الإهداء ،،
لأبي، لعينيه والشيب الذي تخضل به وجنتاه،
لكفيه الكريمتين في الليالي الحالكة وهو يحمل جسداً رخواً طارقاً أبواب الله ،،
(إهداء خاص: للأخت الأديبة /عائدة نادر - وللصديق: محمد مطيع) مع التحية ،،
جسدي والموت
عبرتهم بعينين نزتا خجلاً مُراً واغرورقتا بماءٍ ثقيلٍ على الأهدابِ.
كنتُ أنكسرُ في عيونهم. تلك المرايا التي أراني فيها ذابلاً ومستسلماً، صورةً يجترونها كلما أرداوا قمع رغباتهم وتوبيخ أنفسهم الأمَّارة بعزاءٍ طويلٍ على الدنيا التي تحيلُ الغصن الأخضر هشيماً وتهيض الأعناق قبل الأعذاق.
قمتُ أذودُ عني استرحامهم ببسمةٍ أنحتها على خدي ورسمِ أشداقي، وأقول في نفسي للعابرين:
- لا تقتلوني بخناجر الشفقة التي تزرعونها في جسدي، لا تقتلوني، أرجوكم.
كان أحدهم يجرني بتؤدةٍ عبر الدهاليز الملتوية، أمام الأعين التي حرثت جسدي المكدود على الكرسي المتحرك وأنا أتلفع بثوبٍ بيضاء رقيقةٍ هي حصة الأجساد التي تستوطن هذا القبر الكبير.
تنهدتُ غير بعيدٍ عنهم. أطرقت برأسي، واتكأتُ على دعامة الكرسي الملساء. فللتُ أصابعي وأحنيتُ جبيني ملصقاً إياها بصدغيْ. تهتُ وأنا أشق قعيداً هذه الممرات. كنتُ أسمع فحيحاً ورغاءاً يخرجُ من كلّ الجهات، حتى إذا توقفنا، حُملتُ بمشقةٍ وأُوسدتُ على أريكةٍ مفروشةٍ بالبياض، ثمّ رأيتُ أشباحاً خضراً وبيضاً وزرقاً مكممي الأفواه وأنواعاً شتى من المباضع والسكاكين.
ابتسم لي أحدهم وهو يقترب مني:
- ما اسمك ؟
أجبته ببطءٍ ثمّ منحتهُ بسمةً باهتةً وأنا أُسلمُ نفسي للشفرات التي ستزحف قريباً فوق رقبتي والمخدِّر يندسُّ في عروقي ويحيلني ميتاً على غير ميعاد.
* * * *
هنا يقذف الزمنُ بضحايا انفجارات الخلايا الحية ويخبؤهم بعيداً عن الأعينِ النهمة والشوارع والمارة. ذات فجرٍ، جاؤوا برجلٍ مدنفٍ ذي لحيةٍ كثةٍ وسائبةٍ كانت تشي بأن شفرةً لم تزحف لتجزّ ذؤاباتها منذ زمنٍ طويل.
أتوا به محمولاً كعادة الموتى الأحياء على سريرٍ متحرك، فأيقظ من كان نائماً. أما أنا، فلأنني لا أرقد إلا بعد أن يدسوا في عروقي مخدراً لا يأتي بمفعولهِ إلا بعد ساعةٍ، فقد ظلت عيناي تحدقان في السقف والدرائشِ التي تلمعُ من خلفها مصابيح الشوارع وتتردد أبواق السيارات لتقول بأن حياةً قائمةً هناك لن يوقفها اختباؤك ورفاقك في هذه الغرف المعتمة.
نحن مُحرِمون للموت. لا صراخه الفائر من شدقيه ولا أي شئٍ آخر سيحرّك أجساد رفاقي، إلا لأنه أتانا بغتةً وعند ساعات الفجر، فأيقظنا أجمعين.
- سأموت.. .سأموت، بطني سينفجر..
