لأنكِ نيسانيَ المنتظَرْ
وفي لغتي المبتدا والخبر
وغزل الضياء لثوب الصباح
وعزف الغمام نشيد المطر
لأنك فوح الصلاة، ونوح
الحمام وبوح العبير النضِر
وقبلة نور على ثغر فجر
ونبض الربى في ربيع عطر
أحبكِ يا موجة سافرت فيَّ
من عبق السوسن المستعر
فغرد بين ضلوعي الفَراش
وغرغر ملء ضلوعي سحَر
وصفقت الأمنيات وغنتْ
وعرَّش في فيء روحي سَكَر
فأصبحت أنصت للياسمين
يصلي، وأسمع رقص الصور
ترف بجفن الورود، وأبصر
في الزنبق الغض همس الخفر
وإذ بالندى ترمق الأفق الرحب
أحداقه وتطيل النظر
وإذ بالنجوم وقد اصبحت
حليّاً تشع بأبهى الدرر
لذاك الربيع يثرثر في
مقلتيكِ وللمرمر المنتثر
على الهدُبين وبين الرموش
وفوق جفون وشاها الحور
وللذكريات التي طرزتها
الليالي على شعرك المنهمر
على كتفيك كصوت من الغيب
أو كالنبيذ الذي يُعتصر
من الكرمة البكر غسّلها
بيديه الضحى أو كحلم خطر
ببال البلابل إما غفت
ونسم يدوزن عطر الزهَر
لرجع صدى الموج دغدغ صدرك
والشفق اللاهب المعتكر
بمثل الغييمات، أو زغب الطير
أو بفتات سناً منكسر
لكل الجمال الذي تكتبين
بعينيكِ أخشع حتى الخدر
فما هو إلا أقل من الحلم
حتى أحس دنوَّ القمر
تقبلني شفتاه ويحضنني
ساعداه فيحلو السهر
بأحضانه حيث تبرق عيناكِ
أرجوحتان، شراعا سفر
وبابان قد أشرقت منهما
فراديس، وافترَّ ثغر القدر
وإذّاك أشعر أني اغتسلت
بنفح الأريج وسيل العبر
تسلسل من مقلة الشمس عند
الغروب ومن نهَدات النهَر
فيصبح نبض فؤادي كرقص
الحرير وغنج غصون الشجر
ومذاك تكتبني مقلتاك
حكاية حب ببال الوتر
وأصبح جذوة عشق على
وجنتيها يزغرد عصف الشرر