امرأة مثلها تعبرني و تصطدم بقدري، تلهب فنجاني .. تعبث بدخان سجائري، تستحق أن أكتب معها قصة تستحق القراءة، أليس الأدب أنثى تفجر طاقة الكتابة داخلنا؟
تترسب في أحشائي و لا تقيم وزنا للمسافات التي تفصلني عنها، فمثلها تحسن إلهاب المساحات الباردة، امرأة ترفض الصقيع بطبيعتها.
لم تكن أنثى ترفض معاندة المطر بمظلة فقط، بل تستفز الكلمات لمطاردتها و ترتسم على وجوه الأطفال. قالت ذات نقاش:
-الحب ليس بحاجة لمقاومة المطر، لا يبالي بالنيران، و لا يلبس ثياب مضادة للحرائق؛ فالعشق هو الكبريت الذي يرفض البقاء في علبة ضيقة.
لأراها ثانية كنت ملزما بنشر أي قصة، حرضت الكلمات لتضرب موعدا معها، سقوط الجمل لم يكن ليدفع بالوقت نحوها.
أتساءل هل كانت قصتي هي قدري نحوها، أم كانت قدر سطور؛ سقطت لحظة ارتطامي كفقاعة نور بظل الواقع.
هي كل الأدب الذي عصف بيننا، فما أجمل أن تأتي محملة بالعاصفة، خالية من الهدوء و الصمت.
أذكر عندما قالت:
-الصمت مسافة تفصل الجمل و أنا جملة كاملة تكتب دفعة واحدة أو تفصل بمساحة بيضاء كاملة لآخر الكتابة.
أجبتها يومها بشيء من الثقة:
-الفواصل مسافة للتنفس، لنواصل الكتابة بجرأة أكبر، كذلك الصمت هو زمن اضطراري لأواصل لعبة الأدب معك.
لأنها ترفض الصمت، واصلت أسئلتها التي تخلو من علامات التوقف، حتى علامات التعجب كانت تخلو منها ملامح مواعيدها الملتهبة:
-الأدب يؤكل دفعة واحدة و لا مجال للتروي...
سويت عندها ربطة عنقي و كأنني أشتهي مشنقة أنيقة:
-مثل الكرسي، يجلس عليه مرة واحدة، و لا مجال للتنازل عليه، أو اقتسامه مع الشعوب.
أدركت أنني أجرها نحو أروقة مظلمة، تنبعث منها رائحة الطفيليات، فاستدركت الحديث من خيطه الرفيع جدا:
-القصائد كذلك، تستحق أن نحترق لأجلها، لتضيء حواف العاشقين، أليس العشق مادة خامة لبناء قصيدة خالية من الفطريات...
ما زال عالقا بذهني تمردها على أعراف المدينة عندما سحبت نفسها، مخلفة خلفها مساحة كاملة بحجم رواية؛ قمت يومها أمشط الشوارع، و أتساءل في نفسي: كيف لمدينة صغيرة ينمو بداخلها الإسمنت أن تنبت بداخلها الورود؛ فالعلمة مدينة ترفض الأنثى و ترفضها، و لكنها مرغمة على ترتيب مصادفة بيننا.
العلمة مدينة لا تقيم وزنا للحب، لذلك هي تحارب البقع الخضراء، يزرع بداخلها الإسمنت في كل الأماكن، حتى الهوامش كانت هي الأخرى مستعدة لاحتضان أبنية مصممة لتبقى فارغة.
هل كنت ملزما بصناعة امرأة تناسب نصا قد يكتب في أحشائه الإحتراق، أم تراني مجبر على اكتشاف نص يكون بقدر مصادفاتها الطارئة.
ارتديتها ليلتها، هي التي تخلع عني صمتي، و تلبسني صوتها الهارب في عروقي. حاولت مواعدتها على صفحة بيضاء، لم أوفق برغم الإستعارات التي أدخرها، عبثا حاولت ذلك. تساءلت عنها،من يتحكم بالآخر، هل هي من يكتبني؟ أم كنت من وضعها بطريقي؟..
عندما قابلتها في موعدنا الأول، و بدقة أكثر شاعرية عندما اصطدمت بي لم يكن يعنيني الحب، بقدر ما كانت هي من أثار بداخلي شهوة الأسئلة. و رغبة تجريب الأدب على جسد ورقي.
هناك دائما امرأة تبحث عمن يكتشفها في قصصه، كذلك فعلت، وجدتها و لكنني لم أدرك حجم الورطة التي سقطت في يدي..
مثلها يصعب إجبارها على تأدية بطولة مصممة مسبقا، هي التي تنزل علي مثلما يباغت المطر فصل الصيف فتنتحر الشمس على شفاه سحابة تكتنز بالعواصف و الرعد. سيكون انتحارا أدبيا لو أرغمتها على الظهور أمامي في موعد مرتب.
هذه المرأة تبدو ممتعة مثل القراءة، جامحة مثل الكتابة.
في كل رواية قرأتها يستطرد كتابها بوصف أبطالهم، إلا هي.. كانت تفرض ملامحها بدون ماكياج أدبي..خال من التشبيه، لأنها لا تشبه الصور الجاهزة.
