[read][read]صـانـع المـطــر..
[read][read]
دارت الأجرام دواخة!.. غيرت النجوم مواقعها... التلاشي والتوهان أعظم. رباه !.. لأي وجهة مشيت ؟..كيف اهتدت بوصلتي !..هنا مستقر النقطة الناعمة.لا حياد بعد الآن. شديد هذا المغناطيس وقوى التجاذب أشد.رقبتي موصلة بالبدن، ماانفكت قدماي تهزم طي الأقاصي ، توصل جزري بلا هوادة. رحلة الشقاء والزيف مضغت اليعسوب. الغول فتك بالمشوار البهي. أغار فأطاح بصيت الجواد.الرهان ما عادت له لذة .الغول في إثره يركض الظامئون للدماء والدموع. العنقاء..اللعنة عليها... في الحجز رهائنها زمرا. وهبت البريق، قنصت حشاشة الروح وامتصتها للآخر. بالكاد نجوت بنفسي حيال هذه الصخرة النابتة بمنتصف حينا القديم.تبدو أضخم مما كانت عن ذي قبل!..
الحي شبه خال من أهله ..أتـربة المعدن تسبح كثيفة.. إذ تنفذ لدور عبر الفتحات والثقوب. فتكها لجميع السلالات، ليس أمرا مستبعدا.
تتطلع عيناي ...تتمسح بأبواب البيوت الراقدة في بهوت اللون. أستغرب لتردي مسحة الرونق . متوجعا لاندثار سلك الأسيجة الرشيقة لحدائق المنازل. مصدوما بجدران الأسمنت وقد أجهزت على زخرف العمران. نوافذ الشرفات تعبس في وجه النهار لا تشرع. العبق لا يجيء..منطفئة مباهج الدنيا بالأصص!
رقيـًه أينك ؟..لم أحفل بكن يا عبلة و يا فله ويا فاطمة؟
إيه!..لعل قبضة السنين الطوال أنستني سنة الحياة وانتقالكن بالضرورة إلى دور آخر.
هيا إليً !..يا خالتي الطاووس و زينة و البهجة..ذا أنا عدت !..من بعدكن سيحشرني ويحميني عند جلوسي من أذى الصخرة ؟..
تندس وحشة سامة تغلف سحنة الحيّ .مرت أيام بلا إيقاع والصبير واقف بقبة السماء.
هل لي من...
حجر حجر!..
يونيو متوهج. أصابعه منشغلة الآن ، تقلـّب الصفحات.أستأنس ..أسيح في الملكوت ...هسيس ينابيع عسلية المذاق، تسلك أوردة وشرايين... طقطقة أقدام وحمحمات يهزها صدى الفجر. المنجميون الرجال يزيحون اللحاف عن وجه نهار حارق. هم هكذا قدرهم في نكاعة اللـّون، غبش الأروقة ، برودة الورشات و رطوبة الأنفاق.
الأحفاد على طريق الأجداد . ورثتهم في كل شيء: رضوض في الأكف، عمش بالعيون ونبش للجبل لا ينتهي. يحجزهم غبار خام الحديد ..مع الأزيز يتآكلون!..
صوت ناي يتسلل من إحدى البيوت ينقر على الأبواب والقلوب.. يهزني نغمه الساحر على مقام العجم.النوافذ الأسترالية الطراز تـُشرع تباعا كأنما لقطة سينمائية تقرأ كفا بطالع الأيام. لن تتأخر الصبايا عن البزوغ عبر الشرفات، يهيأن عرقا للحياة. يتفقدن زينة الحياة الدنيا بالأصص. يسقين نعناعا،حبقا وخزامى. تفيض نسيمات تستيقظ الفتنة يثمل الحي...
يسري بي هوى النفس إلى الزمن الزئبقي.. أحدق!.. حبل من غبار يشق الحي كدعابة.أغشاه…
...فارس صغير يستعرض قدرات شـتىّ بساحة فنتازيا.يطلق ساقين للريح. عصبة رجال تعزّ في طلبه. هب رشق الأفق؟.. قاموا يتوعدون. يلاحقون.
