-أنا امرأة؛ صافحتُك ذات نص، و أهدتيك روحك في غفلة منك.
-و هل كنت تائها حينها؟
-ربما، فقد كنت تبحث عني.
-لا أذكر أنني كنت أفتش عنك أو قابلتك أصلا؟
-سنسأل الولد الذي بداخل قصتك، ربما ما يزال مشاغبا.
عندما كتبت قصتي -حين عودة روحي-، كان أول ما فعلته هو ترصد ذاك الطفل، قد يكون بداخلي فضول و شوق أن أكرر المشهد، و قد يكون اعتقاد بوجودها. بحثت عن زاوية تطل على موقف الحافلات، اخترت المشهد بعناية فهو أمر بغاية الأهمية. لم يغب عن ذهني أمر الطاولة لأستطيع هندسة حب طاريء مشابه لنزول المطر.
و لكن كيف أعرفها من دون باقي النساء؟، علقت بذهني امرأة تواجه المطر بعذوبتها بلا مظلة، فلتكن كذلك امرأة بدون مظلة.
دائما ما يداهمني الحب شاردا، و أنا غير مستعد للنار، لذلك أحترق و أغدو وقوده فينتهي بي المطاف إما كارها لتلك المرأة أو منبوذا، لا لشيء فقط لأنني لا أحب الإنزلاق، و غالبية من عرفتهن كن مسطحات.
في غمرة تلك الأفكار كان هناك طفل يشبهه تماما و ربما هو أنا في جسد آخر، يشاغب المطر، يراقص الرصيف و يوزع طيشه على العابرين. لم أتمالك نفسي و قذفت بهذا الهيكل المتداعي باتجاهه؛ لأنال نصيبي من التبلل، قد يكون النص أغراني بسراب امرأة مطرية، تلهب حلقي. ياه كم يشبهه.. حتى ثيابه و فطنته، و بطولاته في مقاتلة المطر، لا.. لم يكن يحارب بقدر ما كان يهندس حفلة مبللة بأطفال البحر.
جذب انتباهي قرع نعالها، تمشي في قلب المطر، لم تكن تتخير في طريقها المسالك التي تخلو من بقع الماء، أبدا.. بل عفوية مطلقة في سيرها مثل الريح عندما تداعب السنابل، وصلت أمامنا و علَّقَتْني على معابد الأحلام؛ بابتسامة ألهبت جبيني المبلل. خلفي تماما اتخذت عمود الموقف الرمادي مكانا لها، ثم مازحت الطفل:
-يبدو أنك مشاغب لا يحمل مظلة. غدا تعال إلى هنا و سأهديك قصة جميلة.
قلت لنفسي: لألفت انتباهها بمزاح على قياس كلامها.
-و أنا؛ أيمكن أن تهديني قصة مشابهة؟.
-أنت؟
-آسف إن كنت متطفلا.
-لا يمكن أن أهديك ما تريد.
-لِمَ ذلك؟
-أيمكنني أن أهديك قصتك؟.
-قصتي!
-نعم، أنت كاتبها؛ قرأت نصوصك في النت.
-نعم..نعم.
توقفت الحافلة أمامنا و سارعت نحوها و اختفت بداخلها، و هي تقول: قد أكون جائزة نزلت مع طيش سحابة تائهة. غدا سنعرف ذلك.
كررت المشهد مرة أخرى، و لكن هذه المرة أردته عفويا، جلست عند أول طاولة قابلتني بالمقهى، طلبت قهوتي المعتادة، داكنة و ثقيلة، و أقصى اللذة التي يمكنك أن تنالها من القهوة هو طعمها الذي يقف على حافة المرارة، تحس بالكافيين و هو يتسرب في خلايا عقلك، تلسعك مثل نسيم هذا الصباح الربيعي، الذي يمرر كفه على بشرتك الدافئة، فتتملكك قشعريرة هي نشوة حب أكبر منها رد بيولوجي للبرودة، كذلك ذوقها يشبه امرأة غامضة، فتجعلك تضبط ساعتك البيولوجية على حواسها و عينيها.
