جمهورية البؤس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سعد هاشم الطائي
    أديب وكاتب
    • 05-08-2010
    • 241

    شعر عمودي جمهورية البؤس

    مطولة أخرى مني، وصبر جديدٌ منكم، هذه المطولة لا تتحدث عن شخص ما، أو وطن ما، بقدر ما تتحدث عن معاناة الشعب العربي وآماله وتطلعاته وعشقه للوطن.

    جمهورية البؤس
    نالتْ فما رحمتْ من بدريَ النضرِ... ضاقتْ فما فرجتْ فالصبر يا قمري
    لي ـــ كلَّ يومٍ بذي الأيامِ ــ فاجعة... حتى ضجرتُ ولكن هكذا قدري
    وما فؤادي سوى ــ إن كنتَ تعرفُهُ ــ ... طيرٍ تخفّى لَهُ الصيادُ في حذرِ
    يخشى السهامَ إذا جاءته مفردةً... أنّى لصدِّ سهامٍ وهي كالمطرِ؟
    لمّا توالتْ على رأسي بأكملِها... إبيضَّ رأسي لها من كَثرةِ الشزرِ
    فالسيرُ في سحرٍ، والمشيُ في سجرٍ، ... والنومُ في سقرٍ، والصحو في سفرِ
    كمٌّ من المردياتِ السودِ تنقلُني... من داجياتٍ إلى أدهى إلى خورِ
    فتشتُ في عالمي عن راحةٍ فسقتْ... مزنُ البرايا نهيراتي من الكدرِ
    غطتْ سحابتُهُ السوداءُ أزمنتي... ولوَّنتْ بسوادٍ خضرة َالجُزُرِ
    لله ِأنتِ بلادي ... هل أرى مطراً... تخضرُّ منهُ الروابي غيرَ ذا المطرِ؟
    وهل سأصحو على تغريدةٍ أسرتْ... من بلبلٍ آمنٍ يشدو على الشجرِ؟
    وهل سأنسى دخاناً ظلَّ يسعلُنا؟... وهل سأنسى أزيزاً ملَّهُ عُمُري؟
    تشكو السماءُ فراق السقسقاتِ فلم... تبقِ المباضعُ سكاناً ولم تذرِ
    أين العصافيرُ؟ ما عادتْ محلّقةً... هل غادرتْ مثل آلافٍ على الأثرِ؟
    والبلبلُ الناعمُ الغريدُ في فرحٍ... أنغامُهُ أصبحتْ أنغامَ منكسرِ
    حتى الهديلُ الذي عفناهُ من زمنٍ... كأنما فارق الدنيا ولم يُعَرِ
    ***
    يا موطنَ القتلِ والتشريدِ للبشرِ... هل صار قلبُكَ منذ اليوم كالحجرِ؟
    كلا, فأنتَ الذي يهفو بأجنحةٍ... لصوتِ زريابَ أو ترجيع ِمعتمرِ
    وأنتَ أنتَ الذي يحنو بخافقِهِ... لِلابسِ الخزِّ مزهواً أو الوبرِ
    كُلاً رأيتُكَ تهواهُ وتعشقُهُ... وهكذا دأبُ من يحيا على الصَعَرِ
    يا موطنَ البؤسِ إنَّ القتلَ أُغنيةٌ... من عهدِ آدم غنّاها ذوو الفكرِ
    لم يقتتلْ قبلهم طيرٌ ولا حشرٌ... ولا استرابتْ بها قطعانُ من بقرِ
    أمّا الغرابُ الذي أودى بصاحبِهِ... ما سنّها لو جفتها سوءة ُالبشرِ
    من أولِ الخلقِ وابنا آدم اقتتلا... قابيلُ قد صاغها متبوعةَ الأثرِ
    تقمّصَ الشرَّ في جُلى مذاهبِهِ... وباتَ يعزفُهُ لحناً على وترِ
    أبناؤهُ الكثرُ في أيامِنا زمرٌ... والأرضُ نافرةٌ من تلكُمُ الزمرِ
