[align=center]
الحلبيون يتكلمون السريانية
كان سكان حلب قبل الفتح الإسلامي ، سريانيون ، يتكلمون اللغة السريانية ، التي تعتبر ابنة الآرامية ، هذه اللغة التي تكلمها السيد المسيح ، و هي لغة الإنجيل ، و التي انتشرت جغرافيا فتكلمها اهل بلاد الشام و بلاد الرافدين و أهل بلاد النيل ( مصر الحالية ) و تكلمها الفرس في فترة من الفترات ، و تعتبر هذه اللغة تؤام اللغة العربية .
و صمدت هذه اللغة أمام لغات الغزاة الفرس و اليونان و الروم لبلاد الشام ، و لكن بعد الفتح الإسلامي تضاءل استعمال هذه اللغة و اقتصرت على قرى محدودة كمعلولا و جبعدين ، و على رجال الدين من الطائفة السريانية في الكنائس ، و بقيت بقاياها في الكلام الذي يتناقله الناس في حياتهم اليومية .
و كنت قد عرضت في مقالتي السابقة ( الحلبيون يتكلمون السريانية ) لنص كامل يتضمن ألفاظا يتداولها الحلبيون يوميا دون أن يدروا بأنها سريانية .
و أورد في مقالتي هذه نصا ثانيا اغلب كلماته سريانية ، وفقا للمعجم السرياني ، و هي الكلمات التي وضعت بين قوسين :
- قام يوسف ليلبس ، (بحبش عالتاسومة و أكلت معو ) الشغلة نص ساعة ، و ما لاقى غير (الاسكربينه ) ، (بعق ) لأموا: صاير منظري (هردبشت )، و (عبيتمقلسوا ) علي رفقاتي ، ما (عبتطسي ) منظري .
- قالتلو أمه : حاج (تنق )، (التوك ) منك ، مو من رفقاتك ، بدك ( تتبهنك و تتبهور و تجخ ) وأنت لسا (تلميذ ) ، بقا لما تصير (زلمه ) اش بتساوي ، ( انجوق ) رفقاتك و حاج ( تكر و تتسهسك ) معون ، (الصوج ) علي عطيتك وج ، استنى شوي ( بلكي ) بنزل بسوم لك ( كلاش ) ، مفكر حالك (حربوق )، خرج تشتري لحالك ، ( أشكرة ) بيضحكوا عليك ،أصلا مبين (طشم ، و تنح ) .
(ردحلا ) وقال : (اتاري ، عبتخاوزي ) بيني و بين أخواتي البنات ، هنن بس ، بتاخدين (تش و بتزوزقين ) ، (مرستقين ) حالكون مع بعض ، بدي اشكيك لأبوي .
قالتلو : حاج (تأنكل و تضرب عونطا و تفسفس ) لأبوك ،( اصطفل ) ، بدي اقولو عبتشرب (تتن ) ، و انو القصة (كيت كيت ) .
قام ( تعشبق ) فيا ، و ( غبق ) ، و ( مجق ) ايدا ، و (شلح ) تيابه و ( زتون ، و تكمكر ) ، و قالا : دخيلك و الله ( بسرجلني ) .
و هذا النص مفهوم تماما للحلبيين و سوف اشرح بعض الكلمات التي وردت فيه بالفصحى لنلاحظ الفرق :
التاسومة و الاسكربينة :من أنواع الاحذية .
أكلت معو : أي استغرق .
هردبشت : معدوم الأناقة .
عبيتمقلس : يسخر .
عبتطس : ترى .
التوك : الخطأ.
تتبهنك و تتبهور و تجخ : تسرف في الصرف و تتظاهر و تنفق بلا طائل .
انجوق : دع .
عبتخاوز : تنحاز لجهة دون أخرى .
مرستقين : أموره مضبوطة و مستقرة .
مجق : قبل من القبلة .
أما اسم مدينة حلب فهو اسم سورياني بحت و يعني المدينة البيضاء ، فكلمة حلب تعني الأبيض بالسريانية .
و ينفرد السريانيون بتسمية الحليب حليبا بسبب بياضه ، بينما نرى ان بقية البلدان العربية تسميه لبنا .
