كما العادة كل يوم عبرت من أمامه، غاص رماد حدقاتها المشرب بزرقة الموج في ملامحه، تداخلت أحاسيسه، تزايد نبضه وسال العرق البارد بين كتفيه شلالا هادر لا يتوقف، عبرت وهي تلاحقه كما دائما بنظرة متفحصة، هادئة وعميقة، فكر أكثر من مرة أن ينهض ليلقي التحية على هذا الملاك الجميل، الذي يجود عليه دوما بهذه الحظوة المميزة، حاول أن يبحث عن سبب مقنع لكل ذلك، لكنه يغرق بمقعد سيارته كلما عبرت. عبرت وشذى عطرها يواكبها، يملأ الأفق، لم تكن تريد غيره، فقط هو الذي تظل تبحث عنه في مسح سريع، حتى تستقر في سلة انتباهه، تتشابك العيون في نظرة طويلة، تتحاور لوقت لا يدركانه قبل أن تعبر وتدير ظهرها..وتترك له كومة الأسئلة تحتاج لكنس وأجوبة. حين تتأخر عن موعدها أو لا تأتي يمضي يومه بطيئا،كئيبا، يبحث لها بداخله عن الأعذار، يطمئن نفسه بشتى الطرق الممكنة، رغم سيل الخوف المندفع بداخله، يظل ينتظر ويترقب حتى تطل من زاوية الشارع، وينتهي المشهد المعتاد فينصرف لأشغاله في سعادة، ومشاعره تحن للصباح الموالي. نفذ صبره ذات صباح، فتح باب السيارة، انتظر وصولها بجانبه، بادرها بالتحية ثم أبدى لها فرحه باهتمامها وسعادته بتواجدها الجميل بحياته...ارتبكت، تعثر الكلام على شفتيها، لكنها اخبرته في حزن اطل فجأة على مرفأ العين...أرى فيك شخصا عزيزا فقدته ...أنت تشبه زوجي الراحل منذ سنين.
سوف 25 أفريل 2013
عبد الرزاق بادي
سوف 25 أفريل 2013
عبد الرزاق بادي
تعليق