انبعاث في زمن الانكسار

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عثمان علوشي
    أديب وكاتب
    • 04-06-2007
    • 1604

    انبعاث في زمن الانكسار

    [align=justify]استيقظ باكرا هذا الصباح على غير عادته. إنه لا يتذكر منذ متى لم يستيقظ على الساعة السادسة صباحا. أطل من النافذة..لقد لبست المدينة حلة جديدة، حلة البياض. ربما كان ذلك ما حفزه على ترك الفراش. ارتدى ملابسه واختفى داخل معطفه وترك الغرفة..
    وفي الشارع الرئيسي كانت جل الدكاكين والمحلات مغلقة. إنه يوم الأحد..حالة طقس غير عادية لم تتعود عليها المدينة. ولكنها اليوم على موعد مع الضيف الأبيض. أسرع الخطى بحثا عن كشك لبيع الجرائد. كل ما تبقى من زمن النضال هو إدمانه على قراءة الجرائد. في الماضي كان من متتبعي "الصباح"، أما الآن فيقرأ "المساء"!!..اشترى الجريدة وقصد مقهى الأوبرا حيث اعتاد أن يجلس كل يوم لأنه لا يشتغل..لا يبحث عن عمل. منذ مغادرته للجامعة وأيام النضال في سبيل البروليتاريا انتهى كل شيء، هذا رأيه. لقد حصل على شهادة إجازة في علم الاجتماع..يعيش عالة على نفسه وأهله ومجتمعه..
    في أحد الأكشاك القديمة في منتهى الشارع اقتنى جريدته. وهو يتفحص ما بين السطور انتبه إلى ما كتب بالخط العريض في الصفحة الأولى من الجريدة.." مبادرة التشغيل: إنها مبادرتك!!". عنوان رسم على محياه ابتسامة سخرية. يعي جيدا أنها لا تعدو عن كونها شعارات رنانة تصدح بها وسائل الإعلام. . مواراة التراب على شباب الشباب وطمس للحقيقة التي يرقد عليها المجتمع الصدأ..هل هو المسؤول الوحيد على بطالته؟ سؤال يتكرر في مخيخه يوما بعد آخر دون الجرأة على إعطاء الجواب...
    وفي مكانه المعتاد جلس يرتشف القهوة الساخنة في الوقت الذي كانت تجوب في مخيلته جملة من الأفكار والأحلام التي بقيت من الماضي. الماضي الذي لطالما أراد أن يمحوه ويمحو تلك الحقيقة النتنة التي كانت تغلفه. إنه، كما يقول عنه المحيطون به، متشائم فاقد لكل شيء..ربما فقد حتى نفسه!!
    أثناء سفره في ثنايا سطور الجريدة المحبوبة وفي عمود "مفكرات حمار" قرأ ما يلي : " حياتنا اليومية ليست إلا ثقل حمار هارب...كلما زاد تحملنا لهذا الثقل، زادت خبرتنا في الحياة. ومهما بلغنا "الدقة" في شرح التجربة...لن يستطيع "غيرنا" أن يدرك معناها كما ندركها نحن من عشناها وجربناها. فعندما نعيش تجربة ما...فإنها تحفر في ذاكرتنا وتوشم على ظهورنا ويستحيل أن ننساها أو أن نمحو أثرها". كلمات "رنانة" خرجت من فم حمار!! ولكنها توقظ الذات من سباتها وتقصفها في الأعماق، وتقول لها استفيقي سيدتي فالوقت وقت التشمير عن السواعد. فالحمار الحقيقي من يتحمل أكثر مما يقدر عليه، وتذكر قول الشاعر:

    وما تحمل ثقل الطحان إلا الحمار
    ولولاه ما سد رمق النهار..
    فتحية لطيبة الحمار في زمن الانكسار

    لقد كان لهذه الموجة من الأفكار صدى صاروخيا صارخا في داخله. دخله وسواس من نوع خاص..حساب النفس ومراجعة الذات. آنذاك استعاد كل آن ولحظة من حياته التي من ناحية ذهبت هدرا..ولكنها من نواحي أخرى تبعث على الأمل. في ذات الوقت أشرق محياه من جديد. دبت في روحه حياة أخرى.
    حينها استفاق من أفكاره التي لا تزال ترن في جوفه بين الذي كان قبلا حانقا مكفهرا وبين الذي يستفيق بفضل وعظ الحمار... هم بوضع ثمن القهوة على الطاولة وانصرف وهو عازم على البحث عن عمل بدءا من الغد...

    ومع تساقط الثلوج بدأت خطاه التي رسمها على بياض الثلوج على طول الشارع تختفي ماحية كل أثر يدل على مروره من هذا المكان وفي هذا الزمان..فيوم لنا ، ويوم علينا .. وكما اختفى سابقا في معطفه اختفى من جديد..[/align]

    عثمان علوشي: 3 مارس 07
    يمكن قراءة بعض تعليقات أهل "واتا" الأحباء

    عثمان علوشي
    مترجم مستقل​
  • د. جمال مرسي
    شاعر و مؤسس قناديل الفكر و الأدب
    • 16-05-2007
    • 4938