إيه!..لعل قبضة السنين الطوال أنستني سنة الحياة وانتقالكن بالضرورة إلى دور آخر.
هيا إليً !..يا خالتي الطاووس و زينة و البهجة..ذا أنا عدت !..من بعدكن سيحشرني ويحميني عند جلوسي من أذى الصخرة ؟..
تندس وحشة سامة تغلف سحنة الحيّ .مرت أيام بلا إيقاع والصبير واقف بقبة السماء.
هل لي من...
حجر حجر!..
حجر حجر!..
توقف يا فتى!..الأقفال ، الغبار، الإغفال ، الخلل، الِشغور!..
ما تسلكه محفوفا بالمخاطر. خدوشك بحجم عنادك. لازلت عند المنازلة الأولى!..طريقك عصي وما سعيك إلا لغرض بلا شبيه !..
ويح ذا الفتى! كلما قرفص عرض الحي ليظفر بما تآلف مع سبابة وإبهام، عزّوا في طلبه ليستبق ظله. ليس يحجزه عن الأفق الشيء البعيد. ذراع لا غير!..
من هنـ....اك- كسرّ أوحد - يأتيه هتاف ونشيد!..أيها الفارس لا تعبأ!...تنشٌأ جسورا لئلا يحيدنًك حائل! الصبير !.. لا غير الصبير في كبد السماء .يمر الحدثان ولا يزال يطيل الوقوف هناك.الهامات مشرئبة ليس بوسعها فعل أي شيء.الأعناق اعتادت تهز الهامات صوب الشنكورة* القمة الرعناء.
لقرون خلت، وما يزال الناس يقرون بأنها تكنز غبار أجيال أخرى ستجيء. مرَ الرومان من هنا..ساق العباد في الأغلال لاستغلال النحاس.كم ترى غاصت معاول الأجداد وكم ترى توشحت الوجوه بلون زعفراني؟...
مع غزو لفرنسيس* ظهر بأس شديد فيه منافع للناس! درج الرجال على العطاء. تكافلوا في وجه العوز وهول الصروف.
* ظهر بأس شديد فيه منافع للناس! درج الرجال على العطاء. تكافلوا في وجه العوز وهول الصروف.
الخطر محدق بهم.. الرؤوس تبتلعها الخوذات.الأبدان معقودة في الحبال.الحبال موثقة بالصخر.يتدلى الرجال في فراغ سحيق كدلو في بئر عميقة ليس لها قرار.السواعد تشد على المعاول، تقطع الصخر عند درجات طقس لا تقاوم.
ويح الرجال من لفح شديد وقـر أشد!..
النبش، الحفر، الحمحمات، الارتطام الصراخ، العويل.
أنهك المناكبَ دفعُ العربات بحمولتها عبر الأنفاق.بلغت الأفئدة الحناجر! الفصل المروع قد أطل!.. الاستغلال ؟!..عهد الرق الجديد. الجوع جور يعضّ المنهكين، يُـذل العزيز في العرين. شئ ما امتد يخلط التراب بالماء.سوى التشكيل الأوحد...ثار الأندجان* انتفضوا تكتموا. ملئوا الأكياس بالفرنكات وأودعوها شريانا للمقاومة.
غدا يطلع النهار؟!..
...الشمس مقدار حبل فوق الرؤوس،لهيبها يراقص الأجفان فتتميع الأشياء.
حين تنفخ الريح الصماء، تسبح ذرات خام الحديد فتؤذي العيون.
عمدا تغلق الأبواب تحت سقوف ذات قرميد قرمزي، جلبه الفرنجة من هناك.وقتذاك، يختبئ الأحياء وتهدأ النفوس قليلا.
