الموت فوق ارصفة الانتظار 1/مبارك المهدى احمد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مبارك المهدى احمد
    أديب وكاتب
    • 13-01-2011
    • 16

    الموت فوق ارصفة الانتظار 1/مبارك المهدى احمد

    الصمت يعم المكان.. والاضواء الخافته ترقص شعلاتها البدائيه عبر النوافذ.. تطل بوجه التعاسه والخنوع الى مهب الرياح وقدسيه السمع والطاعه... لتموت الاضواء باشارة من راس الانواء.... وتعود بتعنت وصعوبة من برد الشتاء.. وتتارجح النيران مابين الجسد.... والخارج كلاهما يعنى الغيظ والحنق من غير ترجمت لمعانى المقاومه والصمت مازال يطبق بيديه على رقعة السكون ويربت بيده المشرشره فوق راسه ليتشقق الراس..... وتبكى تحت حوض التماسيح بدموع التماسيح حيتان النيل التى سافرت مع النهر تسعى لرزقها وترتفع اعلى لتستنشق عبير الحريه وتعود الى بقعتها وحيزها..... مختبئة خلف صخرة خوفا من تمساح يفترسها ويعود بها لحوضه تحت ذلك ..

    الجسرالذى صمم خصيصا للسياحه والترويح والتامل فى الملكوت, وممارسه الاعمال الروحيه والتدريبات الصينيه الخارقه, فالحوض الكبير هربت منه الحياه, وحلت مكانها الطحالب الخضراء الغنيه بالكلورفيل ,وبعض النباتات المتسلقه الطفيليه تشابت الى اعلى الجسر, وتمددت لترقد على صدره المتعرج بفعل الزمن وعلى جانبى النهر تكاسلت بعض النباتات امصفره وتثائبت ثم انهارت لتغفو الى الابد اشجار قديم من الدوم والنخيل شهدت حقب عجاف واخرى رائعه تفتح اثوابها للرياح لتلطمها على نحرها او جيدها الذهبى فتهيج شجونها الى الماضى واحيانا لاتندم علي ذهابه حسب الذكريات , قطعه صغيره من بيوت تراصت بجوار بعضها البعض تشكلت على هيئات مختلفه الانتظام فيها يكاد يكون معدوم عشوائية التخطيط وبساطة البنيه التى غالبا ما كانت من الطين اللبن وبعض الحديد الخرده اطلقوا عليها اسم قرية, شهرتها حوض التماسيح الذى يعدو معلما بارز لكل من يمر امام هذه القريه التى عرفت باسم( قرية التماسيح) ,ضحكات الاسماك وبحثها عن غذاء وقوت يقيها البرد والتيارات البحريه المهلكه بسبب الجوع وتغير الطقس داخل النيل يرمى بها الى قبضة الصياد العجوز ذو الاسنان الصفراء المسوده من فعل التبغ البلدى العتيق, لمجابهة الهموم والقهر والمشاكل الحياتيه, جبينه الناصع توسطته علامه الصلاة والتقوى من سجود وتعفر فى دجى الليل الحالك,......ذكر وقيام بين يدى الله تبدو بيضاء تشع منها الالياف الضوئيه الباهره...... التى تاخذ العين بسحر الايمان العجيب..... تقوس ظهره, وانحى ومازال ينبع من داخل قلبه الشباب المتجدد والطاقه الكامنه تزداد وهو المتزوج حديثا من الفاتنه الشابه نعمات التى لم يستطع ان يعفها رغم رغبته فيها ولهفته لحضن يقيه دفئ الشتاء فابتعدت عنه بابغض الحلال فلم تهزه زلة الرجوله عن عمله الشاق ,وكانه الة كلما كبرت احتاجت للاهتمام..... والفحص لتعود اقوى, وقد اكتسبت خبره.... وعلما بمكامن الامور, واسرار العمل,...... صوت الصراصير بدا يشق طريقه فى الفضاء الرحب, ليصتدم بهامات النخيل المرتميه على جانبى النيل ويرتشف الصوت الشفيف, ليتحول الى صدى مدوى يتردد بعد الصمت بتكرار موسيقى ,............... انتهى زمن السكون والعجوز يتامل ويدرك ان الليل يتبعه الصبح وان وقفت عجلة الزمان من شمس المشرق تنام عند المشرق اذ تنبثق من المغرب, ولا اثر للحياه عندها الا الوداع وكل بماعمل يفنى الى صحفه, وكل من يبكى بدنياه يفرح بين صفوة حسان الجنان يوم المعاد ان اتى يومه ,انحنى العجوز على الارض حتى كاد العصعص يخرج من بين فقراته وهو يقبض بيده حفنه من التراب الطاهر, وينثره بيده مع صوت الرياح المنساب بهمسة عشق فى اذنيه .......