و بما ان حلب مميزة بالحجارة الكلسية البيضاء ، فقد سميت المدينة البيضاء .
اما كلمة الشهباء فهي كلمة عربية اضافها العرب إلى اسم حلب ، و شهباء تعني الأبيض بالعربية ، و ذلك بقصد تفسير معنى كلمة حلب السريانية .
و الرواية المشهورة أن إبراهيم الخليل عليه السلام كان لديه بقرة اسمها الشهباء ، و كان يجلس في قلعة حلب ، و يقوم بحلب البقرة فينادي الناس ( حلب الشهباء ) ، و يتسابقون لشرب حليبها ، و هي رواية مهزوزة ، لا دليل تاريخي لها .
فلا يمكن أن يسمي إبراهيم الخليل بقرته الشهباء ، و هو كما يجمع المؤرخون لم يكن يتكلم العربية ، و إنما الآرامية أو السريانية .
و من الأسماء ذات الأصل السرياني ، و التي تحملها العائلات الحلبية الحالية :
برمدا :و تعني الابن الشارد او ابن المدى ، و داديخي :و تعني العم ، و قطريب : و تعني ابن زوج المرأة ، و صلاحية : و تعني الصحن الفخار الكبير ، و عويرة : تعني المعبر ، و مارتيني : مار تعني السيد و تيني هو التين أي سيد التين ، و قرداحي : تعني الحداد الذي يتعامل مع الحديد و الاسلحة من سيوف و غيرها ، وكيروز أو قيروز : تعني الواعظ ، و نوفل : تعني الهابط ، و شحرور : تعني الأسود ، و جوبي : من يعمل بالآبار و الجباب ، و الشياح : من يعمل بالتذويب ، و توما : من التؤام .
و من الأحياء القديمة في حلب و التي تحمل اسماءا سريانية :
يقول الحلبيون ( بحسيتا اللي ما نسيتا ) ، و بحسيتا هو اسم حي مشهور لدى الحلبيون ، كانت فيه دور البغاء المرخصة رسميا ، و التي ألغي ترخيصها في خمسينيات القرن الماضي ، و نقلت إلى حي الجورة في دير الزور وقتها .
و يوجد حالياً لوحة رخامية جديدة معلقة في مدخل حي باحسيتا ، تهدف إلى شرح مصدر التسمية ، و تقول هذه اللافتة أن سبب التسمية يعود إلى شخص اسمه (سيتا ) باح بسر ما ، فسمي الحي ( باح سيتا ) .
و هذا خطا فادح ، فحسيتا بالسوريانية تعني المغفرة و الطهارة ، و با تعني بيت ، و يكون معنى الكلمة ( بيت الطهارة و المغفرة ) ، و يبدو أن معبداً أو مكانا مقدسا كان في ذلك الحي، و لذلك سمي بهذا الاسم حينها .
أما حي بانقوسا فهو بالسريانية بيت الناقوس ، و الناقوس هو جرس الكنيسة ، و يبدو أن كنيسة كانت موجودة هناك فسمي الحي بهذا الاسم ، على خلاف بعض التفاسير التي تقول أن الاسم يعني (بان قوسها ).
و من أسماء الأحياء أيضا الجلوم : التي تعني مكان جز صوف المواشي ، و المعادي : و معناها التزعزع و الارتجاج و يبدو أنها كانت منطقة زلقة ، و النيرب : و معناها المنبسط من الأرض أو الوادي طريق الماء ، و جبرين : تأتي من جبرا و هو الرجل ، و الشقيف : تعني الأرض الحجرية ، و قنسرين: تعني عش النسور ، و ميسلون : تعني مسيل الماء ، و العرقوب : و هو كعب الرجل .
- المراجع :
- نهر الذهب في تاريخ حلب - الغزي
- بقايا الآرامية في لغة أهل صدد المحكية _فاضل مباركة
- لغة حلب السريانية _ جرجس شلحت .
- لغة السوريين لغات - سمير عبده.
