النهايه في قمة الجبل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • هادي المياح
    أديب وكاتب
    • 13-05-2014
    • 50

    النهايه في قمة الجبل

    ألنهايه في قمة ألجبل....قصه قصيره


    عرفته منذُ كنا صغاراً..يسكن في البيت المجاور لبيتنا القديم..
    يشعُّ من عينيه ألأمل ويحبُّ الحياة ..دمّه خفيف وروحه تفيض بالحب وخدمة الناس ..أجالسه بعض الأحيان وأستمع إلى
    نصحه وطرائفه..يتحدّث بطريقة مهذّبه وأسلوب جذّاب..وكنت دائماً
    أشعر بالسعادة وانا أستمع إلى حديثه،في جو هادئ..وعلى وجهه ترتسم روح الدعابة والمرح..
    لم تسعفني قدماي على ألمشي،وكأنني في كابوس مخيف،كان
    الخبر الذي سمعته فور وصولي ، صاعقا معنّفا بالنسبة لي ،ورحتُ أجرّ نفسي بقوة متعثرا نحو السفح..أُداريها ببعض الإيحاءات والأفكار علّها تخفف عني آثار صدمة قد تلحق بي..عيناي تواصلان الترصد والدوران في كل إتجاه..
    تمنيت ان الحق به قبل ان تدْلّهم الظلمة ويتمّزق جسده في
    هّوة الوادي السحيق..أخذتني الوساوس والشكوك..ربما
    لا أعثر عليه،ولا حتى على كرسيهِ المتحرك ..
    كان يرافقني مرّة حين إبتلعني فمُ الطريق الافعواني..ألصاعد
    النازل المحفوف بالصخور المتحديّه لمياه الشلال..وكنا
    نحسب خطواتنا بمرح ونتشبث بحافاتها ألحادّه هنا
    وهناك..بين عشرات المتسلقين والزائرين..
    ونستريح لفترة نتفرج على فرح الاخرين ونشوتهم،ثم نعود
    وخلفنا ريح باردة منعشه،إمتزج هواؤها مع البخار المتصاعد
    من الصخور.صادفني قرويين نازلين من قمة الجبل،أخبراني بان أحدا ما ساعده على الصعود!
    أسرعت الخطى فورا..وزادت هواجسي ، لقد حسم أمره إذن
    وإتخذ قراره ..كم توسلت اليه،أستحلفته بالله الّا يفعل ذلك..
    واجهته بحماس، لقد خذلتني ..هل نسيت كل شئ ..فقدت
    ثقتك بمن حولك..حتى طبيبك ألذي جاهد في علاجك لم يسلم منك..صرت تطعن به وبرأيه جهراً أمام الناس،وحمّلته ما حدث لك من صدمة ُشلّت أطرافك جّرائِها.


    بدقائق قليله صرت أشرف على مساحة شبه مستوية في قمة الجبل..يتوسطها سِنٌّ صخري حوّلته الظلمة الى شبحِ لمحاربٍ قديم..يكادُ قلبي يهربُ من الصدر كلّما إقتربتُ ِمن حافّة الوادي..
    ورحتُ اُنحّي بعيدا،بعضا من هواجس الخوف،ماسحاً بعينيّ،الحافّه الاماميه..حتى صار المحارب القديم خلفي بمسافة بعيده..
    أضحى قرصُ الشمسِ متلوناً بحمرة قاتمة وهو آخذاً بالنزول نحو الأفق بسرعه،فإختفت أغلب معالم الأشياء الراقدة أمامي شيئاً
    فشيئاً .. حتى كرسيه المتحرك الذي ظهر واضحاً تحيطه دائرة قرص الشمس..بدا لي نصفه مقلوباً نحوالامام
    بصورة كئيبة ومؤلمة..وانا لوحدي اشهد هذا الحدث المفجع..
    كم وددت لو تأخر سقوط الشمس في العين الحمئه لبعض
    الوقت..لعلّي استدل بشعاعها، حقيقة باتت غير واضحه..فلربما قذف بنفسه وانتهى أمره،أو عَدِل عن قراره،او أغمي عليه..لكنّ العين الحمئه تنتظر قدومها بلهفة لتأخذها بعيداً،لا ادري الى اين؟ فهي تبدو ايضا مسيّرة فحزمت أمرها ،وتركتني لهذا الظلام ،،فوق قمة الجبل الموحشه،اترقب مثل جندي مقاتل لا أ سمع فيه صوتا ولا حركه،عدا بعض الحشرات الطيارة تقصف الجبهة المفتوحة
    أمامي ..ودبيب مخالب صغيره تداعب ذراعي وأطرافي المكشوفة فتشاغلني وتشتت أفكاري..اسارع بقشطها بحنق لكنها لا تلبث ان تعود متسلقة عليّ مرة اخرى..
    الظلام يخيم على كل شئ..حتى على خوفي وترددي الذي أحاطني..ومن نفق الخوف،لمحت شيئا ما خطف أمامي ،لقد انزلق الكرسي المتحرك من مكانه حيث كان عالقا ،فقفزت مرعوباً أصرخ بأعلى صوتي
    :لا..لا..واتجهت راكضا نحوه كالسهم..وحينما واجهني واقفاً عن قرب،توقفت،تجمد الدم في عروقي..غامت عيناي واختل توازني ،وصرت اترنح في مكاني.. لقد أذهلني منظره وأنا أراه
    يقف على قدميه أمامي وجها لوجه،من غير حاجة لكرسيه ، كما كنت أراه قبل سنين منذ كنا صغاراً، وهو يسكن في البيت المجاور لبيتنا ..وكان يشع من عينيه الامل..وروحه تفيض بالحب..وعلى وجهه ترتسم روح الدعابة والمرح.


    هادي المياح8/8/2014
    التعديل الأخير تم بواسطة هادي المياح; الساعة 15-08-2014, 09:58. سبب آخر: فواصل
يعمل...
X