    #2
    نهاية مفتوحة لقصة واقعية تحدث في جميع دول العالم و على الأخص بلادنا العربية
    القصة تحاكي مأسلة يمر بها معظم الشباب العاطل عن العمل كسلاً أو اعتماداً على الغير
    أو ترفعاً عن عمل منتظراً أن تأتيه فرصة حقيقية و غالبا ستكون وظيفة حكومية كما ينتظر .
    فالبطالة أصبحت ذلك الداء المستشري الذي فرضته الظروف الاقتصادية و الاجتماعية
    و قد حلقت أخي عثمان حول الفكرة بأسلوب جيد و لغة رصينة بطريقة الحوار مع الذات .
    فقط أعتقد أن القصة كان يلزمها لغة الحوار المباشر مع طرف آخر .
    و ليكن مثلاً نادل المقهى الذي جلس على أحد كراسيه مفكراً صامتا في وضعه
    ليسأله عن تجربته أو عن مفهومه للعمل و لا يضيره إن فكر في أن يعمل معه مثلا أو في عمل مشابه
    أهلا بك أخي عثمان علوشي في ملتقى الأدباء و المبدعين العرب
    و شكراً للواتا أن كانت سببا في التحاقك بركبنا و مشاركتنا إبداعاتنا .
    تحياتي لك و أهلا بك
    د. جمال
    sigpic

    تعليق

    • صابرين الصباغ
      أديبة وشاعرة
      • 03-06-2007
      • 860

      #3
      الأخ الكريم عثمان
      كنت تكتب بحروف الإنكسار
      فرسمت معاناة الشباب الباحث عن بؤرة رزق تنشله من يم ضياعه وحيرته
      اعجبت بالنص جدا ولغته السهلة على القاريء
      لكن هناك بعض التطويل وجمل تشرح بعضها وهذا نموذج
      استيقظ باكرا هذا الصباح على غير عادته. إنه لا يتذكر منذ متى لم يستيقظ على الساعة السادسة صباحا
      هذه الجملة زائدة فلم تفد القاريء في تسلسل القصة وكنت قد سبقتها بكلمة على غير عادته
      سامح تطفلي على نصك
      كلنا نتعلم من بعضنا
      مودتي واحترامي لهذا القلم وصاحبه


      تعليق

      • عثمان علوشي
        أديب وكاتب
        • 04-06-2007
        • 1604

        #4
        السلام عليكم:
        تحية مودة واحترام لكل أعضاء هذا الملتقى الطيب. تحية خاصة لكل من د. جمال مرسي والأستاذة صابرين الصباغ والأستاذة مها النجار على طيبوبتهم وترحيبهم بي بين ظهراني ملتقى الأدباء والمبدعين العرب. ملتقى الكلمة الطيبة، الكلمة التي تفجر الصخر وتلين القلوب.
        اسمحولي ان أقول أنني لست قصاصا البتة بل مجرد مترجم في بداية المشوار. وكل هذا المجهود الذي اضعه بين أيديكم ليس إلا تعبيرا عما أشاهده وأعيشه في بلدي الحبيبة المغرب من مشاكل أسمح لنفسي أن أقول أنها متفشية في كل البلدان والأقطار العربية الشقيقة.
        كل ملاحظاتكم كانت في محلها من دون استثناء، لا مي ما يخص الموضوع او اللغة وجماليتها.
        لقد أصبت في تعليقك د. مرسي حين قلت إن

        "نهاية مفتوحة لقصة واقعية تحدث في جميع دول العالم و على الأخص بلادنا العربية
        القصة تحاكي مأسلة يمر بها معظم الشباب العاطل عن العمل كسلاً أو اعتماداً على الغير
        أو ترفعاً عن عمل منتظراً أن تأتيه فرصة حقيقية و غالبا ستكون وظيفة حكومية كما ينتظر
        ."
        يجب على الكاتب أ يشرك القارئ في ما يفكر فيه، وفي نظري ترك نهاية القصة مفتوحة يفي بالغرض، وخصوصا إن تعلق الأمر بمشكلة إجتماعية يعتبر أبطالها ضحايا سياسات معينة.
        وكذلك،لقد أصبت أختي صابرين الصباغ، وأود أن أخبرك ان هذا النص لم يتم تصحيحه ولا حتى مراجعته. وبالتالي هناك أفكار تتكرر.
        وأما شكرك أخت مها النجار لقلمي فقد ألهمه كتابة هذه الكلمات بمداد خجل محمر الوجنتين. وأشير هنا إلى أنني لم أبحث عن الكلمات ولا أتصنع الكتابة. أقول كل ما يجول في خاطري مباشرة ودون تردد.
        شكرا لكم جميعا.
        عثمان علوشي
        مترجم مستقل​

        تعليق

        • طارق السيد
          عضو الملتقى
          • 30-07-2007
          • 186

          #5
          تعبير صادق أخي علوشي و كلمات رنانة و صور قريبة من العقل و القلب ، منطقية القصة رائعة ليتني كنت أقدر أن أقصها على جيلنا كل ليلة قبل النوم عسى أن يستيقض بالصباح ليكتب هو الجريدة ..

          أخوك طارق
          §¤~¤§¤~¤§[size=6]إنسان [/size]§¤~¤§¤~¤§

          تعليق

          • عثمان علوشي
            أديب وكاتب
            • 04-06-2007
            • 1604

            #6
            [align=center]الأخ طارق السيد، أشكرك كثيرا على كلماتك، لقد بعثت هذه القصة القصيرة من أرشيف الإنكسار..
            سلامي
            [/align]
            عثمان علوشي
            مترجم مستقل​

            تعليق

            يعمل...
            X