زقاق الأحـــــــلام ..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فرناندز حكيم
    أديب وكاتب
    • 07-03-2014
    • 209

    زقاق الأحـــــــلام ..



    زقاق الأحـــــــلام ..


    بلقمي : فـرناندز حكيمـ


    كعقارب ساعة عجوز مشنوقة بين سطح خزانة و سقف بيت يحتضر. تتمتم بتكتكة شقوق خرساء .أن الأيام تمر ببطء شديد تسابق الذكرى واحدة تلو الأُخَر ..
    كصف جندٍ بساحة عرض ، و الناظر المتصنت بملل مرغما بين الانتظار و سقوط قطرة في دلو مثقوب ..لا جمعَ الشتاء .. و لا انتظر الصيف ..
    يحملق في الجدار .. يتنفس جرعة دخان .. فزفير يطرد ظل الأشباح .. و سعال شديد يهز أركان البيت ...
    علّ الصور المتفككة من أحداث ٍ مبروزة ستفقد ذكرى أطرها الذهبية ولمعانها الصارخ الصاخب بتناقض ٍ يلفُّ الحابل بالنابل ، فيتلف المعاني بين أفراح و مواجع ...

    و كعادته يفز من المكان كالريح .. يطفئ سيجارته .. قرعُ الباب يتوارى و يذوب بين نعال ٍ تتفاوت آثارها في فوضى الأضواء المتضاربة مع عناد ليل بارد ، يصفعُ بنسيمه القارس دفء قلوب تتنهد ندى قطرات تلاشت في رحلة لسكينة سراب ٍ يرسمُ اللامبالاة من ديكورات رمادية ترفع المباني المغموسة في وحل شارع الحرية لشموخ تاريخ ٍ طُعِن مئات المرات و لا زالت أثار جراح الحرب مبتورة الملامح من أوجه تماثيل تعلوا آفاق الراجلين ..
    حينها كتب على جريدة حكومية بالية الحبر مرمية فوق طاولة إحدى صالونات الحلاقة و هو ينتظر دوره لتجميل ملامحه قبل التقدم لقضاء حاجاته من الوثائق الرسمية :
    " لا زلتُ أتساءل بغباء المثقف المتفلسف من عراك أمعاءٍ و نزوات مرحلية من سن الشباب ، و غرائزٍ جنونية ، و حنين يلعب بالفكر لسدّ جوع نفس ٍ تائهة بين حقي الحقيقي من المعقول و حقوق هذا الأخير من نظيره النقيض ...
    ترى ..أي حرية ٍ ستُملي المنطق تحررا ، و حربُ الفكر تلون الواقع خرابا !!
    أبدا .. لا أكره الفلاسفة لأنهم نساء و رجال .. بل سرعان ما يغمدون سيوف الحق في كيسٍ من الدولارات .. "
    كانت هذه نظرته لصخب جهل ٍ من ثراء عقول تطل من شرفات قصورٍ برجوازية عمياء البصيرة ، تتلمس أرصفة واقعنا بعصيّ نقاء بيضاء الصبغة .. تلهث لبصيرة أجيال ٍ تهد باندفاع المتعطشين لحياة بجمالها البريء ...

    " ألا يستلزم على أغنياء الفكر أن يُعَبِّدوا درب الحرية بـ ( زِفت ) عفوا بمنطق صحيح . و أن نراضي القلب هناء ، بالسعي لترطيب الروح من شوائب النفاق لراحة النفس كي يضفر التناقض بسعادة متبادلة !! " .
    أبدا .. لم يكن كمن امتهن التفلسف لتشويه لب الحقيقة المكنوزة بين صمتٍ و صمت ...
    بل إيمانا .. أن الإنسانية تبدأ من عمق الإنسان . و الحرية ..هي تحرير القيم من معتقدات شكلية ...
    ذاك الواقف كالمنجنيق ليس إلا فتى كغيره من أمة محمد . حُرم من أتفه الأشياء و لم يختر الرحيل ، بل تغرَّب غصبا ليخوض معركة ظرفية دامت نصف عمر لإرضاء نزوات الغير بشكلية تلف ملامح عمياء لحياة موازية .. لكنه أقوى من أن يكون عبدا لغير الله ...
    - في رسالة لم ترسل كتب يقول : " .... لكن التجارب القاسية كجمع جبال ٍ صخرية تشق الصدر سيول من دمع ، ولا بد أن يكون لها "هناك " حيث تسقي المروج زرعٌ و ورد ...

