[align=center]مقابلة مع الشاعر / محمود النجار - مؤسس ورئيس تجمع شعراء بلا حدود[/align]
[align=right]حوار أجراه : حيدر عبد الرحمن الربيعي[/align]
[align=right]نضجت تجربته الشعرية في الشارقة العاصمة الثقافية لدولة الإمارات العربية المتحدة ، تلك المدينة التي جمعت الأدباء والشعراء والفنانين على صعيد واحد ، وفتحت لهم آفاقا واسعة للإبداع ..
كانت الشارقة أول قلاع الشاعر النجار ، وآخرها على الأرض .. فقد فتحت له هناك أبواب المجد والشهرة .. صحافة تنتظر آخر ما يكتب .. ومحطات تلفزة تستضيفه ، ومنتديات ثقافية تدعوه ليسكب في فضاءاتها آخر ألحانه ..وعلاقات شخصية على مستوى عال .. عاد إلى الأردن بعد غيبة طويلة في دولة الإمارات ؛ فوجد نفسه غريبا عن الأجواء الثقافية التي اعتاد على مثلها في الشارقة .. أصيب بإحباط بادئ الأمر ، ثم سرعان ما طار إلى الفضاء ، وارتضى هذا الوجود الضخم له ولشعره وقصصه القصيرة والقصيرة جدا .. لم يعد يفكر في الكتابة الورقية ، ولا الدواوين المطبوعة ، بعد أن صار الفضاء عالمه كله .
محمود النجار واحد من الشعراء الذين يستوحش بهم المكان ، وتلقي بهم المنافي المادية والشعورية بعيدا عن واقع الآخرين .. فهو يعيش في شبه عزلة اجتماعية ، لا يتفاعل مع المحيط الثقافي الذي يعيش فيه ، وارتضى لنفسه الفضاء الرقمي مساحة واسعة للعطاء والإبداع الذي لا يتوقف عند حد ..
تقلب محمود النجار في عدة أعمال ، فقد عمل في التعليم والإدارة المدرسية والصحافة وعالم الدعاية والإعلان ، وجرب حظه في التجارة ؛ فلم يفلح .. ولظروف خارجة عن إرادته عاد من جديد إلى عالم التربية والتعليم وتبوأ أخيرا منصب مدير إدارة البرامج الأجنبية في إحدى المدارس الخاصة في عمان . .
استطاع محمود النجار بما لديه من طاقة إبداعية أن يأخذ لنفسه مساحة واسعة في الفضاء الرقمي ، حيث تتوزع كتاباته على رقعة واسعة من المواقع الأدبية والفكرية ؛ فهو يكتب القصيدة والقصة القصيرة والقصة القصيرة جدا والمقالة السياسية ، كما يكتب في النقد أحيانا .. وقد تضخم فضاء الشاعر بعد أن أسس تجمعا شعريا أطلق عليه ( تجمع شعراء بلا حدود ) هذا التجمع الذي استقطب إليه عددا من كبار الشعراء ، وكانت انطلاقته في 25/10/2007 ، وها هو بعد أشهر قليلة يطلق العنان لمسابقة شعرية دولية على مستوى عال من الإتقان .. يواصل هذا الرجل ليله بنهاره لتحقيق أهداف وأحلام ظل يسعى لها طوال حياته ، تتمثل في صناعة جديدة لعالم يكون هو سيده أو أحد سادته الكبار ؛ فروحه التواقة تشتهي الصعود ، وتأبى الرجوع إلى الخلف ..[/align]
[align=right]سألناه عن بداياته ، ذلك السؤال التقليدي :
1. متى بدأت تقتنع بأنك شاعر تلتفت الأنظار إليه ؟ فأجاب :
ـ بدأت ألفت أنظار من حولي وأنا على مقاعد الدراسة الإعدادية ، حيث تمكنت من كتابة بعض القصائد بمستوى معقول ، يكاد يخلو من الأخطاء ، وبرزت قدراتي في المرحلة الثانوية ، حتى أصبحت في أثناء الدراسة الجامعية أحد شعراء الجامعة الأردنية الذين يشار لهم بالبنان ، ويعود الفضل في ذلك إلى والدي بالدرجة الأولى ، ذلك الرجل العظيم الذي لم يفتأ يسمعنا روائع الشعر العربي القديم ، فقد فطمت على الشعر ، ونشأت على سماع إيقاعاته العذبة ومعانيه الجميلة ؛ فقد كان والدي يحفظ عيون القصائد ، ويحفظّها لنا ، ويسعد بإلقائنا لها بفصاحة الكبار .