لابد أن أبحث عنها في هذه المدينة الصغيرة، و لكن أين؟
فهذه المدينة تحجب الرؤية، و تطارد الألوان، هناك لون واحد فقط تكتسيه أرصفتها، إنه الحزن.. و هذه المرأة ترتدي المفاجآت و بعض الفوضى المنظمة..
سأبحث عنها في نفس المحطة، و لكن مثلها لا يتكرر، مثل رصاصة متمردة يصعب ترويضها..
حاولت إرغام الزمن على ترتيب موعد جديد، كنت تائها في الأزقة، أفتش في المكاتب و ملامح المارة المزدحمة بغبار الوقت، وجوههم أوراق خريفية سقطت في حقل ألغام حين داست الريح على جراح الوطن الموءودة، اصطحبت تساؤلاتي أبحث عن إجابات و لو في جريدة كانت تشخر و بتكاسل تشير نحوي لأبتاعها..
تناولت الجريدة و تركتها تداعب خشونة أصابعي، تستشعر تعبي..تتململ في ترديد بضع عوانين دبرت بليل، الجرائد كتب صغيرة، و المقالات وجبات سياسية سريعة التوجيه، و لأننا في زمن السرعة نمتهن أكل الأخبار على جنبات المقاهي..
- رصاصة منقوطة... كيف استطعت أن تقتلني بشدتين..
-أنتِ؟
-التي اغتلتها في مساحة فارهة بالشعر..
-و هل قرأتها؟
رددت على مسمعي المقطع الأخير من قصيدتي:
***
متهورة كنت في تحريضي على الكتابة
و متمردة على الفصول المملة
أذكر آخر قصة رفضت بطولتها
فاغتلتك برصاصة منقوطة بشدتين
واحدة على شفتيك
و الأخرى ترسبت لتنجب قصيدة بحجمك...(1)
****
-رصاصة شبقية تلك التي تفترس الأدب، فليكن الموت الذي انتظرته على شكل ضمة ترفعني إلى ناصية الحرف...
سلكت بها شوارع المدينة، أمشط الزمن بامرأة تسافر في ظلي، سأترك الآن الكتابة تختار لنا بتزيريا أحسبها مصممة للنار...
************************
1: مقطع من قصيدتي رصاصة منقوطة
هو نص كتبته عندما اجتاحتني تلك و هو تكملة لسلسلة ( فكرة مجموعة قصصية خاصة بها فقط) بدأت بقصة حين عودة روحي ثم واصلتها بــ إحساس ماطر و ها هي تستمر معها و معكم و لا أعلم أين ستستقر
تترسب في أحشائي و لا تقيم وزنا للمسافات التي تفصلني عنها، فمثلها تحسن إلهاب المساحات الباردة، امرأة ترفض الصقيع بطبيعتها.
لم تكن أنثى ترفض معاندة المطر بمظلة فقط، بل تستفز الكلمات لمطاردتها و ترتسم على وجوه الأطفال. قالت ذات نقاش:
-الحب ليس بحاجة لمقاومة المطر، لا يبالي بالنيران، و لا يلبس ثياب مضادة للحرائق؛ فالعشق هو الكبريت الذي يرفض البقاء في علبة ضيقة.
لأراها ثانية كنت ملزما بنشر أي قصة، حرضت الكلمات لتضرب موعدا معها، سقوط الجمل لم يكن ليدفع بالوقت نحوها.
أتساءل هل كانت قصتي هي قدري نحوها، أم كانت قدر سطور؛ سقطت لحظة ارتطامي كفقاعة نور بظل الواقع.
هي كل الأدب الذي عصف بيننا، فما أجمل أن تأتي محملة بالعاصفة، خالية من الهدوء و الصمت.
أذكر عندما قالت:
-الصمت مسافة تفصل الجمل و أنا جملة كاملة تكتب دفعة واحدة أو تفصل بمساحة بيضاء كاملة لآخر الكتابة.
أجبتها يومها بشيء من الثقة:
-الفواصل مسافة للتنفس، لنواصل الكتابة بجرأة أكبر، كذلك الصمت هو زمن اضطراري لأواصل لعبة الأدب معك.
لأنها ترفض الصمت، واصلت أسئلتها التي تخلو من علامات التوقف، حتى علامات التعجب كانت تخلو منها ملامح مواعيدها الملتهبة:
-الأدب يؤكل دفعة واحدة و لا مجال للتروي...
سويت عندها ربطة عنقي و كأنني أشتهي مشنقة أنيقة:
-مثل الكرسي، يجلس عليه مرة واحدة، و لا مجال للتنازل عليه، أو اقتسامه مع الشعوب.
أدركت أنني أجرها نحو أروقة مظلمة، تنبعث منها رائحة الطفيليات، فاستدركت الحديث من خيطه الرفيع جدا:
-القصائد كذلك، تستحق أن نحترق لأجلها، لتضيء حواف العاشقين، أليس العشق مادة خامة لبناء قصيدة خالية من الفطريات...