-إلى أي حد يمكنك أن تصبح طائشا.
قالت كلمتها و هي تجلس قبالتي وسط فضول من الجالسين في المقهى.
-تدركين جيدا أن المقاهي عندنا محرمة على النساء.
-نعم، و لكن أريد أن أعرف إلى أي حد أنت مستعد للذهاب في قصتك.
-و ما شأن الأدب.
-هل أنت مستعد أن تستعيد روحك و نفسك؛ لتغادر هذه العلبة التي تسمونها جسد. ثم أليس الأدب طيش و جنون.
-الأدب طيش؟.
-ألست من جعلني أمسك يدك، أليس هذا طيش؟. أليس خيال –البوابة- جنون؟.
-أنا جعلتك تمسكين يدي؟
-عندما كنت تنتظر هديتك.ألن تطلب لي قهوة لنواصل الحديث بجنون أكبر.
امرأة مثلها تقبل الفنجان و كأنها تنهش شفاه رجل؛ جعلني مستعدا للسفر في داخلها، خلاف غيرها لم تكن تبحث عن تفاصيل أنوثتها، داخل مغامراتي الأدبية، و كنت رجلا يبحث عن ظل يلبسه، يصطحبه داخل مغارة الشعر ليشعل به مركز العتمة.
-و لكن لا أذكر أنك لمست يدي.
مدت يدها و مررتها على يدي، نفس اللذة عندما أنهيت ذاك النص، هي نفسها لا محالة.
-ألست من جعلتك تستعيد روحك أثناء مغامرتك تلك.
كم يلزمني من الأدب و الشعر لأستطيع إلباسها أنوثتها، هي التي تدرك حاجتي للنار قدر اكتفائي من الألم. هي التي تقف على حافة نصي تمسك بمضغة نابضة.
كيف استطاعت أن تتسلل عبر الكلمات نحو قدري، من أنا لأوقف تمشيطها ليدي و هي تمسكني من حلقي. زجاجة عطرها مملوءة بالنار، و أنا روح قابلة للإحتراق.
-متى سأراك ثانية؟
-عندما تكتب قصة أخرى.
-و هل كنت تائها حينها؟
-ربما، فقد كنت تبحث عني.
-لا أذكر أنني كنت أفتش عنك أو قابلتك أصلا؟
-سنسأل الولد الذي بداخل قصتك، ربما ما يزال مشاغبا.
عندما كتبت قصتي -حين عودة روحي-، كان أول ما فعلته هو ترصد ذاك الطفل، قد يكون بداخلي فضول و شوق أن أكرر المشهد، و قد يكون اعتقاد بوجودها. بحثت عن زاوية تطل على موقف الحافلات، اخترت المشهد بعناية فهو أمر بغاية الأهمية. لم يغب عن ذهني أمر الطاولة لأستطيع هندسة حب طاريء مشابه لنزول المطر.
و لكن كيف أعرفها من دون باقي النساء؟، علقت بذهني امرأة تواجه المطر بعذوبتها بلا مظلة، فلتكن كذلك امرأة بدون مظلة.
دائما ما يداهمني الحب شاردا، و أنا غير مستعد للنار، لذلك أحترق و أغدو وقوده فينتهي بي المطاف إما كارها لتلك المرأة أو منبوذا، لا لشيء فقط لأنني لا أحب الإنزلاق، و غالبية من عرفتهن كن مسطحات.
في غمرة تلك الأفكار كان هناك طفل يشبهه تماما و ربما هو أنا في جسد آخر، يشاغب المطر، يراقص الرصيف و يوزع طيشه على العابرين. لم أتمالك نفسي و قذفت بهذا الهيكل المتداعي باتجاهه؛ لأنال نصيبي من التبلل، قد يكون النص أغراني بسراب امرأة مطرية، تلهب حلقي. ياه كم يشبهه.. حتى ثيابه و فطنته، و بطولاته في مقاتلة المطر، لا.. لم يكن يحارب بقدر ما كان يهندس حفلة مبللة بأطفال البحر.
