بسم الله الرحمن الرحيم.
ذات صباح جميل ، خرجت فراشة جميلة من شرنقتها تتباهى بألوانها بين الزهور، حطت مثيلاتها من زهرة لزهرة ومن بينهن كانت الأجمل..
لكنها لم ترغب في العمل! ولم ترغب في الطيران؛
فنامت عند زهرة النرجس تتمرغ بعطرها وتختبئ من وهج الشمس
"كم أحب النوم" هكذا هتفت
لكن صاحباتها همسن لها...
"الربيع قصير وعمرنا أقصر؛ لا وقت للكسل، هيا نحط من زهرةٍ لزهرة لنؤدي دورنا في الحياة"
لكن الفراشة ميمونة تغطرست وانزعجت
وتباهت: أنا خلقت للجمال ..
لا لأتعب
تركتها الفراشات الجميلة وعندما عُدنْ في المساء صوب أشجار القصر الكبير للنوم حتى الصباح؛
سألتهن الساحرة: أين الفراشة الجميلة ؟
أجبن: إنها هناك نائمة عند زهرة منذ الصباح،
قالت أنها ستمكث فيها ولن تخرج للعمل..
غضبت الساحرة ونظرت لبلورتها ؛ فرأت الفراشة تغط في نوم عميق عميق ؛ فألقت تعويذتها بعصاها السحرية
لتصير الفراشة محنطة بجناحين ممدودين بجمال في زجاجة شفافة لمائة عام
ومن هنا بدأت الحكاية ...
بعد قرن من الزمان هاهي الفراشة تعود للحياة من جديد
بعد أن قضت الكثير من السنوات نائمة في قصر السعادة
لقد استيقظت أخيرًا.. وفي نفسها الرغبة في الحب والحياة والعمل والصداقة
أصبحت تعرف أن الحياة نعمة كبيرة وهبها لها الله الخالق..
لأجل حكمة كبيرة..
منذ اليوم لن تذعن للكسل
وستملأ الحياة بجمالها ودأبها وروحها
"أين أصدقائي؟"
هكذا قالت الفراشة
"كم أنا مشتاقة لهم "
وخرجت فرحة لتحررها من سجنها الجميل
وراحتها التي أوشكت أن تكون أبدية
وما أجمل أن ترفرف بجناحيها بحرية
نحو الأمل الممتد نحو خيوط الشمس
والهواء النقي الذي تطلقه الأشجار
وها هي تسعى في الأرض لترفرف في أجواء السماء؛
لتنشر الحب بين المخلوقات البرية
في الغابة الخضراء
وتخرج نحو الأشجار؛ أين العصفور ! والبلبل والببغاء، وصديقها الأرنب والسنجاب
والغزال، وحتى صديقها الفأر..؟
لتلعب معهم أو بالقرب منهم !
لكنهم أختفوا
وفقط وجدت الفأر
يختبئ في نفقٍ مظلم
سألته: أيها الفأر، أين هم الجميع..؟
,جلسا معا
وبدأ يحكي الحكاية..
ـ منذ زمن ويأتي كل يوم من تلك الجهات رجال أشداء. أشار الفأر للمدينة... من ثم أكمل ..وهو يشد شاربيه ويفرك رأسه .. يأتون قاصدين الغابة ليقطعوا الشجر، حاملين معهم آلات شديدة قوية،
يُسمع لها دوي كبير
تَفزع منه كل طيور الغابة
فترحل بعيدًا
تاركة صغارها وأعشاشها خلفها
لتعود لتحملها في المساء
بخوف ووجل إلى بلاد بعيدة بعيدة.
