سوق الخميس بين القديم والحديث

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سيد يوسف مرسى
    أديب وكاتب
    • 26-02-2013
    • 1333

    سوق الخميس بين القديم والحديث

    سوق الخميس بين القديم والحديث
    بقلم //سيد يوسف مرسي
    يحتل السوق مكانة عظيمة عند أهل قريتي ؛فهو بمثابة الفرج للقرية جميعاً ؛بكل معاني الكلمة ؛فيه تفرج الكروب وييسر المعسر ؛وتسدد الديون ؛ويتغير وجه القرية
    فترتدي ثوباً أخر ؛حتي الرائحة تستبدل برائحة الطهي للطعام ؛فعلي مسافة كيلو متر تشم رائحة الطعام المسبك في القدور أى في (البِرَامِ) كما يسميه الناس عندنا وهو أناء يصنع من عجينة الفخار اسمها (الهَمْرِ ) تجلب من الجبال علي شكل حصى ويأتي بها ناس متخصصون لجلبها وبيعها للناس ؛إنهم يأتون بها من جبال النوبة ؛وتباع للناس بالمكيال كما تكال الحبوب ؛ويسدد ثمنها غالباً بالقسط ؛هذا الإناء يعطي الطعام نكهة خاصة ؛ورائحة خاصة ؛لذلك تشم رائحة الطعام قبل دخولك إلي القرية ؛ويزداد اشتداد الرائحة كلما اقتربت من البيوت ؛ناهيك عن رائحة الخبز الطازج ؛والذي يعم أغلب بيوت أهل القرية في ذلك اليوم ؛فأغلب النساء تؤجل عمل الخبز إلي يوم الخميس ؛وهو اليوم الذي يقام فيه السوق ؛وقد تسعر الأفران لغرض آخر وهو صناعة الفطير الأبيض ؛الذي يأكل دائماً بالمرق ؛ويحبذه أغلب أهل القرية ؛فالذي لم يأكل فطيراً أبيضاً في يوم السوق ؛كان كالذي مات في بيته ؛ويعتبر هذا اليوم له ؛يوم غير طبيعي ؛فيوم السوق هو يوم العيد الأسبوعي لقريتنا ؛والقرى المجاورة
    لقريتنا ؛ فهو عيد بمعني الكلمة ؛تنتظره الناس علي لهف ؛ويعدون عدتهم لهذا اليوم ؛النساء والرجال علي حد سواء ؛بدءً من صباح يوم الجمعة التالي بعد الخميس ؛ أصحاب الديون يعدون ويجهزون ما قدروا عليه ؛لبيعه في السوق لسد ديونهم ؛
    والنساء يجمعن بيض دجاجهم لبيعه في السوق ؛وأصحاب المواشي يصرفون منتجاتهم من السمن والجبن بالسوق ؛والبط والحمام و الأوز ؛وكذلك أصحاب الحبوب ؛وغيرهم وغيرهم كالتجار والحمالون علي عربات (الكارو) ؛
    أن حركة السوق تبدأ بعد انتهاء صلاة العشاء من يوم الأربعاء مباشرة ؛تري التجار الذين يأتون من قري بعيدة ؛قد جاءوا ببضاعتهم ؛إما علي عربات (الكارو)التي تجرها الحمير والبغال ؛أو علي الدواب كالحمير والجمال ؛الكل في عجلة لا يريد أن يسبقه أحد من الناس ؛يريد كل واحد يجلس في مكانه الذي اعتاد عليه ؛والذي تظلله شجرة نخيل معمرة ؛أو شجرة سدر قديمة ؛تلقي ضلالها عليه وتحميه من لفح الشمس الحارقة ؛إذا كان ذلك في فصل الصيف ؛التي تشتد فيه الحرارة والقيظ ؛بالرغم من مساحة السوق الشاسعة والتي تمتد بطول عرض قريتنا من شرقها وغربها ؛لا تتخللها مساكن أو بيوت ؛أو أي شواغر تضيق علي الناس وتجعلهم يتنازعون الأماكن ؛من بعد صلاة العشاء من يوم الأربعاء وطوال فترة الليل ؛لا تسمع إلا أصوات عربات (الكارو) ونهيق الحمير ورغاء الجمال ؛وخصوصاً إذا كنت قريباً
    من منطقة السوق ؛الأصوات لا تتوقف حتي وإن طلعت الشمس وانتصب السوق ؛
    ودارت حركة البيع والشراء فيه ؛تظل هذه الأصوات إلي ما يقرب من أذان مغرب يوم الخميس ؛
    **********