المستعينه بسماعه طبيه احضرت له من الاردنبعد ان فعل بهما العمر فعلته.... كان يتامل هذه الحبيبات الدقيقه وهى ترقص, مع حركة يده المتباينه والصوت من داخله يصرخ وهو يناديها............... كم من شريف وهبك روحه رخيصة دون ثمن تدفعيه وكم من مهاجر بعيد عنك اسرتى قلبه وعقله ولسان حاله يهتف لن انساك ياتراب وكم من دماء روتك وانتت فى اديمك وازهرت عنفوان للشباب وانفه, بيضاء الاكف عالية الهامه, وهبتك زهراتها بكل اريحيه واطمئنان, وكم من ذليل قوم كان عزيز بك, ايتها الام الطاهرة البكر, ايتها العملاقه الصبورة الباسله, ودمعات الشعر فى الحنين لاتتوقف وصرخات العشاق اليك تزداد كلما كبرتى تزيدى حسن وجمال. شنفتى اذاننا بطعم الشهد, من احرفك الذهبيه ,وكتبتى اننا ابناء الاحرار وثمرة الثوره ,وكرهتى الينا الضيم والقهر والخضوع للظلم واحببنا فى خضم الثورات ومعمعة الايام ورحى الاحزان ان نعطيك روحا تسمى الرخيصة , والغاليه لسواك السمو المجدى فى كنفك متعة لاتعنى الكبر بل تحقق معنى الانا, واشباع نشوة الانتماء, وشهوة الاهتمام المتولده فى خضم الاتهامات بالخذى والعماله للعدو وبئس الاتهام الا على الاوغاد.................. كان العجوز يناجى نفسه بهذه السيمفونيه الوطنيه التى رسمت به هاله العشق المجنون وهو مازال ينظر الى الحوض من اعلى الجسر ويتامل الفضاء الواسع بينما النجوم كقرينات تحلقن حول صديقتهن الباهره الحسن فى ليله زفافها, قمر يضئ الكون ويهب الرؤيه والسلام والحسن ,يزداد وينو مع الايام, استدار وجهه الوضاء ليكتمل فى ليلته الرابعه عشر ويتحول لمعلم من معالم العجائب التى لا تخفى على احد............ بل يمجدها الناس ويستقو الالهام والاحساس بمعنى الجمال وربما يحسدوه الجميلات اللائي احسسن باخذه السحر والدهشه من على محيا البشر دونهن والتوجه فى الليل البهيم والصافى الى رحابه والمناجاه والتغزل فيه ونظم القصيد والبيان والشعر المنمق والحنين , فللقمرمكان خاص لا يضاهيه شئ اخر مع انعكاس شعاعه الهادى على صفحه الحوض وارسال سهامه الفاتنه الى شريط النيل.................. الكل يتمتم بشفاه مذهله من هذا الاعجاز الالهى فكم من مرات راى العجوز هذا القمر ولكن ليس فى حضن الوطن وتامل النجوم من دون الاحساس بمعنى جمالها فى ارض غير التى حملته من صغره واعطته اسمها ....................لم يكن الرونق هو الرونق ولا الحسن ذات الحسن ابدا!. بدات الشمس تضئ الكون وتحل مكان القمر, الذى تثاب وهو يغمض جفنيه, بعد ان اصابه السهاد وارتدى قميصه المخملى الداكن الممتزج بلون الشفق, ينام بين احضان التلال والجبال العاليه الهامه ويسلم زمام الامور الى رفيقته شمس الحياه............... المعالم بدات فى البيان والوضوح والعجوز يملا ماجاد به حظه من اسماك فى متاعه وينظر الى السماء شاكرا......ولسانه حامد ولاهج بالشكر والتواضع للخالق البارى بما رزقه....... النشاط يدب فى اوصال الوجود والخلائق لتعود لها الحياه وهم ينسلوا من منازلهم الى باب الكريم, والبحث عن لقمة العيش الحلال وكل يمنى النفس بالخيرالوفير, ففى القريه الحالمه بين جانبى النيل اكتست الحياة فى معصميها نخيلا تجلى بشموخ كرهبان فى كنيسة تمجد الاله... وترتفع اياديهم ملوحة بالدعاء.... مشكلةً كل معانى التكافل والتراحم والتودد بين الناس ....الكل يحترم الاخر ولا يعطيه سوى التقدير والثناء, النساء متحجبات, ومنقبات خوفا وايمانا ....واخريات عادة وتقليدا, سرى عليهم..... والاطفال يلعبون والبعض منهم يجرجرون اثواب الطفوله الى الحوض الكبير المهجور الذى بداء للرائ كبحيرة البجع وسيمفونيتها الموسيقيه الحزينه ........ كانت هنا حياه والشباب مشغولون بتجهيز لقمه العيش من اعمال يدويه فى عدة مجالات اشهرها صناعة المنازل وتشيدها والزراعه التى اضحت وراثة اب عن جد ..... البدائيه اللذيذه موجوده, حياة المثاليه التى استقى منها الاحترام مكانته العاليه والحب العذرى حلاوته, ترتسم على محيى الفتيات اللائى اصبحن كالزهرات اليانعات.......... وشنف عبريهن العابرين, واسكر الشباب الذين غلبهم الحياء فلم يبين الحب بوضوح بل سيطرت لغة العيون من تحت النقاب والحجاب وترجمت رعشاتهم المضطربه, مايجيش بهم وبهذا الكبت والحلاوه فى معاناة العشق والحب كقيس بن الملوح وجميل بن معمر وكل فحول الشعر والغرام العذرى,............ الانسانيه... والعفاف ميزتهم ولسان حالهم يردد مع ابن زبيده عندما اعتراف شداد به ابنا...... اخلاقه العاليه وشجاعته وعفته هى السلاح والقدوه لاهالى القريه وشبابها من قول عنتره الباسل لكل اهزوجة بالعشق تضحك ربابتها على درب الامل وحنو الحياه وتغريدها الباكى احيانا من وخز التقاليد ووشاح العفه والطهاره