-
حلب المحروسة 24/12/2006
المحامي علاء السيد
المصدر [/align]
الحلبيون يتكلمون السريانية
كان سكان حلب قبل الفتح الإسلامي ، سريانيون ، يتكلمون اللغة السريانية ، التي تعتبر ابنة الآرامية ، هذه اللغة التي تكلمها السيد المسيح ، و هي لغة الإنجيل ، و التي انتشرت جغرافيا فتكلمها اهل بلاد الشام و بلاد الرافدين و أهل بلاد النيل ( مصر الحالية ) و تكلمها الفرس في فترة من الفترات ، و تعتبر هذه اللغة تؤام اللغة العربية .
و صمدت هذه اللغة أمام لغات الغزاة الفرس و اليونان و الروم لبلاد الشام ، و لكن بعد الفتح الإسلامي تضاءل استعمال هذه اللغة و اقتصرت على قرى محدودة كمعلولا و جبعدين ، و على رجال الدين من الطائفة السريانية في الكنائس ، و بقيت بقاياها في الكلام الذي يتناقله الناس في حياتهم اليومية .
و كنت قد عرضت في مقالتي السابقة ( الحلبيون يتكلمون السريانية ) لنص كامل يتضمن ألفاظا يتداولها الحلبيون يوميا دون أن يدروا بأنها سريانية .
و أورد في مقالتي هذه نصا ثانيا اغلب كلماته سريانية ، وفقا للمعجم السرياني ، و هي الكلمات التي وضعت بين قوسين :
- قام يوسف ليلبس ، (بحبش عالتاسومة و أكلت معو ) الشغلة نص ساعة ، و ما لاقى غير (الاسكربينه ) ، (بعق ) لأموا: صاير منظري (هردبشت )، و (عبيتمقلسوا ) علي رفقاتي ، ما (عبتطسي ) منظري .
- قالتلو أمه : حاج (تنق )، (التوك ) منك ، مو من رفقاتك ، بدك ( تتبهنك و تتبهور و تجخ ) وأنت لسا (تلميذ ) ، بقا لما تصير (زلمه ) اش بتساوي ، ( انجوق ) رفقاتك و حاج ( تكر و تتسهسك ) معون ، (الصوج ) علي عطيتك وج ، استنى شوي ( بلكي ) بنزل بسوم لك ( كلاش ) ، مفكر حالك (حربوق )، خرج تشتري لحالك ، ( أشكرة ) بيضحكوا عليك ،أصلا مبين (طشم ، و تنح ) .
(ردحلا ) وقال : (اتاري ، عبتخاوزي ) بيني و بين أخواتي البنات ، هنن بس ، بتاخدين (تش و بتزوزقين ) ، (مرستقين ) حالكون مع بعض ، بدي اشكيك لأبوي .
قالتلو : حاج (تأنكل و تضرب عونطا و تفسفس ) لأبوك ،( اصطفل ) ، بدي اقولو عبتشرب (تتن ) ، و انو القصة (كيت كيت ) .
قام ( تعشبق ) فيا ، و ( غبق ) ، و ( مجق ) ايدا ، و (شلح ) تيابه و ( زتون ، و تكمكر ) ، و قالا : دخيلك و الله ( بسرجلني ) .
و هذا النص مفهوم تماما للحلبيين و سوف اشرح بعض الكلمات التي وردت فيه بالفصحى لنلاحظ الفرق :
التاسومة و الاسكربينة :من أنواع الاحذية .
أكلت معو : أي استغرق .
هردبشت : معدوم الأناقة .
عبيتمقلس : يسخر .
عبتطس : ترى .
التوك : الخطأ.
تتبهنك و تتبهور و تجخ : تسرف في الصرف و تتظاهر و تنفق بلا طائل .
انجوق : دع .
عبتخاوز : تنحاز لجهة دون أخرى .
مرستقين : أموره مضبوطة و مستقرة .
مجق : قبل من القبلة .
أما اسم مدينة حلب فهو اسم سورياني بحت و يعني المدينة البيضاء ، فكلمة حلب تعني الأبيض بالسريانية .
و ينفرد السريانيون بتسمية الحليب حليبا بسبب بياضه ، بينما نرى ان بقية البلدان العربية تسميه لبنا .