    والسوق في قريتنا ليس سوق واحداً ؛إنما هو مجموعة أسواق ؛ولكل سوق مكانة ؛
    ولا يذهب واحداً ببضاعة مخالفة في سوق لا تباع فيه بضاعته ؛وهو أمر تعارف عليه الجميع منذ قام السوق بقريتنا ؛
    فهناك سوق للحبوب كالفول والعدس والذرة الرفيعة والشامية والحلبة ؛ويجاوره سوق مشتق منه يباع فيه الفول السوداني وتقاوي البرسيم والترمس ؛وسوق للأغنام ؛وسوق للماعز ؛وسوق للبتلو الصغير (صغير الجاموس )؛أما البتلو الكبير(الجاموس الكبير) والبقر والجمال ؛فقد اختص بهم سوق المدينة الذي هو أشمل وأوسع من سوق قريتنا ؛ ويجاور سوق الأغنام والماعز سوقا ًللحوم ؛فتجد أصحاب الذبائح يصيحون لبيع لحوم ذبائحهم وهي مازالت حية ؛قبل أن تذبح فيأتي المشتري ليري الذبيحة التي سيشتري منها يراها بصحتها وكامل عافيتها ؛يعلم ويعرف أنها ذكر وليس أنثي ؛فلحوم الإناث مكروهة عند الناس ؛لما فيها من خوف وشك ؛فقد تكون هذه الأنثى بها عشر حديث ؛أو أنها حديثة عهد بعد ولادتها لصغارها فتعاف الناس أكل لحوم الإناث وتسارع وتحبذ أكل لحوم الذكور ؛لذلك تجد شُراء اللحوم يتفقدون الذبائح قبل الموافقة علي الشراء من لحومها ؛وبعد أن يتم عدد الشارين تأخذ الذبيحة
    إلي مكان الذبح ولا يبعد كثيرا من مكان الوقوف ويتم ذبحها وتقسيمها ؛حسب العدد بالتساوي إن كانت أرباعاً أو أسداساً أو أثماناًً ؛اللحوم توزن في السوق بميزان ؛
    تصنع كفتيه من سعف النخيل وتعلق كل كفة بثلاثة حبال رفيعة ؛علي أن يجمع حبال كل كفة ؛ويربطوا في طرف قطعة خشبية مثقوبة في الوسط ؛ويربط في هذا الثقب حبل صغير الحجم في ثقبه الوسطي ؛حتى يتثنى الإمساك به عند الوزن وتقدير الكمية ؛ويقوم بذلك الجزار ومعه بعض الجالسين في معاونته ؛للوزن ومضارعة كميات اللحمة بعضها ببعض ؛وكذلك يقوم الجزار (بترضيع ) اللحمة أى ينسقها ويخلطها بعضها ببعض أي تصنف اللحمة من جميع أجزاء الذبيحة؛فلا يأخذ واحداً قسمته ونصيبه من مكان واحد من الذبيحة ؛بل تكون لحمته من جميع أجزائها من الذراع والبطن والفخذ ؛هذا النظام هو نظام بيع اللحوم بالقسمة ويسميه الناس عندنا (قسامي ) وميزان الخوص لم يدم طويلاً؛سرعان ما ظهر ميزان أحدث منه ؛ فقد ظهر ميزان معدني ؛من البرنز الأصفر أو النحاس ذات سلاسل معدنية ؛ فساد وقتاً غير قليل ؛ثم ظهر الميزان صاحب القاعدة المعدنية والتي تصنع من الحديد الزهر؛ ويوضع علي الأرض بدلاً من مسكه باليد إذا ما أردت الوزن ؛ ثم ظهر الميزان الحساس صاحب المؤشر ومازال ؛ لكن التطور لم يتوقف ؛فقد ظهر الميزان الرقمي (الديجتال) وهو المعمول به الآن؛