حبل من غبار يشق الحي كدعابة!..طفل يطلق ساقين للريح. عصبة رجال تعز في طلبه هب رشق الأفق؟ قاموا يتوعدون. يلاحقون!..
حجر حجر!
دأب الفتى ليس كدأب هؤلاء. قطعا خلص إلى أن الصبير قاب قوسين من سبابته وإبهامه؟.. وإن عنـّفه الرجال،حسبه كياسة الصبايا تشد أزره. هن من ينفقن سعيا لمقابلته والتحدث إليه.للفتى يشدهن بريق يشع من عينين خضراوين. يختبئ فيهما توق يطل على ملكوت الملائكة.
- يوسف لم أنت عنيد والرجال يبدون تحرشا ما لم تقلع عن…؟
يقاطعهن مبتسما عن بـياض:
- أنظرن هناك!..لا ..ليس من هذه الجهة!.. تلك الكومة، أقصد ألغيمة... ساعة تتوقف تماما فوق رأسي سأجعلها هطـّالة.
تجاريه إحداهن :
- لمَ تتبرم عن أقرانك فلا تلعب ألعابهم ؟
- دعيهم ..حقا هؤلاء بلهاء!
ويصوب أولى ثم ثانية بكل إيمان..يتغامزن ثم يتفرقن من حوله.
في خشوع راهب يأخذه الأفق...يزيغ بصره برهة...
ويجري الأمر على نحو غير متوقع!..
سيل غامر يجرف الأتربة !..يومض البرق. يركض الصبية نحو الداخل.يمكث هو مبتهجا بسابق السيول. يقنص الفقاعات. يفرقعها بأصابع رجليه الحافيتين، وهو غارق في النشوة.
يسند ظهره قليلا إلى حافة الصخرة غير مبال.
... تلطم النسوة صدورها كلما عبث الصبية قربها خلسة.
مع الغسق ، تمدد العجائز الأطفال .تبسط وتطوي "العصابة" من حول عصيها مبسملة لطرد الأذى . الصخرة ..اللعنة عليها! كم ترغب النسوة في دحرجتها بعيدا.
- أهب خلخالي لمن يخلًصنا من شبحها؟..تكررها عمتي فاطمة.
تكبر أشياءه فتعظم عزلته. يبتسم للريح و للصبير في قبة السماء.
تحت الوابل، يلمع القرميد القرمزي. تنزل رطوبة منعشة.
تزداد الصبايا ولعا به.تتسرب ريبة بشأنه إلى النفوس.. يمسك السمار عن قهقهة كلما ذكرت سيرة الفتى. يخرج من زيغه ..يفتح عينين شفيفـتين لينتهي في ابتلائه.
يقطف حجارة.. أعدادا ،ألوفا بتعداد أيام عمره .
يصوب.. ويصوب..ولا يمسك عن ذلك حتى لم يعد هنالك بالحي من يسير ويتعـثر.
...............
صو رة : - هل أنا كنت طفلا.
أم الذي كان طفلا سواي؟*
الصورة العائلية - : كان أبي جالسا، وأنا واقف.. تـتدلى
يداي !.. *
دارت الأجرام دواخة! غيرت النجوم مواقعها!
الأرض تعشق الدوران. جرت بنا بعيدا . المدينة أشعلتها الشموس.
الصخرة اللعينة دحرجت كلسها باتجاه الصدور..حجر هاهنا..وحجر هاهنا!
وحق السماء التي لم تعد تدق أبوابنا على يديك، أعز في البحث عنك بين الثقوب والقلوب.. اليوم يا فتى خاصمتنا السماء ونسيتنا الملائكة.
---------
*الشنكورة: قمة جبل ونــزة ، منجم الحديد بالشرق الـجزائري.
*لفرنسيس:دارجة لكلمة الفرنسيين.
*لنديجان: أطلقها الاستدمار الفرنسي على الأهالي.
