شاد أوغلو ..مرحباً
أغلقت كتاب أبجديتي , واعتصرت قلمي ما بين ابهام وسبابة ..أمسكته من عنقه الطويل, وبدأت أغرف من دلاء نور شيء من عتب ولوم لأسقي به عطش الصفحات.
عبر أيام ينخر نهارها وأمسياتها سوس الوقت .. يأتينا مسلسل نور على جناح طائر تركي يحدثنا بالكثير من الأحداث التي يرصدها المشاهد مفعلاً حواسه الخمسة مفعماً بالحاسة السادسة التي تنشط بمجرد إنتهاء المسلسل, سكينة تلف الأمكنة رغم الأوقات المهدورة المُلقاة على أرصفة الحياة , ففي العاشرة تماماً يصير الوقت من ذهب , ونقف مستعدين على أعتابه للتفرغ لطقس جماعي اسمه "نور" , طقس غريب لم يستطع أبداً أن يتكرر ولو لمرة في جمع كل هذه الأمة ..في قمة سياسية أو وحدة عربية أو جلسة عائلية كبيرة ,كتلك التي يعقدها الجد "فكري" على طاولة الطعام وعلى يمينة السيدة "شريفة" , بالرغم من أننا شعوب تفترش الخيبة ونتلحف الهموم, ونغط بنوم عميق يشبه سبات الزهور , إلا أننا نوقظ كل ما غفي منا ولم يستفق , لنقف على أهبة الاستعداد , ونضرب عرض الحائط بما يجري من حولنا من مآسي تحوم مجرياتها في عالم غريب , يسرقنا من الحياة وواقعها اللا محايد ..لنذهب لعالم نور .
ففي العاشرة مساءاً.. يصير الليل مختلفاً, حيث لا صوت في البيوت المتأهبة إلا من أصوات أبطال المسلسل, والمشاهدون الواقفون على ويل الأحداث وتناميها ما بين ألم وأمل , الذين دوّزنوا حياتهم على دقات الساعة العاشرة , وعرفوا أخيراً قضية هامة غابت عن حضارتهم ..ألا وهي إحترام الوقت ..الذي لم نعترف بوجوده ولو لمرة واحدة .
ما بين عقارب الزمن التالف , تتوقف في هذه الساعة الاختناقات المرورية , وتسلك الطرق, ويهجع الناس هجوع الطيور في بيوتهم ,يؤجلون واجباتهم الاجتماعية ويتملصون من ضيوف ثُقلاء الظل لا يراعون أبدا أصول احترام المسلسل, يبحثون بين طيات الأحداث عن رومانسية مطوية قد التهمتها هموم الحياة , وسحبتهم بسرعة مقيتة لإنكسارات متتالية يتابعونها متخذين الأمور على محمل كبير من الجدية , يتابعون بشغف حلقة تلو الحلقة يعيشون في غُمرة أحداث المسلسل الذي بات يأسرهم فمنهم من يرقب أحلامه الضائعة التي ضلت الطريق بين فواصل الرومانسية المسكوبة على عرض الحلقات , ومنهم من يتوق للجو العائلي فيه والذي سحقته الظروف , ومنهم من يشجب التسلط والقيود التي يراها مجحفة.. إيماناً منه بالحرية الشخصية , وتقرير المصير, ومنهم من يعجب بمثابرة نور للحصول على الاستقلالية المادية , ومنهم من يرى أنها تعدت الحدود واجتازاتها بما لا يليق.. فينكر ذلك جملة وتفصيلاً .
وبعد انتهاء الحلقة تبدأ التوقعات الافتراضية ويتاح للخيال مساحات أفق تصل لحدود البحر الاحمر , والويل الويل إذا كانت الغفلة , ونسينا الموعد الذي أضرمناه مع محطة الأم بي سي , وأخلفناه فأنه النكث بالوعد الذي لا يضمحل , ولن يتكرر .
في خضم هذا الغرق اللامتناهي يفوتنا أننا نتعرض بشكل مدروس وتكتيكي للغزو الثقافي , ولفرض تقاليد تبدو مدسوسة حتى النصل لمسلمون علمانيون لا يشبهوننا كثيراً , ولا تمت عاداتهم لنا بأدنى صلة , فأنماط الحياة في الدولة التركية العلمانية , تصير بإنساكبها على أرضنا الشرق أوسطية ودستورها العلماني خطورة كبيرة ..ويفوتنا أيضا بأنه قد يتعذر علينا حسن التطبيق وايجابيته لما قد نتعرض له وبقوة من خلال التقليد الأعمى الذي قد يحيلنا الى أبطال من ورق , يتخلفون عن شرائعهم وشريعتهم ..ويهرعون بلا تفكير الى نمذجة سلوكياتهم وفق ما شاهدوه من أبطال المسلسل , وبالفعل هنا تكمن الطامة الكبرى .
فكم هو غريب أن نعتبر تلك الليلة التي لا يعرض فيها نور هو بالضرورة غصة كبيرة , فيبدو كليل أعرج منقوص ..فما العمل حين تصير الليالي خالية من نور بعد انتهاء الحلقة المائة , فلنتهيأ إذاً ..لنرتل وقتئذ تعويذة الغياب .