    " هناك " كان سرُّ لغز ٍ جعله يفكر في رحيل آخر كمشروع حياة من فرنسا للبنان . لكن لم يحين الأوان فالمهم من الأهم كان " لقمة العيش " .
    كان هذا ردّه مبتسما . جادا باستهتار ضاحك قائلا : " ماذا تريدني أن أطعم زوجتي و أولادي مستقبلا و الثلاجة خاوية ؟ فالعلوم كلها لن تملأ قفتي .. أرأيت علما يجُرُّ البطن .. أو فأرٌ عراّب !! "
    و يلي الكلام قهقهة توقظُ فضول عقول التعساء من أمة التماثيل الأحياء ...
    حقا كان الأمر مضحكا من ذاك الملصق الإشهاري العملاق لبيع السيارات السياحية لطبقة المثقفين الجدد المتخرجين من الجامعات و معاهد الحداثة ..
    " القزم .. بيده حقيبة رجل أعمال ممسكا سيارة ضخمة من قبضة الباب "
    و كأنه ....
    و يضيف فيصل : كأنه سيسحبها لسريره ...
    و من شدة الضحك ينفجر ثالثهم " الأسمر " : " أتق الله في نفسك ..أتعرف ماذا تقول ... !!
    - سرعان ما انقلب المُزاح لـ نبرةٍ متوعدة برعدٍ من الغضب مضغوط في قنبلة حنين كادت تنفجر من نار أنفاس التهمت رائحة صناديق التمر المستورد من سعف البلد ...
    و فجأة .. من فوهة مزمار .. صدى صوت يقول : من وصل البيت غاضبا عليه بغسل الصحون ..
    ... كنا نسميه " إبراهيم الصغير " لصغر قامته و رٍّقّة صوته .. لكنه بذكائه داهية ..لا يخفى عنه شيء . إلا أنه في تلك الليلة فشل بعبقريته من الهروب من دوره المبرمج لغسل الصحون ...
    - ففي جو مرح من غباء الذكاء تتشتت الظلال الطويلة في أزقة المدينة الفرنسية و لكل منها غاية .. ربما غامضة لكنها أمنيات صغيرة .. بل صغيرة جدا جدا من أن يحملها الدعاء .. بريئة كنظرة الطفل لدروب الحياة ..


    لـا تلمني يا ( أنا ) فالحرفـ على دين الحالـ
    .. كلما هبّــ الضيق ريحا بأغصاني مالـ ،،،

  • نادية البريني
    أديب وكاتب
    • 20-09-2009
    • 2644

    #2
    تحيّاتي لك أخي صقر
    مرحبا بإبداعك في ملتقى القصّة
    مررت للتحيّة وقرأت القصّة قراءة أولى في انتظار مصافحة ثانية لها عندما يصفو الذّهن
    مرحبا بك مجدّدا بيننا

    تعليق

    • فرناندز حكيم
      أديب وكاتب
      • 07-03-2014
      • 209

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة نادية البريني مشاهدة المشاركة
      تحيّاتي لك أخي صقر
      مرحبا بإبداعك في ملتقى القصّة
      مررت للتحيّة وقرأت القصّة قراءة أولى في انتظار مصافحة ثانية لها عندما يصفو الذّهن
      مرحبا بك مجدّدا بيننا

      و منا تحية شكر وتقدير للرائعة نادية البريني ..
      حفظك المولى و اسعدك ...