صفقت الفراشة جناحيها بانزعاج شديد، واستغراب
"لكن الفلاح كان يقطع الشجر منذ زمن بعيد
لكنه لم يكن يقطع كل الأشجار ولم يصد كل الطيور أو يطردها من بيوتها
سألته ميمونة، وهي تستمع بانتباهٍ لقصة الفأر الحزينة
أجاب الفأر: لكنه هذه المرة لم يكن وحده
كان معه التجار
و العمال
وكانوا يقطعونها بدون توقف وبدون زرع شجرة واحدة
"أكمل أكمل أيها الفأر"
قالت ميمونة بحزن
السنجاب لم يجد شجرة ليلعب عليها
والحشرات أفتقدت الشجيرات التي كانت تختبئ فيها
،الأرنب تضور جوعًا وقد أختفى العشب الذي داسه الرجال بأقدامهم
وما تبقى جرفته الرياح التي لم تجد أشجارًا ولا أعشابا تسد عليها الطريق
نظرت ميمونة للغابة التي تغيرت وتكاد أن تكون الصحراء ؛فلم تبق كما هي ورأت شجرة وحيدة لم يقطعها الإنسان
لم يحم حولها الفراش ولم يتخذها النحل عريشًا له.. كانت المسكينة وحيدة وهزيلة
فسألتها ميمونة: هل أنتِ مريضة؟
أغمضت الشجرة عينيها وسقطت منها ورقة شاحبة وهي تجيبها بأسى: ألم تعلمي؟
أصبحت وحيدة بعد إبادة جماعية لنا من قِبل البشر
قالت الفراشة التي ما تزال لم تصدق الخبر:
لكن الانسان كان فيما مضى بشرٌ حنون لم يحمل فأسه فوق كتفه ليقطع شجرة إلا لضرورة حتى إنه لا يقطع الأشجار المريضة أو التي تشيخ
ربما أحتاج الأشجار ليبني بيتًا
أعرف أنه ليس سيئ لهذه الدرجة!
لكن الشجرة أخبرتها:
صار سيئا مؤخرًا، لم يعد صديق الأرض والأشجار والزرع والثمار!
ـ لا لا أصدق هذا..
لا أصدق أن الإنسان صار شريرًا يحب القتل والفناء ويكره الأرض
الإنسان صديق هذا الكوكب المخلص
يضرب بمعوله اليدوي لينبت الحياة
ـ لكنه تغير وصار مؤخرا يعشق العيش في المدينة
ـ المدينة؟!
نعم.. حيث الجامعات والسيارات المزعجة ومصانع تبعث رائحة النفط الكريهة
لتعبق في الجو بدلا عن رائحة الأزهار
ـ كيف هذا؟
هل نسي الإنسان الأرض صديقته التي عليها يعيش والشجر الذي ينشر الهواء ويهبه الثمر والظلال يحتمي بها
لمَّا تسطع الشمس لتنشر الضوء، أو لما تغيم السماء فيسقط المطر
كيف ينسى ولا يفكر في الغد؟
حزنت الفراشة لظلم الإنسان للنبات والأرض والحيوان وتساءلت كيف ينسى ترابه و أرضه؟
ـ انظري ما عادت الأرض تصلح للزراعة
السيول تأتي لتجرفني بعد تعرية الرياح بعض جذوري
أتت الرياح سريعًا على الشجرة
واقتلعت الريح الشجرة الأخيرة في الغابة
وصارت ميمونة وحيدة
العصافير غادرت بعد أن لم تعد تجد مأوى لها
والنباتات الصغيرة والأزهارماتت فشجيرات الغابة لم تحمها
وبعد أن جرفت السيول الشجرة الحزينة
تساءلت ميمونة إلى أين تذهب فلم ترَ فراشة واحدة
بالرغم أنها تنتظر مثيلات لها منذ الصباح لكنهن أختفين جميعًا
لا أثر للحياة لا للفراشات ولا لجماعات النحل
ولا لأسد الغابة ولا فرس النهر
لا تعلم ميمونة إذا كانت توجد غابة أخرى بعيدة
وفكرت ميمونة .. وقررت أن تذهب بإتجاه المدينة حيث الإنسان
وطارت الفراشة إلى هناك ..