    واغض طرفى اذما بدت لى جارتى حتى يوارى جارتى ماؤاها

    سار العجوز فى طرقات القريه الملتويه وكل انسان فيها مشغول بحاله ورزقه صباحا والاخرين مساء........كان ينظر الى الطرقات الملتويه من الالم والمعاناه بفعل الظروف والحروب الطاحنه التى شهدتها فى حقب مضت من تاريخ الامه ضد المستعمر وضد الظلم والضيم .......كم من ازقتها الضيقه رحبت بمقدم الفرسان فى ليل بهيم ملثم بلجام الحريه والديمقراطيه, الرمال الصفراء التى تغطى سجاد الاديم تتموج مع وقع القنابل وثوره المدافع وطحن السيوف ورمى القنال والدروع البشريه الموجوده فى داخل الايمان, حلاوة للشهاده وقوة للبصيره وصرخة الحق... اذ بلغت الروح الحلقوم انسلت كانسياب الماء ولا تحتاج الى تجريف المسام بل تسيربهدوء..... وانشراح لتعانق كبد السماء, شفيعة لسبعين من اهلها ممن طاب ذكرهم وخافو الحق واوجدوه ............... كان يسرح بخياله الواسع المتعملق فى دهاليز الحياه, والافكارالحائره تدور فى فلك الادراك والابهام الحقيقه تبحث عن من يكتشف فيها اشياء عن معانى الصبر والتخطيط السليم للغة المقاومه ومسح الضيم من الوجود............ الاهات تخرج ولا تعود الا اضعاف اهات ولا شئ يتغير .