2. يحس القارئ لنثرك أنه أجمل من شعرك ، وحين يقرأ شعرك يحس أنه أجمل من نثرك .. فأين أنت من جدلية الشعر والنثر ؟
ـ أنا أزعم أن نثر الشاعر يؤشر على شاعريته أكثر من شعره ؛ فإن أردت أن تقيم شاعرا ؛ فعليك ألا تكتفي بشعره ، بل عليك أن تنفذ إلى نثره ؛ فالشاعر الجيد ناثر جيد . ولو قرأت نثر الشعراء الكبار لأدركت كم هو نثر مميز عما سواه ، وبعد اقتراب الأشكال الفنية بعضها من بعضها الآخر ، صار لزاما على المبدع أن يكتب لغة فنية في كل ما يكتب .. حتى النقد صار يلبس لغة شعرية مختلفة .. النثر والشعر كلاهما شعر في قاموس الشعراء .
3. ما الفرق بينك شاعرا ؟ وبينك أبا وتربويا وصحفيا ؟
ـ لعل من أكبر مشكلاتي في الحياة أنني شاعر ؛ لأنني لا أستطيع أن أفصل بين محمود النجار الشاعر ، ومحمود النجار الموظف ، أو الأب أو الصحفي ، لذلك تجدني متعثرا في عملي غالبا ، وقلما أستمر في عمل واحد طويلا ؛ فأنا حساس وملول ، ولا أستطيع امتصاص الإهانة مهما كانت صغيرة ، وفي الوقت نفسه لا أستطيع أن أنأى بنفسي عن بؤر التوتر في العمل ، وتجدني حساسا في التعامل مع أهل بيتي وأبنائي وأقاربي وأصدقائي . لكنني في الوقت نفسه طيب إلى أبعد الحدود ، وقد أبكي لأي مشهد إنساني مؤثر .. كل من يتعرف بي في البداية يظنني متعاليا وصعبا ، حتى إذا اقترب مني وجدني شخصا طيبا .. وفي الحقيقة أنا مقتنع بأن شخصيتي تحمل بعض التناقضات التي أحاول أن أعقد صلحا بينها ؛ فأنجح أحيانا وأفشل أحيانا .. أنا أباً صارم جدا في التعامل مع أبنائي ، لكنني أحبهم جدا وأعيش معهم كل لحظات حياتهم ، وهم يعرفون مدى حبي لهم ؛ ويحاولون تفهم انفعالاتي ، وتأنيبي لهم أحيانا ..