    تودُّ أنَّ ثماراً ليس تخرجُها... وكلُّ خيراتِها تفضي لمندثرِ
    غوايةُ الخلقِ عاثتْ في منابتِها... لولا غوايتُهم ضجتْ من الثمرِ
    كنوزُ قارون لوعدَّتْ مقارنةً... بما حوتْ, كنزُهُ صفرٌ من القِصرِ
    فباطنُ الأرضِ يهدي من منابعِهِ... لظهرِها والصدى: يا أرضُ فازدهري
    وكلّلي الهامَ من أغصانِ مشتجرٍ... وجمّلي الطولَ في ثوبٍ من الحبرِ
    ثوبُ العراقِ غدا بالهمِّ مُتسخاً... وكان من قبلها في ثوبِهِ القذرِ
    يحنُّ للبضعِ أعوامٍ يُغاثُ بها... لا يستزيدُ ولا يغدو بمعتصرِ
    خمسٌ تجاذَبُها الأحزانُ فاستعرتْ... فيها الخلافاتُ بين الليثِ والنَّمِرِ
    وليس في خمسِها ليثٌ ولا نمِرٌ... وإنّما عقربٌ ترنو من الجُحُرِ
    مشقةُ العمرِ أذنابٌ تتابعُنا... وسمُّها في ذناباتٍ من الإبرِ
    وكلَّما صرتُ تحت الشمسِ تقصدُني... أنّى رحلتُ كظلّي يقتفي أثري
    يلوكُني الموتُ لو أمضي لنافلتي... في ثوبِ(حيدرةٍ) لا فرق أو(عُمرِ)
    مَنْ مُبلغُ الشرَّ؟ أنَّ الموتَ محتقرٌ... عندي إذا لم يكن في خرمِ ذا العُمُرِ
    أفاضلُ الخلقِ في العلياءِ مسكنُهم... ومسكنُ السفلِ في طامورةِ الحفرِ
    وهكذا الناسُ مظلومٌ ومحتقرٌ... أو ظالمٌ وهو في سربالِ مُحتَقَرِ
    في كلّ عصرٍ لنا قابيلُ مختبيءٌ... خلفَ الظلامِ ويدمي آيةَ الفكرِ
    قابيلُ قف واستمع ما جئتُ من عتبٍ... لكنَّهُ أسفاً كالوخزِ بالإبرِ
    ما كنتُ أرجو له هجواً ولا هذراً... أستغفرُ اللهَ مـن هجوٍ ومن هذرِ
    لكنَّني وسياطُ القهرِ تلسعُني... ومشرطُ الموتِ مخطوطٌ على قدري
    قد كان لي عتبٌ أضنى بناصيتي... ليلاً وفارقني الإغماضُ في السحرِ
    همٌ يضافُ إلى ما كان لي سلفاً... ما أكثرَ الهمَّ والآهاتِ في قمري!
    صوتُ الدراهمِ مشفوعٌ بقرقعةٍ... للقتلِ من سيفِكَ المشبوهِ والسُمُرِ
    فاهنأ بما أخذتْ يمناكَ في وجلٍ... إن الدراهمَ لا تعفيكَ من سقرِ
    ***
    يا موطنَ البؤسِ ما فقنا على سحرِ... إلاّ وكان الضحى أعتى من السحرِ
    هذا الظلامُ ومذ كانتْ طفولتُنا... ما فارقَ العينَ في سهلٍ ومنحدرِ
    وكلّما لاحَ في أنظارِنا قمرٌ... سحائبُ البؤسِ غطَّتْ هالةَ القمرِ
    تعاقبَ الحكمُ فيهِ منذ مولدِهِ... من تاجرٍ جشعٍ أو قائدٍ قذرِ
    تلاعبوا فيه حتى غاض ناضرُهُ... ولم يعدْ فيه من وردٍ ولا زُهُرِ
    واستبدلوا الضوءَ بالظلماءِ في عنتٍ... فلم تكن فيه أيامٌ بلا عثرِ
    الجوعُ والسجنُ والتهجيرُ ذي صورٌ... والحربُ والقتلُ فيهِ أبشعُ الصورِ
    ألفيتُ روحي بهِ طيراً يغازلُهُ... وما رؤيتُ بهِ في ثوبِ مؤتجرِ