    الصوت من بعيد يتعالى مع دقات قلبه المنهك من خفقاته, عند ما كان يعشق كل مايسمى حسنا ويستقى منه شعرا.... ونثرا... كالاباطره فى غزل الجوارى ,لغة بشار والاعشى تحوم حول افكاره, لتغزو القلب المسكين الذى استقبل الصوت العالى والخفق يكبر ويكبر ويتصاعد من حوله الهم

    (يا اهل القريه...... لقد قتلت زينب ماتت زينب بنت محمدين.... الدفن بعد صلاة الظهر)

    لم يصدق العجوز محمدين مايسمع فقد كانت زينب ابنته الوحيده من الاناث مع ابنه محمود.... لم يرزق غيرهما من زوجته الوفيه فاطمه التى توفيت منذ صغرهما اثناء ولادتها لمحمود اخذ الحاج محمدين يهذئ وهو يهرول (لا لا ابنتى......... زينب لايمكن ان تموتى ..قولوا كلام غير مااسمع )

    المفاجاه كانت كبيره له الجمته الدهشه وخنقته عبراتها .... كيف يمكنها ان تموت؟ وهى التى قطعت عهدا عليه ان لاتحزنه البته..... وان تحافظ على علاقتها معه صداقة وود الابوه بينهما جسرا طويل من الاحترام والاحساس بالاخر والحنان الفطرى,..... ولكن زينب الان فى عالم اخر لم تكن معه, وهى ابنة الحادى والعشرون عام......... الزهره المتفتحه فى ليالى الربيع الباسم الجمال, الذى وضع فيها يفوق الموناليزا حسنا وزينوس ارهاصا وتعبيرا .....وكل اشعار العرب بلاغة وحسن.... تاملُهم فى رسم عينيها مها برى كحل الزمان منهما عيون كل الحسان واعطاهم بريق ورهبه, فتنة تسال مع الاصيل عنهما النجوم بلهفة وشوق ......وهبها الطيب مسك وعنبر شنف الانوف من ريحه الطيب وتمددت على القد الطرى..... الغض والبض مما شكل لها ليل يسير مرافقا لها ليضحى الليل فى حضرتها ليلان ....شِعرا وشَعرا اجزل له ... الادباء العطاء وتغنى به المتيمون...... واذكاء فتنتها الامراء ببريق التبر..... ولمعة الياقوت... وشجرة الاخلاق اثمرت فيها وقار وادب تميز بايناع جسدها المطموع فيه من كل الاثرياء فى هذه القريه الفقيره,.... فالمال بعد ذهاب المال مكتسب والاخلاق تاج حملته فوق هامتها.... وحافظت عليها برغم كل المغريات والعطاء المبذول من جانب الطفيليون الذين ما يئسوا يحاولون ان يفوزو ا بقلبها ولو مره.... فلم يجدوا غير الصد والشتم والتهذيب من جانبها, وهى تذداد كلما مر الزمان بالقرب من والدها العجوز برا , وركلا لكل متاع الدنيا والتضحيه من اجل اخيها الصغير محمود..... فقد كانت بمثابة الام والاخت بالنسبه له وهو الصغير الذى برز فى تحصيله الاكاديمى برغم الفقر المدقع المحيط بمنزلهم الصغير المتهالك البائس....... فقوامه من الطين اللبن الذى طالما تعب تحت وخزات الامطار, وقهقهات الريح ,وترنح مرات ومرات ولكنه كان يصمد مما جعل اهالى القريه يتعجبون من كيفية صموده كل هذا الزمانويطلقون عليه كنيةالباسل......... وهم يتعجبون لصموده برغم انهيار اغلب المنازل الاسمنتيه وكان يضحك الحاج محمدين وهو يردد (الاسمنت