تــغـــــــريــــد
محمد عواد شحادة
برغم محاولاته ان لايشعر الان الا بالفرح..والفرح فقط...فان مذياع السيارة التي يستقلها الى مخيم جباليا في غزة .. يصر على تذكيره ان القصف ما زال مستمرا على المخيم وعلى المناطق الاخرى
.. مسكينة ابنتي الجميلة .. عشر سنوات من الزواج حتى استطعنا ان ننجبها وعند ولادتها نستقبلها بالمدافع والدبابات .. والشهداء
ابتسم في سره وحاول ان يعاود الفرح من جديد .. كم ستزداد سعادتي حين اضمها الى صدري
.. ما اجمل ان تكون ابا يا خالد ..
ولكن ماذا ستسميها ؟ .. كان يبتسم مرة ويهز رأسه بالنفي مرة اخرى وهو يحاور الاسماء .. واخيرا
ضم اصابع كفه باصرار وهو يقول في نفسه .. نعم ..تغريد .. سأسميها تغريد .. فهي تحب اصوات العصافير كأبيها حتى قبل ولادتها .. امها تقول انها حين كانت تأخذ بالحركة في بطنها كانت تقترب من قفص العصفور المعلق عند الشباك فتهدأ
هذا العصفور .. سوف اطلق سراحه حال وصولي .. فالان لسنا بحاجة الى سماع تغريده فصوت تغريد سيملأ علينا الدنيا بالفرح .. آآآآآآآه ه ما اجمل الفرح
ابتسم وهو ينظر الى دمية جميلة اشتراها في طريقه لابنته القادمة من عالم الغيب .. دمية جميلة
وأجمل ما فيها هذا المفتاح المثبت في ظهرها .. فاذا حركته يمينا تأخذ بالبكاء .. واذا حركته يسارا
تضحك بصوت طفولي جميل سوف تفرح بها تغريد لابد ان تكبر لتلعب معها
صوت المذياع يعلن عن توقف حذر للقصف ..ويعلن عن استشهاد عدد وجرح الكثير .. حاول ان يثني تفكيره عن ذلك وطمئن نفسه أن بيته يقع في منتصف المخيم والبيوت التي بجواره تعلوه قليلا
آه يا تغريد حين تكبرين سأحدثك كثيرا عن مأساتنا ولن امانع اذا اردت المشاركة برمي الحجارة
عليهم ولكن كوني حذرة فانت وحيدتي
اقتربت السيارة من حدود المخيم .. أوقفها السائق .. وطلب من الركاب مواصلة السير على الاقدام
..فلا يستطيع أن يتقدم أكثر من ذلك .. لايهم جزاك الله خيرا
تابع خالد سيره وهو يشعر بالرضا للنزول من السيارة .. على الاقل يريح أذنيه من صوت المذياع وأخباره الحزينة .. فهو الان بحاجة الى الفرح .. فقط
الفرح .. .. .. كلمة غريبة سمع بها كثيرا دون ان يعرفها .. ..لكنه .. اخيرا شعر بها تنطلق به عاليا ..
حين تلقى المكالمة الهاتفية من أهله تبشره بقدوم تغريد .. .. فلتغردي يا كل عصافير الدنيا لقدوم تغريد
المخيم .. يقترب من عينيه ..كلما حثت قدماه الخطا بسرعة الى هناك ... ...
ولكن ..لماذا..؟ كان كلما اقترب أكثر كان يشعر بالفرح يتبخر من بين اضلعه شيئا فشيئا.. ..
ألأنه لم يعتده بعد ..؟
حاول ان يقاوم لكنه صرخ فجأة وهو يشاهد تراكض الناس في الحي وانقبض أكثر وهو يشاهد سيارة الاسعاف تقف امام منزله وهو يان من هول ما تعرض له
وقف مذهولا امام حمالة الأسعاف وهي تحتضن زوجته المنتحبة .. .. والتي بدورها تحتضن طفلة صغيرة.. اخترقت الشظايا جسدها .. البريء
حاول ان يصرخ .. .. لم يستطع حاول ان يحتضن حلمه القادم من الغيب .. لكنهم منعوه وأسرعوا الى سيارة الاسعاف
نظر الى انقاض جـنتـه الهاوية .. والى قفص صغير ملقى على الارض وقد وصلت الشظايا العمياء الحاقدة الى ساكنه الوحيد ليتوقف صوته الى الابد
كانت الدمية تبكي بحراره بعد ان تهاوت من يده .. .. خيم الصمت على رؤوس الجميع الا من صوتهايعلن التمرد على حياة البشر
في الصباح التالي .. كانت سيارات الاسعاف الاسرائيلية .. تتسابق بجنون في مجمع للحافلات لنقل القتلى والجرحى .. بينما تنتصب أشلاء جثة استشهادية فوق رؤوسهم
خبيرا متفجرات يقتربان بحذر شديد .. من دمية صغيرة .. ملقاة بين الاشلاء .. المتناثرة
..... ..... ..... تضحك بصوت طفولي جميل ... ... ... ...
