مزيل الخطأ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمود عودة
    أديب وكاتب
    • 04-12-2013
    • 398

    مزيل الخطأ

    قصة قصيرة

    مزيل الخطأ

    وقفت كعادتها كل صباح على نافذة غرفتها الصغيرة ، ترقب خروجه من فلته الفارهة ، أخلف موعده هذا الصباح ، لقد تأخر كثيرا ، لابأس ، ماتزال أمي مستغرقة في النوم وأشقائي كذلك ، بعد برهة خرج ومعه أمرأة متوسطة العمر ، همهمت هذه أمه ، ركب السيارة والى جانبه المرأة .. صوت أمها ينادي :
    عائشة أين انت ؟ وقفت بباب غرفتها تصرخ ما زلت لا تبرحين هذه النافذة " عليك اللعنة " هيا جهزي الفطور .. هيا .. همت باغلاق النافذة عندما رأته يبتسم لها لأول مرة ..ماذا بك يا أمي انتظري لحظة ، لحظة فقط ..
    لحظة ابتسام .
    عائشة فتاة جميلة في ريعان العمر ، حباها الله بجمال باهر .. انهت دراستها الثانوية ، وجلست في البيت مع أمها وأخوتها الخمسة ، تعيش في بيت من الصفيح يتوسط مجموعة متفرقة من الفلل الراقية ، والدها يخرج الى العمل ويغيب عنهم لمدة أسبوع يقضيه في العمل الشاق في الأنفاق جنوب قطاع غزة .. كانت تسمعه يردد دائما ، لن اتوقف عن هذا العمل الشاق والخطير حتى أوفر مبلغا يسمح لنا ببناء بيت نعيش فيه ويصنع مستقبل لهؤلاء الأولاد .. " ويشير بيده الي أنا وأخوتي " .. املي في الحياة ان أعيش في بيت مبني من الحجر بدلأ هذا الصفيح ، ويضرب بيده حائط الصفيح فيهتز البيت كله .
    تكرر وقوف عائشة على النافذة ، وتبهرها تحية الشاب لها بالأبتسام ، وفي كل مرة ترد التحية باتسامتها الساحرة قبل ان يركب سيارته ويذهب .
    تطورت التحية فأصبحت بالأشارة ، والرد كذلك ، حتى كان يوم وقت الظهيرة , عندما سمعت زمور سيارة يزعق عاليا ، نظرت حولها ، وتمتمت هذا زمور سيارته ، انه هو .. تلفتت حولها أخوتها في المدرسة ، والدتها في المطبخ .. ركضت بسرعة الى النافذة ، لتشاهده بوسامته وابتسامته الخلابة ، بملابسه الأنيقة .. أشار اليها بالحضور ، هزت رأسها بالرفض .. كرر الطلب وهي ترفض ، الح في الطلب ثم التوسل بحركة يده على ذقنه ..
    نظرت حولها ، والدتها ما تزال في المطبخ ، كيف ستخرج ..؟ ما هي الوسيلة للخروج ..؟ نكشت فكرها لتجد كذبة مقنعة تنطلي على والدتها فتسمح لها بالخروج .. تذكرت .. آه .. والدتها كانت باستمرار تلح عليها لزيارة خالها المريض في مستشفى المدينة.. حسنا هذه فرصة .. أقنعت والدتها بالذهاب ، بعد مدة ليست بالقصيرة واصرار والدتها أن يرافقها أحد أخوتها.. فقالت لاتقلقي ، سأعود قبل عودتهم من المدرسة " المدرسة تعمل في الفترة المسائية" وأردفت تقول : سأشتري لأخوتي بعض الكراريس والكتب التي طلبوها.
    وافقت الأم على مضض ، خرجت بسرعة لا تدر ماذا لبست من الثياب قبل أن ترجع والدتها عن رأيها ..وقفت أمام السيارة الفارهة.. فتح لها باب السيارة بسرعة .. ( كان محرك السيارة يعمل والمكيف كذلك وهو يجلس بابتسامته الساحرة، ركبت الى جانبه .. شعرت بنشوة الهواء البارد لأول مرة في حياتها .
    تحركت السيارة وهو يسأل أين تحبين الذهاب .. احمرت وجنتاها وأطرقت برأسها ولم تجب ، كرر السؤال " فهي لم تعرف شيء في المدينة " ولأول مرة تخرج لوحدها !" حرك يده لتلمس فخدها .. ارتعشت وانتفض جسمها وأزاحت يده بلطف .. كرر السؤال أجابت بخجل لا أعرف .. لأول مرة يسمع صوتها شعر بعذوبته فتوقد شجنه ..ساد الصمت ، والسيارة تتحرك ببطء تجاه شاطىء البحر ، نظرت حولها ، لجة البحر الزرقاء صافية
    تنعكس عليها اشعة الشمس الذهبية ، الصيف حارا ، عدد من الأطفال والنساء والرجال يداعبون أمواج البحر
    الهادئة ، والبعض الآخر يجلسون على الكراسي أو يفترشون الأرض يستمتعون بجمال البحر ولجته الزرقاء ،
    بعض الأطفال يلعبون بالرمال يركضون ويمرحون .. منذ مدة طويلة ، لم تذهب الى البحر ، منذ اشتغل والدها بعمله الحالي وغيابه الطويل عن البيت .. طاف خيالها .. غدا ستسكن الفلة الفاخرة ، ستصبح سيدة مجتمع راقية ..
    زوجها من اسرة عريقة ، نظرت حولها في السيارة ، وتمتمت لابد أن يكون اثاث البيت فاخرا مثل هذه السيارة.. كيف ستتعامل مع حماتها وعائلتهم الراقية . .؟ هل ستتمكن من الأستئثار بمحبتهم ؟ هل سيعاملونها بلطف ؟ استمر طيف خيالها وقالت في سرها : ما شكل فستان الفرح .. كم ستكون فرحة والدي بهذ النسب ، ووالدتي كم ستكون سعادتها وهي تزف ابنتها الى هذا الزوج الأنيق ، "ورمقته بطرف عينها " في ارقى صالات الأفراح .

