لم أحلم يوما أن أكون " فنانة تشكيلية " بل كنت أنظر دائما لهذا الفن على أنه نوع من العبث الشخصي و لم تأت هذه النظرة من فراغ أو كانت وليدة اللحظة بل كان لها أساس و حيثيات و أسباب .. و كان أساسها من مكتب المحاماة الذي تدربت فيه بعد تخرجي من كلية الحقوق .. فعندما دخلت المكتب أول مرة لاحظت " شخابيط " و ألوان و أشكال كثيرة متداخلة مع بعضها على الأبواب و الجدران أزعجتني كثيرا و شتتت تركيزي .. و عندما سألت عن هذا المجنون الذي " شخبط " على الجدران بهذا الشكل الهيستيري قالوا لي أنه أستاذي المحامي الكبير .. فهو الله يسامحه " فنان تشكيلي " و كانت هذه بداية فكرتي الشنيعة عن الفن التشيكلي حتى كنت في إحدى الرحلات خارج مدينتي و كانت معي فتاة لطيفة عرفت أنها " فنانة تشكيلية " لا تتوقف عن الرسم بالألوان على كل ما تقع عيناه عليه و لم أكن مرتاحة لما ترسمه من أشكال هلامية و الغريب أنها كانت تسألني أنا بالذات عن رأيي في لوحاتها فأنظر بعمق و تمعن ثم أقول لها بقلب صادق و لسان ناصح " ارجوك عودي لصوابك فهذا الفن لن يأت عليك بخير أبدا و ستكوني مسؤولة عن كل الكوراث النفسية التي ستحدث لأسرتك و محبيك و كل من تقع عيناه على هذه " الشخابيط " .. فأجدها و قد ارتسمت على شفتيها ابتسامة هادئة محاولة أن تصحح فكرتي عن الفن التشكيلي بينما كنت أقاطعها بعقل جامد و فكر متصلب على عدم الاقتناع مسبقا .. فقد رأيت منه ما يكفيني لأن أكوّن فكرتي عنه بأنه فن المجانين و المجانين فقط حتى اشتركت في أحد المنتديات و كنت انشر فيه بعض اللوحات الفنية من تصميمي ووجدتهم يدعونني بـ " الفنانة التشكيلية ".. و لأني انزعجت كثيرا من هذه الصفة العبثية التي أطلقها أحدهم ضدي دون التيقن من حقيقة موهبتي في فن التصميم البعيد عن " الشخبطة " " و الجنان " سألت و شكوت لإحدى صديقاتي صاحبة الخبرة في هذا المجال و التي أكدت لي أن تصميماتي ما هي إلا نوع من الفن التشكيلي ... و كان هذا الاكتشاف مفاجأة لي غيرت نظرتي تجاهه مائة و ثمانين درجة و بعد أن كنت أنتقد الفن التشيكلي و أهاجمه و أقول أنه فن العبث و " الشخابيط " رحت أدافع عنه بقلمي و روحي و دمي و لم لا ؟ .. فلطالما أنا " يا أرض احرسي ما عليك " " فنانة تشكيلية" إذن هو فن الرقي و الجمال و الإبداااااع
و بعد أن كنت أقول " يسقط الفن التشيكلي "
صرت أقول " يحيا الفن التشيكلي و لتحيا الفنانة التشكيلية "