    وكلّما تاجروا في بيع ِضحكتِهِ... هزئتُ في كلّ أفاكٍ ومتّجرِ
    حتى استفاقتْ رؤى روحي على صورٍ... قد أُطّرت أُطُراً من أبخسِ الأُطُرِ
    يا موطناً قد وجدتُ الحزنَ معدنَهُ... ولم تنرْ فيه أفراحٌ وتنتشرِ
    يا أيّها الطيرُ يا مَنْ ضاعَ مأمنُهُ... ومزّقتْ شملَهُ الهاني يدُ القدرِ
    أراكَ مثلَ فؤادي ليس يحزنُهُ... غيرُ الخرابِ الذي قد عاثَ بالشجرِ
    ألفيتُكَ الصادحَ الشاكي لوحدتِهِ... ألفيتُكَ الطائرَ المكروبَ في العُصُرِ
    تغريدُكَ الحلو قد خفّتْ معالمُهُ... لمّا أتاكَ الذي يرميكَ بالشررِ
    عيناكَ في عشّكَ المسلوبِ ترقبُهُ... قد هيّأ النفسَ، ضمَّ البيضَ للسُمُرِ
    في وابلٍ من سهامِ الحقدِ ممطرةً... على نداكَ على أحلامِكَ الغُرَرِ
    حتى استفقتَ على جنحٍ معطَّلةٍ... لمّا رُميتَ بسهمٍ أوّلَ السحرِ
    إذ صار موتُكَ بعد الجرحِ موعدُهُ... أدنى من النومِ عند المجهدِ الخفرِ
    سالتْ دماكَ فهل ترجو مؤازرةً؟... كلُّ الطيورِ تناءتْ عنكَ في الشجرِ
    ***
    يا موطنَ البؤسِ أحببناكَ في صغرٍ... ولم تزلْ قبلةً للعشقِ في الكبرِ
    خمسون إلا قليلاً عشتُ أعبقَها... في عشقِ بؤسِكَ محمولاً على خطرِ
    يا منتهى العشقِ أنتَ العشقُ أولُهُ... ومنتهاهُ, وهذا فخرُ مفتخرِ
    يا منتهى العشقِ يا صوتاً يسهّدُنا... في كلّ آنٍ بلا جدوى من السهرِ
    تغزو القلوبَ بحبٍ في حبائلِهِ... قيدٌ من الخسرِ لا طوقٌ من الظفرِ
    فصار عاشقُكَ الولهانُ ملتهباً... وكلُّ داهيةٍ أعتى من السجرِ
    أيقنتُ أنَّ الذي يهواكَ ممتحنٌ... وأنّهُ من ذوي الآهاتِ والغِيَرِ
    يا موطناً علَّ مَنْ يخشى مغالطةً... عينيكَ في وجل ما عُدَّ من بشرِ
    وعلَّ هاجرَكَ النائي بمهجتِه... أمسى بهامتِهِ عقلٌ بلا فكرِ
    فليس مَنْ يعشقُ الأوطانَ مغترباً... مثلَ الذي يعشقُ الأوطانَ في حضرِ
    كفرتُ في كل مَنْ يهواكَ في حذرٍ... ولن أُشاطرَ مَنْ يهواكَ في حذرِ
    سيانَ عندي بصحوٍ أنتَ أو مطرٍ... قد خانَ صحوكَ مَنْ يهواكَ في مطرِ
    يا أيّها العشقُ في نبضي أُبايعُهُ... ولن أُبايعَ غيرَ العشقِ في عُمُري
    أهواكَ ملءَ حياتي في ظلامتِها... أهواكَ رغم الأسى والحزنِ والضجرِ
    قدّمتُ كلَّ نذوري في جلالتِهِ... هيهاتَ أجزعُ أو أشكو من النُذُرِ
    وليس للخانع المرتابِ مغفرةٌ... فذنبُ مَنْ شكّ فيهِ غيرُ مغتفرِ
    يا موطناً يغتذي من بؤسِ محنتِهِ... ويرتوي آهةً في عودِهِ النضرِ
    سجيةُ العشقِ ما زالتْ تعانقُنا... فعشقُ آهاتِكَ الكبرى من الظفرِ
  • محمد تمار
    شاعر الجنوب
    • 30-01-2010
    • 1089