ما زال عالقا بذهني تمردها على أعراف المدينة عندما سحبت نفسها، مخلفة خلفها مساحة كاملة بحجم رواية؛ قمت يومها أمشط الشوارع، و أتساءل في نفسي: كيف لمدينة صغيرة ينمو بداخلها الإسمنت أن تنبت بداخلها الورود؛ فالعلمة مدينة ترفض الأنثى و ترفضها، و لكنها مرغمة على ترتيب مصادفة بيننا.
العلمة مدينة لا تقيم وزنا للحب، لذلك هي تحارب البقع الخضراء، يزرع بداخلها الإسمنت في كل الأماكن، حتى الهوامش كانت هي الأخرى مستعدة لاحتضان أبنية مصممة لتبقى فارغة.
هل كنت ملزما بصناعة امرأة تناسب نصا قد يكتب في أحشائه الإحتراق، أم تراني مجبر على اكتشاف نص يكون بقدر مصادفاتها الطارئة.
ارتديتها ليلتها، هي التي تخلع عني صمتي، و تلبسني صوتها الهارب في عروقي. حاولت مواعدتها على صفحة بيضاء، لم أوفق برغم الإستعارات التي أدخرها، عبثا حاولت ذلك. تساءلت عنها،من يتحكم بالآخر، هل هي من يكتبني؟ أم كنت من وضعها بطريقي؟..
عندما قابلتها في موعدنا الأول، و بدقة أكثر شاعرية عندما اصطدمت بي لم يكن يعنيني الحب، بقدر ما كانت هي من أثار بداخلي شهوة الأسئلة. و رغبة تجريب الأدب على جسد ورقي.
هناك دائما امرأة تبحث عمن يكتشفها في قصصه، كذلك فعلت، وجدتها و لكنني لم أدرك حجم الورطة التي سقطت في يدي..
مثلها يصعب إجبارها على تأدية بطولة مصممة مسبقا، هي التي تنزل علي مثلما يباغت المطر فصل الصيف فتنتحر الشمس على شفاه سحابة تكتنز بالعواصف و الرعد. سيكون انتحارا أدبيا لو أرغمتها على الظهور أمامي في موعد مرتب.
هذه المرأة تبدو ممتعة مثل القراءة، جامحة مثل الكتابة.
في كل رواية قرأتها يستطرد كتابها بوصف أبطالهم، إلا هي.. كانت تفرض ملامحها بدون ماكياج أدبي..خال من التشبيه، لأنها لا تشبه الصور الجاهزة.
لابد أن أبحث عنها في هذه المدينة الصغيرة، و لكن أين؟
فهذه المدينة تحجب الرؤية، و تطارد الألوان، هناك لون واحد فقط تكتسيه أرصفتها، إنه الحزن.. و هذه المرأة ترتدي المفاجآت و بعض الفوضى المنظمة..
سأبحث عنها في نفس المحطة، و لكن مثلها لا يتكرر، مثل رصاصة متمردة يصعب ترويضها..
حاولت إرغام الزمن على ترتيب موعد جديد، كنت تائها في الأزقة، أفتش في المكاتب و ملامح المارة المزدحمة بغبار الوقت، وجوههم أوراق خريفية سقطت في حقل ألغام حين داست الريح على جراح الوطن الموءودة، اصطحبت تساؤلاتي أبحث عن إجابات و لو في جريدة كانت تشخر و بتكاسل تشير نحوي لأبتاعها..
تناولت الجريدة و تركتها تداعب خشونة أصابعي، تستشعر تعبي..تتململ في ترديد بضع عوانين دبرت بليل، الجرائد كتب صغيرة، و المقالات وجبات سياسية سريعة التوجيه، و لأننا في زمن السرعة نمتهن أكل الأخبار على جنبات المقاهي..
- رصاصة منقوطة... كيف استطعت أن تقتلني بشدتين..
-أنتِ؟
-التي اغتلتها في مساحة فارهة بالشعر..
-و هل قرأتها؟
رددت على مسمعي المقطع الأخير من قصيدتي:
***
متهورة كنت في تحريضي على الكتابة
و متمردة على الفصول المملة
أذكر آخر قصة رفضت بطولتها
فاغتلتك برصاصة منقوطة بشدتين
واحدة على شفتيك
و الأخرى ترسبت لتنجب قصيدة بحجمك...(1)
****
-رصاصة شبقية تلك التي تفترس الأدب، فليكن الموت الذي انتظرته على شكل ضمة ترفعني إلى ناصية الحرف...
سلكت بها شوارع المدينة، أمشط الزمن بامرأة تسافر في ظلي، سأترك الآن الكتابة تختار لنا بتزيريا أحسبها مصممة للنار...
************************
1: مقطع من قصيدتي رصاصة منقوطة
هو نص كتبته عندما اجتاحتني تلك و هو تكملة لسلسلة ( فكرة مجموعة قصصية خاصة بها فقط) بدأت بقصة حين عودة روحي ثم واصلتها بــ إحساس ماطر و ها هي تستمر معها و معكم و لا أعلم أين ستستقر
تعليق