رسالة إلى الأب جبرائيل نداف المحترم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • هادي زاهر
    أديب وكاتب
    • 30-08-2008
    • 824

    رسالة إلى الأب جبرائيل نداف المحترم

    رسالة إلى الأب جبرائيل نداف المحترم
    تحية وبعد:
    أقول لك بصراحة مطلقة بأني استصعبت مناداتك بالأب، وذلك من منطلق أن على الأب أن يرشد رعيته ويوجهها إلى طريق الصواب.. طريق المحبة بين البشر.. طريق السلام بين الشعوب ونبذ كل عدوان أينما كان.. يستطيع أي فرد أن لا يشعر بالانتماء إلى هذا الشعب الذي تحاربه إسرائيل فهذه قضية شخصية، ولكن يفترض بالأب، راعي الرعية ورب الأسرة أن يربِّي أولاده على نبذ الحروب وسفك الدماء أينما كانت.. على الأب أن يربِّي أولاده على نبذ الاحتلال.. أن يربي أولاده على كسب مال الحلال، وهذه القيم ليست متعلقة بهذه الشريحة دون غيرها، انها التربية السليمة التي تصون الأخلاق والقيم
    الإنسانية الأولية التي تميزنا كبشر عن المخلوقات الأخرى..
    من هنا استغرب دعوتك الشباب المسيحيين للخدمة في الجيش، فالاحتلال باعتراف السلطات الإسرائيلية نفسها، يمارس الإرهاب ولا مناص له من ذلك كي يُحكم سيطرته على من يحتله، وهو يقتل بأسلوب العالم السفلي. ينفذ أحكامه بشكل ميداني بدون إجراء محاكمات، والسلطات الإسرائيلية تنهب ما على الأرض وما في جوفها. بالأمس فقط قطعت شركة مياه هولندية تعاونها مع شركة "مكوروت" الإسرائيلية لان السلطات الإسرائيلية تسرق مياه الشعب الفلسطيني ناهيك عن قلع المزروعات وخاصة أشجار الزيتون والمضايقات وتحرشات المستوطنين بالسكان تحت حماية الجيش ومنع لقمة العيش وعمليات التذليل و..و.. والحواجز التي أصبح اسمها "المحاسيم". وعلى ذكر "المحاسيم" بودي أن أذكرك باعتراف الجنرال "عميرام ليفي" في مقابلة صحفية مع صحيفة "يديعوت احرونوت" في تاريخ 2007-5-11 (وأعتذر من القراء الكرام على اقتباس عبارة الجنرال النابيّة)، الجنرال بعد ان خرج إلى التقاعد وقد استيقظ ضميره قال "نحن خراء شرسون حيث نعطي التعليمات للضباط ليقوموا بتأخير امرأة فلسطينية حامل على الحاجز كي تجهض".
    لا أريد أن استرسل في ذكر جرائم الاحتلال لأن ذلك بحاجة إلى مجلدات. كما لا أريد ان أذكرك بممارسات السلطات الإسرائيلية وتنكرها لحق أهلك بالرغم من أن المحكمة العليا اصدرت قراراتها!
    الأب جبرائيل أقول تجاوزًا لو كان التجنيد سيحمل رسالة يتخللها تقريب وجهات النظر في سبيل تحقيق السلام لقلنا لا بأس ولكنك وكما ترى فإن إسرائيل تضع العراقيل والشروط التعجيزية في طريق السلام عملا بقول منسوب لهرتسل: إذا لم يكن هناك عدو فعلينا أن نخلق عدوًا كي يتكتل شعبنا لان في السلام خطر ذوباننا.

    الأب نداف، إن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد فإسرائيل تهدف إلى احتلال مناطق أخرى وقد عبر عن ذلك صراحة رئيس وزراء سابق هو يتسحاق شمير، حيث قال:
    "إن الجيل الحالي تكفيه الحدود الحالية والجيل القادم بحاجة إلى توسيع هذه الحدود" وهي اليوم تريد من السلطة الفلسطينية الاعتراف بيهودية الدولة كي تنزع عنا حقنا الشرعي في البقاء في وطننا؟!! ومن شروطها الهجينة أيضا والتي تسربت مؤخرًا.. إن على السلطة الفلسطينية أن تقنع "ايران" بالتخلي عن برنامجها النووي؟!! كلها احتيالات ثعلبية تهدف إلى التهرب من السلام .
    وبعيدًا عن الموقف المبدئي وعن الوصايا العشر وعن تعاليم الإنجيل وأقوال السيد المسيح التي تحفظها عن ظهر قلب، أريد أن أقول لك انك على خطأ شديد جدًا، إذ أنك تعتقد بان السلطات الإسرائيلية ستمنح المواطنين العرب حقوقهم بعد أن يخدموا في الجيش.. أقول لك واثقًا.. بالعكس تمامًا.. سوف تزيد السلطات اضطهادها للمواطنين الذين يخدمون في الجيش.. والبرهان ساطع أمامك.. فقد صادرت السلطات الإسرائيلية للطائفة العربية الدرزية أكثر مما صادرت لباقي الطوائف العربية.. وسوف يشكل التجنيد والخدمة في أجهزة الأمن عقبة كبيرة أمام النضال في سبيل صد الهجمات على الأرض، تمامًا كما حدث معنا عندما أرد الأهل التصدي لمصادرة سهل "الجلمة والمنصورة" التابعة لعسفيا ودالية الكرمل حيث وجدوا أولادهم بالمقابل؟!! انها اشكالية صعبة جدًا يا حضرة الاب.. لقد وقف الآباء متصدين محاربين لإبقاء الأرض لأولادهم فوجدوا أولادهم في خط الهجوم على أهاليهم.. في صف من يريد أن يسلب لهم الأرض.. ما رأيك في هذه الاشكالية. أليست بشعة؟!! وهكذا سيشجع التجنيد السلطات على مصادرة ما تبقى لنا من ارض وسيشكل عقبة أمام الدفاع عنها.. هذا بالإضافة إلى حجب مستحقاتنا من قبل وزارة الداخلية حيث ان
    ميزانية السلطات المحلية العربية الدرزية أقل من ميزانيات باقي قرانا العربية. اعتقد أنك لم تأخذ ذلك بالحسبان وها هي سلطاتنا العربية الدرزية تقول للسلطات لا نريد المساواة معكم ولكننا نطلب بمساواتنا مع بقية السلطات العربية على الأقل.
    بالله عليك.. هل تريد برهانًا اسطع من هذا البرهان وبعد 65 عامًا من قيام الدولة؟.. هل تريد 65 عاما أخرى حتى تقتنع؟ الأب جبرائيل نداف، لقد قال المثل: "إن من أخطأ ورد لا يرد" وقال: "الاعتراف بالخطأ فضيلة" و "من اعترف بذنبه فلا ذنب عليه" وكل المعطيات الواردة من كل الجهات تقول انك على خطأ فأرجو أن تحاور نفسك بعد أن
    تستعرض في ذهنك الموقف المبدئي في واجب معارضة الحروب وما تفرزه من أفعال
    تتعارض مع القيم الدينية والإنسانية، وأيضا مع ما يتعارض مع واقعنا كأقلية عربية في إسرائيل تبغي السلطات الإسرائيلية تجريدها من أرضها تمهيدًا لتنفيذ برنامجها.. اطرح ما تكسبه مما تخسره وعندها ستجد بان الخسارة فظيعة على الأوجه كافة.

    " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "
يعمل...
X