    بسوق اللحوم نظام آخر ؛يذهب إليه طائفة أخري من الناس ؛الناس الذين هم أقل مقدرة علي الشراء بنظام (القسامي ) يقوم بعض الجزارين بذبح بعض الشياه أو الماعز؛وتقسيمها (بالكوم ) والكوم هو عبارة عن بعض قطع اللحم من الضلع والفخذ
    وغيرهما من الذبيحة يقدره الجزار البائع توضع طبلية خشبية ؛يأتي إليها الغير قادر علي الشراء بنظام (القسامي ) ويقدر الجزار ثمن الكوم من اللحم الذي أمامه مثلاً بعشرة قروش ؛فيكون في نهاية بيع كل لحوم الذبيحة مكسبه وربحه فإذا ما أنتهي من بيع لحوم ذبيحته ؛جاء بأخرى حتي ينتهي يوم السوق ؛فيكون قد باع أكثر من ذبيحة له ؛وبالرغم من أن هذا النظامان موجودان بالسوق عندنا إلا أن هناك نظاماً أخر؛أو نفسه وحفر لنفسه مكان بالسوق ؛لا يقل أهمية وله رواده والعاشقين للشراء من هذا النظام ؛(اللحمة الخشنة ) وهي عبارة عن لحوم العجالى والبقر والجاموس ؛فله روادها وعشاقها ؛هذه اللحوم تباع بنظام الوزن ؛أي بالكيلو في وقتنا الحاضر ؛
    أما أيام زمان ؛فكان البيع يتم بوحدة المكيال السائدة في ذلك الوقت ؛ فكانت توزن اللحوم الخشنة بالأُقة والرطل وكلٌ حسب رغبته وقدرته ؛أما اليوم فالوزن والبيع بالكيلو جرام؛وفي النظام القديم لا تلجأ الناس للوزن بالرطل أو الأُقَةِ ؛حيث كان هناك نظام التقسيم بالقيراط والسهم ؛فتقسم الذبيحة إذا كانت من (الجاموسي) الصغير؛تقسم إلي إلي أربعة وعشرون سهما أو قيراط وكل مجموعة تشترك في سهم أو قيراط يقسم فيما بينهم ؛منهم من يأخذ ربع السهم أو القيراط ومنهم يأخذ نصفه ومنهم يشتري السهم كاملاً ؛كلاً حسب مقدرته؛
    والجزارين بسوقنا هم أقرباء ؛إنهم من عشيرة واحدة ؛شتان أن تجد بينهم غريب عنهم ؛ليشاركهم نشاطهم وعملهم ؛فذلك من دواعي المستحيل ؛كأنه يستولي علي رزقهم ولقمة عيشهم ؛فيضيق عليه الخناق حتى يكل ويمل من تصرفاتهم ؛ويقرر الفكاك والفرار؛كي من المهلكة التي قد يلاقيها من هؤلاء ؛
    أن هذه الطائفة تمتهن الجزارة مهنة لهم جميعاً ؛والذي لا يستطيع ممارسة الذبح منهم ؛ أعدوا مهنة لا تبعد الجزارة ؛فإما أن يجمع الجلود وشرائها من السوق ؛وإما يكون صاحب متاع يؤجر للجزارين ؛ وذلك مقابل قطعة من لحم الذبيحة ؛مقابل تأجير السكاكين والسواطير والفرش وعلاقات الذبائح (وَالقُرَم ) الخشبية التي تقطع عليها اللحمة؛وهؤلاء ينتشرون حول الجزارين بسوق اللحمة ؛يتصايحون فيما بينهم ؛
    في أخر اليوم يجمع كل واحداً منهم حصيلته التي جمعها جراء تأجيره لأدواته ؛فيخرج بكمية من اللحم لا بأس بها ؛تباع لمن يريد شرائها من الناس ؛وهناك من الناس ؛من يترقبهم وينتظرهم لشراء ما جمعوا ؛وأحياناً تجد بعضهم يجلس في أحد أركان سوق اللحم وقد وضع في حجر جلبابه كمية من اللحم عارضاً لها للبيع ؛
    إنه السوق يا صديقي الذي تفرج فيه الكروب ويسترزق الجميع منه


