سيارة رباعية الدفع-معدلة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • بسباس عبدالرزاق
    أديب وكاتب
    • 01-09-2012
    • 2008

    سيارة رباعية الدفع-معدلة

    سيارة رباعية الدفع


    يخرج من حقيبة يومياته نسيم أمه، ليتناسل بداخله الأمل، والدته التي كانت تعلمه السباحة في الزمن، و تزرع الريش بين مسامات جلده الضيقة، ليحلق بعيدا في عين الشمس . يدحرج نفسه المتآكلة غضبا ، يهمس بهستيريا و هو يرقب سيارته رباعية الدفع ، و قد شوه قوامها . يبحث في أرجاء المكان عن صاحب الجريمة، دون أن يمسك بمغتصب الفرح.

    -أربعة في أربعة تساوي ستة عشر. ما شأنه هذا المهووس، أن يكمل المعادلة.

    محفظة ذكرياته تحفظ الكثير من مواقف غبائه، فيخرج ورقة تناساها لزمن، يمارس التنقيب في كراسته البالية، يستعير من ساعته بضع دقائق ليعيد شريط أيام الدراسة. يتذكر عصا أستاذه التي كانت تصفع كفه، لا يستطيع نسيان كلمات السخرية التي لطالما وزعها في حق أمثاله من سكان القرى. ربما لأنه معلمه لم يتعلم الجري حافيا، أصبح يتكلم عاريا من الأخلاق، أو لأنه لم يجرب مطاردة نور الشمس عندما تتسلل في ثقب زريبة، و هو يداعب ذيل بقرة تجلد الذباب المعاند، أصبح معاندا لوجود الريف و الهواء.


    أمالت الشمس رأسها نحو الغرب لتنبه الناس لتآكل يوم جديد، يمشط طرقات المدينة، يطارد حركات الناس، كل شيء حوله يمشي ببطء، أصبحت المدينة تزحف مثل تمساح و مستعدة لالتهامه، أحيانا يحس نفسه في تمثيلية مدبرة لتضليله، قرع النعال يبدو عاليا أكثر من صوت محرك سيارته، يسمع نبض يتباطأ شيئا فشيئا في داخل قلب فتاة هزيلة، تجلس قبالة بنك الفلاحة، و هي تتحسس السماء كي لا تفرق بينها و بين الفلاحين . تنتظر دوي انفجار قطعة حديدة نفيت من جيب أحد المحسنين. يراقب سقوط الدرهم، يسقط على مهل و كأنه تخلص من الجاذبية و لا يريد النزول عندها. أخيرا استطاع التخلص من الأسر و أصبح حرا هو أيضا.


    يستقبله النسيم على الباب، كف والدته يمسح الذنوب عن جبينه مثلما نظف أوساخه في صغره، وجهه مزيج من الغضب و الحزن.

    -
    ماذا هناك بني؟ من سرق الفرح منك.

    -لقد اشتريت سبورة متحركة.

    لم تفهم والدته شيئا ،واصلت بشيء من الحنان تساؤلاتها؛ لتفهم سر هذا الغضب و السخرية.

    -
    و هل أصبحت معلما ؟

    -أنت أيضا تسخرين مني ، ألأنني طردت من المدرسة تتهكمين علي؟

    ...
    ربما هو أستاذي ؛ فهو أكبر حاقد علي . كان واحدا من بين المتهمين الذي فكر فيهم، خرج من بيته متجها نحو مرآب التصليح ،فاجئه مصلح السيارت بفكرة بدت لامعة. : أتعرف ؟
    :
    ماذا؟
    :
    سأصنع لك بالحديد علامة =16
    :
    رائع.
    : و هكذا تنتهي من هذا الأحمق.

    خرج منتفخ الصدر و هو يجوب شوارع المدينة، بعد نهاية عمله قفل عائدا للبيت أين أوقف السيارة أمام البيت في زقاق ضيق حيث يسكن، عندما ترجل من سيارته استقرت كرة طائشه على رأسه، نظر حيث كان يلعب الأطفال في الزقاق ، ثار و استشاط غضبا، وزع كمية من الطين الذي ترسب بداخله عليهم.

    أخذ الكرة معه للداخل، ليخرج إليهم بعد لحظات قليلة جدا و قد انتقم منهم، كان الخنجر يبالغ في بريقه و كأنه يسخر منهم، راقب الأطفال بحزن كيف يغتال اللعب.


    الاستسلام مبدأ ضعيف في منطق البراءة،قاموا بتشكيل جلسة طارئة دون كلمة تنديد واحدة . خرج منهم مبارز يحمل ابتسامة على فمه الصغيرة، ركب الريح و غادر المكان. لحظات مرت على غياب المبارز، حتى عاد محملا بالفرح، إنهم مثل سنابل القمح رؤوسهم من ذهب و سيقانهم ثابتة، كانت الكرة تحلق فوق رؤوسهم، و عينيه تلاحق برائتهم و بساطتهم المعقدة.