      لـا تلمني يا ( أنا ) فالحرفـ على دين الحالـ
      .. كلما هبّــ الضيق ريحا بأغصاني مالـ ،،،

      تعليق

      • أحمدخيرى
        الكوستر
        • 24-05-2012
        • 794

        #4
        الاستاذ " فرناندز حكيم ..
        قصة جميلة ورشيقة وقلم بارع فى رسم لوحة سردية راقية .. وبشكل سلس وراقى فى نفس الوقت ..
        ولكن صراحة لم تعجبنى الغلقة ، وكذا وضع الشرطات الرقمية عند الجمل السردية ، وهى توضع للجمل الحوارية فقط
        لديك قلم رشيق ومتمكن ، ويشي بـ كاتب بارع

        اشكرك يا صديقى على متعة القراءة .
        https://www.facebook.com/TheCoster

        تعليق

        • بسباس عبدالرزاق
          أديب وكاتب
          • 01-09-2012
          • 2008

          #5
          صديقي حكيم

          أتعرف قدر سعادتي عندما رأيتك تحلق هنا و كم كنت أتمنى رؤيتك هنا بيننا
          و ها أنت تلبي الدعوة أخيرا و تحضر بكامل زينتك

          صديقي اعذرني فأنا الآن غير مركز تماما

          قرأت قصتك في عجالة
          أعجبتني و لكنني لم امسك بزمام الفكرة جيدا
          فأنا مرهق جراء يوم عمل شاق( واش يجيك من تورنار)


          محبتي و تقديري صديقي الجميل
          السؤال مصباح عنيد
          لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

          تعليق

          • بسباس عبدالرزاق
            أديب وكاتب
            • 01-09-2012
            • 2008

            #6
            أخي حكيم عدت من جديد
            أذكر قصتك جيدا ربما مرت ثلاث أو أربع شهور منذ أول ملامسة لهذا النص بالذات

            و لكن لما اقتطعت من القفلة تلك الجملة: - لكن ..ما تلك النظرات المتبادلة .. ؟!

            في الحقيقة قصة رائعة جدا أحببتها قبلا و اليوم ايضا

            سأنتظر جديدك دائما

            محبتي اخي الجميل
            السؤال مصباح عنيد
            لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

            تعليق

            • عائده محمد نادر
              عضو الملتقى
              • 18-10-2008
              • 12843

              #7
              الزميل القدير
              الصقر الأسود
              هلا وغلا بيننا
              أنت مشروع أديب إن لم تكن أديبا أصلا
              م أقرأ لمبتديء أو جديد عهد
              لك ملكة واضحة وتمكن كبير من المفردات وتطويعها
              أعتذر عن غيابي ونصك هذا للذهبية سأرشحه ولاشك لأنه رائع وفيه حداثة
              ربما النجوم ستكون مقدمة لاعتذار عن تأخر
              سأنتظر جديدك جداااااااااااا لأنهل من فكرك
              محبتي وشتائل ورد
              الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

              تعليق

              • فرناندز حكيم
                أديب وكاتب
                • 07-03-2014
                • 209

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة أحمدخيرى مشاهدة المشاركة
                الاستاذ " فرناندز حكيم ..
                قصة جميلة ورشيقة وقلم بارع فى رسم لوحة سردية راقية .. وبشكل سلس وراقى فى نفس الوقت ..
                ولكن صراحة لم تعجبنى الغلقة ، وكذا وضع الشرطات الرقمية عند الجمل السردية ، وهى توضع للجمل الحوارية فقط
                لديك قلم رشيق ومتمكن ، ويشي بـ كاتب بارع

                اشكرك يا صديقى على متعة القراءة .

                بإذنِ اللهِ سنُلبِسها طَوْقَ نُصْحِكَ يا رائع ..
                فـ تحية من القلب
                و ألف ألف مليون شكر و تقدير ..

                لـا تلمني يا ( أنا ) فالحرفـ على دين الحالـ
                .. كلما هبّــ الضيق ريحا بأغصاني مالـ ،،،

                تعليق

                • فرناندز حكيم
                  أديب وكاتب
                  • 07-03-2014
                  • 209

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة بسباس عبدالرزاق مشاهدة المشاركة
                  صديقي حكيم

                  أتعرف قدر سعادتي عندما رأيتك تحلق هنا و كم كنت أتمنى رؤيتك هنا بيننا
                  و ها أنت تلبي الدعوة أخيرا و تحضر بكامل زينتك