*شعـر :أمـل دنـقل[/read]
[/read]
[/read][/read]
[read][read]
دارت الأجرام دواخة!.. غيرت النجوم مواقعها... التلاشي والتوهان أعظم. رباه !.. لأي وجهة مشيت ؟..كيف اهتدت بوصلتي !..هنا مستقر النقطة الناعمة.لا حياد بعد الآن. شديد هذا المغناطيس وقوى التجاذب أشد.رقبتي موصلة بالبدن، ماانفكت قدماي تهزم طي الأقاصي ، توصل جزري بلا هوادة. رحلة الشقاء والزيف مضغت اليعسوب. الغول فتك بالمشوار البهي. أغار فأطاح بصيت الجواد.الرهان ما عادت له لذة .الغول في إثره يركض الظامئون للدماء والدموع. العنقاء..اللعنة عليها... في الحجز رهائنها زمرا. وهبت البريق، قنصت حشاشة الروح وامتصتها للآخر. بالكاد نجوت بنفسي حيال هذه الصخرة النابتة بمنتصف حينا القديم.تبدو أضخم مما كانت عن ذي قبل!..
الحي شبه خال من أهله ..أتـربة المعدن تسبح كثيفة.. إذ تنفذ لدور عبر الفتحات والثقوب. فتكها لجميع السلالات، ليس أمرا مستبعدا.
تتطلع عيناي ...تتمسح بأبواب البيوت الراقدة في بهوت اللون. أستغرب لتردي مسحة الرونق . متوجعا لاندثار سلك الأسيجة الرشيقة لحدائق المنازل. مصدوما بجدران الأسمنت وقد أجهزت على زخرف العمران. نوافذ الشرفات تعبس في وجه النهار لا تشرع. العبق لا يجيء..منطفئة مباهج الدنيا بالأصص!
رقيـًه أينك ؟..لم أحفل بكن يا عبلة و يا فله ويا فاطمة؟
إيه!..لعل قبضة السنين الطوال أنستني سنة الحياة وانتقالكن بالضرورة إلى دور آخر.
هيا إليً !..يا خالتي الطاووس و زينة و البهجة..ذا أنا عدت !..من بعدكن سيحشرني ويحميني عند جلوسي من أذى الصخرة ؟..
تندس وحشة سامة تغلف سحنة الحيّ .مرت أيام بلا إيقاع والصبير واقف بقبة السماء.
هل لي من...
حجر حجر!..
يونيو متوهج. أصابعه منشغلة الآن ، تقلـّب الصفحات.أستأنس ..أسيح في الملكوت ...هسيس ينابيع عسلية المذاق، تسلك أوردة وشرايين... طقطقة أقدام وحمحمات يهزها صدى الفجر. المنجميون الرجال يزيحون اللحاف عن وجه نهار حارق. هم هكذا قدرهم في نكاعة اللـّون، غبش الأروقة ، برودة الورشات و رطوبة الأنفاق.
الأحفاد على طريق الأجداد . ورثتهم في كل شيء: رضوض في الأكف، عمش بالعيون ونبش للجبل لا ينتهي. يحجزهم غبار خام الحديد ..مع الأزيز يتآكلون!..
صوت ناي يتسلل من إحدى البيوت ينقر على الأبواب والقلوب.. يهزني نغمه الساحر على مقام العجم.النوافذ الأسترالية الطراز تـُشرع تباعا كأنما لقطة سينمائية تقرأ كفا بطالع الأيام. لن تتأخر الصبايا عن البزوغ عبر الشرفات، يهيأن عرقا للحياة. يتفقدن زينة الحياة الدنيا بالأصص. يسقين نعناعا،حبقا وخزامى. تفيض نسيمات تستيقظ الفتنة يثمل الحي...
يسري بي هوى النفس إلى الزمن الزئبقي.. أحدق!.. حبل من غبار يشق الحي كدعابة.أغشاه…
...فارس صغير يستعرض قدرات شـتىّ بساحة فنتازيا.يطلق ساقين للريح. عصبة رجال تعزّ في طلبه. هب رشق الأفق؟.. قاموا يتوعدون. يلاحقون.