    ابتسم لهم و مرر لهم تحية عسكرية و هو يدخل بيته.



    ..........................

    شكر خاص:
    لابد أن أشكر الأستاذ ربيع و اهتمامه بالكثير من نصوصي، قد انتظرت كثيرا قبل أن أعيد صياغة القصة بطريقتي الحقيقية، أتمنى أن أكون قد وفقت لذلك.
    التعديل الأخير تم بواسطة بسباس عبدالرزاق; الساعة 05-02-2014, 18:40.
    السؤال مصباح عنيد
    لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها
  • حسن لختام
    أديب وكاتب
    • 26-08-2011
    • 2603

    #2
    عودة ميمونة، أخي وصديقي بسباس. أتمنى أن يكون سبب غيابك خير
    أعدت قراءة النص..لكنه، لم يشدني إليه بقوة. ربما بسبب غياب الحوار، الذي يعطي للقص نكهة خاصة
    قولي هذا لا ينقص من جمالية النص. لكن صدقني، أخي العزيز، الوصف الدقيق للشخصيات، والحوار المكثف، يضفيان على النص القصصي رونقا وبهاءا وجمالا. قرأت لك قصصا قصيرة غاية في الروعة والجمال، لغة وبناء
    محبتي وتقديري، أيها العزيز

    تعليق

    • بسباس عبدالرزاق
      أديب وكاتب
      • 01-09-2012
      • 2008

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة حسن لختام مشاهدة المشاركة
      عودة ميمونة، أخي وصديقي بسباس. أتمنى أن يكون سبب غيابك خير
      أعدت قراءة النص..لكنه، لم يشدني إليه بقوة. ربما بسبب غياب الحوار، الذي يعطي للقص نكهة خاصة
      قولي هذا لا ينقص من جمالية النص. لكن صدقني، أخي العزيز، الوصف الدقيق للشخصيات، والحوار المكثف، يضفيان على النص القصصي رونقا وبهاءا وجمالا. قرأت لك قصصا قصيرة غاية في الروعة والجمال، لغة وبناء
      محبتي وتقديري، أيها العزيز
      لا اخفيك
      أن هذا النص بالذات جعلني أعدله عدة مرات
      و في كل مرة أفشل فيها
      و لكنني هذه رأيتني ربما قد اقتربت فيه كثيرا من طريقتي
      هناك حوار في النص و لو أنه قصير ، حضوره كان مجرد صلة لمواصلة السرد


      دائما أنظر في نص لي إن لم يدهشني أنا فلن يدهش القاريء

      جعلتني أفكر في التعديل

      سأحاول اخي الحبيب ذلك

      محبتي أيها الصديق العزيز
      السؤال مصباح عنيد
      لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

      تعليق

      • ربيع عقب الباب
        مستشار أدبي
        طائر النورس
        • 29-07-2008
        • 25792

        #4
        هذه الروح التي تكتب بها أدعى للدهشة التي قتلتها في النص
        لأنك قلت كل شيء
        و باسهاب
        سوف نجلس الأن و نتخلص من الزوائد التي لا تخدم النص و لا الفكرة
        أرى أن القصة انتهت قبل النهاية بسطرين
        و أنها تترك دهشة حاولت اغتيالها بفرحتك بالعمل
        هيا بسباس الجميل
        سوف نسير كلمة كلمة ربما كان هناك خطأ يتخفى خوفا منك
        و انا معك هنا .. لن أبرح السيارة حتى تحذف كلمة معدلة
        و تعيد النظر !


        يوما ما سوف تضحك كثيرا من كل هذا ؛ و ربما تتذكر أخاك عقب الباب !

        محبتي
        sigpic

        تعليق

        • بسباس عبدالرزاق
          أديب وكاتب
          • 01-09-2012
          • 2008

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
          هذه الروح التي تكتب بها أدعى للدهشة التي قتلتها في النص
          لأنك قلت كل شيء
          و باسهاب
          سوف نجلس الأن و نتخلص من الزوائد التي لا تخدم النص و لا الفكرة
          أرى أن القصة انتهت قبل النهاية بسطرين
          و أنها تترك دهشة حاولت اغتيالها بفرحتك بالعمل
          هيا بسباس الجميل
          سوف نسير كلمة كلمة ربما كان هناك خطأ يتخفى خوفا منك
          و انا معك هنا .. لن أبرح السيارة حتى تحذف كلمة معدلة
          و تعيد النظر !


          يوما ما سوف تضحك كثيرا من كل هذا ؛ و ربما تتذكر أخاك عقب الباب !