و بما ان حلب مميزة بالحجارة الكلسية البيضاء ، فقد سميت المدينة البيضاء .
اما كلمة الشهباء فهي كلمة عربية اضافها العرب إلى اسم حلب ، و شهباء تعني الأبيض بالعربية ، و ذلك بقصد تفسير معنى كلمة حلب السريانية .
و الرواية المشهورة أن إبراهيم الخليل عليه السلام كان لديه بقرة اسمها الشهباء ، و كان يجلس في قلعة حلب ، و يقوم بحلب البقرة فينادي الناس ( حلب الشهباء ) ، و يتسابقون لشرب حليبها ، و هي رواية مهزوزة ، لا دليل تاريخي لها .
فلا يمكن أن يسمي إبراهيم الخليل بقرته الشهباء ، و هو كما يجمع المؤرخون لم يكن يتكلم العربية ، و إنما الآرامية أو السريانية .
و من الأسماء ذات الأصل السرياني ، و التي تحملها العائلات الحلبية الحالية :
برمدا :و تعني الابن الشارد او ابن المدى ، و داديخي :و تعني العم ، و قطريب : و تعني ابن زوج المرأة ، و صلاحية : و تعني الصحن الفخار الكبير ، و عويرة : تعني المعبر ، و مارتيني : مار تعني السيد و تيني هو التين أي سيد التين ، و قرداحي : تعني الحداد الذي يتعامل مع الحديد و الاسلحة من سيوف و غيرها ، وكيروز أو قيروز : تعني الواعظ ، و نوفل : تعني الهابط ، و شحرور : تعني الأسود ، و جوبي : من يعمل بالآبار و الجباب ، و الشياح : من يعمل بالتذويب ، و توما : من التؤام .
و من الأحياء القديمة في حلب و التي تحمل اسماءا سريانية :
يقول الحلبيون ( بحسيتا اللي ما نسيتا ) ، و بحسيتا هو اسم حي مشهور لدى الحلبيون ، كانت فيه دور البغاء المرخصة رسميا ، و التي ألغي ترخيصها في خمسينيات القرن الماضي ، و نقلت إلى حي الجورة في دير الزور وقتها .
و يوجد حالياً لوحة رخامية جديدة معلقة في مدخل حي باحسيتا ، تهدف إلى شرح مصدر التسمية ، و تقول هذه اللافتة أن سبب التسمية يعود إلى شخص اسمه (سيتا ) باح بسر ما ، فسمي الحي ( باح سيتا ) .
و هذا خطا فادح ، فحسيتا بالسوريانية تعني المغفرة و الطهارة ، و با تعني بيت ، و يكون معنى الكلمة ( بيت الطهارة و المغفرة ) ، و يبدو أن معبداً أو مكانا مقدسا كان في ذلك الحي، و لذلك سمي بهذا الاسم حينها .
أما حي بانقوسا فهو بالسريانية بيت الناقوس ، و الناقوس هو جرس الكنيسة ، و يبدو أن كنيسة كانت موجودة هناك فسمي الحي بهذا الاسم ، على خلاف بعض التفاسير التي تقول أن الاسم يعني (بان قوسها ).
و من أسماء الأحياء أيضا الجلوم : التي تعني مكان جز صوف المواشي ، و المعادي : و معناها التزعزع و الارتجاج و يبدو أنها كانت منطقة زلقة ، و النيرب : و معناها المنبسط من الأرض أو الوادي طريق الماء ، و جبرين : تأتي من جبرا و هو الرجل ، و الشقيف : تعني الأرض الحجرية ، و قنسرين: تعني عش النسور ، و ميسلون : تعني مسيل الماء ، و العرقوب : و هو كعب الرجل .
- المراجع :
- نهر الذهب في تاريخ حلب - الغزي
- بقايا الآرامية في لغة أهل صدد المحكية _فاضل مباركة
- لغة حلب السريانية _ جرجس شلحت .
- لغة السوريين لغات - سمير عبده.
-
حلب المحروسة 24/12/2006
المحامي علاء السيد
المصدر [/align]
تعليق