قالها بملء فمه، وقد تلوّى كثعبانٍ على السرير. كان يختبرُ الألمَ الذي تكيله له خلاياه عندما تأنفُ من ناموسها الأزلي. الموتُ يتسجرُ في أجسادنا من أي مكانٍ وفي أي زمان. بعضنا يتسلل لينخر عظامه، والبعض الآخر ينبت مخالبه في بطنه كهذا القادم الجديد الذي لم يدرِ أننا في الليلة التي سبقت مجيئه كنا شهوداً على احتضار أحدهم في الغرفة المجاورة.
جلّ ما نعرفهُ أنه مصابٌ بمرضٍ عضال، وأنّه يكره الأنابيب المغروسة في عروقه، فما ينغرز أحدها إلا ويقذف به جانباً فيندلق دمهُ على الفراش ويلطخ البلاط، ولذلك قيدوه، ومنذ ذلك الحين، بقينا نسمع نحيبه وتأوهاته، واستغاثاتٍ لا تجابه إلا باللوم والتوبيخ.
كانَ صوتهُ المبحوحُ يسمع آخر الليل وهو يعالجُ حزنهُ ووحدته. يبكي وهوَ يعتفر على السرير ويفحصُ برجليه، فبقينا نسمعُ صدى ارتطام السرير في ناحيتنا كل ليلة. ربما فضل أن يسلم نفسهُ في غير هذا المكان، ولكنّه ودعَ الحياةَ صبراً. على مهلٍ كان الموتُ يسحب جذوره ويجزها واحدةً بعد الأخرى، وهذا ما دفعَ بالحرائق داخله أن تهبه في آخر لحظاتهِ قوةً لفكّ قيوده، فانتزع الأنابيب المغروسة في يديه وفوَّرَ دمهُ الدلقَ على البلاط ورمى بنفسه من على السرير فما أسعفته ساقاه الذابلتان، حتى زحف على بطنه إلى الباب الموارب ليموت في النور بدل أن يُدفن مرتين في الظلام.
بالكاد أخرج جذعه من الباب وساقاه ظلتا مغمورتين في العتمة، فلم يكتب له أن يرتوي من النور حتى باغته الموت حين تفجر دمه من فيه وسفح حياته في الردهة.
وفي الصباح، رأيناهُ يلعقُ دمه ويزمُّ قبضتيه وعيناه جامدتان كالحجر، وفمهُ المفتوح يوحي بأنّ صرخةً دفينةً كانت تتقد في أحشائه، ابتلعها لا شك بمرارةٍ وهو يستطعم زعاف الموتِ ويتقيؤه.
* * *
هنا يلسعنا الصباح، فالشمس لا نراها إلا من خلف الشبابيك ونوافذ المستشفى البنية.
كل يوم أحمل أمل الانعتاق من قهر هذا الجسد الهزيل. هذه الرمة التي لا تطيعني كالسابق. هذا اليوم، وعندما نزعوا الدثار عني وجدوني متمسكاً بالسرير كمن يخشى السقوط من عل. حركتُ ساقيّ فلم أقو على ذلك، فأتوا ليعينوني لكنهم لم يستطيعوا تحريك جثتي التي كنت أحسب أن روحي كانت تراهق في الخروج منها.
حملوني بعد يأسهم، فسوى يديَّ اللتين بقيتا علامةً لحياة هذا الجسد؛ لم يكن عضواً واحداً قادراً على الحراك. أثناء ذلك، أحسستُ بدمي يتدفق بعنفٍ في خلايا جسدي المنهك حتى دفع شعاع الضوء في روحي نحو الأعلى. اختنقت حينها بهواءٍ بارد ثقيل يعبر من حنجرتي المقروحة ونحري المعروق، ولم أجد بداً من أن أفتح فمي لأطلق للريح تنهيدة الروح المخنوقة.
