لقد انتهت قصتي . ماذا تنتظرون ؟ أن أروي شيئا عن الحب المنسل بين كراسي المقاهي أم مآثر ميت كان نسخة عمن سبقه ؟ أتريدون أن تسمعوا شيئا من الطرافة و حس الفكاهة فلست بذلك الشخص المرح , أنا أكره المرح و الابتسام , لا شيء كريه الى قلبي مثل الضحك الممجوج بالدموع . اذهبوا و تسكعوا بالاسواق قليلا أو طالعوا شيئا يثري معلوماتكم التي تفتخرون بها بين أصدقائكم. كم مقولة تحفظ ؟ كم اسم كتاب تلوك به شفتيك أثناء أكل شطيرتك الاولى المتأخرة الى منتصف النهار. لقد ملّت مكتبتك نظراتك المملؤة بالفخر الأجوف و الكبر المفرغ من كل معاني الكبر.كم كتابا لم تنهي قرائته بل استكانتك سريرتك لرؤيته يزيّن الرفوف المغبرة .؟
أنت ؟ كم مرة شعرت أنك تنتمي الى عالم الكتّاب و الأدباء فقط عند محاذاتك لمكتبة تريد التبول خلسة عند سورها. أتنتشي الآن بالضحك و تقول أن أسلوب الكتابة هذا عاف عليه الزمن و أصبح ممجوجا ؟ هواجسك و خواطرك و مشيتك و حبك و كرهك قد صاغها لك أجدادك المقبورين في سكون الأرض. أتبتسم الآن ؟ كم مرة اضطررت لتبدي إعجابك بشيء تافه فقط حتى لا تخالف السائد و الممجوج الذي عافه الزمن . لا أدري لماذا تكمل القرآءة بكل سخافتها.
دعني أخبرك شيئا عزيزي( حتى تاء التأنيث تحذف عن المفرد العام لأنه اسلوب متبع و ممجوج خضعت له بكل صفاقة تحت عبودية اللغة ) لم يكن و لن يكون من تمرد يتفجر من بين ثنايا أقلامك و لن يتمترس العالم لمنع فيضان حبرك الغارق بكل أنواع السحر المعنوي و الشعوذة القولبية و خواطرك المستطردة الجالبة للاحلام من أفواه الواقع المعاش موتا و الميت في كل لحظة من لحظاته المنسية الغائرة في حنين لغد لا فجر له , لا و ألف لا , لن يكون مبيتك و قيامك الا دورة يومية في حياة كائن ينتظر الإنتهاء من أنفاسه ليسارع قريرا جامدا الى قعر حفرة ضيقة تتيه في أحضان التربة.
لكن , و لم لا ؟ لم لا يجرب الحمل أن يكون ذئبا و الذئب أن يكون أفعى ؟ لماذا يكون دوما ابحار الحمقى في متاهات خالدة شيئا غير مستساغا من حمقى آخرين كسالى لا يقومون بشيء الى حد الحماقة؟ إن جنوننا لهو ذاته الذي يلف ذلك الزاهد البائس الجالس في قمة جبل لا تسكنه الوحوش ملقيا الاعذار لنفسيته الكئيبة "أي أحسنت الاختيار , ها أنا أجد لذتي و أنا أتبول في العراء " , و يدفعنا للتعلق بتلك الصور الأسطورية من البشر البائسين الذين أرادوا أن يكونوا شيئا فكانوا لاشيء , إنه نفسه الذي يلف جنوننا , إنها الاشكال الشيطانية التي تلتف حول السر , إنها فرقعات مدوية في صمت الليل خرجت من حلم و ظلت صامتة هاربة على سفح جبل , الى سطح العالم, إنه الهرب نحو الجنون , نحو اللاممكن و اللامألوف.
