حرب الإعلام تسبق الصواريخ
د نزار نبيل الحرباوي
كإعلامي يراقب ما يحدث من زاويته التخصصية تابعت الواقع الإعلامي بكل شغف، رغبة مني بتحليل الواقع ، ولكني فوجئت كمختص إعلامي وأكاديمي في هذا المجال من عدة سنوات بالعديد من الأمور التي وقفت أمامها في حالة من الاستغراب والذهول ، لطبيعتها وبطبيعة طرحها ولزمن الإعلان عنها وبطريقة التعامل مع الأحداث الموضعية والتعليق المباشر عليها باحترافية عالية لم نقف على مثلها منذ الحرب الألمانية الروسية التي حفلت بالعديد من المفاجآت الإعلامية وحرب الأعصاب القاتلة .
وحتى أدخل في صلب الموضوع ، سأتطرق إلى المحاور الإعلامية الأبرز في هذه الملحمة الإعلامية الاحترافية .
فالحرب الإعلامية تعني إحباط معنويات الخصم ورفع معنويات الصف الذاتي وبث العزيمة فيه لمواجهة التهديدات والتحديات ، وهذا ما تحقق جليا وبصورة لا ليس فيها .
تمت تغطية ذلك من خلال سلسلة بشرية مختصة من الوجوه الإعلامية للتصدي للخطاب الإعلامي ( الموحد والناضج ) على مستوى المساجد وميادين تشييع الجثامين والقنوات المحلية والإقليمية والعالمية ، وترافق ذلك مع خطاب عقلاني مدلل بالشواهد وبعيد عن التهويل أو التهوين يستقبله العقل العالمي من أكثر من لسان بنفس المضمون ويركز على الحق الفلسطيني والانتهاكات الإسرائيلية لكل المواثيق الدولية بالصور والأدلة والشواهد .
أمر لافت جدا أسرني حقيقة ، وهو القدرة الفعلية والمدروسة في التدرج في التصعيد الاعلامي والحرب الاعلامية سواء بالمعلومات أو الصور أو حتى الجرافيكس او التسريبات الإعلامية الصادرة من شخصيات معروفة بصلاتها بحركة حماس وليست منها كلها مؤشرات على وجود نضج معرفي كبير يستثمر جهودا تخصصية واسعة التخصص والتوجهات تصب في إطار قيادة واحدة تدير المعلومة وتوجهها وفق رؤية مرتبطة بالوقت والدلالة على صناع القرار الاسرائيلي .
الفيديوهات باللغة العبرية كانت محطة مذهلة ومؤثرة جدا ، فخطاب الداخل الاسرائيلي بضرورة الهجرة وإخافته بكل السبل وبث الهزيمة المعنوية فيه كانت ملحوظة بقوة ، رسائل للجيش والجمهور والأمهات والقادمين الجدد وكل رسالة تحمل طابعا معينا ولغة معينة .
أناشيد التجييش العاطفي ، أو النشيد الإسلامي الذي جرى إعداده سابقا أو خصيصا للمعركة ، لعب دورا كبيرا في تحشيد الناس في فلسطين خلف المقاومة الفلسطينية وحقها في الذود عن الشعب الفلسطيني ، حتى بات الشارع الفلسطيني يتغنى بها حتى في التهليل للاطفال كي يناموا بالليل .
تغيير التراتيبية المعروفة بالخطاب العام من ( غزة والضفة والقدس و48 ) إلى عكسها تماماً ( فلسطينيي مناطق 48 وفلسطينيي القدس والضفة وغزة ) وهذه تراتيبية تحمل دلالات جديدة أهمها التوحد الفلسطيني المشفوع بالدم في مواجهة الاحتلال في كل البقاع الفلسطينية وهو الأمر الذي يحدث للمرة الأولى من الناصرة لعرعرة ومن النقب لرهط لعارة للخليل لرام الله وصولا لقطاع غزة .
إطلاق اسم الرنتيسي ( r160 ) على صاروخ غير نمطي واسع المدى ، هو نمط إعلامي جديد من الحرب النفسية لما تنطوي عليه من تذكير بشخصية وتاريخ الشهيد الرنتيسي ، وما تلاه ذلك بساعة واحدة من إطلاق لاسم الجعبري وهو القائد العسكري في حماس على صاروخ محلي جديد يصل مداه 80 كيلومترا ، فهذه دلالات على التمسك بالنهج والمسار وتحقيق الانتصارات وإهدائها للقادة الكبار والاعتراف لهم بالفضل حتى بعد غيابهم عن المشهد .
أهدت حماس عمليات القصف المكثف في العاشر من رمضان لشهداء الجيش المصري في ذكرى حرب رمضان 1973م وفي هذا رسائل كبرى لمصر جيشاً وقيادة وشعبا .
بث تقارير تفيد بثبات واستبسال الشعب الفلسطيني وصموده في وجه العدوان واحتضانه للمقاومة ، وهو الأمر الذي لم تخل منه نشرة إخبارية أو بوستر إعلاني أو صحيفة أو خبر .
