الرفش

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • خالد الرواشدة
    أديب وكاتب
    • 11-08-2014
    • 26

    الرفش

    - هل جلبت الشاي الملائم لهذه الغرفة ؟

    - و جلبت السكر و بعض الطعام أيضا.

    - لا تنسى أن تقفل الباب جيدا و إن سألك أحدهم هل رأيتني فأنكر ذلك.

    - أنت
    اليوم على غير مزاجك المعتاد . هل أنت مرهق ؟

    - اسمعني جيدا, لا تفتح الباب أبدا مهما حدث و حتى أن اشتميتم رائحة جسدي المتعفن فلا تفتح الباب. أريدها أن تطبع خيالات مقززة لا تمحى من أدمغتهم.

    - لا يمكنني فعل ذلك. لابد أن شرفة هذه الغرفة قد ألقت في نفسك بعض الهدوء الطالب للوحدة, فمنظر خلاب من أعلى برج في مدينة امستردام العائمة قد سلب شيئا منك.

    - أتظن أني أسعى للحفاظ على ذاتي من هذا البرج و التمتع بهذه المناظر العبثيّة ؟ أنا أريد أن أبقى هنا وحيدا الى أن أغدو وحيدا بشكل تام . إن الذات أصلا تريد قبل أن تسعى للحفاظ على نفسها, و أنا أريد هذا الشيء , إني أمارس كينونتي الأساسية التي أهملها الجميع , فغايتي ليست المحافظة على ذاتي بقدر أن أمارس أرادتي بكل قوتي .

    - إنك تريد أن تحيى وفقا للطبيعة لبرهة.

    - أعيش وفقا للطبيعة ؟ أنت لا تفهم شيئا مطلقا. لا يمكن للحياة و الطبيعة أن تلتقيا أبدا, فالطبيعة هي الجور المتخبط و العدالة العوراء, إنها الغضب المفاجىء و السلامة الكاذبة , لا اعتبارات و لا نوايا , لامبالاة مطلقة بكل شيء , إن الحياة نقيض الطبيعة و ابنها المتمرد , تنظرون بصلف سحيق الاغوار و أمل جنوني بأن ترغموا الطبيعة أن ترتدي ستراتكم و تتصرف طوعا لأمركم!و تقولون " أننا نعيش وفقا للطبيعة , أمّنا الطبيعة " يا له من هذيان مخزٍ ! لا تسرق مني الوقت ,هيا .. هيا , اذهب و أغلق الباب!

    - سيدي لا يمكنني فعل ذلك. سيسأل عنك كل أهل المدينة و سيقيمون حملات جماعية للبحث عنك. سيكون اختفاؤك ذو أثر عميق لا يمكن للناس أن تحتمله.

    - لا يهمني ذلك بشيء مطلقا. قبل أن أنسى, عندما يجدونني ملقى هنا بإبتسامتي الأخيرة, أخبرهم اني ذات مرة تمنيت أن أدفن بقبر طولي, أريد أن أكون واقفا في بطن الارض كما كنت على ظهرها. أريده شديد الضيق, على قدر جسدي فقط, حتى لو أدخلوني فيه بكل المعاناة. أريد أن يصحبني العناء الى تلك الأمكنة النائية , أريد أن أصل بقلبي المعتصر في مسكني الفريد ذاك الى آخر أسرار الوجود.

    - يا الهي! ألهذه الدرجة وصل بك البؤس! الحياة مليئة بالفرح إن كنت تبحث عنه!

    - إن البؤس هو الجهة الأخرى من المرآة. الحياة لا تعكس إلا معاناة و آلاما. كم يوما سعيدا عشته في هذه الحياة ؟ يوم؟ يومان ؟ اسبوع؟ إنك حتى لا تقوى على الاستذكار. الحياة هي الالم الحقيقي ولا شفاء منه إلا بالموت. على قدر ما تكون حياتك طويلة على قدر ما يكون بؤسك أشد , و يكون انتظارك للموت أشد .

    - لكنك تريد قبرا طوليا شديد الضيق؟ إنك تهذي سأستدعي الطبيب.

    - سأكون الفريد في هذا الأزل المتولد من أزل الذي لن يتخلص من معاناته حتى بالموت. سأكون هنا, في هذه الحجرة ,حجرة العالَمَيْن, أصل بكامل امتداداتي الى أواخر الأبعاد , سأتفتت بشكل منتظم الى قطع أدنى إلى ان يصل الأمر الى مآلٍ لا يمكن التفتت فيه أكثر, سأبلغ بداية كل شيء, بداية العالم.

    - لابد أن مهنتك أثرت عليك بشكل فاق التوقع. بدأت آخذ كلامك بشكل جديّ.

    - أتعلم يا عزيزي, إن الناس يتشبثون بمناصب مفقودة و يهملون عن تعمد النظر الى المُلك الأكثر وثوقا , إنه الجسد الخالص. يقتربون من الحقيقة محاولين أخذ حفنة من اليقين , لا يقدّرون أجسادهم الخاصة, أما أنا , سآخذ اليقين كله, سيكون عصف الحقيقة مدويا على شفتي عندما تجدونني .

    - مرحبا, عذرا لمقاطعتكما , سيد فيدور , الجثة جاهزة للدفن. إجلب رفشك و تعال معي .

    - حسنا!
  • عبدالرحيم التدلاوي
    أديب وكاتب
    • 18-09-2010
    • 8473

    #2
    نص فكري دو أبعاد متعددة.
    أظن أن الحوار قد غلب السرد.
    وقعت بعض الهنات.
    مودتي

    تعليق

    يعمل...
    X