أغلقت كتاب أبجديتي , واعتصرت قلمي ما بين ابهام وسبابة ..أمسكته من عنقه الطويل, وبدأت أغرف من دلاء نور شيء من عتب ولوم لأسقي به عطش الصفحات.
عبر أيام ينخر نهارها وأمسياتها سوس الوقت .. يأتينا مسلسل نور على جناح طائر تركي يحدثنا بالكثير من الأحداث التي يرصدها المشاهد مفعلاً حواسه الخمسة مفعماً بالحاسة السادسة التي تنشط بمجرد إنتهاء المسلسل, سكينة تلف الأمكنة رغم الأوقات المهدورة المُلقاة على أرصفة الحياة , ففي العاشرة تماماً يصير الوقت من ذهب , ونقف مستعدين على أعتابه للتفرغ لطقس جماعي اسمه "نور" , طقس غريب لم يستطع أبداً أن يتكرر ولو لمرة في جمع كل هذه الأمة ..في قمة سياسية أو وحدة عربية أو جلسة عائلية كبيرة ,كتلك التي يعقدها الجد "فكري" على طاولة الطعام وعلى يمينة السيدة "شريفة" , بالرغم من أننا شعوب تفترش الخيبة ونتلحف الهموم, ونغط بنوم عميق يشبه سبات الزهور , إلا أننا نوقظ كل ما غفي منا ولم يستفق , لنقف على أهبة الاستعداد , ونضرب عرض الحائط بما يجري من حولنا من مآسي تحوم مجرياتها في عالم غريب , يسرقنا من الحياة وواقعها اللا محايد ..لنذهب لعالم نور .
ففي العاشرة مساءاً.. يصير الليل مختلفاً, حيث لا صوت في البيوت المتأهبة إلا من أصوات أبطال المسلسل, والمشاهدون الواقفون على ويل الأحداث وتناميها ما بين ألم وأمل , الذين دوّزنوا حياتهم على دقات الساعة العاشرة , وعرفوا أخيراً قضية هامة غابت عن حضارتهم ..ألا وهي إحترام الوقت ..الذي لم نعترف بوجوده ولو لمرة واحدة .
ما بين عقارب الزمن التالف , تتوقف في هذه الساعة الاختناقات المرورية , وتسلك الطرق, ويهجع الناس هجوع الطيور في بيوتهم ,يؤجلون واجباتهم الاجتماعية ويتملصون من ضيوف ثُقلاء الظل لا يراعون أبدا أصول احترام المسلسل, يبحثون بين طيات الأحداث عن رومانسية مطوية قد التهمتها هموم الحياة , وسحبتهم بسرعة مقيتة لإنكسارات متتالية يتابعونها متخذين الأمور على محمل كبير من الجدية , يتابعون بشغف حلقة تلو الحلقة يعيشون في غُمرة أحداث المسلسل الذي بات يأسرهم فمنهم من يرقب أحلامه الضائعة التي ضلت الطريق بين فواصل الرومانسية المسكوبة على عرض الحلقات , ومنهم من يتوق للجو العائلي فيه والذي سحقته الظروف , ومنهم من يشجب التسلط والقيود التي يراها مجحفة.. إيماناً منه بالحرية الشخصية , وتقرير المصير, ومنهم من يعجب بمثابرة نور للحصول على الاستقلالية المادية , ومنهم من يرى أنها تعدت الحدود واجتازاتها بما لا يليق.. فينكر ذلك جملة وتفصيلاً .
وبعد انتهاء الحلقة تبدأ التوقعات الافتراضية ويتاح للخيال مساحات أفق تصل لحدود البحر الاحمر , والويل الويل إذا كانت الغفلة , ونسينا الموعد الذي أضرمناه مع محطة الأم بي سي , وأخلفناه فأنه النكث بالوعد الذي لا يضمحل , ولن يتكرر .
في خضم هذا الغرق اللامتناهي يفوتنا أننا نتعرض بشكل مدروس وتكتيكي للغزو الثقافي , ولفرض تقاليد تبدو مدسوسة حتى النصل لمسلمون علمانيون لا يشبهوننا كثيراً , ولا تمت عاداتهم لنا بأدنى صلة , فأنماط الحياة في الدولة التركية العلمانية , تصير بإنساكبها على أرضنا الشرق أوسطية ودستورها العلماني خطورة كبيرة ..ويفوتنا أيضا بأنه قد يتعذر علينا حسن التطبيق وايجابيته لما قد نتعرض له وبقوة من خلال التقليد الأعمى الذي قد يحيلنا الى أبطال من ورق , يتخلفون عن شرائعهم وشريعتهم ..ويهرعون بلا تفكير الى نمذجة سلوكياتهم وفق ما شاهدوه من أبطال المسلسل , وبالفعل هنا تكمن الطامة الكبرى .
فكم هو غريب أن نعتبر تلك الليلة التي لا يعرض فيها نور هو بالضرورة غصة كبيرة , فيبدو كليل أعرج منقوص ..فما العمل حين تصير الليالي خالية من نور بعد انتهاء الحلقة المائة , فلنتهيأ إذاً ..لنرتل وقتئذ تعويذة الغياب .
تعليق