التركيز على مصادر المعلومات من الاعلام العبري ووسائل التواصل الاجتماعي العبرية ، وكأن حماس تمتلك فعليا جيشاً من الإعلاميين المختصين باللغة العبرية والشؤون العبرية يصطادون كل ما يصور وكل تعليق صادر عن مواقع الجيش والأحزاب السياسية والمؤسسات الاعلامية لكل أطياف الداخل في اسرائيل وحتى على مواقع التواصل الاجتماعي الفردية وهي حالة رصد إعلامية استراتيجية شاملة وواضحة لكل شاردة وواردة في ظل حالة الحرب المعلنة .
الاستفادة من كل تحليل وتصريح وبيان انه يصب في تفكك المجتمع الاسرائيلي وحالة التخبط فيه وتوجيهه للداخل الاسرائيلي وللعالم بأسره بضرورة الرهان على الشعب الفلسطيني وليس على قدرات اسرائيل النووية التي وقفت مشلولة في مواجهة أمطار الصواريخ التي انهمرت عليها في الخضيرة وحيفا وديمونا وتل أبيب والقدس وغوش دان ومستوطنات الداخل بلا استثناء .
التركيز على مظاهرات الداخل الفلسطيني والمواجهات الشعبية في الضفة ، ودمجها بلغة الخطاب الصاروخي في غزة وهو ما أوضح رفض الشعب الفلسطيني كله للاحتلال بكل الارض الفلسطينية بالحجر تارة وبالصاروخ حالة أخرى.
اشتراك كل فصائل العمل الفلسطيني في هذه المعركة بقوة وتماسك وبغطاء إعلامي موحد ، وما صاروخ براق 70 الذي ضربت به سرايا القدس مطار بن غوريون لأول مرة في تاريخ الصراع ودخول كتائب ابو علي مصطفى والمجاهدين وألوية الناصر ونحوها إلا دلالات على ذلك تؤكدها الشواهد والسياقات وتم تعميمها في كل الوسائل الاعلامية الفلسطينية اللهم الا تلفزيون فلسطين الذي يعتبر النظر فيه هزيمة نفسية بحد ذاته .
وبذلك ، يتضح جليا أن الإعلام الفلسطيني المعاصر قد اكتسب من الخبرة والتجربة ، والتدريب والتأهيل لكوادره ما يجعله صاحب قدرة فعلية على خوض النزال في ميادين الحرب النفسية والحرب الاستباقية والحرب الفكرية وحتى في مجال ترسيخ القيم العليا في ظل الأزمات .
د نزار نبيل الحرباوي
كإعلامي يراقب ما يحدث من زاويته التخصصية تابعت الواقع الإعلامي بكل شغف، رغبة مني بتحليل الواقع ، ولكني فوجئت كمختص إعلامي وأكاديمي في هذا المجال من عدة سنوات بالعديد من الأمور التي وقفت أمامها في حالة من الاستغراب والذهول ، لطبيعتها وبطبيعة طرحها ولزمن الإعلان عنها وبطريقة التعامل مع الأحداث الموضعية والتعليق المباشر عليها باحترافية عالية لم نقف على مثلها منذ الحرب الألمانية الروسية التي حفلت بالعديد من المفاجآت الإعلامية وحرب الأعصاب القاتلة .
وحتى أدخل في صلب الموضوع ، سأتطرق إلى المحاور الإعلامية الأبرز في هذه الملحمة الإعلامية الاحترافية .
فالحرب الإعلامية تعني إحباط معنويات الخصم ورفع معنويات الصف الذاتي وبث العزيمة فيه لمواجهة التهديدات والتحديات ، وهذا ما تحقق جليا وبصورة لا ليس فيها .
تمت تغطية ذلك من خلال سلسلة بشرية مختصة من الوجوه الإعلامية للتصدي للخطاب الإعلامي ( الموحد والناضج ) على مستوى المساجد وميادين تشييع الجثامين والقنوات المحلية والإقليمية والعالمية ، وترافق ذلك مع خطاب عقلاني مدلل بالشواهد وبعيد عن التهويل أو التهوين يستقبله العقل العالمي من أكثر من لسان بنفس المضمون ويركز على الحق الفلسطيني والانتهاكات الإسرائيلية لكل المواثيق الدولية بالصور والأدلة والشواهد .
أمر لافت جدا أسرني حقيقة ، وهو القدرة الفعلية والمدروسة في التدرج في التصعيد الاعلامي والحرب الاعلامية سواء بالمعلومات أو الصور أو حتى الجرافيكس او التسريبات الإعلامية الصادرة من شخصيات معروفة بصلاتها بحركة حماس وليست منها كلها مؤشرات على وجود نضج معرفي كبير يستثمر جهودا تخصصية واسعة التخصص والتوجهات تصب في إطار قيادة واحدة تدير المعلومة وتوجهها وفق رؤية مرتبطة بالوقت والدلالة على صناع القرار الاسرائيلي .