4. كيف خطرت لك فكرة تجمع شعراء بلا حدود؟ وما الذي دفعك إلى إنشائه ؟
ـ كانت فكرة تجمع شعراء بلا حدود في رأسي منذ سنوات ، وظللت أفكر فيها طوال الوقت ، حتى جاء اللحظة التي أحسست فيها أن الفكرة قد نضجت وأن علي أن أطرحها ، أما عن سبب حضورها في مخيلتي لسنوات ؛ فقد كان بسبب شعوري أن ثمة شعراء مبدعين غير معروفين ، ولا ينتبه لهم ، وقد يموتون ، وهم مغمورون ، ولأنني أدركت أن على الشاعر أن يعرف كيف يسوق نفسه ، وأن عليه ألا يتوانى عن الكشف عن قدراته ومواهبه ، وقد رأيت بعض الشعراء الذين يحظون بشهرة كبيرة اليوم وهم في بداياتهم ، وأذكر كيف كانت لهم ( شلل ) تصفق لهم وتهتف وتصفر أحيانا .. هذا جعلني أفكر في أن أشهر الشعراء المبدعين المتواضعين الذين يخبئون في داخلهم رغبة عارمة في أن يُقرؤوا ويُعرفوا ، وهذا طبع وسلوك إنساني موجود داخل كل منا ، وإن حاول بعض الشعراء مداراته ، وليس أدل على ذلك مما قاله الشاعر والحكيم الفيلسوف الهندي طاغور : " يعجبني المديح لأنني سرا أشتهيه " ، ولا شك بأن كل شاعر حقيقي واثق من أدواته الفنية يحس بشيء من الغرور ، ولا شك بأن سجية الشاعر وقريحته مختلفتان عما لدى غيره من الناس ، فهو يمتلك حدسا قويا ، وشجاعة استثنائية ، وقلبا أكثر بياضا ، وروحا أكثر توقا ، واعتزازا بالنفس أكثر من غيره ربما .. !
5. ما أهم أهدافك التي وضعتها لنفسك حين فكرت بهذا التجمع ؟
الأهداف التي كانت في خاطري ، هي ذاتها التي وضعها عدد من الإخوة في التجمع ، وكنت متواصلا معهم فيها ، وهي ذات الأهداف النبيلة التي يحملها أي تجمع فني أصيل ؛ ولعلنا نختلف في أهدافنا عن بعض التجمعات والمنظمات الثقافية في كوننا نعد الالتزام أمرا حتميا ، ونـحاول غرس مفاهيم الوطن والانتماء إلى جانب غرس القيم الفنية على حد سواء ؛ فمن الصعب أن يدخل تجمعنا من كان مطبعا مع الكيان الصهيوني أو مرتهنا لثقافة الغرب .
6. هناك من يشكك في توجهاتكم ، ويسيء إلى تجمعكم ويصفه بالتطرف والإرهاب ؛ فما قولكم في ذلك ؟ وهل من مؤشرات أو أسباب تجعل بعضهم يوجه لكم هذا الاتهام ؟
ـ هذه واحدة من النكت المضحكة ؛ فقد قام أحد الأشخاص بوصفنا بالتطرف والإرهاب ؛ لأننا انتصرنا لأهلنا في قطاع غزة ، ولأننا نرفض الارتهان لثقافة الغرب ، ولأننا نعي دورنا بصفتنا شعراء خرجنا من رحم هذه الأمة ، ومن خرج من رحم أمّ ؛ فعليه أن يحترم هذه الأم ( الأمة ) ، فلا يتنكر لها ، ولا يبيع قيمها رخيصا ؛ وتوجهنا في تجمع شعراء بلا حدود يقوم على العناية بالجمال والموقف معا ؛ فلا نكتفي بالاهتمام بالجانب الجمالي ، بقدر ما نهتم بالموقف النظيف والكلمة المعبرة عنه ، فنحن لا نستحي من الانحياز إلى أمتنا وأوطاننا وتراثنا وحضارتنا الإنسانية العظيمة ، بل نستحي من التقصير في واجباتنا تجاه ذلك كله .
7. ما هي حدود طموحاتكم في هذا التجمع ؟
ـ طموحاتنا كبيرة ، بل كبيرة جدا ، وأول طموح أن أكون قادرا على التفرغ لهذا العمل تفرغا كاملا ، وأن أصدر مجلة شعرية رائدة ومميزة ، علما بأن كادر هذه المجلة من الصحفيين المخضرمين والشعراء واللغويين موجود وحاضر حضور الهواء ، لكننا ننتظر أن نحصل على التمويل اللازم من جهة ما لنكون قادرين على تنفيذ هذا المشروع .. كذلك فإنني أطمح إلى أن أسيّر رحلات ثقافية للشعراء ، فيزوروا البلدان العربية ويقيموا فيها الأمسيات الشعرية ، ويلتقوا بإخوانهم الشعراء في مشارق الوطن ومغاربه .. الطموحات كثيرة لا يتسع فضاء المقابلة للبوح بها جميعها ربما ...
