مارس و البرد القارص !

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • شعلاني سارة
    عضو الملتقى
    • 27-03-2014
    • 38

    مارس و البرد القارص !

    السلام عليكم و رحمة الله
    تحياتي الخالصة للجميع .. أرج أن تنال إعجابكم ...أتقبل أي تعقيب او نقد بصدر رحب !
    *ليكن في علم الجميع أني نشرتها في منتدى آخر !


    مارس و البرد القارص :

    " عندما توقنون و تدركون أن روحًا تعيسة بريئة قد غادرت و من المستحيل أن تعود مجددًا , مروا مرور الكرام على جثتها إن شئتم, لكن لا تدوسوا عليها , فيكفي أن الذاكرة تغاضت عنها و هي على قيد الحياة , عندما يأخذنا الغياب بغتة , و على حين غفلة , تذكروا أني كنت فيما سبق , أقف هنا ... ستبقى بعض الأشياء الصغيرة الجميلة حقًا, و إنما ... لكل شمس غروب " من أقوال وردة

    تتربع الشمس بحنان على بساط أزرق بهي, تتناثر حولها الغيوم لآلئ بيضاء؛ براقة بديعة, و تلعب النسائم البريئة هنا كالأطفال , فتداعب الأغصان الحوامل في شهورها الأولى بأحلى الثمار و أخضر الأوراق ... مياه الجداول العذبة تعدو فترتطم من حين لآخر بالحجارة و هي تتضاحك, و عصافير ذات حناجر من عاج , تنظم الأوركسترا كل صباح و مساء تسبيحًا للجليل, و زخات دافئة بين الفينات , يصنعون سيمفونية الأمل , هكذا تدرك الأرض أن الربيع قد حلَّ , فتفتح نوافذها كي يتسلل عبرها النور للزهور فتستيقظ و تخرج لتشارك العالم فرحته بكل ما هو فيها ... على الرابية, ملكة الورود تتأمل في أبهة الزهور تلهو و تتباهى بفساتينها و أوراقها التي أينعت, تتهادى تبعًا للإيقاع و تتمايل معها ظلالها خلفها, تشع كالدُّرر, تزيد اللوحة غلاءً و عذوبة, تحت جذورها , زهور فتية صغيرة تغط في نوم لذيذ , تمر على كل واحدة منهن عرَّابتها لتمسح عن وجهها الرقاد [ استيقظي كاميليا , قومي و انبثقي , فكلنا في الخارج رافعات رؤوسنا ... استيقظن كلكن, فقد حلَّ الربيع , إنه مارس !]" ... مرت المساءات الجميلة , و كلهن في نفس الإشراق و السحر يتراقصن !
    الجوري الحمراء تضفي على الأرض حميمية !
    التوليب و مكنوناتها البهية تبث الحب في كل صوب !
    الأوركيد الحسناء الفاتنة, عقد من المرجان على جيد امرأة !
    الليلك شذاها يعبق في الجو, فيهدئ الأعصاب !
    الأجراس الزرقاء يرن ضحكها العذب في الأرجاء !
    القلب النازف رغم حزنها تبتسم في وجه الشمس !

    زنبقة الماء , اللوتس , ألستروميريا , شقائق النعمان , الشمعة , لكل واحدة منهن كلمة تُقال !