الفيديوهات باللغة العبرية كانت محطة مذهلة ومؤثرة جدا ، فخطاب الداخل الاسرائيلي بضرورة الهجرة وإخافته بكل السبل وبث الهزيمة المعنوية فيه كانت ملحوظة بقوة ، رسائل للجيش والجمهور والأمهات والقادمين الجدد وكل رسالة تحمل طابعا معينا ولغة معينة .
أناشيد التجييش العاطفي ، أو النشيد الإسلامي الذي جرى إعداده سابقا أو خصيصا للمعركة ، لعب دورا كبيرا في تحشيد الناس في فلسطين خلف المقاومة الفلسطينية وحقها في الذود عن الشعب الفلسطيني ، حتى بات الشارع الفلسطيني يتغنى بها حتى في التهليل للاطفال كي يناموا بالليل .
تغيير التراتيبية المعروفة بالخطاب العام من ( غزة والضفة والقدس و48 ) إلى عكسها تماماً ( فلسطينيي مناطق 48 وفلسطينيي القدس والضفة وغزة ) وهذه تراتيبية تحمل دلالات جديدة أهمها التوحد الفلسطيني المشفوع بالدم في مواجهة الاحتلال في كل البقاع الفلسطينية وهو الأمر الذي يحدث للمرة الأولى من الناصرة لعرعرة ومن النقب لرهط لعارة للخليل لرام الله وصولا لقطاع غزة .
إطلاق اسم الرنتيسي ( r160 ) على صاروخ غير نمطي واسع المدى ، هو نمط إعلامي جديد من الحرب النفسية لما تنطوي عليه من تذكير بشخصية وتاريخ الشهيد الرنتيسي ، وما تلاه ذلك بساعة واحدة من إطلاق لاسم الجعبري وهو القائد العسكري في حماس على صاروخ محلي جديد يصل مداه 80 كيلومترا ، فهذه دلالات على التمسك بالنهج والمسار وتحقيق الانتصارات وإهدائها للقادة الكبار والاعتراف لهم بالفضل حتى بعد غيابهم عن المشهد .
أهدت حماس عمليات القصف المكثف في العاشر من رمضان لشهداء الجيش المصري في ذكرى حرب رمضان 1973م وفي هذا رسائل كبرى لمصر جيشاً وقيادة وشعبا .
بث تقارير تفيد بثبات واستبسال الشعب الفلسطيني وصموده في وجه العدوان واحتضانه للمقاومة ، وهو الأمر الذي لم تخل منه نشرة إخبارية أو بوستر إعلاني أو صحيفة أو خبر .
التركيز على مصادر المعلومات من الاعلام العبري ووسائل التواصل الاجتماعي العبرية ، وكأن حماس تمتلك فعليا جيشاً من الإعلاميين المختصين باللغة العبرية والشؤون العبرية يصطادون كل ما يصور وكل تعليق صادر عن مواقع الجيش والأحزاب السياسية والمؤسسات الاعلامية لكل أطياف الداخل في اسرائيل وحتى على مواقع التواصل الاجتماعي الفردية وهي حالة رصد إعلامية استراتيجية شاملة وواضحة لكل شاردة وواردة في ظل حالة الحرب المعلنة .
الاستفادة من كل تحليل وتصريح وبيان انه يصب في تفكك المجتمع الاسرائيلي وحالة التخبط فيه وتوجيهه للداخل الاسرائيلي وللعالم بأسره بضرورة الرهان على الشعب الفلسطيني وليس على قدرات اسرائيل النووية التي وقفت مشلولة في مواجهة أمطار الصواريخ التي انهمرت عليها في الخضيرة وحيفا وديمونا وتل أبيب والقدس وغوش دان ومستوطنات الداخل بلا استثناء .
التركيز على مظاهرات الداخل الفلسطيني والمواجهات الشعبية في الضفة ، ودمجها بلغة الخطاب الصاروخي في غزة وهو ما أوضح رفض الشعب الفلسطيني كله للاحتلال بكل الارض الفلسطينية بالحجر تارة وبالصاروخ حالة أخرى.
اشتراك كل فصائل العمل الفلسطيني في هذه المعركة بقوة وتماسك وبغطاء إعلامي موحد ، وما صاروخ براق 70 الذي ضربت به سرايا القدس مطار بن غوريون لأول مرة في تاريخ الصراع ودخول كتائب ابو علي مصطفى والمجاهدين وألوية الناصر ونحوها إلا دلالات على ذلك تؤكدها الشواهد والسياقات وتم تعميمها في كل الوسائل الاعلامية الفلسطينية اللهم الا تلفزيون فلسطين الذي يعتبر النظر فيه هزيمة نفسية بحد ذاته .
وبذلك ، يتضح جليا أن الإعلام الفلسطيني المعاصر قد اكتسب من الخبرة والتجربة ، والتدريب والتأهيل لكوادره ما يجعله صاحب قدرة فعلية على خوض النزال في ميادين الحرب النفسية والحرب الاستباقية والحرب الفكرية وحتى في مجال ترسيخ القيم العليا في ظل الأزمات .