8. من أين ستحصلون على التمويل اللازم لهذه للطباعة والنشر والمجلة الورقية ؟
ـ نـحن نبحث عن جهة تمولنا ، ونأمل أن نجدها ، على ألا يكون التمويل مشروطا ، وأتصور أننا سنجد هذه الجهة بالضرورة لو تحركنا بشكل أفضل ، وانتقلنا من مرحلة التمني والأحلام إلى مرحلة العمل الجاد والتحرك المدروس .
9. وحفل تكريم الفائزين الذي ستقيمونه في مصر ؟ من أين ستمولونه ؟
ـ لقد حصلنا على كثير من التسهيلات لدى إخواننا في مصر المضيافة ، فأمنا كثيرا من مفردات النجاح بعلاقاتنا الطيبة ، ؛ فقد أمنا قاعة كبيرة لثلاثة أيام تبرعا كريما ، وأمنا الإقامة لنحو 12 شاعرا تبرعا كريما ، ونأمل في أن نـحصل على تبرع من إحدى شركات الطيران ؛ لتأمين سفر عدد من المعنيين بالأمر ، إضافة إلى الفائزين بالجوائز ، ولدي توقع كبير في أننا سنتمكن من ذلك بمشيئة الله .
10. أين تضع نفسك بين شعراء العالم العربي ؟
ـ هذا سؤال صعب ، وقد تكون الإجابة عنه محفوفة بالمخاطر ؛ لكن لو قلت لي : أين تجد نفسك بين شعراء الثمانينات والتسعينات ؛ فلربما كان بإمكاني أن أقــول لك : أجد نفسي في الصف الأول لشعراء هذه الحقبة ، وأنا مطمئن لما أقول ..
وفي نهاية المقابلة قدمنا شكرنا للأستاذ الشاعر محمود النجار على إفساح المجال لنا للفوز بهذه المقابلة ، وهو بدوره قام بشكرنا ، وتمنى لنا التوفيق والسداد .[/align]
[align=right]حوار أجراه : حيدر عبد الرحمن الربيعي[/align]
[align=right]نضجت تجربته الشعرية في الشارقة العاصمة الثقافية لدولة الإمارات العربية المتحدة ، تلك المدينة التي جمعت الأدباء والشعراء والفنانين على صعيد واحد ، وفتحت لهم آفاقا واسعة للإبداع ..
كانت الشارقة أول قلاع الشاعر النجار ، وآخرها على الأرض .. فقد فتحت له هناك أبواب المجد والشهرة .. صحافة تنتظر آخر ما يكتب .. ومحطات تلفزة تستضيفه ، ومنتديات ثقافية تدعوه ليسكب في فضاءاتها آخر ألحانه ..وعلاقات شخصية على مستوى عال .. عاد إلى الأردن بعد غيبة طويلة في دولة الإمارات ؛ فوجد نفسه غريبا عن الأجواء الثقافية التي اعتاد على مثلها في الشارقة .. أصيب بإحباط بادئ الأمر ، ثم سرعان ما طار إلى الفضاء ، وارتضى هذا الوجود الضخم له ولشعره وقصصه القصيرة والقصيرة جدا .. لم يعد يفكر في الكتابة الورقية ، ولا الدواوين المطبوعة ، بعد أن صار الفضاء عالمه كله .
محمود النجار واحد من الشعراء الذين يستوحش بهم المكان ، وتلقي بهم المنافي المادية والشعورية بعيدا عن واقع الآخرين .. فهو يعيش في شبه عزلة اجتماعية ، لا يتفاعل مع المحيط الثقافي الذي يعيش فيه ، وارتضى لنفسه الفضاء الرقمي مساحة واسعة للعطاء والإبداع الذي لا يتوقف عند حد ..