ذُهل الجميع من تلك الصرخة المدوية، فأدركوا أن لا فائدة من تنظيف هذا السرير، فهممتُ بإرجاع رأسي للوسادة، ثم أغلقت عينيَّ ووقع أقدام العاملين والممرضين تدوس على خيوط روحي التي سُفحت فوق بلاط الغرفة الرخامي.
* * * *
في الليل لا ترعبني العتمة والاحتضار أكثر من خوفي من النهار القادم.
كنت أحدق في السقف كل ليلة في انتظار أحدٍ يأتي من السماء، بإمكانه أن يخمد بقايا الزيت في مصباح جسدي الباهت ويطفأ هذا الجحيم. إنني الآن لا أملك غير يداي وهذه العيون التي تقرأ كل لغات الموت من بين أحداق الأطباء والممرضين والزائرين. وحتى خروجي من المستشفى وهم يحملونني على الكرسي المتحرك، ظللتُ أمضغ كل النظرات التي ترمقني بشفقة ومواساة.
تركت رفاقي، فبكينا مثل الراحلين، لوّحت لهم ومضيت. دخلت تلك الغرفة وخشعت إجلالاً لذلك الفارس الذي صارع الموت. ولما عدت إلى غرفتي وسريري الآخر، لم يكن هناك سوى أقراص صغيرة ملقاةٍ على جانبه، وعكازين رماديين كانا مسندين إلى الجدار وبجانبهما كرسيٌ متحركْ.
تقابلهم في جسدي حربٌ طاحنةٌ بين الموت والحياة. معركةٌ قاسيةٌ بين العودة واللاعودة إلى قدرٍ مجهولٍ وزمنٍ بعيدٍ وطريقٍ غير سالكة. كنت لا أستطيع اتخاذ القرار بشأن ذلك، ولا أستطيع الرؤية في أفق صار أبعد منه مصيري الذي حجبه جناح القدر !.
مجلة البحرين الثقافية - العدد 77
لأبي، لعينيه والشيب الذي تخضل به وجنتاه،
لكفيه الكريمتين في الليالي الحالكة وهو يحمل جسداً رخواً طارقاً أبواب الله ،،
(إهداء خاص: للأخت الأديبة /عائدة نادر - وللصديق: محمد مطيع) مع التحية ،،
جسدي والموت
عبرتهم بعينين نزتا خجلاً مُراً واغرورقتا بماءٍ ثقيلٍ على الأهدابِ.
كنتُ أنكسرُ في عيونهم. تلك المرايا التي أراني فيها ذابلاً ومستسلماً، صورةً يجترونها كلما أرداوا قمع رغباتهم وتوبيخ أنفسهم الأمَّارة بعزاءٍ طويلٍ على الدنيا التي تحيلُ الغصن الأخضر هشيماً وتهيض الأعناق قبل الأعذاق.
قمتُ أذودُ عني استرحامهم ببسمةٍ أنحتها على خدي ورسمِ أشداقي، وأقول في نفسي للعابرين:
- لا تقتلوني بخناجر الشفقة التي تزرعونها في جسدي، لا تقتلوني، أرجوكم.
كان أحدهم يجرني بتؤدةٍ عبر الدهاليز الملتوية، أمام الأعين التي حرثت جسدي المكدود على الكرسي المتحرك وأنا أتلفع بثوبٍ بيضاء رقيقةٍ هي حصة الأجساد التي تستوطن هذا القبر الكبير.
تنهدتُ غير بعيدٍ عنهم. أطرقت برأسي، واتكأتُ على دعامة الكرسي الملساء. فللتُ أصابعي وأحنيتُ جبيني ملصقاً إياها بصدغيْ. تهتُ وأنا أشق قعيداً هذه الممرات. كنتُ أسمع فحيحاً ورغاءاً يخرجُ من كلّ الجهات، حتى إذا توقفنا، حُملتُ بمشقةٍ وأُوسدتُ على أريكةٍ مفروشةٍ بالبياض، ثمّ رأيتُ أشباحاً خضراً وبيضاً وزرقاً مكممي الأفواه وأنواعاً شتى من المباضع والسكاكين.