    تحياتي
    مع جولة قادمة في ربوع السوق
    سيد يوسف مرسي
    التعديل الأخير تم بواسطة سيد يوسف مرسى; الساعة 15-09-2014, 18:49.









  • سيد يوسف مرسى
    أديب وكاتب
    • 26-02-2013
    • 1333

    #2
    سوق الحلوى
    بقلم //سيد يوسف مرسي
    سوق الحلوى لها روادها وهي سوق زاخرة عامرة ؛لا يتوقف الشراء منها طيلة اليوم ؛يكاد يرجع بائعيها فارغين مما أتوا به إلي السوق ؛أن الحلوى في سوقنا سوق الخميس ؛ليس هي من الحلويات الناعمة التي ظهرت في أيامنا هذه ؛والني تحيطها الأغلاف والورق ؛إنها الحلوى العسلية ومشتقاتها ؛وهي عبارة عن أقراص بيضاء
    تميل قليلاً للاصفرار وتغطي ببعض الدقيق حتى لا يسقط عليها الذباب ؛وفيها اللون الأبيض الفاتح ؛وتباع بالتكسير(أي بالقطع ) منها بساطور ثقيل ؛فدائما يمسك بائع الحلوى العسلية بساطور عُدَ خِصِيصَاً لهذا الغرض؛
    ليُكَسِرَ به قرص الحلوى إلي قطع صغيرة ؛فكان لا يوجد بائع في السوق لا يخلو
    من الزبائن؛الكل يشتري الطفل والرجل لطفلة والمرأة لطفلها ؛فهي الحلاوة السائدة في ذلك الوقت كان أشهرهم عمى فهيم وأكبرهم سناً ؛تجده وهو منهمك في البيع ؛ينادي علي حلاوته ؛حلاوة عمك فهيم ؛حلاوة عمك فهيم توكل ؛وهو الذي تنفد حلاوته قبلهم ؛لما فيه من ثلاثة ؛ولين في الكلام ؛وبيعه الوافر والرخيص عن غيره ؛
    فكانوا زملائه يلقون إليه بالكلام ويقطعون علي الزبائن حتى لاتصل إليه ؛ابتكر أحدهم نوعاً أخر من الحلوى ؛جذب إليه الأطفال والزبائن ؛إنها حلوي البطة وعيال البطة ؛وقد روج لها بطريقة شدة انتباه الزبائن من الأطفال والمارة بالسوق ؛فكان يبيع البطة الواحدة (بتعريفة ) أي بنصف قرش صاغ واحد تم يعطيك عليها ؛بطة صغيرة وهو يصرخ بأعلى صوته البطة وعيال البطة بتعريفة ؛والبطة مصنعة من الدقيق والسكر والسمن إنها أقرب في صناعتها لصناعة البسكويت ؛وتدهن بالكركم أو يضاف إليها الكركم حتى تأخذ اللون الأصفر؛فتشد إليها الأطفال ؛
    وهناك بائع غزل البنات أو شعر البنات الذي يتفنن في صناعته فيعطي الشعر بعض الألوان فيجلب له الزبائن والمحبين لهذا النوع من الحلوى وعادة يصنع هذا النوع من السكر الخالص ؛لا توجد أكياس بلاستيكية كي يضع البائع فيها ما يطلبه الزبون ؛
    كانت الكتب المدرسية القديمة وورق الجرائد والمجلات هي الأداة لحفظ الحلوى بها ولفها ؛فلا يدخل السوق إنسان إلا وقد اشتري لنفسه وأطفاله من تلك الحلوى ؛لأنها كانت هي حلاوة للصغير والكبير علي حد سواء ؛وهناك من جاء بأقماع بسكوتية؛عبأها عسلاً أسود بغد غليه وتجميده ؛ثم يضع داخل الأقماع وأثناء عبوتها
    بعض النقود كالبرنسه(أي نصف تعريفة ) أو مليم أحمر ؛أو تعريفة ؛ أو قرش مخروم ؛كل ذلك أدوات تفنن صناع الحلوى في أدائها لجذب الزبائن من الأطفال
    والصبية لشراء الحلوى ؛وما زالت بعض أنواع الحلوى باقية عندنا في الأسواق بصعيد مصر حتى وقتنا الحاضر ؛؛؛؛!!