تقلب محمود النجار في عدة أعمال ، فقد عمل في التعليم والإدارة المدرسية والصحافة وعالم الدعاية والإعلان ، وجرب حظه في التجارة ؛ فلم يفلح .. ولظروف خارجة عن إرادته عاد من جديد إلى عالم التربية والتعليم وتبوأ أخيرا منصب مدير إدارة البرامج الأجنبية في إحدى المدارس الخاصة في عمان . .
استطاع محمود النجار بما لديه من طاقة إبداعية أن يأخذ لنفسه مساحة واسعة في الفضاء الرقمي ، حيث تتوزع كتاباته على رقعة واسعة من المواقع الأدبية والفكرية ؛ فهو يكتب القصيدة والقصة القصيرة والقصة القصيرة جدا والمقالة السياسية ، كما يكتب في النقد أحيانا .. وقد تضخم فضاء الشاعر بعد أن أسس تجمعا شعريا أطلق عليه ( تجمع شعراء بلا حدود ) هذا التجمع الذي استقطب إليه عددا من كبار الشعراء ، وكانت انطلاقته في 25/10/2007 ، وها هو بعد أشهر قليلة يطلق العنان لمسابقة شعرية دولية على مستوى عال من الإتقان .. يواصل هذا الرجل ليله بنهاره لتحقيق أهداف وأحلام ظل يسعى لها طوال حياته ، تتمثل في صناعة جديدة لعالم يكون هو سيده أو أحد سادته الكبار ؛ فروحه التواقة تشتهي الصعود ، وتأبى الرجوع إلى الخلف ..[/align]
[align=right]سألناه عن بداياته ، ذلك السؤال التقليدي :
1. متى بدأت تقتنع بأنك شاعر تلتفت الأنظار إليه ؟ فأجاب :
ـ بدأت ألفت أنظار من حولي وأنا على مقاعد الدراسة الإعدادية ، حيث تمكنت من كتابة بعض القصائد بمستوى معقول ، يكاد يخلو من الأخطاء ، وبرزت قدراتي في المرحلة الثانوية ، حتى أصبحت في أثناء الدراسة الجامعية أحد شعراء الجامعة الأردنية الذين يشار لهم بالبنان ، ويعود الفضل في ذلك إلى والدي بالدرجة الأولى ، ذلك الرجل العظيم الذي لم يفتأ يسمعنا روائع الشعر العربي القديم ، فقد فطمت على الشعر ، ونشأت على سماع إيقاعاته العذبة ومعانيه الجميلة ؛ فقد كان والدي يحفظ عيون القصائد ، ويحفظّها لنا ، ويسعد بإلقائنا لها بفصاحة الكبار .
2. يحس القارئ لنثرك أنه أجمل من شعرك ، وحين يقرأ شعرك يحس أنه أجمل من نثرك .. فأين أنت من جدلية الشعر والنثر ؟
ـ أنا أزعم أن نثر الشاعر يؤشر على شاعريته أكثر من شعره ؛ فإن أردت أن تقيم شاعرا ؛ فعليك ألا تكتفي بشعره ، بل عليك أن تنفذ إلى نثره ؛ فالشاعر الجيد ناثر جيد . ولو قرأت نثر الشعراء الكبار لأدركت كم هو نثر مميز عما سواه ، وبعد اقتراب الأشكال الفنية بعضها من بعضها الآخر ، صار لزاما على المبدع أن يكتب لغة فنية في كل ما يكتب .. حتى النقد صار يلبس لغة شعرية مختلفة .. النثر والشعر كلاهما شعر في قاموس الشعراء .
