مضى عليه اكثر من اربعين دقيقه وهو لا يزال متكئا على جذع شجرة هرمه لفظت انفاسها الاخيره في زمن العطش..شيخ طاعن في السن تحكي تجاعيد وجهه قصة حياته ومماته في نفس الوقت..لم يذق طعم الراحه في يوم ما وكانت الحياة بالنسبة اليه اشبه بالوهم والضياع ..عاش ادم طفولته يتيما لم يتعرف على تقاطيع وجه ابيه ولا امه..ترعبه وحشة الظلام واشباح الليل واصوات الرياح..لم يستطع التعرف حتى على نفسه فتارة تاخذه نوبة من الخوف فيظل قابعا في صمته وأخرى تراه ينط من على رؤوس الجبال.. تجمعت قبل لحظات قطع كثيرة من الغيم في ألقبه السماوية واتخذت صورا واشكالا مألوفه وغير مألوفه ..فوق رأسه بأتجاه 45 درجه تقريبا،تناطح اثنان من الثيران الهائجه وفرّ حملٌ وديع مذعورا من بين قدميهما الغليظتين اللتين بدتا وكأنهما ترفسان في الهواء بعشوائية ..لم يكن الصراع الدائر في القبه السماويه يثير اهتمامه بأي شكل من الاشكال..ولا فرار الحمل الوديع بسرعه من شدة الخوف..ولا حتى هذا السيل الذي راح ينزل من تحت اقدام الثيران بغزاره..وكمن اختلى بنفسه لحظات راح يردد لحنا غير خاضعا لنوته موسيقيه وهو لا يزال متكئا على جذع الشجرة..شئ من الالم يعصر قلبه..ومن دون ان يشعر انفلت الصوت من الحنجره..هل اني ولدت كي اموت؟واسئله اخرى كثيره ومرادفه ماتت داخله مخنوقة في جوف اوتاره الصوتيه..شعر بالتجمد يشل بعضا من اجزاء اطرافه وتحول اغلب اصابع يديه الى ما يشبه رؤوس الجزر الأحمر فات على خزنه فترة من الزمن .. غطّى السيل نصفه الاسفل ..لم يقوى الان على التشبث بالجذع ..ولا حتى الإمساك به..سوف يسقط بكامل جسده على الارض المغمورة ..وتخيل مجموعة من العناكب الغريبه تتحرك تحت جلده المبلل بالماء ..فيحس بلدغاتها تظهر بشكل قرصات برد مشهاب العجوز..تحول اخر اصابع يديه الى رأس جزر جديد!..أحس بدوار ولغط وأصوات غير مفهومه..وطافت حوله فجأة غمامه.. لاصقته تماماً حتى كاد يختفي بداخلها .. تحول بعد هنيهةٍ كل شئ الى عتمة قاتمه ثم غابت الشمس...وبكت الغيوم مطرا كثيفا..متواصلا..ظل صدى الأصوات مدويا حول الشجره لفترة طويله من الزمن ..وصارت الشجره مزاراً يتبرك به الناس..لم يستطع احد فك شفرة تلك الاصوات..وكثرت الشائعات فقال بعضهم ان ادم مات وسوف يأتي
ادم اخربعده..وقال اخرون بانه سيظهر عن قريب في مثلث برمودا


عبدالهادي المياح


21\2\2014