نهاية ج (1)..
ذات صباح جميل ، خرجت فراشة جميلة من شرنقتها تتباهى بألوانها بين الزهور، حطت مثيلاتها من زهرة لزهرة ومن بينهن كانت الأجمل..
لكنها لم ترغب في العمل! ولم ترغب في الطيران؛
فنامت عند زهرة النرجس تتمرغ بعطرها وتختبئ من وهج الشمس
"كم أحب النوم" هكذا هتفت
لكن صاحباتها همسن لها...
"الربيع قصير وعمرنا أقصر؛ لا وقت للكسل، هيا نحط من زهرةٍ لزهرة لنؤدي دورنا في الحياة"
لكن الفراشة ميمونة تغطرست وانزعجت
وتباهت: أنا خلقت للجمال ..
لا لأتعب
تركتها الفراشات الجميلة وعندما عُدنْ في المساء صوب أشجار القصر الكبير للنوم حتى الصباح؛
سألتهن الساحرة: أين الفراشة الجميلة ؟
أجبن: إنها هناك نائمة عند زهرة منذ الصباح،
قالت أنها ستمكث فيها ولن تخرج للعمل..
غضبت الساحرة ونظرت لبلورتها ؛ فرأت الفراشة تغط في نوم عميق عميق ؛ فألقت تعويذتها بعصاها السحرية
لتصير الفراشة محنطة بجناحين ممدودين بجمال في زجاجة شفافة لمائة عام
ومن هنا بدأت الحكاية ...
بعد قرن من الزمان هاهي الفراشة تعود للحياة من جديد
بعد أن قضت الكثير من السنوات نائمة في قصر السعادة
لقد استيقظت أخيرًا.. وفي نفسها الرغبة في الحب والحياة والعمل والصداقة
أصبحت تعرف أن الحياة نعمة كبيرة وهبها لها الله الخالق..
لأجل حكمة كبيرة..
منذ اليوم لن تذعن للكسل
وستملأ الحياة بجمالها ودأبها وروحها
"أين أصدقائي؟"
هكذا قالت الفراشة
"كم أنا مشتاقة لهم "
وخرجت فرحة لتحررها من سجنها الجميل
وراحتها التي أوشكت أن تكون أبدية
وما أجمل أن ترفرف بجناحيها بحرية
نحو الأمل الممتد نحو خيوط الشمس
والهواء النقي الذي تطلقه الأشجار
وها هي تسعى في الأرض لترفرف في أجواء السماء؛
لتنشر الحب بين المخلوقات البرية
في الغابة الخضراء
وتخرج نحو الأشجار؛ أين العصفور ! والبلبل والببغاء، وصديقها الأرنب والسنجاب
والغزال، وحتى صديقها الفأر..؟
لتلعب معهم أو بالقرب منهم !
لكنهم أختفوا
وفقط وجدت الفأر
يختبئ في نفقٍ مظلم
سألته: أيها الفأر، أين هم الجميع..؟
,جلسا معا
وبدأ يحكي الحكاية..
ـ منذ زمن ويأتي كل يوم من تلك الجهات رجال أشداء. أشار الفأر للمدينة... من ثم أكمل ..وهو يشد شاربيه ويفرك رأسه .. يأتون قاصدين الغابة ليقطعوا الشجر، حاملين معهم آلات شديدة قوية،
يُسمع لها دوي كبير
تَفزع منه كل طيور الغابة
فترحل بعيدًا
تاركة صغارها وأعشاشها خلفها
لتعود لتحملها في المساء
بخوف ووجل إلى بلاد بعيدة بعيدة.
