أحييكم أيها الأحبة . أعرض عليكم اليوم نصا لكاتب نحرير وأديب عبقري سيكتشف البعض إسمه وسيصبّ البعض الآخر عليه جام غضبه ولكنّ ذلك لا ينقص من قيمة أدبه واعذروني إن أنا لم أجسن اختيار القسم الذي يتسع لهذا المقترح ,أعلمكم بأن تلاميذي قد تحيّرت عقولهم التي كانت سابقا في جنة الطّمأنينة ...
حدّث رجل من الأنمار قال :
وكانت ريحانة تحدّثنا فتقول :أنا آخرة قومي .وقد أكلتهم النّار جميعا ,وكان من ولد البراء بن كيسان .وسكنوا العمان ثمّ خرجوا عنها بعد أن أصابت بيوتهم نار ذهبت بأكثرهم .فجاء من بقي الحيرةَ ونزلوا بها فأقاموا .-فإنهم بها إذ غزونا قِبَلَهم- فأوقدنا نارا فأصابتهم فماتوا بها جميعا .وأدركها لبيد فوقاها النار وملكها .وكانت تحدّث أنه كان لقومها عن أساف ونائلة غير الخبر المعروف لا يشركون فيه أحدا وتقول :لم يبق اليوم من يعرفه غيري فهو هنا مكنون إلى يوم أموت .وتجعل يدها على صدرها فكأني بنهديها قد قاما واضطربا كرمال الكثبان نشأة الريح .ولما حال الحول على جنون لبيد حججت إلى الكعبة .فلما انتهيت من مناسك الحجّ كرهت أن يكون حجا بلا زيارة فإني لمنطلق من مكة إذ رأيت على طريق المدينة بيتا منفصلا عن البيوت والناس بين داخل وخارج .ولم أكن رأيته قبل ,فجئته فإذا حانوت وعربدة وعناء ونبيذ وخنى .فأنكرتها وأنا على حالي تلك من العبادة .وبينا أنا واقف راحلتي هناك ,إذ مرّ بي رجلان منصرفان من الحانوت وهما في نبيذ كثير ,فقال أحدهما ولسانه كالقصبة في الريح :قفا نشكو من ريحانة العين والحشى .
وقد ذهب عني شطر البيت فقلت :لا أبرح البلد أو اعلم جلية الأمر .فعقلت راحلتي ودخلت فإذا هي والله ريحانتنا تغني وتُلقي إلى الناس فيبسطون لها الأيدي فتمسك وتعرض كما كانت تفعل بنا فخرجت لساعتي وانطلقت لشأني .وكان آخر عهدي بها .
ثنّ طواني الدّهر وذهب أترابي في الحيّ ممن يعرفون ريحانة وإنّا انتجعنا قِبَلَ نجد فنزلت بنا امرأة فأضافها بعض الحيّ فسألت عنها فقالوا إنها تقول إنّ اسمها ريحانة .فأمرت أن تأتيني فجاءت وكانت من حيّ إلى حيّ لا تسكن عن الترحال ,تحدّث عن أبي هريرة ولا تبكي وتقول لقد جمدت عيني .وهي يومئذ قد ضرب الشيب في شعرها وذهب حسنها إلاّ نورا منه في العين وأصابت وجهها الأخاديد .وكانت لا تزال كعهدي ظريفة لسنة طيبة الحديث .ولكنها أصبح بها كالبحّ تقول فكأنما تبكي وليس على وجهها إلاّ نفس مسلمة راضية .وكانت لا تتحدّث عن ابي هريرة غلاّ كان آخر قولها :رحم الله أبا هريرة .
حديث المزح والجدّ-,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,- ص 61- 66
أرجو من التوانسة فسح المجال للمشارقة في محاولة التعرف إلى هذا الكاتب الفذّ...شكرا
أرجو من التوانسة فسح المجال للمشارقة في محاولة التعرف إلى هذا الكاتب الفذّ...شكرا
تعليق