    #2
    لله درّك يا أخي سعد
    طبت وطاب حرفك الناصح المخلص
    حفظ الله العراق وأهلها وسائر الأمصار
    العربية الإسلامية..
    يحتاج القارئ الى راحلة وزاد

    شاعرنا الكبير
    قابيلُ قف واستمع ما جئتُ من عتبٍ... لكنَّهُ أسفاً كالوخزِ بالإبرِ
    إذا كانت قراءتي سليمة فهي أسفٌ خبر لكنّ..
    وكلّما تاجروا في بيع ِضحكتِهِ... هزئتُ في كلّ أفاكٍ ومتّجرِ
    قرأتها هزئت من كلّ أفّاك..
    خالص مودتي وتقديري
    التوقيع...إذا لم أجد من يخالفني الرأي..خالفت رأي نفسي ليستقيم رأيي

    تعليق

    • حيدر الوائلي
      أديب وكاتب
      • 07-02-2013
      • 180

      #3


      يا موطنَ البؤسِ أحببناكَ في صغرٍ... ولم تزلْ قبلةً للعشقِ في الكبرِ
      خمسون إلا قليلاً عشتُ أعبقَها... في عشقِ بؤسِكَ محمولاً على خطرِ
      يا منتهى العشقِ أنتَ العشقُ أولُهُ... ومنتهاهُ, وهذا فخرُ مفتخرِ
      يا منتهى العشقِ يا صوتاً يسهّدُنا... في كلّ آنٍ بلا جدوى من السهرِ
      تغزو القلوبَ بحبٍ في حبائلِهِ... قيدٌ من الخسرِ لا طوقٌ من الظفرِ
      فصار عاشقُكَ الولهانُ ملتهباً... وكلُّ داهيةٍ أعتى من السجرِ
      أيقنتُ أنَّ الذي يهواكَ ممتحنٌ... وأنّهُ من ذوي الآهاتِ والغِيَرِ
      يا موطناً علَّ مَنْ يخشى مغالطةً... عينيكَ في وجل ما عُدَّ من بشرِ
      وعلَّ هاجرَكَ النائي بمهجتِه... أمسى بهامتِهِ عقلٌ بلا فكرِ



      الاستاذ العزيز
      سعد الطائي
      هذه المعلقة الرائية الرائعة حكت كل مافي القلوب
      وجاءت بجميع ما جاشت به الصدور
      اطلت ، لكنك ابدعت و ما أســـأمت قارئك
      لك التهاني على النفس الطويل وامتلاك الناصية العذبة
      ودمت في حفظ الرحمن

      تعليق

      • محمد ذيب سليمان
        عضو الملتقى
        • 10-04-2014
        • 95

        #4
        نفس طويل بوركت عليه
        حملت حروفها معاناة الأمة بكثير من الجمال الشعري
        شكرا لقلبك واحساسك الراقي

        تعليق

        • سعد هاشم الطائي
          أديب وكاتب
          • 05-08-2010
          • 241

          #5
          أستاذي الكريم محمد تمار
          شكراً لك وللغالية الجزائر التي أنجبتك، سأبقى أذكر اهتمامك بما أكتب ما حييت، وسأبقى أنتظر تصويباتك الرائعة التي ترسمها بدقة متناهية على ما أكتب. لك مني كلّ الحب والاحترام ودمت أخا ومعلما.

          تعليق

          • سعد هاشم الطائي
            أديب وكاتب
            • 05-08-2010
            • 241

            #6
            الأستاذ الرائع حيدر الوائلي
            شكرا لك على حسن القراءة وحسن الرد ويسعدني جدا ان تصف ما كتبته من كلمات بـ(المعلقة) دمت لي.

            تعليق

            • سعد هاشم الطائي
              أديب وكاتب
              • 05-08-2010
              • 241

              #7
              استاذي الغالي محمد ذيب سليمان
              النفس الطويل تعلمته من المعاناة الطويلة لأمتنا العربية التي تقاسي الويلات والمحن، شكري يمتدُّ كثيرا لمرورك الطيب وكلماتك المشجعة على الدوام.

              تعليق

              يعمل...
              X