    لم تشعر بتوقف السيارة امام أحدى البنايات ، واستيقظت من أحلامها على صوته يقول : ها قد وصلنا .. هيا انزلي سأريك شيئا لم تشهديه من قبل .. سوف نتناول طعام الغداء هنا في هذا المطعم ، ونتحدث عن أحلامنا
    ومستقبل حياتنا ، رمقها بنظرة شبقة لم تفهمها ، وبادلته النظرة الحالمة ، وقال : أنت جميلة جدا ، لأول مرة أشاهد عينيك انهما عسليتان .. نزلت من السيارة وحمرة الخجل تعلو وجنتيها وتتلفت حولها حتى لايراها أحد ،وتطأطأ برأسها الى الأرض لأول مرة في حياتها تكذب على والدتها ، وتخرج مع شاب غريب ،، يا حسرتي ماذا فعلت .. ماذا يريد مني هذا الشاب .. هتف الشاب : هيا تحركي بسرعة ندخل المطعم ، وأشار بيده الى باب بناية وقال : ان المطعم في الطابق العلوي .. لم تدرك مقصده وصدقته بسذاجة ودخلت باب البناية ، ثم المصعد ،
    الى باب الشقة .. فصرخت بدهشة أين المطعم ، وضع يده بسرعة على فمها ، واجاب بخبث وهو يفتح باب الشقة هنا ودفعها بقوة ، محاولا التلطف قدر ما يسمح به خبثه .. وجدت نفسها داخل الشقة وقد اغلق بابها بالمفتاح ووضعه في جيبه .. نظرت حولها بهرت بأثاث الشقة ، وهو يقف بابتسامة عريضة ، ويقول : هنا سنتزوج ، هذا سيكون بيتنا قريبا ، بدأ خلع ملابسه وهو يردد غدا سأحضر أنا ووالدي لنخطبك من والدك .. غدا الجمعة أليس كذلك ..؟ سيكون والدك في المنزل ، سنزف قريبا ونعيش سويا في هذه الشقة ، وهو مستمر في خلع ملابسه ،
    وهي تشيح وجهها عنه باستغراب ودهشة عقدت لسانها ، وتنظره سريعا ، ثم تعود بنظرها الى الأرض
    والفرح والسرور يداعب خلجات قلبها وهي تسمع كلامه المعسول عن الشقة والزواج .. اقترب منها وهو نصف عاري .. صرخت بقوة ، حاولت الأبتعاد ، سحبها من يدها بقوة ، حديثه عن الزواج والبيت سحرها .. ارتعش كل جسدها ، لم تتفوه بكلمة لم تناقش ، نسيت المطعم ، جذبها اليه .. احتضنها بقوة ، قاومت ورددت بقوة : لا ..
    أعدني الى بيتي .. لا والدي عاد الآن من العمل .. لا .. بعد الزواج .. بعد الزواج ، ثم انهارت مقاومتها ، خارت قواها وهو ينزع عنها بعض ملابسها ، وهي تصرخ وتردد لا ...لا .. سقطت على الأرض من شدة المقاومة ، وهو يضمها اليه بقوة .. فجأة سقط الرداء .. نهضت منتفضة وجسمها يرتعش ، ركضت بسرعة في جنبات الشقة هائمة تصرخ وتولول والدموع تتدفق من عينيها .. يا ويلتي ماذا فعلت .. ياويلتي .. وتركض بلا هدف في جنبات الشقة نصف عارية ، تحاول ان تتدثر بما بقي على جسدها من الملابس .. وجدت نفسها في الحمام ، وهو يلاحقها ويحاول أن يهدئها بوعوده بالزواج واًصلاح الخطأ .. لم تسمع من كلامه شيء، نظرت فجاءة على الرف في الحمام زجاجة مكتوب عليها مزيل البقع ..تعلق نظرها بالزجاجة
    وهمست مزيل الخطأ وبسرعة تناولت الزجاجة وهي تمتم مزيل الخطأ ، بلا وعي ولا تفكير سكبتها في جوفها
    وهو يصرخ بدهشة ورعب ماذا فعلت يا مجنونة .. سقطت على الأرض في غيبوبة نصف عارية وبعض قطرات الدم تنتشر على وركيها وهو يصرخ ويولول يا مصيبتي ماذا فعلت يا مجنونة .