موجود هنا ) وهو يشير الى قلبه ,ويعنى الايمان بالله ,ويفاخر بانه محمى من عند الله لتقواه المعروفه, وورعه الذى يجبرك على احترامه وقلبه النظيف............. فهو لايحمل احقاد وضغائن على احد , والناس جميعا له حب وقلبه متسع من الرحبه والصداقه التى لم تقم يوما على المصالح... بل يزينها الوفاء والاخلاص...... زينب الابنه الجميله كانت تدرك ان والدها يكد ويتعب من اجلهما هى واخاها, برغم ضنك العيش وضيق ذات اليد, وهو يركب المستحيل من اجلهما ويسافر صديقا للنيل من بداية الاصيل حتى ابتسام الصباح..... فى رحلة الرزق الحلال واحيانا يملا متاعه بخير النهر, وتارة بخفى حنين ,لذلك ارادت ان تساعده فى مشوار الحياه فانتسبت الى مدرسة القريه معلمة متعاونه معهم ...... وهى التى تركت مقاعد الدراسه منذ الثانويه بسبب المال واحتياجات الدراسه المنهكه فاثرت ان لا تتعلم برغم توسلات والدها ان تسحب هذه الفكره نظر لتميزها واحرازها المركز الاول على الدوام...... مما جعل المعلمون والمجلس التعليمى يتنباء لها بمستقبل باهر فى المجالات العلميه لدرجة انهم كانوا يطلقون عليها اسم( مدام كورى) لنبوغها فى مادة الكيمياء, وحل تعقيداتها التى تشبه الحياة بكل تفاعلاتها المختلفه من اختزال واكسده وكانت تضحك اذا حلت معادله وقف امامها جهابزة العلوم حائرين (الكمياء هى الحياه والحياه هى كيمياء تفاعلاتهاالافراح والاحزان).......حكمتها جعلت منها المثاليه بين كل بنات جلدتها, الثائره المتمرده التى ترفض الذل والهوان, ولاترضى الا بالعلياء مكانا , والعلاء مسرحا لخيالها الخصب وايمانها العميق بمبداء كن لاهلك تكن محمودا..... الاطماع لم تتوقف والنظرت تُسرق اليها يستجدونها لتضحك وتبتسم لدخول البهجه والمسره .......... وهى تعانى ويلات المعيشه ولاتجد مايسد رمق الريق ويسكت صيحات الجوف وناره تشتعل داخل قلبها المكلوم, على حالا اضحى فيه الكل ذئاب يلتهمون العصافير و ما جنح اليهم اذاقوه الويل تحت انات ثغره المتالم......... الاطماع زادت منذ ان تقدم لخطبتها سعيد الكشك الرجل المليادير صاحب النفوذ ,والسلطه الاهليه فى القريه ,المالك لاغلب المشاريع الانمائيه ورب عمل الفلاحين, واصحاب البناء فهو رجل صاحب مزاج متقلب, عابد الشهوه يفعل فى سبيل ارضاء نفسه اى شئ يريد............. يصرف ببذخ شديد ,ويتفاخر بكل من يقعن فى شباكه وهو يدخن النرجله الممزوجه بحبيبات البانجو يوميا مع حاشيته........... التى لاتقل شان عنه بل يخططون افكاره ويصيغون الهندسه الاجراميه لشبكة الايام القادمه, ليصطادوا بها الغانيات والحسناوات ويرتعون ويمرحون بين الجوارى وهم يضحكون وينهشون لحمهن ويفرشون الاموال سجاد تحت اقدامهن لايبالون بالغد......... فلكل ميقات شان فسادهم القاتل, وريحته المنتشره فى كل ارجاء القريه جعلت الحاج محمدين يطرده من منزله عندما حاول ابتزازه بالمال والسلطان فكان نصيبه الضرب والتهديد بالويل والثبور وعظائم الامور ان لم يزف اليه ابنته فى ظرف ثلاثه ايام.....