إيه!..لعل قبضة السنين الطوال أنستني سنة الحياة وانتقالكن بالضرورة إلى دور آخر.
هيا إليً !..يا خالتي الطاووس و زينة و البهجة..ذا أنا عدت !..من بعدكن سيحشرني ويحميني عند جلوسي من أذى الصخرة ؟..
تندس وحشة سامة تغلف سحنة الحيّ .مرت أيام بلا إيقاع والصبير واقف بقبة السماء.
هل لي من...
حجر حجر!..
حجر حجر!..
توقف يا فتى!..الأقفال ، الغبار، الإغفال ، الخلل، الِشغور!..
ما تسلكه محفوفا بالمخاطر. خدوشك بحجم عنادك. لازلت عند المنازلة الأولى!..طريقك عصي وما سعيك إلا لغرض بلا شبيه !..
ويح ذا الفتى! كلما قرفص عرض الحي ليظفر بما تآلف مع سبابة وإبهام، عزّوا في طلبه ليستبق ظله. ليس يحجزه عن الأفق الشيء البعيد. ذراع لا غير!..
من هنـ....اك- كسرّ أوحد - يأتيه هتاف ونشيد!..أيها الفارس لا تعبأ!...تنشٌأ جسورا لئلا يحيدنًك حائل! الصبير !.. لا غير الصبير في كبد السماء .يمر الحدثان ولا يزال يطيل الوقوف هناك.الهامات مشرئبة ليس بوسعها فعل أي شيء.الأعناق اعتادت تهز الهامات صوب الشنكورة* القمة الرعناء.
لقرون خلت، وما يزال الناس يقرون بأنها تكنز غبار أجيال أخرى ستجيء. مرَ الرومان من هنا..ساق العباد في الأغلال لاستغلال النحاس.كم ترى غاصت معاول الأجداد وكم ترى توشحت الوجوه بلون زعفراني؟...
مع غزو لفرنسيس* ظهر بأس شديد فيه منافع للناس! درج الرجال على العطاء. تكافلوا في وجه العوز وهول الصروف.
* ظهر بأس شديد فيه منافع للناس! درج الرجال على العطاء. تكافلوا في وجه العوز وهول الصروف.
الخطر محدق بهم.. الرؤوس تبتلعها الخوذات.الأبدان معقودة في الحبال.الحبال موثقة بالصخر.يتدلى الرجال في فراغ سحيق كدلو في بئر عميقة ليس لها قرار.السواعد تشد على المعاول، تقطع الصخر عند درجات طقس لا تقاوم.
ويح الرجال من لفح شديد وقـر أشد!..
النبش، الحفر، الحمحمات، الارتطام الصراخ، العويل.
أنهك المناكبَ دفعُ العربات بحمولتها عبر الأنفاق.بلغت الأفئدة الحناجر! الفصل المروع قد أطل!.. الاستغلال ؟!..عهد الرق الجديد. الجوع جور يعضّ المنهكين، يُـذل العزيز في العرين. شئ ما امتد يخلط التراب بالماء.سوى التشكيل الأوحد...ثار الأندجان* انتفضوا تكتموا. ملئوا الأكياس بالفرنكات وأودعوها شريانا للمقاومة.
غدا يطلع النهار؟!..
...الشمس مقدار حبل فوق الرؤوس،لهيبها يراقص الأجفان فتتميع الأشياء.
حين تنفخ الريح الصماء، تسبح ذرات خام الحديد فتؤذي العيون.
عمدا تغلق الأبواب تحت سقوف ذات قرميد قرمزي، جلبه الفرنجة من هناك.وقتذاك، يختبئ الأحياء وتهدأ النفوس قليلا.
