شرخ في الذاكرة
ماتت جدّتها كما تموت جميع الجدات غير مكترثة بتجاعيد بشرتها ولا بابيضاض شعر رأسها أو ذبول عينيها وانحسار نضارتها .
شيء واحدٌ بقيّ على حاله ، لا بل ازداد ألقاً . طلَّتها ، حضورها حواديتها وذكرياتها .
لم تمل وهي طفلة من تكرار سماعها لحكاية الشاطر حسن من فم الجدة وبأدائها المشوّق المرح في رواية القصة .
دخلت طور المراهقة والشاطر حسن رابض في مخيّلتها . لم تجده في أبناء العمومة ولا في أولاد الجيران .
ماذا يحدث عقب لمس سلك كهربائي مكشوف ؟! الصدمة . أن ينقلب طلب اللذة المحرمة إلى قوة غاشمة ،
يتحوّل مع مرور الوقت والتكرار إلى حق شرعي وعادة لجلب الإنبساط ؟!
شقيقها الصغير كان يندس في فراشها بليالي البرد طالبا الدفء . أو في ليالٍ يكون الصراع على أشده بين الأم والأب
فيلجأ لأخته ملاذه في محنته ويذوب في حضنها .
بعفوية وبراءة كانت يده تتجوّل حول تضاريس مجهولة من طرفه ، وكأنه السندباد في عالم غرائبي .
لا أدري إن كان يشعر بلذة أو بانبهار . كل الذي أعرفه أنها لم تنهره خوفا من أن تنبّههُ لأمر لا يصح أن
يعرفه الأطفال . وأيضا لإحساسها بمتعة ومذاق فائق اللذة لسعادة لم تعهدها من قبل .
مرَّ الزمن سريعا . الأب والأم رحلا . والبنت المراهقة أصبحت عمّة .
انقضَّت عليها العنوسة في غفلة من الزمن . رفضت كل عريس كان يتقدّم طالبا يدها بحجج واهية .
هذا طويل وذاك قصير ، وهذا طامع في راتبها وذاك يريدها عكازا لقوامه المرتجف .
هل بعد هذا العمر ما تزال صاحبتنا تنتظر شاطر حسن ? وكيف يكون هذا الشاطر في هذه السن ؟!
لا بد أنه قد تجاوز الستين من العمر . طالما لم يأتِ حتى الآن ، من المؤكد أنه لن يأتِ أبدا .
فالأبحث لي عن شاطرٍ يشاطرني أحلامي المحرمة الغريبة حتى لو كان في الخيال . هكذا همست لنفسها .
هرعت إلى غرفتها فدخلت وأغلقت الباب وراءها . وقفت أمام المرآة وأخذت تنزع ثيابها قطعة قطعة .
حرامٌ والله أن يأكل الدود هذه القدود . أمسكت بنهديها كمن يُمسك جروا تائها عن أمه . أدركتها لحظة صحوة
فانتفضت قائلة لنفسها : ما معنى هذا الفعل الذي لا معنى له . لم تَطُل لحظة الصحو فأطلقت إحدى يديها نحو
شفتيها تداعبهما ، والأخرى تركتها تجول وتجول دون رقيب أو حسيب .
فهبطت عليها ارتعاشة أعقبها صمت واجم مثقل بالتسليم .
جارها الستيني كان يتلصص عليها دائما من خلال شق في ستارة غرفة نومها . بذات الوقت هي أيضا كانت
تتلصص عليه من ذات الشق.
ذات مساء وكان البرد شديدا والثلوج تتراكم تقابلت هي وهو في منتصف المسافة بين البيتين ، فارتمى كل واحد منهما
في حضن الآخر ، دون أن يسألا كيف ومتى ولماذا ..
يراودها هذا الحلم كل ليلة دون انقطاع حتى بات الشك في أنها تلك المرأة يطرد الواقع في أنها جَدّة ولها أحفاد .
ها هي اليوم تقترب من خط النهاية لسباق ماراثون الحياة غير مكترثة إلاّ لأمر واحد فقط .
أن لا تغيب عنها طلّة الحكواتي وروحه المرحة في سرد الحواديت حتى تكمل لحفيدتها سرد قصة الشاطر حسن للمرة العاشرة قبل أن ترحل .