وان تكون مرصعة بالحناء ومحمولة على هودج العرس الى منزله الكبير لتعيش مع زوجته ريا....... المراه المحترمه التى لاتجمعاها معه شئ الا انها زوجته ولاتشبه فى شئ فهى مثال للاحساس والشعور بالاخر والحنان الدافق والامانه, انجبت له ابنته دريه صاحبت السته عشر ربيعا دريه كالدرالناصع حلاوة المنظر وطلاوة اللسان وفصاحة العربان وتاج رصع اخلاقا وجمال كم من مره هى وامها انتقدا هذا الرجل واسمعاه من القول اصعبه ولكنه تعنت وازبد وارغى واوسعهما ضربا وشتما, لم يرحم توسلاتهما....... وهو يطلب الزواج من زينب صديقتها وحبيبة صباها فهما زهرتين تشابها فى الخواص اختلافا فى المنبت جمع بينهما عطر الشرف والاخلاق, وباعدت بينهما المسافه والخريطه ولكنهما التقيا فى دار العلم فاحبها محمود فى قراره نفسه وداخل مهجته, اكتنز سر حبه لدريه ولم يبح به لاحد حتى نفسه ولكن تصرفاته خانته ففضحت حبه عدة مرات وجعلته مرى للعيان............ فكان رد دريه كلما اضطرب الابتسام الخجول وكانها تشجعه على الاقدام والانجذاب اليها والبوح باعذب الكلام ,ولكن هيهات لم يتجرأ ويبوح بهذا الحب فاكتشفته زينب من مدوناته وخواطره التى كان يخطها ويكتبها الى المجهول الغائب الى دريه.... فواجهته مشجعه ومسهله له الامور, سارت به الحياه عاشقا ضمن كوكبة العشاق وشاعرا يردد الشعر ويقرضه باعذب الكلمات واخته تزيده تشجيع وحكمة عندما كان يسال الى اين ساصل مع حبها, فهو يشعركانه يحرث فى البحر ولا يجد غير الماء مايقلبه محراثه فمن الماء الى الماء فتبتسم وهى تقول ( اجعل لحياتك هدفا وحاول بقدر المستطاع ان لا تستسلم حتى تنال ما تصبو اليه فالمستحيل لغة الجبناء)........... فتسرى كلماتها فيه مسرى الدم وتجعله يمتلئ حماسا واصرار ويتمسك بحبها فقد تسامى الى مسامع الناس ما يقوله مجمود من شعر الغزل الرمزى المكتوب بلغة جميله جزله واصبحوا يتكلمون فى مجالسهم عن حب ابن الصياد الى بنت الذوات والاموالوالسخريه ترتسم على جلساتهم ويطلقون الترهات والتفاهات يمينا ويسارا ويؤلفون ويزيدون فى رواياتهم لدرجة الفجر والفسوق والنار تسرى فى الاطراف لتصل الى القلب فقد بلغت الوشايه الى والدها سعيد الكشك فما ان فاه اولهم اليه بما يقال حتى امر بفصله من العمل وتشريد اسرته الى منطقه الغابه النائيه وان عاد الى القريه ليجد فى وجهه اغلظ العقاب فكلاب الكشك لا تعرف الرحمه فهى مستعده دوما لتنهش لحم فريستها وبقسوه بعد ان روضها الكشك وجعل الاموال تجرى فى جيوبهم الفقيره مقابل الاخلاص والبيعه والولاء الاخبار تسرى كما الثير فى فضاءت مفتوحه وذبذباته تستقر فى رادار الحمقى ليضفوا عليها ريحة العار والتحريض للاخذ بالثار .