أتريد أن تكون شيئا فتخشى أن تكون لا شيء ؟ فانا دوما لا شيء و اخشى أن أكون شيء و أعلم أني لن أكونه و هنا منبع خوفي , إن إغراق نفسي في المبالاة بألا أكون شيئا هو ما يؤرق وجودي و يوحّد من صلابتي فهو دائما يغرقني بسراب مفزع و يملي عليّ التصرف بأشياء من التواضع و المسكنة لكل من لاقته عيناي المتعبتين و يهدم تصالحي مع ذاتي و اندفاعي بكل العفوية الفظة لأعبّر بكل التعبير الصارخ بالوجود عن مكنونات نفسي تجاه الناس و الأشياء و يجبرني على قراءة و كتابة هذه التفاهة البالغة في السخف لأحصي هزيمة أخرى الى هزائمي المعتادة بأني نزلت من فرسي المذهّب من أجل أن أوغل نفسي في قاذورة هذه الكلمات المنتهية الحياة , و كأني شيء حتى أريد أن أغدو الى لاشيء.
يا عزيزي المحب إني لأنتشي بأني تقيأت في أذنيك و عينيك بهذه القصة الفاسدة و إني لافرح تمام الفرح لأني أضعت وقتك و شغلتك و هذا هو هدفي المعلن في كل الازمنة. إن الانسان دائما ما يرنو الى إضاعة الوقت و إهماله و شغل نفسه بالتوافه كيفما اتفق. لنتخلى عن مسؤوليتنا الكاذبة إن كان هناك أصلا ما يستحق الذكر ولنمضي في إضاعة وقتنا , فهذا ما تمارسه الآدمية منذ فجر التاريخ و هذا هو الفطرة الأصيلة الذي تهنا بعيدا عنها .
إن ما نعيشه هو زمن العقاب , زمن سلطة الحروف البراقة و العوالم الورقية التي نهرب اليها , إنه زمن عقابها الصارم الذي لا عدالة عنه , تحيل عالمنا الى خرائب مقفرة نعيشها بوعي مقلوب نستمد من الورق الملطخ بكل بصاق الأقدمين لحظات السعادة المخجلة لنلصقها بمؤخرة واقعنا رغما عنه فيغدو عالمنا مقبولا لأصحاب الذوق الرفيع و لهذياناتهم البائسة.
إن للكلمات نوعان فقط مع أن قواميس العالم تنقر رؤوسنا , هناك كلمة حية و كلمة ميتة , تلك التي أقرها كهنة المحاجر الآوائل على ألواحهم الفخارية المتلاشية في زمن الفطرة القدسية الأولى , إن الكلمة الحية ليست ذات مبنى و خطوط جوفاء بل تلك التي تنطق بها كل التماسيح و الاصنام و الاشجار العاتية و ابتسامة الطفل , تلك الكلمة التي لا تزال تتوالد بكل السرعة و الجهد لتتسرب الى كل لغات العالم و حركاته و تلتصق بعقلك و تعطيك نشوة لا يمكنك الفكاك عن البحث عن مرادافات لها و لا تصل اليها بل تدور حولها بكل الأسى مستعذبا تمنعها عنك فتتلبسك كساحرة أشرفت على الهلاك و القت كل ما بجعبتها لتلعن العالم . أما الكلمة الميتة فهي التي لا تمكث في ذهنك إلا لحظات و إن كانت مخطوطة بأيدي السحرة و تغيب كخسوف سريع مرّ عليك و أنت في رغد فراشك , تلك الكلمة الميتة التي يتناقلها الناس على أكتافهم من جيل الى آخر كجثة خالدة تبحث عن قبر تاه عنها , باقية حبيسة الكتب الذابلة و الأفواه الوقحة تتردد مع كل مريدٍ للخدع الشفوية أن تمارس عربدتها على آذاننا و فسوقها لأعيننا الهرمة المتشنجة.
مالذي تريده مني يا حضرة الرقم ؟ الست رقما في السجلات الرسمية و ستبقى رقما و ستمحى كرقم ؟ ماذا تريد الارقام من بعضها البعض سوى إنشاء مصالح مشتركة جافة صلفة لتنبع مصالح أخرى منها خالية من كل الروحانية العذبة و الشيطانية الآسرة . لا يمكن للارقام أن تتحدث , لا يمكن للارقام أن تشعر , لا يمكن للارقام أن تقدر المخبوء في جوف الترابط التي تبديها أرقام متسلسلة , لا يمكنها ان تفهم البعد الغائر في زوايا المحن الانسانية الجمعاء, و خيالاتها الفارغة و الجامحة. فمالذي تريده أيها الرقم اللانهائي , أتريد قصة ظريفة ؟ حسنا , سأشرع في رواية قصتي .