                  صديقي اعذرني فأنا الآن غير مركز تماما

                  قرأت قصتك في عجالة
                  أعجبتني و لكنني لم امسك بزمام الفكرة جيدا
                  فأنا مرهق جراء يوم عمل شاق( واش يجيك من تورنار)


                  محبتي و تقديري صديقي الجميل

                  بل شرف أنْ نكون بين قياصرة أمثالكم يا صديقي العزيز ..
                  و لا ننكر أننا..
                  و قد ترددنا مدّة قبل قرع أسوار القصور خجلا من أبوابها المطلة على جنائن قلوب جميلة كريمة طيّبة ..
                  فـ تحية تقدير و إجلال يا مميز ..
                  حفظك المولى و أسعدك ...

                  لـا تلمني يا ( أنا ) فالحرفـ على دين الحالـ
                  .. كلما هبّــ الضيق ريحا بأغصاني مالـ ،،،

                  تعليق

                  • فرناندز حكيم
                    أديب وكاتب
                    • 07-03-2014
                    • 209

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة بسباس عبدالرزاق مشاهدة المشاركة
                    أخي حكيم عدت من جديد
                    أذكر قصتك جيدا ربما مرت ثلاث أو أربع شهور منذ أول ملامسة لهذا النص بالذات

                    و لكن لما اقتطعت من القفلة تلك الجملة: - لكن ..ما تلك النظرات المتبادلة .. ؟!

                    في الحقيقة قصة رائعة جدا أحببتها قبلا و اليوم ايضا

                    سأنتظر جديدك دائما

                    محبتي اخي الجميل

                    يا مرحبا مرة ثانية أخي الحبيب ..
                    و ما لا تعرفه عن القصّة أنّ قد مرّ عليها عشرون عاما . و قد كانت من أولى المحاولات ..
                    و هنا أحببتُ أن تكون القفلة تدرج قيم احساس يسابق خيوط نور ٍ لعتمة الظلال فـ يتلاشى للسؤال دون سؤال ...
                    و شكرا بلا حد ...
                    لـا تلمني يا ( أنا ) فالحرفـ على دين الحالـ
                    .. كلما هبّــ الضيق ريحا بأغصاني مالـ ،،،

                    تعليق

                    • فرناندز حكيم
                      أديب وكاتب
                      • 07-03-2014
                      • 209

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
                      الزميل القدير
                      الصقر الأسود
                      هلا وغلا بيننا
                      أنت مشروع أديب إن لم تكن أديبا أصلا
                      م أقرأ لمبتديء أو جديد عهد
                      لك ملكة واضحة وتمكن كبير من المفردات وتطويعها
                      أعتذر عن غيابي ونصك هذا للذهبية سأرشحه ولاشك لأنه رائع وفيه حداثة
                      ربما النجوم ستكون مقدمة لاعتذار عن تأخر
                      سأنتظر جديدك جداااااااااااا لأنهل من فكرك
                      محبتي وشتائل ورد

                      يعترينا الخجل و نحن أمام باقة الليلك
                      و قد أفلس حامل الألوان و كسا الشيب جدائل الفرش ..

                      "
                      '
                      تحية شكر و تقدير ( بلا حد ) ..
                      و اسعدكم الخالق دنيا و آخرة ...
                      لـا تلمني يا ( أنا ) فالحرفـ على دين الحالـ
                      .. كلما هبّــ الضيق ريحا بأغصاني مالـ ،،،

                      تعليق

                      • عائده محمد نادر
                        عضو الملتقى
                        • 18-10-2008
                        • 12843

                        #12
                        عدت اليوم وقرأتها مرة أخرى
                        ياربي كم كنت رائعا
                        السرد سلس وجميل وشفاف
                        وكنت انتقل بين السطور برشاقة دون عناء ولا ( غلبه )
                        فقط لو أنك تعيد النظر بومضة النهاية وتعطيها زخما جديدا خاصة أن رؤاك اليوم مؤكد تبلورت
                        لكني أشدد على اعجابي وصدقا
                        جدا جدا
                        محبتي وغابات ورد
                        الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                        تعليق

                        يعمل...
                        X