          محبتي
          أستاذ ربيع

          عندما راجعت النص الآن و جدت فقرة تسربت من النص القديم و لم أنتبه لوجودها الفوضوي قبلا

          قمت بمحاولة تخليص النص من بعض الوزن الزائد ليصبح أوسم

          محبتي و تقديري أستاذي الحبيب
          السؤال مصباح عنيد
          لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

          تعليق

          • محمد سلطان
            أديب وكاتب
            • 18-01-2009
            • 4442

            #6
            أمالت الشمس رأسها نحو الغرب لتنبه الناس لتآكل يوم جديد، يمشط طرقات المدينة، يطارد حركات الناس، كل شيء حوله يمشي ببطء، أصبحت المدينة تزحف مثل تمساح و مستعدة لالتهامه...

            أعجبتني هذه الفقرة كثيرا.. أسلوب مدهش في نقل الصورة ووصفها بطريقة تصويرية غاية في الجمال..
            أما عن السرد فكان عنصر البطولة في رأيي ..
            جميل ما قرأت هنا .. يدل عن كاتب يعرف طريقه جيدا لإدهاش القارئ..

            سعدت بالقراءة واستمتعت..
            كل المحبة والتقدير
            صفحتي على فيس بوك
            https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

            تعليق

            • عبدالرحيم التدلاوي
              أديب وكاتب
              • 18-09-2010
              • 8473

              #7
              مرحبا بك ، أخي البهي ، عبدالرزاقعودة ميمونة.سعدت بنصك و بالتعديل الذي أجريته.و الحق ما قالها عميدنا الرائع ، ربيع.مودتي

              تعليق

              • بسباس عبدالرزاق
                أديب وكاتب
                • 01-09-2012
                • 2008

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة محمد سلطان مشاهدة المشاركة
                أمالت الشمس رأسها نحو الغرب لتنبه الناس لتآكل يوم جديد، يمشط طرقات المدينة، يطارد حركات الناس، كل شيء حوله يمشي ببطء، أصبحت المدينة تزحف مثل تمساح و مستعدة لالتهامه...

                أعجبتني هذه الفقرة كثيرا.. أسلوب مدهش في نقل الصورة ووصفها بطريقة تصويرية غاية في الجمال..
                أما عن السرد فكان عنصر البطولة في رأيي ..
                جميل ما قرأت هنا .. يدل عن كاتب يعرف طريقه جيدا لإدهاش القارئ..

                سعدت بالقراءة واستمتعت..
                كل المحبة والتقدير
                أخي الفاضل

                مجرد تواصلك و تفاعلك و تكحيل عينيك بحرفي لهو منتهى مرادي
                فكيف و قد أعجبك

                محبتي استاذ محمد سلطان
                السؤال مصباح عنيد
                لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

                تعليق

                • بسباس عبدالرزاق
                  أديب وكاتب
                  • 01-09-2012
                  • 2008

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة عبدالرحيم التدلاوي مشاهدة المشاركة
                  مرحبا بك ، أخي البهي ، عبدالرزاقعودة ميمونة.سعدت بنصك و بالتعديل الذي أجريته.و الحق ما قالها عميدنا الرائع ، ربيع.مودتي
                  قد وصلت نصيحتك أذني ليس فيها تشويش


                  محبتي أيها الجميل عبدالرحيم
                  السؤال مصباح عنيد
                  لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

                  تعليق

                  • فرناندز حكيم
                    أديب وكاتب
                    • 07-03-2014
                    • 209

                    #10
                    تغيّر الأسلوب .. فـ صارت قصصك أجمل بكثير
                    دمت بهذه الروعة .. و حفظك المولى أخي عبد الرزاق ...
                    لـا تلمني يا ( أنا ) فالحرفـ على دين الحالـ
                    .. كلما هبّــ الضيق ريحا بأغصاني مالـ ،،،

                    تعليق

                    • أحمدخيرى
                      الكوستر
                      • 24-05-2012
                      • 794

                      #11
                      اخى الحبيب " عبد الرزاق "
                      رائعة هى قصتك " فما بين مرثية دون كيشوت الطفولية " والتى اخرجها من البوم الذكريات .. إلى ضجر وملل " مرحلة منتصف العمر "
                      إلى ولعه بـ التحدى " ومتباريه وإن كانوا صغارا "
                      تعايشت فى ثلاث قصص يجمعهم اطارا واحد .. ذو سرد مدهش وتسلسل موظف بشكل متقن ..
                      اعجبتنى القصة والفكرة .
                      واستمتعت بـ لذة القراءة لك
                      تقبل خالص التحية والتقدير
                      https://www.facebook.com/TheCoster

                      تعليق

                      يعمل...
                      X