هده الزمن العتيد.. فأصبح مترهل العضل, خرع العظام, متين العصب من كثرة تجواله – عبر الدروب الطويل - و هو يدفع عربة البيض في الحر و القر.. صباحا و مساءا حتى تتورم قدماه... باحثا عن بيع ثمين...
رجل بسيط.. رغم ضعفه و نحافته, فهو حسن الصورة, مشرق الجبين, يحسدونه على تلك الوسامة التي تنير الطريق رغم سواده و قساوته, كما أن هناك بعض النظرات المريضة, تنظر إليه بازدراء و تحقير لفقر جيبه, فهو لا يملك سوى عربة يد متآكلة من الجوانب و معوجة القضبان من كثرة اصطدامها مع السيارات الطائشة و أرجل قوات المساعدة... بحجة ليست له رخصة البيع, و أن عمله لا يشجع على المنافسة الشريفة بينه و بين أصحاب المحلات الكبيرة.
فهو لا يكترث إلى هذه المضايقات, لأنها – في نظره -أصبحت سنة الحياة بغير وجه حق, و كل مواجهة معهم ستفقده مورد عيش أسرته البسيطة.
لذلك, فهو إنسان صبور و نشيط مثل الدم الذي يجوب العروق الملتوية بعزم و إصرار.. تارة يكون ساخنا سخيا, يمد خلاياه بالحياة, و تارة أخرى يكون جامدا مثل الصقيع... عندما يجف جيبه و لا يبيع و لا بيضة واحدة..
رغم ذلك, يعود إليهم بابتسامة مشرقة, مزهرة اللون...يعانق أطفاله بحفاوة و يقبل جبين زوجته احتراما و إكراما لصبرها على فقر الحاجة, و تحملها أشغال البيت من كنس وغسل وطهي و تزيين البيت بالأعمال اليدوية الرائعة, من نقش و طرز وأفكار بسيطة لكنها مدهشة, تعيد الرونق للقديم و تضفي الجمالية على الجديد, حتى يصير البيت جميلا يشد الأنظار و يسحرها...
وهو في البيت, لا يبخل عليهم بابتسامته البراقة, ومجهوداته متواصلة في مساعدة الزوجة في تربية الأطفال و حثهم على التفوق و النجاح و تلقينهم الأدب و حسن الانصات و الاحترام, فهو دائما يخاطبهم قائلا:
"التربية تسبق التعلم.. و النجاح أخ العمل و الجد و الاحترام "
فهو بالنسبة للأسرة, العمود الفقري... أما زوجته التي يفضلها على نفسه.. هي بالنسبة له, النهر الذي لا يجف حنانه ولا حبه... على ضفافه يجتمعون كالنحل بحفاوة.. يتقاسمون ما جاد به اليوم من خير عليهم, و ينامون على البركة آملين في غد أفضل.
توالت الأيام.. و الينابيع تكبر يوما بعد يوم, و تفيض حبا و علما... حتى صارت أسرة ناضجة متكاملة, منها الأستاذ و المهندس, و هما عمر و أحمد. و الطبيبة و القاضية, و هما فاطمة الزهراء و رقية.
ما أجملها من أسرة.. تربت على البساطة و الود... و فاحت خيرا ونفعا على الأهل و الحي و البلد.
و لكن الرياح – أحيانا - تجري بما لا تشتهي السفن.. و أن الشيء إذا اكتمل بدأ بالنقصان ...
إنه الموت.. يزحف من بعيد .. يطرق باب بائع البيض, و هو مشتاق إليه, لينقله من عالم الطين إلى عالم الخلد والراحة... و هو في لحظاته الأخيرة, و الأسرة مجتمعة حوله تذرف دموع حب ساخنة, نظر إلى زوجته نظرة عميقة فتسللت من بين رموشه دمعة دافئة حزينة.. وفارقهم بهدوء و الابتسامة تزين رحيله...
رجل بسيط.. رغم ضعفه و نحافته, فهو حسن الصورة, مشرق الجبين, يحسدونه على تلك الوسامة التي تنير الطريق رغم سواده و قساوته, كما أن هناك بعض النظرات المريضة, تنظر إليه بازدراء و تحقير لفقر جيبه, فهو لا يملك سوى عربة يد متآكلة من الجوانب و معوجة القضبان من كثرة اصطدامها مع السيارات الطائشة و أرجل قوات المساعدة... بحجة ليست له رخصة البيع, و أن عمله لا يشجع على المنافسة الشريفة بينه و بين أصحاب المحلات الكبيرة.
فهو لا يكترث إلى هذه المضايقات, لأنها – في نظره -أصبحت سنة الحياة بغير وجه حق, و كل مواجهة معهم ستفقده مورد عيش أسرته البسيطة.
لذلك, فهو إنسان صبور و نشيط مثل الدم الذي يجوب العروق الملتوية بعزم و إصرار.. تارة يكون ساخنا سخيا, يمد خلاياه بالحياة, و تارة أخرى يكون جامدا مثل الصقيع... عندما يجف جيبه و لا يبيع و لا بيضة واحدة..
رغم ذلك, يعود إليهم بابتسامة مشرقة, مزهرة اللون...يعانق أطفاله بحفاوة و يقبل جبين زوجته احتراما و إكراما لصبرها على فقر الحاجة, و تحملها أشغال البيت من كنس وغسل وطهي و تزيين البيت بالأعمال اليدوية الرائعة, من نقش و طرز وأفكار بسيطة لكنها مدهشة, تعيد الرونق للقديم و تضفي الجمالية على الجديد, حتى يصير البيت جميلا يشد الأنظار و يسحرها...
وهو في البيت, لا يبخل عليهم بابتسامته البراقة, ومجهوداته متواصلة في مساعدة الزوجة في تربية الأطفال و حثهم على التفوق و النجاح و تلقينهم الأدب و حسن الانصات و الاحترام, فهو دائما يخاطبهم قائلا:
"التربية تسبق التعلم.. و النجاح أخ العمل و الجد و الاحترام "
فهو بالنسبة للأسرة, العمود الفقري... أما زوجته التي يفضلها على نفسه.. هي بالنسبة له, النهر الذي لا يجف حنانه ولا حبه... على ضفافه يجتمعون كالنحل بحفاوة.. يتقاسمون ما جاد به اليوم من خير عليهم, و ينامون على البركة آملين في غد أفضل.
توالت الأيام.. و الينابيع تكبر يوما بعد يوم, و تفيض حبا و علما... حتى صارت أسرة ناضجة متكاملة, منها الأستاذ و المهندس, و هما عمر و أحمد. و الطبيبة و القاضية, و هما فاطمة الزهراء و رقية.
ما أجملها من أسرة.. تربت على البساطة و الود... و فاحت خيرا ونفعا على الأهل و الحي و البلد.
و لكن الرياح – أحيانا - تجري بما لا تشتهي السفن.. و أن الشيء إذا اكتمل بدأ بالنقصان ...
إنه الموت.. يزحف من بعيد .. يطرق باب بائع البيض, و هو مشتاق إليه, لينقله من عالم الطين إلى عالم الخلد والراحة... و هو في لحظاته الأخيرة, و الأسرة مجتمعة حوله تذرف دموع حب ساخنة, نظر إلى زوجته نظرة عميقة فتسللت من بين رموشه دمعة دافئة حزينة.. وفارقهم بهدوء و الابتسامة تزين رحيله...
تعليق