    مازلنا بالسوق نتجول
    ومع جولة أخري بسوق أخر
    تحياتي
    سيد يوسف مرسي









    تعليق

    • سيد يوسف مرسى
      أديب وكاتب
      • 26-02-2013
      • 1333

      #3
      سوق الجبن والسمنة
      بقلم// سيد يوسف مرسي
      هذا السوق من الأسواق العامرة بسوق الخميس ؛فهي تبدأ قبل طلوع شمس يوم الخميس ؛تبدأ السوق من ناس توارثوا وامتهنوا هذه المهنة إنهم لا يبيعون السمن ؛ولا يشترونها ؛وإنما يقومون بعملية التوسط والكيل ؛لأي مقدار من السمنة فهم يختصون
      بمكيالها للشاري وذلك مقابل جزء ضئيل من هذه السمنة تعادل ما بين أوقية أو اثنتان وقد تصل إلي رطل في الكميات الكبيرة ؛حيث المكيال عندنا بالرطل ومازال حتى الآن ؛فعندهم الأواني التي تساعدهم علي صهر السمن المجمد وغليه ؛وكذلك النار التي يوقدونها ويعدونها قبل طلوع شمس يوم الخميس ؛فإذا وصلت السوق بسمنتك ؛اتخذت لنفسك مكان حول النار المتوقدة ؛
      وفوق النار تضع سمنتك فوق الجمر ؛حتى تكون جاهزة للكيل عند الشراء لها ؛وسوق السمنة له طرفان ؛طرف للسمنة (ألجاموسي) وطرف للسمنة ( ألبقريه )
      وقليل من يأتي إليك بسمنة ضأن 0فأن من يأتي بها يكون عادة من الأعراب 0أي البدو ؛لأنهم هم الذين لديهم أكبر كمية من الأغنام ؛فيصنعون منها السمنة والجبن الضأني ؛وهذا النوع المنتج من الضأن له محبيه ؛والبدو لا يسكنون قرانا إنما
      يسكنون أطراف القرية أو القرى المجاورة لنا ؛أو منحدرات الجبال القريبة من القرى أو علي حواف الترع الكبيرة ؛وهم يأتون للسوق لبيع أغنامهم أو منتجاتها ؛
      فإذا ما أردت شراء كمية من السمن البلدي ؛فعليك بالتبكير أولا وإحضار إناءٍ تحمل فيه سمنتك التي تشتريها ؛وإلا عليك شراء إناءك من كيال السمن ؛الذي استحدث لنفسه بائع أواني السمن ؛وهو الذي يقوم بلحامها لك بالقصدير ؛حتي لا تسكب منك مقابل أجر ؛
      ,وتأتي النساء غالباً لسوق السمنة للبيع أو الشراء وقليل ما يأتي إليه الرجال ؛فالمرأة غالباً هي تقوم بصناعة سمنتها ؛ولديها القدرة علي بيعها وسط الكم الهائل من النساء؛
      وحتى حين الشراء من هذا السوق ؛فعليك بامرأة ذات قدرة وفراسة وخبرة في شراء السمن ؛فتستطيع معرفة السمن الصافي من المغشوش ؛أو ألبقري من ألجاموسي