صفقت الفراشة جناحيها بانزعاج شديد، واستغراب
"لكن الفلاح كان يقطع الشجر منذ زمن بعيد
لكنه لم يكن يقطع كل الأشجار ولم يصد كل الطيور أو يطردها من بيوتها
سألته ميمونة، وهي تستمع بانتباهٍ لقصة الفأر الحزينة
أجاب الفأر: لكنه هذه المرة لم يكن وحده
كان معه التجار
و العمال
وكانوا يقطعونها بدون توقف وبدون زرع شجرة واحدة
"أكمل أكمل أيها الفأر"
قالت ميمونة بحزن
السنجاب لم يجد شجرة ليلعب عليها
والحشرات أفتقدت الشجيرات التي كانت تختبئ فيها
،الأرنب تضور جوعًا وقد أختفى العشب الذي داسه الرجال بأقدامهم
وما تبقى جرفته الرياح التي لم تجد أشجارًا ولا أعشابا تسد عليها الطريق
نظرت ميمونة للغابة التي تغيرت وتكاد أن تكون الصحراء ؛فلم تبق كما هي ورأت شجرة وحيدة لم يقطعها الإنسان
لم يحم حولها الفراش ولم يتخذها النحل عريشًا له.. كانت المسكينة وحيدة وهزيلة
فسألتها ميمونة: هل أنتِ مريضة؟
أغمضت الشجرة عينيها وسقطت منها ورقة شاحبة وهي تجيبها بأسى: ألم تعلمي؟
أصبحت وحيدة بعد إبادة جماعية لنا من قِبل البشر
قالت الفراشة التي ما تزال لم تصدق الخبر:
لكن الانسان كان فيما مضى بشرٌ حنون لم يحمل فأسه فوق كتفه ليقطع شجرة إلا لضرورة حتى إنه لا يقطع الأشجار المريضة أو التي تشيخ
ربما أحتاج الأشجار ليبني بيتًا
أعرف أنه ليس سيئ لهذه الدرجة!
لكن الشجرة أخبرتها:
صار سيئا مؤخرًا، لم يعد صديق الأرض والأشجار والزرع والثمار!
ـ لا لا أصدق هذا..
لا أصدق أن الإنسان صار شريرًا يحب القتل والفناء ويكره الأرض
الإنسان صديق هذا الكوكب المخلص
يضرب بمعوله اليدوي لينبت الحياة
ـ لكنه تغير وصار مؤخرا يعشق العيش في المدينة
ـ المدينة؟!
نعم.. حيث الجامعات والسيارات المزعجة ومصانع تبعث رائحة النفط الكريهة
لتعبق في الجو بدلا عن رائحة الأزهار
ـ كيف هذا؟
هل نسي الإنسان الأرض صديقته التي عليها يعيش والشجر الذي ينشر الهواء ويهبه الثمر والظلال يحتمي بها
لمَّا تسطع الشمس لتنشر الضوء، أو لما تغيم السماء فيسقط المطر
كيف ينسى ولا يفكر في الغد؟
حزنت الفراشة لظلم الإنسان للنبات والأرض والحيوان وتساءلت كيف ينسى ترابه و أرضه؟
ـ انظري ما عادت الأرض تصلح للزراعة
السيول تأتي لتجرفني بعد تعرية الرياح بعض جذوري
أتت الرياح سريعًا على الشجرة
واقتلعت الريح الشجرة الأخيرة في الغابة
وصارت ميمونة وحيدة
العصافير غادرت بعد أن لم تعد تجد مأوى لها
والنباتات الصغيرة والأزهارماتت فشجيرات الغابة لم تحمها
وبعد أن جرفت السيول الشجرة الحزينة
تساءلت ميمونة إلى أين تذهب فلم ترَ فراشة واحدة
بالرغم أنها تنتظر مثيلات لها منذ الصباح لكنهن أختفين جميعًا
لا أثر للحياة لا للفراشات ولا لجماعات النحل
ولا لأسد الغابة ولا فرس النهر
لا تعلم ميمونة إذا كانت توجد غابة أخرى بعيدة
وفكرت ميمونة .. وقررت أن تذهب بإتجاه المدينة حيث الإنسان
وطارت الفراشة إلى هناك ..
نهاية ج (1)..
تعليق