    توجه سعيد الى منزل الحاج محمدين والدم يغلى فى عروقه والحقد والغل يطلان من نافذة عينيه الجهنميه .... عروقه تكاد تقفز من اخدود راسه المشوه وهو يتوعد من حول حاشيته بالويل والجحيم للعائله الصغيره.... لم تنفع توسلات ابنته( دريه) ودموعها المنسكبه بان مايسمعه وشايات وافتراء فقد اعمى الغضب عينيه وغابت الحكمه الغائبة اصلا من راسه الضخم وقال وهو يصفعها ( ايتها الفاجره كيف ترمى باسمى فى التراب ومع ابن الصياد سيكون لى معك حساب عسير ومن اليوم لن تخرجى من المنزل لاى سبب من الاسباب ولاتوجد مدرسه فقد علمتك لتكونى سندى وانت تتعلمى الحب والغزل ) كانت تبكى والدمع يسيل انهار جرفت فى ساعات الاخضر واليابس وهى تنظر الى القبو المظلم التى ُرميت فيه جيفة نته وفاحت رائحة المكان من حولها شرا وغدر وظلم ترى المستقبل لا يبشر بشئ وهى تدعو الله ان لا يتهور والدها ويأتى فعل مشين واحمق فتخسر اشيائها كلها الاسم من الاب والعطف والشهامة من الاصدقاء والاحباب فالصدق انعدم فى زمان المال والسلطة والجاه كلهم يسعون خلف والدها لنفوذه وحفنة الجنيهات التى يطعمهم بها ويسد بها انات وصرخات الواقع .....كانت تفكر وتدعو الله بسرها ان تكون العواقب سليمه ويحفظ السلم بينهم وبين ال محمدين فقد بدات لحظة الحسم لتضع مصير الحياة على المحك ويكون قرارها اصعب قرار يمكن ان تتخذه ابنة فى سبيل ارضاء كل الاطراف فلو قالت نعم انها تحب محمود ومتمسكه به.... لخسرت اباها ولو قالت لا لخسرت القلب النابض حبا وخيرا وظلمت دموع تحملت كل اصناف العذاب والشتم والاهانه كانت تفكر والعقل الصغير لايستطيع تحمل الاضغاث التى تناوشع....وصيحات الناس تعلو وتعلو وتعلو من الصباح الباكر...... فالشمس خرجت مكبله بين غيمات سود وببطء اطلت براسها ثم غابت بين سحابة اشد سواد واحلك من القبو التى تقبع فيه والصياح يتصاعد ( لقدقتلت..... زينب بنت محمدين.. ماتت زينب..... ماتت زينب..الدفن بعد صلاة الظهر)انقبض قلبها بين ضلوعها وتشابكت وهى تحصر قفصها الصدرى فى حيز شبر اختنق من هول الصدمه فهذا ما كانت تتوقعه وتكاد تقسم بانه ليس حقيقه ...فهى تحاول مخادعة نفسها بانها فى طور شرنقة الاضغاث... فاطلقت لدموعها العنان وانتحب الدمع اطياف لونيه توشحها الاحمر والاسود وغاب نظرها فى الفضاء المظلم البعيد وكانت ترى حولها هالة من اطياف شبحيه تتحرك حولها وصوتها الداخلى يقول انها بداية النهايه لمستقبل لن يكون مفروشا بالورود بل سيكون الورد يابسا يشكو قلة العطر وانعدام الفراش من حوله فقد ضاع كل شئ .....بكت كما لو انها طفلا رضيعا لم تدندنه امه يوما ولم يرضع لاسبوع الدمع سال بغزارة عله يغسل ما هى فيه والصوت يقول لها (انه هو هو من فعله ..لماذ دمرت حياتى ياابى ..اى اب انت اى رحمة اتيت بها والشر حليفك )ليقول من يخاطب نفسها نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا
  • عاشقة الادب
    أديب وكاتب
    • 16-11-2013
    • 240

    #2
    جميل ما قرأت من سرد ممتع مع ان موت
    زينب كان قسوة من كاتب وانها تدفع ثمن ذنب لم تقترفه
    ابدعت لغة وسرردا
    ودي

    تعليق

    يعمل...
    X