لحظات صمت
يتوقف عن الكلام و ينزع المايكروفون .
لحظات صمت , نظرات حائرة
يقف الجمهور كله و يصفق بحرارة .
يمزق الورق و يغادر المنصة يكاد ينفجر من الغيظ .
أنت ؟ كم مرة شعرت أنك تنتمي الى عالم الكتّاب و الأدباء فقط عند محاذاتك لمكتبة تريد التبول خلسة عند سورها. أتنتشي الآن بالضحك و تقول أن أسلوب الكتابة هذا عاف عليه الزمن و أصبح ممجوجا ؟ هواجسك و خواطرك و مشيتك و حبك و كرهك قد صاغها لك أجدادك المقبورين في سكون الأرض. أتبتسم الآن ؟ كم مرة اضطررت لتبدي إعجابك بشيء تافه فقط حتى لا تخالف السائد و الممجوج الذي عافه الزمن . لا أدري لماذا تكمل القرآءة بكل سخافتها.
دعني أخبرك شيئا عزيزي( حتى تاء التأنيث تحذف عن المفرد العام لأنه اسلوب متبع و ممجوج خضعت له بكل صفاقة تحت عبودية اللغة ) لم يكن و لن يكون من تمرد يتفجر من بين ثنايا أقلامك و لن يتمترس العالم لمنع فيضان حبرك الغارق بكل أنواع السحر المعنوي و الشعوذة القولبية و خواطرك المستطردة الجالبة للاحلام من أفواه الواقع المعاش موتا و الميت في كل لحظة من لحظاته المنسية الغائرة في حنين لغد لا فجر له , لا و ألف لا , لن يكون مبيتك و قيامك الا دورة يومية في حياة كائن ينتظر الإنتهاء من أنفاسه ليسارع قريرا جامدا الى قعر حفرة ضيقة تتيه في أحضان التربة.
لكن , و لم لا ؟ لم لا يجرب الحمل أن يكون ذئبا و الذئب أن يكون أفعى ؟ لماذا يكون دوما ابحار الحمقى في متاهات خالدة شيئا غير مستساغا من حمقى آخرين كسالى لا يقومون بشيء الى حد الحماقة؟ إن جنوننا لهو ذاته الذي يلف ذلك الزاهد البائس الجالس في قمة جبل لا تسكنه الوحوش ملقيا الاعذار لنفسيته الكئيبة "أي أحسنت الاختيار , ها أنا أجد لذتي و أنا أتبول في العراء " , و يدفعنا للتعلق بتلك الصور الأسطورية من البشر البائسين الذين أرادوا أن يكونوا شيئا فكانوا لاشيء , إنه نفسه الذي يلف جنوننا , إنها الاشكال الشيطانية التي تلتف حول السر , إنها فرقعات مدوية في صمت الليل خرجت من حلم و ظلت صامتة هاربة على سفح جبل , الى سطح العالم, إنه الهرب نحو الجنون , نحو اللاممكن و اللامألوف.
أتريد أن تكون شيئا فتخشى أن تكون لا شيء ؟ فانا دوما لا شيء و اخشى أن أكون شيء و أعلم أني لن أكونه و هنا منبع خوفي , إن إغراق نفسي في المبالاة بألا أكون شيئا هو ما يؤرق وجودي و يوحّد من صلابتي فهو دائما يغرقني بسراب مفزع و يملي عليّ التصرف بأشياء من التواضع و المسكنة لكل من لاقته عيناي المتعبتين و يهدم تصالحي مع ذاتي و اندفاعي بكل العفوية الفظة لأعبّر بكل التعبير الصارخ بالوجود عن مكنونات نفسي تجاه الناس و الأشياء و يجبرني على قراءة و كتابة هذه التفاهة البالغة في السخف لأحصي هزيمة أخرى الى هزائمي المعتادة بأني نزلت من فرسي المذهّب من أجل أن أوغل نفسي في قاذورة هذه الكلمات المنتهية الحياة , و كأني شيء حتى أريد أن أغدو الى لاشيء.