3. ما الفرق بينك شاعرا ؟ وبينك أبا وتربويا وصحفيا ؟
ـ لعل من أكبر مشكلاتي في الحياة أنني شاعر ؛ لأنني لا أستطيع أن أفصل بين محمود النجار الشاعر ، ومحمود النجار الموظف ، أو الأب أو الصحفي ، لذلك تجدني متعثرا في عملي غالبا ، وقلما أستمر في عمل واحد طويلا ؛ فأنا حساس وملول ، ولا أستطيع امتصاص الإهانة مهما كانت صغيرة ، وفي الوقت نفسه لا أستطيع أن أنأى بنفسي عن بؤر التوتر في العمل ، وتجدني حساسا في التعامل مع أهل بيتي وأبنائي وأقاربي وأصدقائي . لكنني في الوقت نفسه طيب إلى أبعد الحدود ، وقد أبكي لأي مشهد إنساني مؤثر .. كل من يتعرف بي في البداية يظنني متعاليا وصعبا ، حتى إذا اقترب مني وجدني شخصا طيبا .. وفي الحقيقة أنا مقتنع بأن شخصيتي تحمل بعض التناقضات التي أحاول أن أعقد صلحا بينها ؛ فأنجح أحيانا وأفشل أحيانا .. أنا أباً صارم جدا في التعامل مع أبنائي ، لكنني أحبهم جدا وأعيش معهم كل لحظات حياتهم ، وهم يعرفون مدى حبي لهم ؛ ويحاولون تفهم انفعالاتي ، وتأنيبي لهم أحيانا ..
4. كيف خطرت لك فكرة تجمع شعراء بلا حدود؟ وما الذي دفعك إلى إنشائه ؟
ـ كانت فكرة تجمع شعراء بلا حدود في رأسي منذ سنوات ، وظللت أفكر فيها طوال الوقت ، حتى جاء اللحظة التي أحسست فيها أن الفكرة قد نضجت وأن علي أن أطرحها ، أما عن سبب حضورها في مخيلتي لسنوات ؛ فقد كان بسبب شعوري أن ثمة شعراء مبدعين غير معروفين ، ولا ينتبه لهم ، وقد يموتون ، وهم مغمورون ، ولأنني أدركت أن على الشاعر أن يعرف كيف يسوق نفسه ، وأن عليه ألا يتوانى عن الكشف عن قدراته ومواهبه ، وقد رأيت بعض الشعراء الذين يحظون بشهرة كبيرة اليوم وهم في بداياتهم ، وأذكر كيف كانت لهم ( شلل ) تصفق لهم وتهتف وتصفر أحيانا .. هذا جعلني أفكر في أن أشهر الشعراء المبدعين المتواضعين الذين يخبئون في داخلهم رغبة عارمة في أن يُقرؤوا ويُعرفوا ، وهذا طبع وسلوك إنساني موجود داخل كل منا ، وإن حاول بعض الشعراء مداراته ، وليس أدل على ذلك مما قاله الشاعر والحكيم الفيلسوف الهندي طاغور : " يعجبني المديح لأنني سرا أشتهيه " ، ولا شك بأن كل شاعر حقيقي واثق من أدواته الفنية يحس بشيء من الغرور ، ولا شك بأن سجية الشاعر وقريحته مختلفتان عما لدى غيره من الناس ، فهو يمتلك حدسا قويا ، وشجاعة استثنائية ، وقلبا أكثر بياضا ، وروحا أكثر توقا ، واعتزازا بالنفس أكثر من غيره ربما .. !
5. ما أهم أهدافك التي وضعتها لنفسك حين فكرت بهذا التجمع ؟
الأهداف التي كانت في خاطري ، هي ذاتها التي وضعها عدد من الإخوة في التجمع ، وكنت متواصلا معهم فيها ، وهي ذات الأهداف النبيلة التي يحملها أي تجمع فني أصيل ؛ ولعلنا نختلف في أهدافنا عن بعض التجمعات والمنظمات الثقافية في كوننا نعد الالتزام أمرا حتميا ، ونـحاول غرس مفاهيم الوطن والانتماء إلى جانب غرس القيم الفنية على حد سواء ؛ فمن الصعب أن يدخل تجمعنا من كان مطبعا مع الكيان الصهيوني أو مرتهنا لثقافة الغرب .
