صرير الذكريات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • احمد فاضل
    الف فاء
    • 15-01-2014
    • 251

    صرير الذكريات

    ها أنا أقف هنا من جديد . في الساعة التي تسبق الغروب بقليل .
    البيت هنا يرقد بسلام , وتلك الشجره ما زالت تنمو . نسمات تمر تحمل كلاما كثيرا قيل يوما , لم يزل عالقا في الأجواء . حزن بهيم وذكريات تسحق القلب .
    في نهاية الطريق قبل المنحدر بقليل , يستقر البيت القديم الوديع . بيتها . مغلفا بالهدوء والصمت العميق
    مهجورا . منذ ذلك الزمان الذي لم يعد موجودا .
    ألأبواب والنوافذ مغلقه باحكام , لوحتها شمس من سنين كثيره , حتى بهت طلاؤها وتقشر . شجرة الياسمين شعثه تتشبث بسلك معدني صدئ مربوط بأعلى الجدار احترفت الصبر والنمو بصمت , تزهر ثم تسقط أوراقها في دورة طويله لايكترث لها أحد . كم تهادينا أوراقها !
    وقفت هناك فوق مساحة أيام طويله غادرتنا . مارست البكاء الجاف وذكرى صبية بيضاء نقيه خرجت من هذا الباب المغلق تمتطي سحابة بيضاء يهمزها ضباب أبيض . على جبينها اكليل ورد ليلكي , أجفانها مسدله تحتهما نداء , ورموش سوداء طويله تفلتت من طفوله . في فمها كلمات أطبقت عليها شفاه ورديه . يا لهذه الدنيا الغير جديره بأحلامنا , كيف طوت أفراحا سكنت قلوبا صغيره , وعبارات قيلت بخجل ولهفة في طريق خال في يوم بارد .
    رحلوا تباعا دون استئذان , وهي رحلت معهم , الى بلاد بعيده سافروا اليها بطائره يبحثون عن حياة أفضل وهموم جديده .
    توجهت نحو شرفه لي معها قصة طويله , طالما تمنيت أن أدخلها أو أقترب منها أقبل حجارتها ...
    لكن ذلك كان بعيد المنال بل مستحيلا .
    ها أنا ألآن أتوسطها , واسعه قليلا بلاطها مزخرف مغطى بطبقه سميكه من غبار تحول الى تراب , لها باب يفضي الى داخل البيت مغلق هو أيضا . حجارتها صامته أظنها عرفتني . ذرعتها بطريقة الذهاب والاياب كما كانت تفعل وهي تذاكر دروسها , ممسكه بكتاب شفاه تتحرك بسرعه تستظهر , وأصبع سبابة أبيض يتحرك باستمرار وعيون تدور في محجريهما باهتمام , تتوقف عن النظر الى صفحات الكتاب فجأه , تنظر الى الأعلى قليلا بعيون شاخصه وهي تفكر بشئ قرأته غالبا ماتصل الى طريق مسدود شعور بالضيق يعتريها زفرة غاضبه ... تتوقف ثم تمنحني نظره طويله وابتسامه أقرب الى ضحكة صغيره يطير لها قلبي شعاعا . . كانت هذه طريقتها في حفظ دروسها وحبها لي !
    نظرت من مكاني في الشرفه الى ذلك السور الذي كنت أجلس عليه دوما أراقبها من هناك .
    تغييرا كبيرا طرأ على المشهد . أنا أقف مكانها , مكاني هناك فارغ مني هي غير موجوده , شرفه متربه وأبواب ونوافذ مغلقه وساعة غروب كئيبه وقلب تعتصره الذكريات ....
    تحسست مقبض الباب لعله بقي شيئا من أثر يدها . تخيلتها عندما كانت تخرج منه , بحثت عن كتاب عن نظرات ربما نسيتها هنا عن قميص له ياقة ورديه كانت ترتديه عن ورقه رسمت عليها قلبا يخترقه سهما على طرفيه حرفين يقطر دما أو دموعا بحثت طويلا ...
    لم تترك شيئا .