يا عزيزي المحب إني لأنتشي بأني تقيأت في أذنيك و عينيك بهذه القصة الفاسدة و إني لافرح تمام الفرح لأني أضعت وقتك و شغلتك و هذا هو هدفي المعلن في كل الازمنة. إن الانسان دائما ما يرنو الى إضاعة الوقت و إهماله و شغل نفسه بالتوافه كيفما اتفق. لنتخلى عن مسؤوليتنا الكاذبة إن كان هناك أصلا ما يستحق الذكر ولنمضي في إضاعة وقتنا , فهذا ما تمارسه الآدمية منذ فجر التاريخ و هذا هو الفطرة الأصيلة الذي تهنا بعيدا عنها .
إن ما نعيشه هو زمن العقاب , زمن سلطة الحروف البراقة و العوالم الورقية التي نهرب اليها , إنه زمن عقابها الصارم الذي لا عدالة عنه , تحيل عالمنا الى خرائب مقفرة نعيشها بوعي مقلوب نستمد من الورق الملطخ بكل بصاق الأقدمين لحظات السعادة المخجلة لنلصقها بمؤخرة واقعنا رغما عنه فيغدو عالمنا مقبولا لأصحاب الذوق الرفيع و لهذياناتهم البائسة.
إن للكلمات نوعان فقط مع أن قواميس العالم تنقر رؤوسنا , هناك كلمة حية و كلمة ميتة , تلك التي أقرها كهنة المحاجر الآوائل على ألواحهم الفخارية المتلاشية في زمن الفطرة القدسية الأولى , إن الكلمة الحية ليست ذات مبنى و خطوط جوفاء بل تلك التي تنطق بها كل التماسيح و الاصنام و الاشجار العاتية و ابتسامة الطفل , تلك الكلمة التي لا تزال تتوالد بكل السرعة و الجهد لتتسرب الى كل لغات العالم و حركاته و تلتصق بعقلك و تعطيك نشوة لا يمكنك الفكاك عن البحث عن مرادافات لها و لا تصل اليها بل تدور حولها بكل الأسى مستعذبا تمنعها عنك فتتلبسك كساحرة أشرفت على الهلاك و القت كل ما بجعبتها لتلعن العالم . أما الكلمة الميتة فهي التي لا تمكث في ذهنك إلا لحظات و إن كانت مخطوطة بأيدي السحرة و تغيب كخسوف سريع مرّ عليك و أنت في رغد فراشك , تلك الكلمة الميتة التي يتناقلها الناس على أكتافهم من جيل الى آخر كجثة خالدة تبحث عن قبر تاه عنها , باقية حبيسة الكتب الذابلة و الأفواه الوقحة تتردد مع كل مريدٍ للخدع الشفوية أن تمارس عربدتها على آذاننا و فسوقها لأعيننا الهرمة المتشنجة.
مالذي تريده مني يا حضرة الرقم ؟ الست رقما في السجلات الرسمية و ستبقى رقما و ستمحى كرقم ؟ ماذا تريد الارقام من بعضها البعض سوى إنشاء مصالح مشتركة جافة صلفة لتنبع مصالح أخرى منها خالية من كل الروحانية العذبة و الشيطانية الآسرة . لا يمكن للارقام أن تتحدث , لا يمكن للارقام أن تشعر , لا يمكن للارقام أن تقدر المخبوء في جوف الترابط التي تبديها أرقام متسلسلة , لا يمكنها ان تفهم البعد الغائر في زوايا المحن الانسانية الجمعاء, و خيالاتها الفارغة و الجامحة. فمالذي تريده أيها الرقم اللانهائي , أتريد قصة ظريفة ؟ حسنا , سأشرع في رواية قصتي .
لحظات صمت
يتوقف عن الكلام و ينزع المايكروفون .
لحظات صمت , نظرات حائرة
يقف الجمهور كله و يصفق بحرارة .
يمزق الورق و يغادر المنصة يكاد ينفجر من الغيظ .
تعليق