      فقد تقع بين أيادي خبيثة لها في الغش الذي بدا يطفو علي أسواقنا في أيامنا هذه ؛
      تكال السمنة عندنا بالرطل ومهما كثرت الكمية لا تكال إلا بوحدة الرطل ؛وهو عبارة إناء صنع من الفخار وقدر من زمن ؛كان الفلاحون حريصون علي اقتناءه في منازلهم ؛وقد صنعوا أواني أكبر حجما من إناء الرطل ؛رطلين وثلاث (أرطله )
      وهناك الرُبْعَةِ) التي تسع لخمسة أرطال ؛كانت البيوت في القرية أغلبها لا يخلوا من هذه الأواني ؛فهو في حاجة لها علي الدوام ؛
      أما الجبن فتأتي به النساء فوق رؤوسها تجلس به ؛وتطوف الشاريات للجبن والشارين ينظرون للجبن كلٌ حسب طلبه وخبرته ؛فهناك جبن الحامض ؛الذي يصنع من الماء الحامض المتبقي بعد عملية فصل الزبد من اللبن ؛وهذا النوع يصنع دائما في فصل الصيف ؛وهو أقل جودة من جبن الرايب الذي يصنع عادة في فصل الشتاء
      (الرايب) هو المادة التي تتبقي بعد رفع القشدة ؛قبل فصل الزبد منه ؛ وهو أكثر جودة من جبن الحامض وأجمل طعماً منه ؛وكمية الدسم فيه عالية عن جبن الحامض ؛
      فتجد أهل الخبرة ؛ينظرون الجبن بعيونهم لا يلمسون الجبن ولا يتذوقوه ؛فيعرفون إن هذا حامضا أو( رايباً ) وهناك الجبن المعتق ؛الجبن القديم الذي عتق داخل الأواني الفخارية ؛مع خلطه بالتوابل والشطة ؛وهذا الجبن مطلوب دائما عند كل الناس ؛ويزيد سعره عن الجبن الأخضر عادة ؛فقطعة واحدة قديمة معتقة تساوي ثمن قطعتان أو ثلاث قطع خضر؛وهذا الجبن مرغوب عند الناس عامة ؛مرغوب للمسافر وغير المسافر ؛فهو لا يتلف بسرعة .زيادة علي قيمته الغذائية ؛والتي عرفها الناس في مصر ؛فإنك نستطيع هو لوحده زاداً لك دون أن شيئاً معه غير الخبز ؛
      ويأكله الفلاحون في الحقول أثناء عملهم ولا يأكلون معه شيئاً أخر غير البصل ؛وبائعة الجبن العتيق يجب أن تكون نظيفة ؛ وجبنها نظيف ؛يجب أن يكون خاليا من الدود والحشرات ؛وكلما تغير لون الجبن العتيق ومال إلي اللون الأحمر ؛كثر الإقبال عليه والشراء منه ؛ وكلما مال لونه إلي اللون الأبيض نفر الناس منه ؛ لحداثة عهده بالتعتيق ؛والجبن عامة غذاء للجميع لما يحتويه من فوائد ؛فهو مأكول يلجأ إليه كل الناس ؛فسوق الجبن والسمن سوق رائجة وستظل رائدة لا تنضب أبداً