ماتت جدّتها كما تموت جميع الجدات غير مكترثة بتجاعيد بشرتها ولا بابيضاض شعر رأسها أو ذبول عينيها وانحسار نضارتها .
شيء واحدٌ بقيّ على حاله ، لا بل ازداد ألقاً . طلَّتها ، حضورها حواديتها وذكرياتها .
لم تمل وهي طفلة من تكرار سماعها لحكاية الشاطر حسن من فم الجدة وبأدائها المشوّق المرح في رواية القصة .
دخلت طور المراهقة والشاطر حسن رابض في مخيّلتها . لم تجده في أبناء العمومة ولا في أولاد الجيران .
ماذا يحدث عقب لمس سلك كهربائي مكشوف ؟! الصدمة . أن ينقلب طلب اللذة المحرمة إلى قوة غاشمة ،
يتحوّل مع مرور الوقت والتكرار إلى حق شرعي وعادة لجلب الإنبساط ؟!
شقيقها الصغير كان يندس في فراشها بليالي البرد طالبا الدفء . أو في ليالٍ يكون الصراع على أشده بين الأم والأب
فيلجأ لأخته ملاذه في محنته ويذوب في حضنها .
بعفوية وبراءة كانت يده تتجوّل حول تضاريس مجهولة من طرفه ، وكأنه السندباد في عالم غرائبي .
لا أدري إن كان يشعر بلذة أو بانبهار . كل الذي أعرفه أنها لم تنهره خوفا من أن تنبّههُ لأمر لا يصح أن
يعرفه الأطفال . وأيضا لإحساسها بمتعة ومذاق فائق اللذة لسعادة لم تعهدها من قبل .
مرَّ الزمن سريعا . الأب والأم رحلا . والبنت المراهقة أصبحت عمّة .
انقضَّت عليها العنوسة في غفلة من الزمن . رفضت كل عريس كان يتقدّم طالبا يدها بحجج واهية .
هذا طويل وذاك قصير ، وهذا طامع في راتبها وذاك يريدها عكازا لقوامه المرتجف .
هل بعد هذا العمر ما تزال صاحبتنا تنتظر شاطر حسن ? وكيف يكون هذا الشاطر في هذه السن ؟!
لا بد أنه قد تجاوز الستين من العمر . طالما لم يأتِ حتى الآن ، من المؤكد أنه لن يأتِ أبدا .
فالأبحث لي عن شاطرٍ يشاطرني أحلامي المحرمة الغريبة حتى لو كان في الخيال . هكذا همست لنفسها .
هرعت إلى غرفتها فدخلت وأغلقت الباب وراءها . وقفت أمام المرآة وأخذت تنزع ثيابها قطعة قطعة .
حرامٌ والله أن يأكل الدود هذه القدود . أمسكت بنهديها كمن يُمسك جروا تائها عن أمه . أدركتها لحظة صحوة
فانتفضت قائلة لنفسها : ما معنى هذا الفعل الذي لا معنى له . لم تَطُل لحظة الصحو فأطلقت إحدى يديها نحو
شفتيها تداعبهما ، والأخرى تركتها تجول وتجول دون رقيب أو حسيب .
فهبطت عليها ارتعاشة أعقبها صمت واجم مثقل بالتسليم .
جارها الستيني كان يتلصص عليها دائما من خلال شق في ستارة غرفة نومها . بذات الوقت هي أيضا كانت
تتلصص عليه من ذات الشق.
ذات مساء وكان البرد شديدا والثلوج تتراكم تقابلت هي وهو في منتصف المسافة بين البيتين ، فارتمى كل واحد منهما
في حضن الآخر ، دون أن يسألا كيف ومتى ولماذا ..
يراودها هذا الحلم كل ليلة دون انقطاع حتى بات الشك في أنها تلك المرأة يطرد الواقع في أنها جَدّة ولها أحفاد .
ها هي اليوم تقترب من خط النهاية لسباق ماراثون الحياة غير مكترثة إلاّ لأمر واحد فقط .
أن لا تغيب عنها طلّة الحكواتي وروحه المرحة في سرد الحواديت حتى تكمل لحفيدتها سرد قصة الشاطر حسن للمرة العاشرة قبل أن ترحل .
تعليق