنسب...
لم يبحثا طويلًا، إذ وجد بنفسه فتاةً من بنات مخيّم الّلاجئين، تُناسب شرطه... لم تكن جميلة لكنّها رشيقة ممشوقة القوام. تقدّم لها وبسرعة تمَّ الزواج.
قدما عندنا للزيارة.. أحببناها، وجدناها متعاونة محبة، مشرقة كوردة متفتحة، تشع حيويةً.. أقاما عندنا يومين ثم ارتحلا حيث يقيم.
مرّت بنا كنسمة عابرة، وأثرها خلفها يضوَّع جميلة الروحِ.
بعد بضع سنواتٍ، أعْلمنا قريبُنا بقدومِها لزيارة جدّتها المريضة . استقبلناها في المطار، متشوّقين لرؤيتها، نرغب في استضافتها، قبل إكمالها السفر برّا حيث قريبتها..
أطلّت علينا من مدخل القادمين تحمل طفلها البكر بيد وتدفع بالأخرى عربة طفل آخر رضيع. أدهَشنا التغيّر الكبير البادي عليها.. ذابلةً كئيبةً.. ضامرةً، منحنيةً، مائلةَ الكتفين.. تنوء بثقل الحقائب ، ترتدي "جينز" مهترئا، وتمشي متثاقلةً بلا روح...
شاركتني غرفتي، اسْتلقَتْ لنيل بعض الراحة قبل موعد الغداء.. جالستُها أجادِبُها أطْرافَ الحديث... أهملت أسئلتي بخصوص حياتها في المهجر، وأخذتْ تحدّثني وتُطنِب عن صغيريْها وأمُومتها، ومشاق رحلتها الطّويلة...
بكى الصّغير من الجُوع ، حملتْه بحنان وأدْنَتهُ من صدْرهَا، من نُحولها أكاد أرى قصّها الصّدريّ، شَهقْتُ.. اكْتفتْ بإشاحةِ وجْهِها خَجلاً وأطْرقت برأسها...
هتفتُ دون أن أفلح في تمالك نفسي أو مُدارَاة أَلمِي.. :
- ما هذه البقع؟ يا إلهي، هل هي حروق سجائر..؟!
قدم من الخارج بعد غياب سنوات.. معربا عن رغبته بالزواج، وطلب من والدته مشاركته البحث عن فتاة، مشترطا يتمها وفقرها، موقنا أن هذه المواصفات لازمة لسرعة تكيّفها في المهجر، عكس ما تصبو إليه والدته بذات الدين والجمال، الحسب والنسب...
لم يبحثا طويلًا، إذ وجد بنفسه فتاةً من بنات مخيّم الّلاجئين، تُناسب شرطه... لم تكن جميلة لكنّها رشيقة ممشوقة القوام. تقدّم لها وبسرعة تمَّ الزواج.
قدما عندنا للزيارة.. أحببناها، وجدناها متعاونة محبة، مشرقة كوردة متفتحة، تشع حيويةً.. أقاما عندنا يومين ثم ارتحلا حيث يقيم.
مرّت بنا كنسمة عابرة، وأثرها خلفها يضوَّع جميلة الروحِ.
بعد بضع سنواتٍ، أعْلمنا قريبُنا بقدومِها لزيارة جدّتها المريضة . استقبلناها في المطار، متشوّقين لرؤيتها، نرغب في استضافتها، قبل إكمالها السفر برّا حيث قريبتها..
أطلّت علينا من مدخل القادمين تحمل طفلها البكر بيد وتدفع بالأخرى عربة طفل آخر رضيع. أدهَشنا التغيّر الكبير البادي عليها.. ذابلةً كئيبةً.. ضامرةً، منحنيةً، مائلةَ الكتفين.. تنوء بثقل الحقائب ، ترتدي "جينز" مهترئا، وتمشي متثاقلةً بلا روح...
شاركتني غرفتي، اسْتلقَتْ لنيل بعض الراحة قبل موعد الغداء.. جالستُها أجادِبُها أطْرافَ الحديث... أهملت أسئلتي بخصوص حياتها في المهجر، وأخذتْ تحدّثني وتُطنِب عن صغيريْها وأمُومتها، ومشاق رحلتها الطّويلة...
بكى الصّغير من الجُوع ، حملتْه بحنان وأدْنَتهُ من صدْرهَا، من نُحولها أكاد أرى قصّها الصّدريّ، شَهقْتُ.. اكْتفتْ بإشاحةِ وجْهِها خَجلاً وأطْرقت برأسها...
هتفتُ دون أن أفلح في تمالك نفسي أو مُدارَاة أَلمِي.. :
- ما هذه البقع؟ يا إلهي، هل هي حروق سجائر..؟!
تعليق