      ما زلنا نتجول بالسوق
      فنحن علي أطراف السوق ولم ندخله بعد
      فمع جولة أخري وسوق أخري
      تحياتي
      سيد يوسف مرسي









      تعليق

      • سيد يوسف مرسى
        أديب وكاتب
        • 26-02-2013
        • 1333

        #4
        مشتقات النخيل
        بقلم سيد يوسف مرسي
        لمشتقات النخيل سوق ؛وسوقها رائجة ؛لأن الناس لا يستغنون عن هذه الصناعات المستخلصة من النخيل ؛أو كما يقولون أهل الصعيد بمصر ؛مقولتهم الشهيرة ؛
        النخلة أعطتنا كل شي ما عدا الماء واللباس ؛فهم يعرفون قيمة النخلة ويقدرونها أشد تقدير ؛والذي لا يملك ثروة من النخيل لا يمكن اعتباره من أهل المكان ؛فالنخلة
        تعطي الظل والرطب ومن خشبها تصنع المنازل والبيوت ومن جلدها (الليف )
        تصنع الحبال ومن جريدها يصنع الأساس ؛ومن أوراق الجريد (السعف ) تصنع الأواني التي تستخدم في الحياة اليومية للإنسان ؛فمشتقات النخيل صناعاتها رائجة ؛ لا يستغني عنها أهل الريف ولا أهل الحضر علي حد سواء؛
        لقد انفردت مشتقات النخيل وصنعت لنفسها سوق ؛يرتادوه أهل الطلب لها ؛ وتأتي إليها الناس من كل حدب ؛ ويشتد الطلب عليها في مواسم الحصاد ؛لشراء الحبال منها لتربيط القمح أو تربيط أعواد الذرة أو القصب وصناعة الحبال الليفية صناعة قديمة ؛عرفها الإنسان الأول وظلت معه حتى زماننا هذا؛
        وقد تفنن الناس في صناعة الحبال الليفية ؛ وسخروها جيداً لخدمة حياتهم اليومية ؛
        فصنع من الليف مرابط للماشية كالعجول والجاموس والبقر ؛وسموها بأسماء تعارفوا عليها ؛فهناك شئ اسمه المقرن ؛والمربط ؛و(الصريمة )وهي التي تمسك بزمام الدابة وتتحكم فيها؛وتجعل الدابة خلفك ساكنة مطيعة ؛وإلا نفرت منك وألقتك علي الأرض وهربت منك بلا رجعة ؛والقيد الليفي للحمار والحصان والبغل ؛ومن فنون الإنسان المصري وفننه في صناعة الليف ؛فصنع القلادة الليفية ؛والشباك الليفية التي تستخدم في نقل محاصيل الفلاحين ؛كقناديل الذرة الرفيعة والشامية ؛وهي عبارة حبال ليفية متعانقة مع بعضها بطريقة جيدة ؛
        يترك بينها فتحات تتشابه إلي حد كبير بشبكة الصيد للأسماك ؛إلا أنها مغلقة من ثلاثة جهات وتترك الجهة الرابعة مفتوحة ؛وتحمل علي الجمال (الإبل )وهناك المزابل وتحملها الحمير ؛وهي حبال ليفية جدلت بطريقة جيدة دون ترك فتحات بها ؛ وتستخدم في السباخ من تحت الماشية للحقول وكذلك كثيراً ما يستخدمها الناس
        في نقل الطوب لبناء المنازل ؛هذه الصناعات تتوفر في السوق ولا يستغني عنها
        الرجل القروي في حياته ؛ولها صناعها وأهلها ؛
        أما سعف النخيل فتنتج منه أدوات لا حصر لها ؛والناس علي جميع اتجاههم لا يستغنون عنها ؛فمن سعف النخيل تصنع (القفف ) جمع قفة وهو الغلق كما يسميه الناس و (البُرَش ) التي يستخدمها الناس للنوم؛مثل الحصير تماماً ؛ والأطباق التي تخصص لوضع الطعام والخبز عليها ؛ فهي بمثابة طرابيزة الصفرة في زماننا هذا ؛ ويتفنن صناع هذه الصناعة ؛فيضعون لمسات فنية علي منتجاتهم ؛وهذه الصناعة تصنع من السعف الأبيض ؛الذي يخرج من الجريد حديث العهد ؛والذي لم يبلغ بعد؛أي الذي لم يبلغ السن القانوني (ويسميه الناس قلوب النخيل ) فقلب النخلة هو الذي يخرج منه السعف الأبيض ؛أما السعف الأخضر ؛هو الذي أتي من الجريد الذي بلغ العمر واستوي ؛وتعدي مرحلة القلب ؛فتحول للون الأخضر؛وسوق مشتقات النخيل سوق رائجة ؛طوال فترة اليوم ؛عامرة بالناس حتي أذان عصير يوم الخميس ؛وتأتي هذه الصناعات من قري بعيدة محملة علي الحمير ؛أو فوق رؤوس أصحابها ؛حتى أن البعض دأب علي بيع الليف قبل صناعته ؛لمن أراد ثم يقوم المشتري بالتصنيع ؛تقليل للتكليف وضماناً للجودة ؛

        هذه أول قدم في تجوالنا بالسوق
        والسوق متسع عميق
        فإلي جولة قادمة وسوق جديدة
        مع تحياتي
        سيد يوسف مرسي









