في ربيع سنة من السنين ، فيه ازداد شوقي والحنين ، أزمعت السفر قاصدا بلدي تهامة ،إذ لا أعدل بها دمشق ولا المنامة ، فتمادى بي نحوها سير المطي ، ومصروع الشوق يأنف السير البطي ، فوافيت أكنافها عند بارقة الصباح ، فإذا بوجهها بالحسن باسم وضاح ، فقلبت بصري في بساتين الحقول ، في حلة من سندس تذهب بالعقول ، ورأيت بشمالي تهللا من وجه ذاك الوادي ، فقلت حقا تلك غاية المرادي ، وبالعدوتين منه دوح ونخيل ، بروعة تزري بالخد الأسيل ، وفوق ذاك الدوح يصدح القمري والحمام ، بصوت عذب يوري شرارة الهيام ، غير أن الجو فيها مزبد يطيش بالحرارة ، حتى الوحش يلازم المغارة ، فالتقيت ثم بفرحة الأهل والقرابة ، بمثل عادة العربي إذا طال اغترابه ، وقدموا لي بعد هنيهة وكأس ماء وجبة شهية ،إخالها من غربتي أكلة شعبية ،ثويت فيهم من الأيام برهة ، لكنها تصرمت ساعاتها بسرعة ، آسف يا سادة إن أسهبت في كلامي ، لكنها قصتي بغاية التمامي ، فودعت تهامة على أمل اللقا ، إن كان لا يزال بالعمرذخيرة من البقا .نجم ،،