على الوعد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد الدمشقي
    أديب وكاتب
    • 31-01-2014
    • 673

    على الوعد

    من خواص الشوق قدرته على إغراق الوقت في رماله المتحركة فيبدو المشتاق تماما كساعة رملية تتناقص ذراته مع تساقط الثواني


    استنزف الشوق نبضاته ، و استولى الانتظار على كل أنفاسه.
    موعد هش ربطه بخيط من أمل .
    ضجيج الوقت حاصره ... و أرقه حديث عقارب الساعات
    فكل لحظة مرت بانتظار الوعد كانت تجلده
    ليكتوي بلهيب الأسئلة , و تنهك قوافل الاستفهام قلبه
    حتى أطبقت عليه جدران القلق , و تداعى سقف توقعاته مع كل ثانية تنهمر على أريكة الهم .




    مع دنو الساعة المحددة كانت طبول القلق تصم آذان صبره ... تمنى أن يتباطأ الوقت حتى لا يخيب ظن أذنيه .


    اخترقت الدقيقة الأولى بعد الميعاد جسده مخلفة ندبة قلق , لتتوالى الدقائق و مع كل دقيقة ندبة .


    حاول أن يسلي نفسه بمتابعة شيء ما على التلفاز لكنه لم يجد جهاز التحكم مع أنه كان في يده اليسرى !!! .


    فتح كتابا كان قد بدأ بقراءته في الصباح لكنه لم يستطع أن يتذكر الصفحة التي توقف عندها كما أن الحروف تطايرت مع ارتعاشات برد الانتظار .


    فكر بأن يرسل لها رسالة قصيرة أو أن يذكرها بالموعد من خلال مكالمة فائتة ... لكنه خشي من احتدام اللهفة في عقلها حتى تتضاءل أبعاده و يذوي ما بقي له في عينها من كبرياء .... و قد عهدها تنكر عليه ضعفه أمام عاطفته و انجرافه وراء مشاعره
    كان دائما يستمد من نظراتها العاتبة القوة و الاتزان ... و صوتها الجميل لا يبارح ذهنه و هي تقول : لا تغرق في بحر جنونك ... افتح عيون عقلك


    لكن مهلا ... غيابها هذه المرة طال و الشوق سلطان جائر لا يكترث بنداءات جمهور الأفكار ، كما أنها ربما ستعتب عليه لو تظاهر بالصلابة عندما يحتاج الموقف للانصياع لوشوشات القلب .


    استجمع قواه و طرد الأفكار من رأسه و نظر في جواله و اتصل ... ليظهر صوت يقتل القلوب و يجعل الملتاع خارج التغطية ... كان خطها مغلقا !!


    لم يعرف ماذا يقول فقد اصطكت أسنانه و تشاجر فكاه غيظا
    استسلم للخيبة و النيران تستعر في جوفه


    و عندما لفظ اليوم آخر أنفاسه أحس بأنه يذوب كشمعة تنتظر عودة الكهرباء .
    تمنى لو أن كل هواتف الكون تتكسر و هم برمي جواله ... ليرن بين يديه !!


    أنعش الرنين أنفاسه.. استجمع ما بقي لديه من نبض ، نظر في شاشة هاتفه فرأى رقما لا يعرفه ، لم يكترث فهو واثق أنها هي .


    ضغط زر الوصل و استجابت كل أجزائه ، سمع الصوت و ابتسم ، عاد النور إلى ملامحه ... و عاود لعبة الحنين و الانتظار من جديد
    كلا إن معي ربي سيهدين
  • نادية البريني
    أديب وكاتب
    • 20-09-2009
    • 2644

    #2
    كنت أتوقّع وأنا مقبلة على قراءة النّص أنّني سأستمتع بلغتك الدّسمة وهذا ما حصل...جميل هذا التّزاوج بين لغة القصّ ولغة الخاطرة فمن هذا المزيج أنشأت كونك القصصيّ لتسجّل لحظة انتظار العاشق لحبيبته...أراك أجدت في تصوير اللهفة والشّعور بالخيبة ثمّ تجدّد الأمل...
    استمتعت بالقراءة لك مبدعنا محمّد
    ولنصّك النّجوم
    دمت بخير

    تعليق

    • فايزشناني
      عضو الملتقى
      • 29-09-2010
      • 4795

      #3

      ما أكثر ندوب دقائق اللهفة والشوق
      وهل حقاً نحن قادورن أن نرى بعيون عقولنا ؟؟
      صديقي ما أصعب ساعات الوجد والحنين
      الانتظار شيك بلا رصيد
      والخط الساخن يشعل النار لما ينطفئ
      لغة رشيقة عذبة وجذلى ونص بهي
      كن بخير
      هيهات منا الهزيمة
      قررنا ألا نخاف
      تعيش وتسلم يا وطني​

      تعليق

      • منتصر قواس
        أديب وكاتب
        • 04-02-2014
        • 207

        #4
        أخي محمد ..
        جمال كلمات وجمال تعابير ونص مختزل فيه كمال المعنى ..
        صورت لنا لحظات الاشتياق واللهفة والانتظار كأننا نعيشها ..
        احترقنا شوقنا وذبنا لهفة مع دقائق و تصارع الأفكار في الانتظار ..

        تحيتي لك ولقلمك المبدع ..

        تعليق

        • سمرعيد
          أديب وكاتب
          • 19-04-2013
          • 2036

          #5
          الحب جنون والشوق فنون كما يقولون..
          نص جميل وحرف أجاد التصوير والتعبير..
          تحيتي وتقديري أيها الدمشقي القدير..

          تعليق

          • سالم وريوش الحميد
            مستشار أدبي
            • 01-07-2011
            • 1173

            #6
            أ. محمد الدمشقي
            كتبت ببراعة وأجدت الوصف فهناك فيض من الجمال للجمل الصورية
            التي استخدمتها باتقان وعملت على زخرفةالقصة بها .، فبدا النص كقطعة نثرية رائقة برغم
            أنه بدءكخاطرة، لكن كان ذلك لقصدية أردت إشراك المتلقي الإنتظارواللهفة بها

            سررت أن اقرأ لك ..
            دام هذا التمييز
            .
            على الإنسانية أن تضع حدا للحرب وإلا فسوف تضع الحرب حدا للإنسانية.
            جون كنيدي

            الرئيس الخامس والثلاثون للولايات المتحدة الأمريكية

            تعليق

            يعمل...
            X