    التعديل الأخير تم بواسطة احمد فاضل; الساعة 10-05-2014, 12:10.
  • المصطفى العمري
    أديب وكاتب
    • 24-09-2010
    • 600

    #2
    المشاركة الأصلية بواسطة احمد فاضل مشاهدة المشاركة
    ها أنا أقف هنا من جديد . في الساعة التي تسبق الغروب بقليل .
    البيت هنا يرقد بسلام , وتلك الشجره ما زالت تنمو . نسمات تمر تحمل كلاما كثيرا قيل يوما , لم يزل عالقا في الأجواء . حزن بهيم وذكريات تسحق القلب .
    في نهاية الطريق قبل المنحدر بقليل , يستقر البيت القديم الوديع . بيتها . مغلفا بالهدوء والصمت العميق
    مهجورا . منذ ذلك الزمان الذي لم يعد موجودا .
    ألأبواب والنوافذ مغلقه باحكام , لوحتها شمس من سنين كثيره , حتى بهت طلاؤها وتقشر . شجرة الياسمين شعثه تتشبث بسلك معدني صدئ مربوط بأعلى الجدار احترفت الصبر والنمو بصمت , تزهر ثم تسقط أوراقها في دورة طويله لايكترث لها أحد . كم تهادينا أوراقها !
    وقفت هناك فوق مساحة أيام طويله غادرتنا . مارست البكاء الجاف وذكرى صبية بيضاء نقيه خرجت من هذا الباب المغلق تمتطي سحابة بيضاء يهمزها ضباب أبيض . على جبينها اكليل ورد ليلكي , أجفانها مسدله تحتهما نداء , ورموش سوداء طويله تفلتت من طفوله . في فمها كلمات أطبقت عليها شفاه ورديه . يا لهذه الدنيا الغير جديره بأحلامنا , كيف طوت أفراحا سكنت قلوبا صغيره , وعبارات قيلت بخجل ولهفة في طريق خال في يوم بارد .
    رحلوا تباعا دون استئذان , وهي رحلت معهم , الى بلاد بعيده سافروا اليها بطائره يبحثون عن حياة أفضل وهموم جديده .
    توجهت نحو شرفه لي معها قصة طويله , طالما تمنيت أن أدخلها أو أقترب منها أقبل حجارتها ...
    لكن ذلك كان بعيد المنال بل مستحيلا .
    ها أنا ألآن أتوسطها , واسعه قليلا بلاطها مزخرف مغطى بطبقه سميكه من غبار تحول الى تراب , لها باب يفضي الى داخل البيت مغلق هو أيضا . حجارتها صامته أظنها عرفتني . ذرعتها بطريقة الذهاب والاياب كما كانت تفعل وهي تذاكر دروسها , ممسكه بكتاب شفاه تتحرك بسرعه تستظهر , وأصبع سبابة أبيض يتحرك باستمرار وعيون تدور في محجريهما باهتمام , تتوقف عن النظر الى صفحات الكتاب فجأه , تنظر الى الأعلى قليلا بعيون شاخصه وهي تفكر بشئ قرأته غالبا ماتصل الى طريق مسدود شعور بالضيق يعتريها زفرة غاضبه ... تتوقف ثم تمنحني نظره طويله وابتسامه أقرب الى ضحكة صغيره يطير لها قلبي شعاعا . . كانت هذه طريقتها في حفظ دروسها وحبها لي !
    نظرت من مكاني في الشرفه الى ذلك السور الذي كنت أجلس عليه دوما أراقبها من هناك .
    تغييرا كبيرا طرأ على المشهد . أنا أقف مكانها , مكاني هناك فارغ مني هي غير موجوده , شرفه متربه وأبواب ونوافذ مغلقه وساعة غروب كئيبه وقلب تعتصره الذكريات ....
    تحسست مقبض الباب لعله بقي شيئا من أثر يدها . تخيلتها عندما كانت تخرج منه , بحثت عن كتاب عن نظرات ربما نسيتها هنا عن قميص له ياقة ورديه كانت ترتديه عن ورقه رسمت عليها قلبا يخترقه سهما على طرفيه حرفين يقطر دما أو دموعا بحثت طويلا ...
    لم تترك شيئا .


    لعل أرق النسمات وأعذبها تلك التي تحمل كلاما كثيرا قيل
    أو ما زال في الذاكرة مشروعا ينتظر فرصة التحقق المادي
    جميل هذا الغوص في ذكريات مضت وهذا الحنين المضني
    مؤلم هذا البحث المستمر الذي ربما لاطائل تحته بفعل تغيرات خارجة عن الطاقة
    سعدتُ كثيرا بقراءة خاطرة متميزة راقية التعابير والأحاسيس.
    الأستاذ أحمد فاضل دام ليراعك العطاء
    شكرا كثيرا.

