لغتنا الجميلة ، والتي لا تعلو عليها لغة ، نحاول أحيانا أن نلوي عنق بعض كلمات الفرنجة لندخلها معجم لغتنا قسرا، فتصبح الكلمة كالكَدْمة على الجبهة لا يمكن مواربتها.
يقول البعض : تعال نَفَسْبِك ( يعني ندخل الفيس بوك
/ نهشتق : هاشتاق
/ نتلفن : نتصل بالتلفون
نّمَسْكِن. Missed Call
وكلها كلمات دخلت معجم لغتنا عبر استعمالنا لمنافذ التواصل الإجتماعي بأنواعه.
وعلى ذكر ما جاء بعاليه ، يقال ( والعهدة على الراوي ) أن مجمع اللغة العربية بالقاهرة ، عندما اراد أن يضع كلمة عربية فصحى تدخل المعجم العربي بدلا عن كلمة ( ساندويتش الأعجمية ) ، قام باختيار هذه الجملة : ( شاطر ومشطور وبينهما طازج ) والشاطر والمشطور هو الخبز المقسوم في الوسط ، اما الطازج فهو (الحشوة) التي نحشوها داخل هذا المنفلق إلى نصفين ( لمّ الله شملهما عند التهامكم له).
معنى هذا ، إن اردت أن تأكل (ساندويتش همبورجر -دجاج ) عليك أن تقف في الطابور، وعندما يأتي دورك تقول متأثرا باللفتة الكريمة من مجمّعنا الموقر : أيها النادل ، إعطني شاطرا ومشطورا وبينهما قطعة من الدجاج دائرية الشكل وتكون مطبوخة قلْيا، و لا تنسى أن تُكْثِر من أوراق الخس ودوائر الطماطم وذلك السائل الأحمر ذي النكهة الحلوة الحارقة، و لا تضع كثيرا من الشطة ثكلتك أمك يا إبن المبرجرة. )..
و الى ان تنتهي من هذه المعلقة العصماء سيكون ألف واحد قد لعنوا ( سنسفيل جدودك لأنك أخذت من وقتهم الكثير )
أتخيل أحدا يعمل وِفْق ما جاء بإقتراح المجمع، يدخل بيته وينادي أمه ويقول لها :
أماه ، إيهي يا أماه ، أنا جائع و أكاد أشم رائحة إمعائي الغليظة ، هل يمكن أن تطبخي لي بعضا من ذاك اللحم المفروم المغلف بإمعاء الخروف الدقيقة ؟
طبعا يقصد ( السجق أو الطرب أو النقانق، أيهما كان متوفرا بثلاجة بيتهم )
و تقول له زوجته المتأثرة بلغته الفصيحة المتمكنة : أبا أحمد يا بعلي الغالي، نزولا عند رغبة حكومتنا الرشيدة لمقاطعة البضائع الغربية ، لماذا لا تذهب إلى السوق الخارق ( تقصد السوبر ماركت ) وتأتي لنا برقائق البطاطس المجففة المملحة ، ولا تنسي أن أولادنا يرغبون على العشاء بعضا من ( الكلب الساخن )...........
( الهوت دوغ .... ودة بالذات عند ترجمته نتائجه وخيمة على المعدة ).
يقودني الحديث عن المائدة العربية بشكل عام ، ففيها من الفنون ما تعجز أضابير وصفحات أن تحتويها ( بارك الله في أنامل نسائنا، وادام الله كل أدواتهن وفنونها وإختراعاتهن وتوابل مطابخهن) ، وأكلاتنا يدخل بعضها في نطاق أكلات عالمية أخرى غريبة و لا يستسيغها إلا أهلها ، مثل أولئك القوم الذين يأكلون ( أكرمكم الله ) الكلاب و الفئران ، و الضفادع ولحوم الخيل ، والثعابين والديدان ، ( وعذرا إن كان أحدكم يقرأ هذا الموضوع وهو يأكل).
في أول رحلة لي لفرنسا ، جلستُ في معية قوم يعرفون ( باريس ) كما يعرفون راحات أياديهم ، جلسنا في مطعم الفندق الفاخر ، ثم تم تقديم السلطات والمقبلات وبالتالي الشوربة، والتي كرعْتها حتى الثمالة فقد كانت لذيذة سائغة فطلبت الإستزادة حتى التخمة. في المساء إتصلت بأحد المرافقين عن ماهية الشوربة ومكوناتها حتى أدمنها ببيتي، فقال بكل برود : شوربة ضفادع.
طوال الليل كانت كوابيسي عبارة عن جيش عرمرم من الضفادع تطاردني على جانب ترعة كبيرة بقريتنا وهي تصدر نقيقا جعلني أستيقظ فزعا.
***
أرجو أن توافونا بأكلات بكلمات عربية فصحى بدلا من كلماتها التي أطلقها عليها الفرنجة. ومحل ما يسري يمري. أو أي كلمات تم عصْرها قسرا وإدخالها في معجم المحادثات.
تعليق