ابتسم لي أحدهم وهو يقترب مني:
- ما اسمك ؟
أجبته ببطءٍ ثمّ منحتهُ بسمةً باهتةً وأنا أُسلمُ نفسي للشفرات التي ستزحف قريباً فوق رقبتي والمخدِّر يندسُّ في عروقي ويحيلني ميتاً على غير ميعاد.
* * * *
هنا يقذف الزمنُ بضحايا انفجارات الخلايا الحية ويخبؤهم بعيداً عن الأعينِ النهمة والشوارع والمارة. ذات فجرٍ، جاؤوا برجلٍ مدنفٍ ذي لحيةٍ كثةٍ وسائبةٍ كانت تشي بأن شفرةً لم تزحف لتجزّ ذؤاباتها منذ زمنٍ طويل.
أتوا به محمولاً كعادة الموتى الأحياء على سريرٍ متحرك، فأيقظ من كان نائماً. أما أنا، فلأنني لا أرقد إلا بعد أن يدسوا في عروقي مخدراً لا يأتي بمفعولهِ إلا بعد ساعةٍ، فقد ظلت عيناي تحدقان في السقف والدرائشِ التي تلمعُ من خلفها مصابيح الشوارع وتتردد أبواق السيارات لتقول بأن حياةً قائمةً هناك لن يوقفها اختباؤك ورفاقك في هذه الغرف المعتمة.
نحن مُحرِمون للموت. لا صراخه الفائر من شدقيه ولا أي شئٍ آخر سيحرّك أجساد رفاقي، إلا لأنه أتانا بغتةً وعند ساعات الفجر، فأيقظنا أجمعين.
- سأموت.. .سأموت، بطني سينفجر..
قالها بملء فمه، وقد تلوّى كثعبانٍ على السرير. كان يختبرُ الألمَ الذي تكيله له خلاياه عندما تأنفُ من ناموسها الأزلي. الموتُ يتسجرُ في أجسادنا من أي مكانٍ وفي أي زمان. بعضنا يتسلل لينخر عظامه، والبعض الآخر ينبت مخالبه في بطنه كهذا القادم الجديد الذي لم يدرِ أننا في الليلة التي سبقت مجيئه كنا شهوداً على احتضار أحدهم في الغرفة المجاورة.
جلّ ما نعرفهُ أنه مصابٌ بمرضٍ عضال، وأنّه يكره الأنابيب المغروسة في عروقه، فما ينغرز أحدها إلا ويقذف به جانباً فيندلق دمهُ على الفراش ويلطخ البلاط، ولذلك قيدوه، ومنذ ذلك الحين، بقينا نسمع نحيبه وتأوهاته، واستغاثاتٍ لا تجابه إلا باللوم والتوبيخ.
كانَ صوتهُ المبحوحُ يسمع آخر الليل وهو يعالجُ حزنهُ ووحدته. يبكي وهوَ يعتفر على السرير ويفحصُ برجليه، فبقينا نسمعُ صدى ارتطام السرير في ناحيتنا كل ليلة. ربما فضل أن يسلم نفسهُ في غير هذا المكان، ولكنّه ودعَ الحياةَ صبراً. على مهلٍ كان الموتُ يسحب جذوره ويجزها واحدةً بعد الأخرى، وهذا ما دفعَ بالحرائق داخله أن تهبه في آخر لحظاتهِ قوةً لفكّ قيوده، فانتزع الأنابيب المغروسة في يديه وفوَّرَ دمهُ الدلقَ على البلاط ورمى بنفسه من على السرير فما أسعفته ساقاه الذابلتان، حتى زحف على بطنه إلى الباب الموارب ليموت في النور بدل أن يُدفن مرتين في الظلام.
