** تالا.. طفلة من سورية **
كانت وردةً مُتفتحة ً..
كانت بُرعماً أزهرَ بينَ حنانِ أمٍّ
ومشاعرِ عطفٍ أبويّة ..
كانت طفلةً بعمرِ الزهورِ ترسمُ لوحاتِها ..
بألوانٍ حمرٍ وخضرٍ وصفرٍ وورديّة ..
حتى فستانها ..
صُبغَ بألوانِ الفرحِ الربيعيّة .
كانت طفلةً اسمُها تالا ..
***
تالا طفلةٌ من بلادي ..
من وطني الجريحِ سورية ..
خطفَتها يدُ مجرمٍ ..
لا يعرفُ رحمةً و لا إنسانيّة ..
ذنبها أنّها من وطنٍ ..
عصفتْ به حربُ إجرامٍ دمويّة ..
قاتلٌ تبرّأت من فعلتِه ..
كلُّ الوحوشِ والسباع والضواري البريّة ..
أتاها بحدِّ السكين بكلِّ هَمجيّة..
وذبحَ ..قطّّعَ .. تبّتْ يداه ..
نعومةَ عنقٍ مـخمليّة ..
لطفلةٍ كانتْ تبتسمُ لهُ ..
حينَ طبّقَ عليها تعاليمَ دينه الشيطانيّة ..
***
تالا كانت تنامُ على حكاياتِ أمّها الليليّة ..
وتظنُّ أنَّ بيتَهم و حضنَ أمّها ..
سيحميها من ذئبِ ليلى ..
وجميعِ أشرارِ الحكايا ..
ووحوشِ السندباد البربريّة ..
حاولتْ الأمُّ منعهُم ..
دفعهُم عن طفلتِها ..
لكن هيْهات تتوسلينَ إلى أناسٍ ..
كأنَّهم لم يأتوا من بطونِ أمهاتٍ بشريّة..
ومزَّقت الوحوشُ جسدَ الأمّ قبلَ صغيرتِها
و نامتْ تالا مع أمّها النومَة الأبديّة ..
***
عذراً .. شاعرنا درويش ..
أخاطبكَ رغمَ الغيابِ والمماتِ ..
فليست ريتّا وحدَها من واجهت البندقيّة ..
أطفالنا يواجهونَ كلَّ يومٍ ..
البنادقَ والقنابلَ والمدافعَ ..
تقتلُ أحلامَهم الطفوليّة ..
تُرسِلُ إليهم ببريدِ الإجرامِ المستعجَل ..
قذيفةَ هاونٍ أو مدفعيّة ..
هكذا حالُ حياتهم في سوريّة ..
***
عذراً فيروز عندما تغنيتي بشادي ..
وكيفَ اختفى في الثلجِ ..
وضاعَ في الوادي..
أُخبركِ أنَّه أصبحَ لشادي ..
مئاتٌ من الأخوةِ في سوريّة ..
مئاتٌ من الأطفالِ يضيعون ويذهبون ..
يختفون ويُقتَلون في بلادي ..
على أيادي مجرمين ..
لم يسمعوا عن الإلهِ ..
وعن خلقٍ اسمُه بشريّة ..
***
تالا ذهبتْ وتركتْ خلفَها ..
الكثيرَ من القصصِ .. من الحكايَا ..
عن أطفالٍ كفراشاتِ الربيعِ ..
كانت تظنّ قاتِلها ..
قد جاءَ يعطيها ..
للعيدِ ..للفرحِ .. للبراءةِ هديّة ..
فكانت الهديّة قنبلةً ..
دكّتْ بيوتَهم الصَغيرة ..
وسوّتها إلى الأرضِ ..
في لحظةِ غدرٍ منسيّة ..
***
وإن انتفضَ تميمٌ بشعرِ قهر ٍ ..
من أرضِ فلسطين ..
ليُخبرَ "ستي أم عطا" ..
بأنَّ الأوغادَ سلّموا حيفا ويافا ..
وباعوا القضيّة ..
أقولُ لهُ بأنَّ تالا ذهبتْ ..
بدونِ صراخٍ أو دمعةٍ ..
على خدِّ طفلة ٍملائكيّة..
و تركتْ وطناً يُمزّقُ .. يُقطّعُ كلَّ يومٍ ..
ليُباعَ في أروقةِ الوساخةِ السياسيّة ..
تالا ذهبتْ .. نعمْ ..
ولكنّ للقضيّة بقيّة ..
**********
إلى روح الطفلة الشهيدة تالا حجازي وكل اطفال سورية الشهداء..
تعليق