6. هناك من يشكك في توجهاتكم ، ويسيء إلى تجمعكم ويصفه بالتطرف والإرهاب ؛ فما قولكم في ذلك ؟ وهل من مؤشرات أو أسباب تجعل بعضهم يوجه لكم هذا الاتهام ؟
ـ هذه واحدة من النكت المضحكة ؛ فقد قام أحد الأشخاص بوصفنا بالتطرف والإرهاب ؛ لأننا انتصرنا لأهلنا في قطاع غزة ، ولأننا نرفض الارتهان لثقافة الغرب ، ولأننا نعي دورنا بصفتنا شعراء خرجنا من رحم هذه الأمة ، ومن خرج من رحم أمّ ؛ فعليه أن يحترم هذه الأم ( الأمة ) ، فلا يتنكر لها ، ولا يبيع قيمها رخيصا ؛ وتوجهنا في تجمع شعراء بلا حدود يقوم على العناية بالجمال والموقف معا ؛ فلا نكتفي بالاهتمام بالجانب الجمالي ، بقدر ما نهتم بالموقف النظيف والكلمة المعبرة عنه ، فنحن لا نستحي من الانحياز إلى أمتنا وأوطاننا وتراثنا وحضارتنا الإنسانية العظيمة ، بل نستحي من التقصير في واجباتنا تجاه ذلك كله .
7. ما هي حدود طموحاتكم في هذا التجمع ؟
ـ طموحاتنا كبيرة ، بل كبيرة جدا ، وأول طموح أن أكون قادرا على التفرغ لهذا العمل تفرغا كاملا ، وأن أصدر مجلة شعرية رائدة ومميزة ، علما بأن كادر هذه المجلة من الصحفيين المخضرمين والشعراء واللغويين موجود وحاضر حضور الهواء ، لكننا ننتظر أن نحصل على التمويل اللازم من جهة ما لنكون قادرين على تنفيذ هذا المشروع .. كذلك فإنني أطمح إلى أن أسيّر رحلات ثقافية للشعراء ، فيزوروا البلدان العربية ويقيموا فيها الأمسيات الشعرية ، ويلتقوا بإخوانهم الشعراء في مشارق الوطن ومغاربه .. الطموحات كثيرة لا يتسع فضاء المقابلة للبوح بها جميعها ربما ...
8. من أين ستحصلون على التمويل اللازم لهذه للطباعة والنشر والمجلة الورقية ؟
ـ نـحن نبحث عن جهة تمولنا ، ونأمل أن نجدها ، على ألا يكون التمويل مشروطا ، وأتصور أننا سنجد هذه الجهة بالضرورة لو تحركنا بشكل أفضل ، وانتقلنا من مرحلة التمني والأحلام إلى مرحلة العمل الجاد والتحرك المدروس .
9. وحفل تكريم الفائزين الذي ستقيمونه في مصر ؟ من أين ستمولونه ؟
ـ لقد حصلنا على كثير من التسهيلات لدى إخواننا في مصر المضيافة ، فأمنا كثيرا من مفردات النجاح بعلاقاتنا الطيبة ، ؛ فقد أمنا قاعة كبيرة لثلاثة أيام تبرعا كريما ، وأمنا الإقامة لنحو 12 شاعرا تبرعا كريما ، ونأمل في أن نـحصل على تبرع من إحدى شركات الطيران ؛ لتأمين سفر عدد من المعنيين بالأمر ، إضافة إلى الفائزين بالجوائز ، ولدي توقع كبير في أننا سنتمكن من ذلك بمشيئة الله .
10. أين تضع نفسك بين شعراء العالم العربي ؟
ـ هذا سؤال صعب ، وقد تكون الإجابة عنه محفوفة بالمخاطر ؛ لكن لو قلت لي : أين تجد نفسك بين شعراء الثمانينات والتسعينات ؛ فلربما كان بإمكاني أن أقــول لك : أجد نفسي في الصف الأول لشعراء هذه الحقبة ، وأنا مطمئن لما أقول ..
وفي نهاية المقابلة قدمنا شكرنا للأستاذ الشاعر محمود النجار على إفساح المجال لنا للفوز بهذه المقابلة ، وهو بدوره قام بشكرنا ، وتمنى لنا التوفيق والسداد .[/align]
تعليق