بالكاد أخرج جذعه من الباب وساقاه ظلتا مغمورتين في العتمة، فلم يكتب له أن يرتوي من النور حتى باغته الموت حين تفجر دمه من فيه وسفح حياته في الردهة.
وفي الصباح، رأيناهُ يلعقُ دمه ويزمُّ قبضتيه وعيناه جامدتان كالحجر، وفمهُ المفتوح يوحي بأنّ صرخةً دفينةً كانت تتقد في أحشائه، ابتلعها لا شك بمرارةٍ وهو يستطعم زعاف الموتِ ويتقيؤه.
* * *
هنا يلسعنا الصباح، فالشمس لا نراها إلا من خلف الشبابيك ونوافذ المستشفى البنية.
كل يوم أحمل أمل الانعتاق من قهر هذا الجسد الهزيل. هذه الرمة التي لا تطيعني كالسابق. هذا اليوم، وعندما نزعوا الدثار عني وجدوني متمسكاً بالسرير كمن يخشى السقوط من عل. حركتُ ساقيّ فلم أقو على ذلك، فأتوا ليعينوني لكنهم لم يستطيعوا تحريك جثتي التي كنت أحسب أن روحي كانت تراهق في الخروج منها.
حملوني بعد يأسهم، فسوى يديَّ اللتين بقيتا علامةً لحياة هذا الجسد؛ لم يكن عضواً واحداً قادراً على الحراك. أثناء ذلك، أحسستُ بدمي يتدفق بعنفٍ في خلايا جسدي المنهك حتى دفع شعاع الضوء في روحي نحو الأعلى. اختنقت حينها بهواءٍ بارد ثقيل يعبر من حنجرتي المقروحة ونحري المعروق، ولم أجد بداً من أن أفتح فمي لأطلق للريح تنهيدة الروح المخنوقة.
ذُهل الجميع من تلك الصرخة المدوية، فأدركوا أن لا فائدة من تنظيف هذا السرير، فهممتُ بإرجاع رأسي للوسادة، ثم أغلقت عينيَّ ووقع أقدام العاملين والممرضين تدوس على خيوط روحي التي سُفحت فوق بلاط الغرفة الرخامي.
* * * *
في الليل لا ترعبني العتمة والاحتضار أكثر من خوفي من النهار القادم.
كنت أحدق في السقف كل ليلة في انتظار أحدٍ يأتي من السماء، بإمكانه أن يخمد بقايا الزيت في مصباح جسدي الباهت ويطفأ هذا الجحيم. إنني الآن لا أملك غير يداي وهذه العيون التي تقرأ كل لغات الموت من بين أحداق الأطباء والممرضين والزائرين. وحتى خروجي من المستشفى وهم يحملونني على الكرسي المتحرك، ظللتُ أمضغ كل النظرات التي ترمقني بشفقة ومواساة.
تركت رفاقي، فبكينا مثل الراحلين، لوّحت لهم ومضيت. دخلت تلك الغرفة وخشعت إجلالاً لذلك الفارس الذي صارع الموت. ولما عدت إلى غرفتي وسريري الآخر، لم يكن هناك سوى أقراص صغيرة ملقاةٍ على جانبه، وعكازين رماديين كانا مسندين إلى الجدار وبجانبهما كرسيٌ متحركْ.
تقابلهم في جسدي حربٌ طاحنةٌ بين الموت والحياة. معركةٌ قاسيةٌ بين العودة واللاعودة إلى قدرٍ مجهولٍ وزمنٍ بعيدٍ وطريقٍ غير سالكة. كنت لا أستطيع اتخاذ القرار بشأن ذلك، ولا أستطيع الرؤية في أفق صار أبعد منه مصيري الذي حجبه جناح القدر !.
مجلة البحرين الثقافية - العدد 77
تعليق