    مرت المساءات الجميلة جميلة حقًا , مهرجانات عديدة نُظِّمت , آخرها كان مهرجان زهور الدفء , تلك التي تعشق الشمس و لا تتفتح إلا في حضرتها , و تنغلق على نفسها في عز الصباح إن كان الجو مثقلاً بالبرد ... أمطرت يومها رذاذًا ؛ و كم هي زكية الأرض بعد المطر و كأنها قد تطهرت من الذنوب و الأوزار؛ لكن الريح التي أتت بها جلبت معها في ربيع الأمل من الجبال شيئًا آخر ... الزهور لم تكن تعلم بهذا , لأخََََّرتـ موعد مولد عاشقة الدفء , رغم أن السماء أنذرت منذ الفجر بالشؤم , و كذا قطرات الندى المتجمدة على رؤوسهن , لكنهن لم يبالين و استمررن في مراسيم الاستقبال , فما سيجري ليس من المفترض أن يجري ... النسائم اللاهيات أضحين طائشات سريعات يرتطمن بكل شيء فيبثثن فيه البرد و الخوف, حلَّ المساء كما في كل مرة , لكن دونما أي جمال هته الكرة , مظلمًا و معتمًا , هددت سماؤه الملبدة بعاصفة هوجاء , و اختفت كل تلك الألوان , ثبتت الزهور رؤوسها إلى الأعلى تراقب الحالكات قابضات قلوبهن , منتظرات لا محالة الهلاك , دقائق معدودات , و سقطت أول حبة ثلج , شكلها الهندسي دقيق مدهش , بيضاء ناصعة , تنم عن الوداعة و اللطافة , صغيرة و حلوة ؛ و تتابعت أخواتها من بعدها ببطء , و سقط معهن نوع من الغرابة و الأمان , ثم فجأة , اشتد الهطول و زمجرت الرياح , فاقتلعت الزهور الصغيرة الغير ثابتة , و رجت الأخريات و هزتها بقوة , ثم مرت على زهور الدفء فأفزعتها فراحت تنوح ثم انكمشت و تقلصت, دبَّ الرعب في كل الثنايا , زارعًا هته المرة و منتظرًا أن ينمو؛ الإحباط و البكاء ... بعد أن أكلت العاصفة كل شيء , بدأت تسكن رويدًا رويدًا , ثم توقف الاضطراب , و تحول كل ذلك الاخضرار إلى بياض صارخ , الأغصان الحوامل أجهضن , الجداول ترتجف مياهها من الصقيع , اختفت العصافير في مكان ما و أقسمت على أن لا تخرج, و راحت زهور الدفء الرضيعة ضحية و انغلقت على نفسها للأبد و انطوت ... رفعت الناجيات رؤوسهن بعد أن حمين أنفسهن تحت أوراقهن و وراء الصخور , و جِلْنَّ بأبصارهنَّ في الخراب باكيات , نادتهنَّ ملكة الورود من فوق الرابية , مغمورة بالثلوج و قد كانت أشهدهن على ما جرى [ لم يعد الربيع آمنًا ! , عودي يا زهوري؛ لنستلقي جميعًا و نُكَفِن أنفسنا بكفن الثلوج للأبد, فقد ذهب الذين نحبهم ! ] ...
    مازال الربيع واقفًا, إنما الزهور التي لا طالما أحبته و عاملته بلطف و احترام, غادرت و لم تعد مجددًا لسطح الأرض !

    نتهى !

    دمتم في أمان الله و رعايته ♥!

    بقلم/ شعلاني سارة !

    التعديل الأخير تم بواسطة شعلاني سارة; الساعة 23-05-2014, 14:44.
    [CENTER][SIZE=4][URL="http://up.top4top.net/downloadf-top4top_41c3114bcb1-pdf.html"][COLOR=#ee82ee]هدايا الشهاب تحميل [/COLOR][/URL]
    [/SIZE][SIGPIC][/SIGPIC]
    [/CENTER]
  • زياد الشكري
    محظور
    • 03-06-2011
    • 2537

    #2
    أختي الكريمة .. أنتِ كاتبة متمكنة من أدواتكِ ما شاء الله ..
    أنشري خواطركِ بقسم : صيد الخاطر لتلقى حراك الإخوة عليها ..

    العبارة المدخليّة " من أقوال وردة " كانت بمثابة صدمة إبتدائية مُدهشة ..
    تجبر القارئ على إكمال القراءة حتى آخر النص .. وُفِقتِ في ذلك ..

    إحساس الفرح موّزع بالنص بصورة مُكثفة : حنان الشمس , لآلئ الغيوم ,
    الأغصان الحوامل , الجداول العذبة الضاحكة , حناجر العصافير العاجيّة ,
    تسبيح الأوركسترا , الزخات الدافئة , سيمفونية الأمل ... وغيرها ..
    هذا الحشد المُكثف للفرح يجعل القارئ كإناء تعبئه هذه المشاهد بالفرح ..

    على نفس النهج سارت الكاتبة في توظيف الألوان لصنع مشاهد بصريّة , مثل :
    تشبيه السماء ببساط أزرق , بياض الغيوم , الأوراق الخضراء .. ثم الإنتقال بتوهج :
    إلي نثر أسماء الورود مختلفة الألوان في توصيف راقي الحرف .. ووُفقت في ذلك ..

