نزار قباني .. وصف معاصر لمآسينا
المستشار د. نزار نبيل الحرباوي
معلوم أن الشاعر الكبير نزار قباني بما امتلكه من قلم سيال وأسلوب تعبيري لافت قد استطاع أن يرسم لشخصيته ظلال الوله بالمرأة والحياة ، ولكن الشاعر الذي عاش الكرب والغربة القسرية لم يمنع قلمه السيال من أن يكتب عما يختلج في صدره من مصاب أمة مبتلاة بالعبودية وتخضع لسلطان العبيد ..
هي واحدة من أجمل قصائد نزار قباني السياسية التي وقفت عليها ورأيت أنها لا بد وأن تحيا في واقعنا ليقرأ العامي والمثقف فيها أوجه التشابه والتناظر .
يقول نزار قباني :
أيها الناس:
لقد أصبحت سلطانا عليكم
فاكسروا أصنامكم بعد ضلال ، واعبدوني...
إنني لا أتجلى دائما..
فاجلسوا فوق رصيف الصبر، حتى تبصروني
اتركوا أطفالكم من غير خبز
واتركوا نسوانكم من غير بعل .. واتبعوني
إحمدوا الله على نعمته
فلقد أرسلني كي أكتب التاريخ،
والتاريخ لا يكتب دوني
إنني يوسف فى الحسن
ولم يخلق الخالق شعرا ذهبيا مثل شعري
وجبينا نبويا كجبيني
وعيوني غابة من شجر الزيتون واللوز
فصلوا دائما كي يحفظ الله عيوني
أيها الناس:
أنا مجنون ليلى
فابعثوا زوجاتكم يحملن مني ..
وابعثوا أزواجكم كي يشكروني
شرف أن تأكلوا حنطة جسمي
شرف أن تقطفوا لوزي وتيني
شرف أن تشبهوني..
فأنا حادثة ماحدثت
منذ آلاف القرون..
أيها الناس:
أنا الأول والأعدل،
والأجمل من بين جميع الحاكمين
وأنا بدر الدجى، وبياض الياسمين
وأنا مخترع المشنقة الأولى، وخير المرسلين..
كلما فكرت أن أعتزل السلطة، ينهاني ضميري
من ترى يحكم بعدي هؤلاء الطيبين؟
من سيشفى بعدي الأعرج، والأبرص، والأعمى..
ومن يحيي عظام الميتين؟
من ترى يخرج من معطفه ضوء القمر؟
من ترى يرسل للناس المطر؟
من ترى يجلدهم تسعين جلدة؟
من ترى يصلبهم فوق الشجر؟
من ترى يرغمهم أن يعيشوا كالبقر؟
ويموتوا كالبقر؟
كلما فكرت أن أتركهم
فاضت دموعي كغمامة..
وتوكلت ، لا على الله ...
وقررت أن أركب الشعب..
من الآن.. إلى يوم القيامة..
أيها الناس:
أنا أملككم
كما أملك خيلي .. وعبيدي
وأنا أمشى عليكم مثلما أمشى على سجاد قصري
فاسجدوا لي في قيامي
واسجدوا لي في قعودي
أولم أعثر عليكم ذات يوم
بين أوراق جدودي ؟؟
حاذروا أن تقرأوا أي كتاب
فأنا أقرأ عنكم..
حاذروا أن تكتبوا أي خطاب
فأنا أكتب عنكم..
حاذروا أن تسمعوا فيروز بالسر
فإني بنواياكم عليم
حاذروا أن تدخلوا القبر بلا إذني
فهذا عندنا إثم عظيم
والزموا الصمت، إذا كلمتكم
فكلامي هو قرآن كريم..
واهاً لنبض الشعر وروي القوافي عندما يختزل واقع أمة وحال أمة ، وواأسفي على شعوب حرة كتب لها في المجد اسم ذات مرة أن تقبل بمثل هذه الخطابات القديمة والجديدة ، خطابات تأتينا تارة من وراء أكاليل الزهور وتارة أخرى من فوق فوهات المدافع .
قد يختلف كثير من الناس مع الشاعر العربي الكبير نزار قباني ، ولكن منهجيته في التورية والمعاريض والمدلولات الرمزية لا يمكن لعاقل أن يستهين بها ، لا سيما ونحن نفهم ونعيش اليوم ما قاله شعرا بالأمس القريب.
الرسالة الأدبية هنا تتعمق في بعدها السياسي والمعرفي كلما سبرنا أغوارها لنغوص في عمق الكلمات النازفة ، فهذا الشاعر الذي لطالما أتقن نسج قصائده لم ينس أن يترك للأجيال اللاحقة ما تذكره به من محطات توجيه لا تنسى .