    ارحل بنفسك من أرض تضام بها.....ولاتكن من فراق الأهل في حرق
    من ذل بـين أهالـيه ببلدتـه..... فالإغتراب له من أحسن الخلق.

    عن الإمام الشافعي

    تعليق

    • احمد فاضل
      الف فاء
      • 15-01-2014
      • 251

      #3

      أخي المصطفى العمري
      أهلا بك ومرحبا
      في كل مره نقول بها هذا مضني
      تأبى النفس
      أنا رجل أنتمي للماضي وأعيشه
      هذا الحاضر لاأعرفه
      أنتقيه وأخرجه من جديد
      أتأمله ...
      وتستمر الحياة
      شكرا لمرورك الطيب
      كل الاحترام والتقدير .

      تعليق

      • بدرية مصطفى
        أديب وكاتب
        • 16-09-2013
        • 7612

        #4
        خاطر متميز بحق
        لذكريات مازلت تتكرر
        مشاهدها كلما جلسنا بنفس المكان
        وان تغير المشهد
        لكنها محفورة في المخيله

        راق لي ما قراءت
        وكانه يحكي قصة
        من اعماق الذكريات

        تقديري وجل احترامي




        الحياة كالوردة .. كل ورقة خيال .. وكل شوكة حقيقة

        تعليق

        • حور العازمي
          مشرفة ملتقى صيد الخاطر
          • 29-09-2013
          • 6329

          #5
          خاطر فاخر من قلم مبدع
          كثير من الذكريات تتكرر
          في الحياة

          القدير/ احمد فاضل
          نص رائع
          دام الإبداع ديدنك
          تقديري
          حور

          تعليق

          • احمد فاضل
            الف فاء
            • 15-01-2014
            • 251

            #6

            اخت بدريه
            مرورك يسعدني دوما
            اشكرك جدا
            مع احترامي واكثر

            تعليق

            • احمد فاضل
              الف فاء
              • 15-01-2014
              • 251

              #7
              أهلا بهذا العطر
              اديبتنا الراقيه حور
              بدون حروفك
              ينقصنا الالق
              احترامي وتقديري الكبيرين

              تعليق

              • زياد الشكري
                محظور
                • 03-06-2011
                • 2537

                #8
                تمتد يدك إلي رف الكتب، تأخذ كتاباً ببساطة..
                تريد أن تقرأ وقد إخترت واحداً يلبي رغبتك..
                هل الأمر بسيط حقاً ؟ هل تأملته يوماً ؟

                يقول جلّ وعلا : وفي أنفسهم أفلا يبصرون؟
                والسؤال هنا لإنكار حالة من لا يبصر في نفسه..
                خلقه، أفعاله، مشاعره،... والقائمة الـ تطول!

                هل تعلم أنك تقرأ وِفق حالتك النفسية؟
                قد يبدو الأمر لك كتاباً إخترته فقط وببساطة..
                كنت قد عزمت يوماً في نفسك أن تقرأه..
                أعجبك عنوانه، أو غلافه، أو كاتبه..
                ولكن عندما تمتد يدك إليه يوماً..
                فهذا لأن لا شعورك يريده.. يطلبه!

                أظنني جنحت بعض الشئ.. أو أن الشرح يطول..
                أحببت فقط الإشادة بجودة ما تكتب.. وأنني :
                أقرأ لك في الصباح مع كوب قهوة وفرح يوقظني..
                لأجد في حزن حرفك، اكسير شجن بطعم القهوة..
                الخليط حزن وفرح..

                للتثبيت..

                تعليق

                • احمد فاضل
                  الف فاء
                  • 15-01-2014
                  • 251

                  #9

                  أخي زياد ...
                  أشكر هذا الذوق النبيل وهذا العمق
                  والرقي ...
                  ان لم نكن أوفياء للماضي
                  فحاضرنا يصبح مزيف
                  عندما أكتب أغمس القلم في قلبي وأكتب
                  ولاأحسن غير هذا
                  شيئا ما يشدني للماضي بقوة غريبه
                  أشكر حرفك وشفافيه انت تتمتع بها
                  احترامي وتقديري الصادقين أخي .

                  تعليق

                  يعمل...
                  X