    بعد هذا التنامي الوصفي البهيج فجأة تُوتر الكاتبة قارئها بإنعطافة حادة ومدهشة :
    ( هددت سماءه الملبدة بعاصفة هوجاء , و اختفت كل تلك الألوان ) وكأنها تهدد بمسح اللوحة السابقة !
    وتجلت براعتها في تخفيف التوتر بالعودة لأسلوبها السابق في الوصف بالألوان وإيحاءات الفرح ..
    ( و سقطت أول حبة ثلج , شكلها الهندسي دقيق مدهش , بيضاء ناصعة , تنم عن الوداعة و اللطافة , صغيرة و حلوة ؛ )
    ثم تعود بنا إلي نفس بؤرة التوتر بجمل فعلية حركية متلاحقة بإحترافية فذة في التلاعب بمشاعر القارئ :
    ( ثم فجأة , اشتد الهطول و زمجرت الرياح , فاقتلعت الزهور الصغيرة الغير ثابتة , و رجت الأخريات و هزتها بقوة , ثم مرت على زهور الدفء فأفزعتها فراحت تنوح ثم انكمشت و تقلصت, دبَّ الرعب في كل الثنايا , زارعًا هته المرة و منتظرًا أن ينمو؛ الإحباط و البكاء ) ..

    إذا حاولت قراءة الخاطرة بإستكناه نفسي لمجرياتها .. أقرأ : ( فقد ذهب الذين نحبهم ) ..
    هنا نقف بين الذكرى والواقع , بين الوجود الذي كان والعدم الكائن ..
    فكأنه كان النص يبوح برمزيّة يمكن إسقاطها على عالم البشر ..
    وكأنه ثمة حالة واقفة بين تذكر الربيع وبرودة العاصفة الثلجيّة .. !!

    وكان هذا فقط ما تناولته مجتهداً فيه أمام نص من الروائع لكاتبة قديرة ..
    كل الشكر على متعة القراءة لكِ .. وتقبلي قراءة ذائقة لا نقد ..

    - في صندوق بريدكم تجدون طلبنا بإضافة النص بقسم الخاطرة حيث يستحق أن يكون -

    تعليق

    • زياد الشكري
      محظور
      • 03-06-2011
      • 2537

      #3
      توجد قياسات خط مريحة للعين ( إبتسامة )

      تعليق

      • أم يونس
        عضو الملتقى
        • 07-04-2014
        • 182

        #4
        رائعة أنتِ ياسارة ،
        إنني لأقف أعجاباً وذهولاً لهذا النص الفريد !

        أعجبني وفاءك الشديد للغة العربية،
        وما قد أرسلت هو رأي شخصي فقط ،
        الأحمر تضاف ، والأزرق تمحى أو تعدل ،
        واللغة مرنة قد أخطئ أو أصيب ، و أثق بك أكثر من نفسي في حسن عشرتكِ مع اللغة .
        التعديل الأخير تم بواسطة أم يونس; الساعة 08-05-2014, 16:52.

        تعليق

        • شعلاني سارة
          عضو الملتقى
          • 27-03-2014
          • 38

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة زياد الشكري مشاهدة المشاركة
          أختي الكريمة .. أنتِ كاتبة متمكنة من أدواتكِ ما شاء الله ..
          أنشري خواطركِ بقسم : صيد الخاطر لتلقى حراك الإخوة عليها ..

          العبارة المدخليّة " من أقوال وردة " كانت بمثابة صدمة إبتدائية مُدهشة ..
          تجبر القارئ على إكمال القراءة حتى آخر النص .. وُفِقتِ في ذلك ..

          إحساس الفرح موّزع بالنص بصورة مُكثفة : حنان الشمس , لآلئ الغيوم ,
          الأغصان الحوامل , الجداول العذبة الضاحكة , حناجر العصافير العاجيّة ,
          تسبيح الأوركسترا , الزخات الدافئة , سيمفونية الأمل ... وغيرها ..
          هذا الحشد المُكثف للفرح يجعل القارئ كإناء تعبئه هذه المشاهد بالفرح ..

          على نفس النهج سارت الكاتبة في توظيف الألوان لصنع مشاهد بصريّة , مثل :
          تشبيه السماء ببساط أزرق , بياض الغيوم , الأوراق الخضراء .. ثم الإنتقال بتوهج :
          إلي نثر أسماء الورود مختلفة الألوان في توصيف راقي الحرف .. ووُفقت في ذلك ..