المستشار د. نزار نبيل الحرباوي
معلوم أن الشاعر الكبير نزار قباني بما امتلكه من قلم سيال وأسلوب تعبيري لافت قد استطاع أن يرسم لشخصيته ظلال الوله بالمرأة والحياة ، ولكن الشاعر الذي عاش الكرب والغربة القسرية لم يمنع قلمه السيال من أن يكتب عما يختلج في صدره من مصاب أمة مبتلاة بالعبودية وتخضع لسلطان العبيد ..
هي واحدة من أجمل قصائد نزار قباني السياسية التي وقفت عليها ورأيت أنها لا بد وأن تحيا في واقعنا ليقرأ العامي والمثقف فيها أوجه التشابه والتناظر .
يقول نزار قباني :
أيها الناس:
لقد أصبحت سلطانا عليكم
فاكسروا أصنامكم بعد ضلال ، واعبدوني...
إنني لا أتجلى دائما..
فاجلسوا فوق رصيف الصبر، حتى تبصروني
اتركوا أطفالكم من غير خبز
واتركوا نسوانكم من غير بعل .. واتبعوني
إحمدوا الله على نعمته
فلقد أرسلني كي أكتب التاريخ،
والتاريخ لا يكتب دوني
إنني يوسف فى الحسن
ولم يخلق الخالق شعرا ذهبيا مثل شعري
وجبينا نبويا كجبيني
وعيوني غابة من شجر الزيتون واللوز
فصلوا دائما كي يحفظ الله عيوني
أيها الناس:
أنا مجنون ليلى
فابعثوا زوجاتكم يحملن مني ..
وابعثوا أزواجكم كي يشكروني
شرف أن تأكلوا حنطة جسمي
شرف أن تقطفوا لوزي وتيني
شرف أن تشبهوني..
فأنا حادثة ماحدثت
منذ آلاف القرون..
أيها الناس:
أنا الأول والأعدل،
والأجمل من بين جميع الحاكمين
وأنا بدر الدجى، وبياض الياسمين
وأنا مخترع المشنقة الأولى، وخير المرسلين..
كلما فكرت أن أعتزل السلطة، ينهاني ضميري
من ترى يحكم بعدي هؤلاء الطيبين؟
من سيشفى بعدي الأعرج، والأبرص، والأعمى..
ومن يحيي عظام الميتين؟
من ترى يخرج من معطفه ضوء القمر؟
من ترى يرسل للناس المطر؟
من ترى يجلدهم تسعين جلدة؟
من ترى يصلبهم فوق الشجر؟
من ترى يرغمهم أن يعيشوا كالبقر؟
ويموتوا كالبقر؟
كلما فكرت أن أتركهم
فاضت دموعي كغمامة..
وتوكلت ، لا على الله ...
وقررت أن أركب الشعب..
من الآن.. إلى يوم القيامة..
أيها الناس:
أنا أملككم
كما أملك خيلي .. وعبيدي
وأنا أمشى عليكم مثلما أمشى على سجاد قصري
فاسجدوا لي في قيامي
واسجدوا لي في قعودي
أولم أعثر عليكم ذات يوم
بين أوراق جدودي ؟؟
حاذروا أن تقرأوا أي كتاب
فأنا أقرأ عنكم..
حاذروا أن تكتبوا أي خطاب
فأنا أكتب عنكم..
حاذروا أن تسمعوا فيروز بالسر
فإني بنواياكم عليم
حاذروا أن تدخلوا القبر بلا إذني
فهذا عندنا إثم عظيم
والزموا الصمت، إذا كلمتكم
فكلامي هو قرآن كريم..
واهاً لنبض الشعر وروي القوافي عندما يختزل واقع أمة وحال أمة ، وواأسفي على شعوب حرة كتب لها في المجد اسم ذات مرة أن تقبل بمثل هذه الخطابات القديمة والجديدة ، خطابات تأتينا تارة من وراء أكاليل الزهور وتارة أخرى من فوق فوهات المدافع .
قد يختلف كثير من الناس مع الشاعر العربي الكبير نزار قباني ، ولكن منهجيته في التورية والمعاريض والمدلولات الرمزية لا يمكن لعاقل أن يستهين بها ، لا سيما ونحن نفهم ونعيش اليوم ما قاله شعرا بالأمس القريب.
الرسالة الأدبية هنا تتعمق في بعدها السياسي والمعرفي كلما سبرنا أغوارها لنغوص في عمق الكلمات النازفة ، فهذا الشاعر الذي لطالما أتقن نسج قصائده لم ينس أن يترك للأجيال اللاحقة ما تذكره به من محطات توجيه لا تنسى .