    محمود عودة
    التعديل الأخير تم بواسطة محمود عودة; الساعة 12-02-2014, 10:10.
  • محمد الشرادي
    أديب وكاتب
    • 24-04-2013
    • 651

    #2
    أهلا أخي محود.
    سبق السيف العدل و الخطأ الذي وقع فادح بالنسبة للتقاليد الشرقية. فهو دم لا يجبر إلا بالدم.
    تحياتي أخي محمود.
    تحياتي
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد الشرادي; الساعة 08-02-2014, 13:49.

    تعليق

    • حارس الصغير
      أديب وكاتب
      • 13-01-2013
      • 681

      #3
      ربما كان عليها أن تفكر ألف مرة ومرة
      هذا هو الحال
      سرد سلس
      وقصة مؤلمة
      تحيتي وتقديري
      التعديل الأخير تم بواسطة حارس الصغير; الساعة 08-02-2014, 13:54.

      تعليق

      • بسباس عبدالرزاق
        أديب وكاتب
        • 01-09-2012
        • 2008

        #4
        كيف فوت هذا النص

        نص جميل

        العنوان كان التفاتة رائعة منك

        القفلة كانت بمنتهى الروعة و مفاجئة جدا

        لي عودة ما سمحت الظروف

        محبتي أستاذ محمود
        السؤال مصباح عنيد
        لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

        تعليق

        • عائده محمد نادر
          عضو الملتقى
          • 18-10-2008
          • 12843

          #5
          الزميل القدير
          محمود عودة
          مزيل خطأ وروح
          ومضة النهاية أوجعتني
          نص جميل بكل هذه البراءة والذئب المراوغ
          تمنيت بعض التكثيف لكنه نص يضرب على وتر حقيقي ووارد جدا
          ألم تزل الفتيات يخدعن بهذه الحجة والله أتعجب
          لكنه جميل فقط تكثيف قليل
          كل الورد والمحبة
          ومعذرة أني تأخرت عليكم أجمعين
          الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