محمد عواد شحادة
برغم محاولاته ان لايشعر الان الا بالفرح..والفرح فقط...فان مذياع السيارة التي يستقلها الى مخيم جباليا في غزة .. يصر على تذكيره ان القصف ما زال مستمرا على المخيم وعلى المناطق الاخرى
.. مسكينة ابنتي الجميلة .. عشر سنوات من الزواج حتى استطعنا ان ننجبها وعند ولادتها نستقبلها بالمدافع والدبابات .. والشهداء
ابتسم في سره وحاول ان يعاود الفرح من جديد .. كم ستزداد سعادتي حين اضمها الى صدري
.. ما اجمل ان تكون ابا يا خالد ..
ولكن ماذا ستسميها ؟ .. كان يبتسم مرة ويهز رأسه بالنفي مرة اخرى وهو يحاور الاسماء .. واخيرا
ضم اصابع كفه باصرار وهو يقول في نفسه .. نعم ..تغريد .. سأسميها تغريد .. فهي تحب اصوات العصافير كأبيها حتى قبل ولادتها .. امها تقول انها حين كانت تأخذ بالحركة في بطنها كانت تقترب من قفص العصفور المعلق عند الشباك فتهدأ
هذا العصفور .. سوف اطلق سراحه حال وصولي .. فالان لسنا بحاجة الى سماع تغريده فصوت تغريد سيملأ علينا الدنيا بالفرح .. آآآآآآآه ه ما اجمل الفرح
ابتسم وهو ينظر الى دمية جميلة اشتراها في طريقه لابنته القادمة من عالم الغيب .. دمية جميلة
وأجمل ما فيها هذا المفتاح المثبت في ظهرها .. فاذا حركته يمينا تأخذ بالبكاء .. واذا حركته يسارا
تضحك بصوت طفولي جميل سوف تفرح بها تغريد لابد ان تكبر لتلعب معها
صوت المذياع يعلن عن توقف حذر للقصف ..ويعلن عن استشهاد عدد وجرح الكثير .. حاول ان يثني تفكيره عن ذلك وطمئن نفسه أن بيته يقع في منتصف المخيم والبيوت التي بجواره تعلوه قليلا
آه يا تغريد حين تكبرين سأحدثك كثيرا عن مأساتنا ولن امانع اذا اردت المشاركة برمي الحجارة
عليهم ولكن كوني حذرة فانت وحيدتي
اقتربت السيارة من حدود المخيم .. أوقفها السائق .. وطلب من الركاب مواصلة السير على الاقدام
..فلا يستطيع أن يتقدم أكثر من ذلك .. لايهم جزاك الله خيرا
تابع خالد سيره وهو يشعر بالرضا للنزول من السيارة .. على الاقل يريح أذنيه من صوت المذياع وأخباره الحزينة .. فهو الان بحاجة الى الفرح .. فقط
الفرح .. .. .. كلمة غريبة سمع بها كثيرا دون ان يعرفها .. ..لكنه .. اخيرا شعر بها تنطلق به عاليا ..
حين تلقى المكالمة الهاتفية من أهله تبشره بقدوم تغريد .. .. فلتغردي يا كل عصافير الدنيا لقدوم تغريد
المخيم .. يقترب من عينيه ..كلما حثت قدماه الخطا بسرعة الى هناك ... ...
ولكن ..لماذا..؟ كان كلما اقترب أكثر كان يشعر بالفرح يتبخر من بين اضلعه شيئا فشيئا.. ..
ألأنه لم يعتده بعد ..؟
حاول ان يقاوم لكنه صرخ فجأة وهو يشاهد تراكض الناس في الحي وانقبض أكثر وهو يشاهد سيارة الاسعاف تقف امام منزله وهو يان من هول ما تعرض له
وقف مذهولا امام حمالة الأسعاف وهي تحتضن زوجته المنتحبة .. .. والتي بدورها تحتضن طفلة صغيرة.. اخترقت الشظايا جسدها .. البريء
حاول ان يصرخ .. .. لم يستطع حاول ان يحتضن حلمه القادم من الغيب .. لكنهم منعوه وأسرعوا الى سيارة الاسعاف
نظر الى انقاض جـنتـه الهاوية .. والى قفص صغير ملقى على الارض وقد وصلت الشظايا العمياء الحاقدة الى ساكنه الوحيد ليتوقف صوته الى الابد
كانت الدمية تبكي بحراره بعد ان تهاوت من يده .. .. خيم الصمت على رؤوس الجميع الا من صوتهايعلن التمرد على حياة البشر
في الصباح التالي .. كانت سيارات الاسعاف الاسرائيلية .. تتسابق بجنون في مجمع للحافلات لنقل القتلى والجرحى .. بينما تنتصب أشلاء جثة استشهادية فوق رؤوسهم
خبيرا متفجرات يقتربان بحذر شديد .. من دمية صغيرة .. ملقاة بين الاشلاء .. المتناثرة
..... ..... ..... تضحك بصوت طفولي جميل ... ... ... ...
تعليق