          بعد هذا التنامي الوصفي البهيج فجأة تُوتر الكاتبة قارئها بإنعطافة حادة ومدهشة :
          ( هددت سماءه الملبدة بعاصفة هوجاء , و اختفت كل تلك الألوان ) وكأنها تهدد بمسح اللوحة السابقة !
          وتجلت براعتها في تخفيف التوتر بالعودة لأسلوبها السابق في الوصف بالألوان وإيحاءات الفرح ..
          ( و سقطت أول حبة ثلج , شكلها الهندسي دقيق مدهش , بيضاء ناصعة , تنم عن الوداعة و اللطافة , صغيرة و حلوة ؛ )
          ثم تعود بنا إلي نفس بؤرة التوتر بجمل فعلية حركية متلاحقة بإحترافية فذة في التلاعب بمشاعر القارئ :
          ( ثم فجأة , اشتد الهطول و زمجرت الرياح , فاقتلعت الزهور الصغيرة الغير ثابتة , و رجت الأخريات و هزتها بقوة , ثم مرت على زهور الدفء فأفزعتها فراحت تنوح ثم انكمشت و تقلصت, دبَّ الرعب في كل الثنايا , زارعًا هته المرة و منتظرًا أن ينمو؛ الإحباط و البكاء ) ..

          إذا حاولت قراءة الخاطرة بإستكناه نفسي لمجرياتها .. أقرأ : ( فقد ذهب الذين نحبهم ) ..
          هنا نقف بين الذكرى والواقع , بين الوجود الذي كان والعدم الكائن ..
          فكأنه كان النص يبوح برمزيّة يمكن إسقاطها على عالم البشر ..
          وكأنه ثمة حالة واقفة بين تذكر الربيع وبرودة العاصفة الثلجيّة .. !!

          وكان هذا فقط ما تناولته مجتهداً فيه أمام نص من الروائع لكاتبة قديرة ..
          كل الشكر على متعة القراءة لكِ .. وتقبلي قراءة ذائقة لا نقد ..

          - في صندوق بريدكم تجدون طلبنا بإضافة النص بقسم الخاطرة حيث يستحق أن يكون -
          أشكر لك هذا الاطراء بشدة ... إنه شرف كبير لي
          أخجلتني
          ☺ ! سعادة عارمة غمرتني لأنها نالت رضاك و إعجابك !
          دمت في أمان
          الله !
          [CENTER][SIZE=4][URL="http://up.top4top.net/downloadf-top4top_41c3114bcb1-pdf.html"][COLOR=#ee82ee]هدايا الشهاب تحميل [/COLOR][/URL]
          [/SIZE][SIGPIC][/SIGPIC]
          [/CENTER]

          تعليق

          • شعلاني سارة
            عضو الملتقى
            • 27-03-2014
            • 38

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة أم يونس مشاهدة المشاركة
            رائعة أنتِ يا سارة ،
            إنني لأقف أعجاباً وذهولاً لهذا النص الفريد !

            أعجبني وفاءك الشديد للغة العربية،
            وما قد أرسلت هو رأي شخصي فقط ،
            الأحمر تضاف ، والأزرق تمحى أو تعدل ،
            واللغة مرنة قد أخطئ أو أصيب ، و أثق بك أكثر من نفسي في حسن عشرتكِ مع اللغة .
            و أنت الأروع .. و أعتذر عن تلك الأخطاء ^^"
            من دواعي سروري أن تعجبي بما كتبت
            .. شكرًا لإدخال الفرحة لقبي .. جزاك الله بالمثل ♥ !
            دمتِ في أمان
            الله !
            [CENTER][SIZE=4][URL="http://up.top4top.net/downloadf-top4top_41c3114bcb1-pdf.html"][COLOR=#ee82ee]هدايا الشهاب تحميل [/COLOR][/URL]
            [/SIZE][SIGPIC][/SIGPIC]
            [/CENTER]

            تعليق

            • حسن محمد حسن
              أديب وكاتب
              • 16-05-2014
              • 36

              #7
              البرد قارسٌ أم قارص ؟
              يبدو أنني أمارس الجهل منذ البداية ، هي بداياتي دائما هكذا ، لاعليكم إنما عذر العلماء ماأبغي .

              تعليق

              • شعلاني سارة
                عضو الملتقى
                • 27-03-2014
                • 38

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة حسن محمد حسن مشاهدة المشاركة
                البرد قارسٌ أم قارص ؟
                يبدو أنني أمارس الجهل منذ البداية ، هي بداياتي دائما هكذا ، لاعليكم إنما عذر العلماء ماأبغي .
                يجوز كل من قارس أو قارص و الله أعلم .. المهم بحثت عن هذا ~.~ .. و وجدت ان لهما نفس المعنى !
                [CENTER][SIZE=4][URL="http://up.top4top.net/downloadf-top4top_41c3114bcb1-pdf.html"][COLOR=#ee82ee]هدايا الشهاب تحميل [/COLOR][/URL]
                [/SIZE][SIGPIC][/SIGPIC]
                [/CENTER]

                تعليق

                يعمل...
                X