          تعليق

          • محمود عودة
            أديب وكاتب
            • 04-12-2013
            • 398

            #6
            الأستاذ الأديب المبدع محمد الشرادي سرورت جدا ببصمتك الرائعة
            مودتي وتحياتي

            تعليق

            • محمود عودة
              أديب وكاتب
              • 04-12-2013
              • 398

              #7
              الأستاذ الأديب المبدع حارس الصغيرسرني جدا وجودك العطر بين حروف نص المتواضع
              السذاجة احيانا تتملق الفتاة الجميلة والفقيرة فتنزلق الى الهاوية دون وعي
              مودتي وتحياتي
              التعديل الأخير تم بواسطة محمود عودة; الساعة 12-02-2014, 09:18.

              تعليق

              • محمود عودة
                أديب وكاتب
                • 04-12-2013
                • 398

                #8
                الأستاذ الأديب المبدع بسباس عبد الرزاق اثلج صدري اعجايك بنصي المتواضع
                لك شكري وامتناني مع خالص مودتي وتحياتي

                تعليق

                • محمود عودة
                  أديب وكاتب
                  • 04-12-2013
                  • 398

                  #9
                  الأستاذة الأديبة القديرة والمميزة عائدة محمد نادر اثلج صدري كثيرا اعجابك بنصي المتواضع
                  وهذه شهادة اعتز بها
                  مودتي وتحياتي

                  تعليق

                  • حاتم سعيد
                    رئيس ملتقى فرعي
                    • 02-10-2013
                    • 1180

                    #10
                    مزيل الخطأ
                    قصة معبّرة تتكرر في عصرنا دون أن تجد من يفضحها الا القليلون , الذئاب البشرية التي تنطلق نحو غريزتها الحيوانية بدون تفكير ظنا أن الزواج قد يمحو الهفوات و يصلح ما فسد و لكن هيهات فكنز المرأة عفتها لا تحب أن تقدّمه الا بشروطه و موجباته .
                    أحسنت أيها المبدع في اختيارك للموضوع .

                    ملاحظات
                    قاومت ورددت بقوة : لا ..
                    أعيدني الى بيتي .. لا والدي عاد الآن من العمل .. لا .. بعد الزواج .. بعد الزواج ، ثم انهارت مقاومتها ،
                    ---
                    *****الصحيح (أعدني)

                    خارت قواها وهو بنزع عنها بعض ملابسها ، وهي تصرخ وتردد لا ...لا .. سقطت على الأرض من شدة

                    ***الصحيح (ينزع)

                    المقاومة ، وهو يضمها اليه بقوة .. فجأة سقط الرداء .. نهضت منتفضة وجسمها يرتعش ، ركضت
                    الصحيح (إليه)

                    بسرعة في جنبات الشقة هائمة تصرخ وتولول والدموع تتدفق من عينيها .. يا ويلتي ماذا فعلت .. ياويلتي ..
                    وتركض بلا هدف في جنبات الشقة نصف عارية ، تحاول ان تتدثر بما بقي على جسدها من الملابس .. وجدت نفسها في الحمام ، وهو يلاحقها ويحاول أن يهدئها بوعوده بالزواج واًصلاح الخطأ .. لم تسمع من كلامه شيء، نظرت فجاءة على الرف في الحمامة زجاجة مكتوب عليها مزيل البقع ..تعلق
                    *** فجأة ***الصحيح (الحمّام)

                    قصّة مؤثرة بورك القلم


                    من أقوال الامام علي عليه السلام

                    (صُحبة الأخيار تكسبُ الخير كالريح إذا مّرت بالطيّب
                    حملت طيباً)

                    محمد نجيب بلحاج حسين
                    أكْرِمْ بحاتمَ ، والإبحارُ يجلبُهُ...
                    نحو الفصيح ، فلا ينتابه الغرقُ.

                    تعليق

                    • محمود عودة
                      أديب وكاتب
                      • 04-12-2013
                      • 398

                      #11
                      الأستاذ الأديب المبدع حاتم سعيد ( ابو هادي ) شكرا جزيلا لطلتك البهية وتصحيحك الرائع لبعض الأخطاء المطبعية
                      مودتي وتحياتي

                      تعليق

                      يعمل...
                      X