حبل من غبار يشق الحي كدعابة!..طفل يطلق ساقين للريح. عصبة رجال تعز في طلبه هب رشق الأفق؟ قاموا يتوعدون. يلاحقون!..
حجر حجر!
دأب الفتى ليس كدأب هؤلاء. قطعا خلص إلى أن الصبير قاب قوسين من سبابته وإبهامه؟.. وإن عنـّفه الرجال،حسبه كياسة الصبايا تشد أزره. هن من ينفقن سعيا لمقابلته والتحدث إليه.للفتى يشدهن بريق يشع من عينين خضراوين. يختبئ فيهما توق يطل على ملكوت الملائكة.
- يوسف لم أنت عنيد والرجال يبدون تحرشا ما لم تقلع عن…؟
يقاطعهن مبتسما عن بـياض:
- أنظرن هناك!..لا ..ليس من هذه الجهة!.. تلك الكومة، أقصد ألغيمة... ساعة تتوقف تماما فوق رأسي سأجعلها هطـّالة.
تجاريه إحداهن :
- لمَ تتبرم عن أقرانك فلا تلعب ألعابهم ؟
- دعيهم ..حقا هؤلاء بلهاء!
ويصوب أولى ثم ثانية بكل إيمان..يتغامزن ثم يتفرقن من حوله.
في خشوع راهب يأخذه الأفق...يزيغ بصره برهة...
ويجري الأمر على نحو غير متوقع!..
سيل غامر يجرف الأتربة !..يومض البرق. يركض الصبية نحو الداخل.يمكث هو مبتهجا بسابق السيول. يقنص الفقاعات. يفرقعها بأصابع رجليه الحافيتين، وهو غارق في النشوة.
يسند ظهره قليلا إلى حافة الصخرة غير مبال.
... تلطم النسوة صدورها كلما عبث الصبية قربها خلسة.
مع الغسق ، تمدد العجائز الأطفال .تبسط وتطوي "العصابة" من حول عصيها مبسملة لطرد الأذى . الصخرة ..اللعنة عليها! كم ترغب النسوة في دحرجتها بعيدا.
- أهب خلخالي لمن يخلًصنا من شبحها؟..تكررها عمتي فاطمة.
تكبر أشياءه فتعظم عزلته. يبتسم للريح و للصبير في قبة السماء.
تحت الوابل، يلمع القرميد القرمزي. تنزل رطوبة منعشة.
تزداد الصبايا ولعا به.تتسرب ريبة بشأنه إلى النفوس.. يمسك السمار عن قهقهة كلما ذكرت سيرة الفتى. يخرج من زيغه ..يفتح عينين شفيفـتين لينتهي في ابتلائه.
يقطف حجارة.. أعدادا ،ألوفا بتعداد أيام عمره .
يصوب.. ويصوب..ولا يمسك عن ذلك حتى لم يعد هنالك بالحي من يسير ويتعـثر.
...............
صو رة : - هل أنا كنت طفلا.
أم الذي كان طفلا سواي؟*
الصورة العائلية - : كان أبي جالسا، وأنا واقف.. تـتدلى
يداي !.. *
دارت الأجرام دواخة! غيرت النجوم مواقعها!
الأرض تعشق الدوران. جرت بنا بعيدا . المدينة أشعلتها الشموس.
الصخرة اللعينة دحرجت كلسها باتجاه الصدور..حجر هاهنا..وحجر هاهنا!
وحق السماء التي لم تعد تدق أبوابنا على يديك، أعز في البحث عنك بين الثقوب والقلوب.. اليوم يا فتى خاصمتنا السماء ونسيتنا الملائكة.
---------
*الشنكورة: قمة جبل ونــزة ، منجم الحديد بالشرق الـجزائري.
*لفرنسيس:دارجة لكلمة الفرنسيين.
*لنديجان: أطلقها الاستدمار الفرنسي على الأهالي.
*شعـر :أمـل دنـقل[/read]
[/read]
[/read][/read]
تعليق