جذب انتباهي قرع نعالها، تمشي في قلب المطر، لم تكن تتخير في طريقها المسالك التي تخلو من بقع الماء، أبدا.. بل عفوية مطلقة في سيرها مثل الريح عندما تداعب السنابل، وصلت أمامنا و علَّقَتْني على معابد الأحلام؛ بابتسامة ألهبت جبيني المبلل. خلفي تماما اتخذت عمود الموقف الرمادي مكانا لها، ثم مازحت الطفل:
-يبدو أنك مشاغب لا يحمل مظلة. غدا تعال إلى هنا و سأهديك قصة جميلة.
قلت لنفسي: لألفت انتباهها بمزاح على قياس كلامها.
-و أنا؛ أيمكن أن تهديني قصة مشابهة؟.
-أنت؟
-آسف إن كنت متطفلا.
-لا يمكن أن أهديك ما تريد.
-لِمَ ذلك؟
-أيمكنني أن أهديك قصتك؟.
-قصتي!
-نعم، أنت كاتبها؛ قرأت نصوصك في النت.
-نعم..نعم.
توقفت الحافلة أمامنا و سارعت نحوها و اختفت بداخلها، و هي تقول: قد أكون جائزة نزلت مع طيش سحابة تائهة. غدا سنعرف ذلك.
كررت المشهد مرة أخرى، و لكن هذه المرة أردته عفويا، جلست عند أول طاولة قابلتني بالمقهى، طلبت قهوتي المعتادة، داكنة و ثقيلة، و أقصى اللذة التي يمكنك أن تنالها من القهوة هو طعمها الذي يقف على حافة المرارة، تحس بالكافيين و هو يتسرب في خلايا عقلك، تلسعك مثل نسيم هذا الصباح الربيعي، الذي يمرر كفه على بشرتك الدافئة، فتتملكك قشعريرة هي نشوة حب أكبر منها رد بيولوجي للبرودة، كذلك ذوقها يشبه امرأة غامضة، فتجعلك تضبط ساعتك البيولوجية على حواسها و عينيها.
-إلى أي حد يمكنك أن تصبح طائشا.
قالت كلمتها و هي تجلس قبالتي وسط فضول من الجالسين في المقهى.
-تدركين جيدا أن المقاهي عندنا محرمة على النساء.
-نعم، و لكن أريد أن أعرف إلى أي حد أنت مستعد للذهاب في قصتك.
-و ما شأن الأدب.
-هل أنت مستعد أن تستعيد روحك و نفسك؛ لتغادر هذه العلبة التي تسمونها جسد. ثم أليس الأدب طيش و جنون.
-الأدب طيش؟.
-ألست من جعلني أمسك يدك، أليس هذا طيش؟. أليس خيال –البوابة- جنون؟.
-أنا جعلتك تمسكين يدي؟
-عندما كنت تنتظر هديتك.ألن تطلب لي قهوة لنواصل الحديث بجنون أكبر.
امرأة مثلها تقبل الفنجان و كأنها تنهش شفاه رجل؛ جعلني مستعدا للسفر في داخلها، خلاف غيرها لم تكن تبحث عن تفاصيل أنوثتها، داخل مغامراتي الأدبية، و كنت رجلا يبحث عن ظل يلبسه، يصطحبه داخل مغارة الشعر ليشعل به مركز العتمة.
-و لكن لا أذكر أنك لمست يدي.
مدت يدها و مررتها على يدي، نفس اللذة عندما أنهيت ذاك النص، هي نفسها لا محالة.
-ألست من جعلتك تستعيد روحك أثناء مغامرتك تلك.
كم يلزمني من الأدب و الشعر لأستطيع إلباسها أنوثتها، هي التي تدرك حاجتي للنار قدر اكتفائي من الألم. هي التي تقف على حافة نصي تمسك بمضغة نابضة.
كيف استطاعت أن تتسلل عبر الكلمات نحو قدري، من أنا لأوقف تمشيطها ليدي و هي تمسكني من حلقي. زجاجة عطرها مملوءة بالنار، و أنا روح قابلة للإحتراق.
-متى سأراك ثانية؟
-عندما تكتب قصة أخرى.
تعليق