        تعليق

        • سيد يوسف مرسى
          أديب وكاتب
          • 26-02-2013
          • 1333

          #5
          سوق الحبوب والغلال
          بقلم //سيد يوسف مرسي
          سوق الحبوب ؛أو سوق (الغلة ) كما يسميه الناس عندنا ؛هي كبيرة عظيمة ممتدة ؛
          زاخرة بالتجار ؛لا تكاد تنفض أو تنتهي ؛لولا قرب الشمس للزوال ؛تستطيع أن تقول كل رواد السوق من رواد سوق الحبوب ؛والحبوب في السوق متنوعة ؛ منها البُر أي القمح والذرة بنوعيها الرفيعة والشامية والفول البلدي والحلبة والترمس والحمص وبذور البصل والبرسيم والفول السوداني والشعير ؛كل هذه الحبوب يعج بها السوق ؛
          والسوق مزدحم بالتجار ليس التجار الذين يأتون لبيع حبوبهم في السوق فهؤلاء قلة
          لا تتعدي أصابع اليد ؛إنما المقصود التجار الذين يشترون الحبوب لتخزينها في مخازنهم ؛ثم تباع بعد ذلك فهم يجمعون أكبر كمية من الحبوب في مواسم( المدخول )؛
          أي وقت دخول المحاصيل وحصادها ؛ولديهم القدرة علي الشراء ؛ ولديهم القدرة علي جمع عدة أصناف من الغلال ؛ فهم أصحاب رؤوس أموال ؛ ولديهم طرق للتصريف ؛ولديهم مخازن لحفظ وتخزين الحبوب ؛
          أما غير التجار فهم ناس عاديون واحتياجهم بسيط وقدرتهم محدودة علي الشراء ؛قد يحتاج المرء (كيلة ) من حبوب القمح ؛لطحنها ليصنع منها خبزاً لأولاده ؛فكم واحداً أتي إلي السوق لشراء( كيلة ) قمح أو يشتري كيلة من حبوب الذرة ليطعم بها الطيور في بيته ؛التي تقوم زوجته بتربيتها ؛والانتفاع بها ؛(والكيلة ) هي وحدة مكيال تعارف الناس عليها بمنطقتنا ؛ وهي تساوى ما بها من حبوب الذرة والقمح ؛ أثنى عشر كيلو جرام في وقتنا الحاضر ؛وهي مصنعة من رقائق خشبية اسطوانية الشكل متسعة في قاعدتها ؛ضيقة في أعلاها وتغلف عادة بطبقة من الصفيح لحمايتها والحفاظ عليها ؛وتنقسم (الكيلة) عندنا إلي قدحين ؛والقدح نصف الكيلة ؛وهناك بالقرى المجاورة يطلقون علي القدح أسم أخر فهم يقولون (رِفْطَاو ) بكسر الراء وتسكين الفاء ؛والقدح صورة طبق الأصل في صناعته من صناعة (الكيلة) ومغلف أيضاً بطبقة خارج الشرائح الرقيقة الخشبية ؛وهناك (الرُبْعَة ) وهي ربع (الكيلة )
          وهناك الثُمْنَة (والناس ينطقونها بالتاء فيقولون التُمْنة ) هذه هي وحدات (المكيال)
          عندنا والتي تكال بها جميع أنواع الحبوب لدينا ؛والتجار لا يشترون ولا يعجبهم الكيل بهذه الأداة المتعارف عليها عند الناس ؛فيأتون بغيرها أكبر حجماً منها ؛مقارنة بالتي تعارفوا عليها ؛والناس تخاف التجار عند الشراء ؛وخصوصاً عند كيل غلالهم ؛فالكيلة التي بيد التاجر (كيلة تركية ) كان الترك يكالون بها الحبوب من الناس وهي تزيد الربع عن الكيلة التي بأيديهم ؛ولذلك تجد النفور من الكيال إذا كان يحمل هذه الأداة ؛عند الشراء ؛ويصر البائع في أغلب الظروف علي الكيل بما يروق له لبيع حبوبه ؛وهو ينظر إلي التاجر الذي يأتي للشراء ومعه الكيلة التركية بأنه حرامي ؛
          والكيالون للغلال مهرة في وفاء الكيل وزيادة ؛فهو يضع يده حول المكيال ويلفها ؛
          ويهز المكيال هزاً عميقاً كي تستقر الحبوب بالتلاصق داخل المكيال ؛ ويظل يضع الحبوب فوق المكيال ؛حتى تسقط الحبوب من فوق يده ؛لكن ما بالأمر حيلة ؛فصاحب الحبوب يحتاج لتصريف حبوبه ؛كي يقضي بعض ديونه ؛أو ييسر علي بيته وأولاده ؛أو يخاف أن ظلت تلك الحبوب في بيته سوف تتعرض للتلف ؛لذلك لابد من البيع ؛لهذا أو لغيره وكلهم سواء ؛
          وهناك من الناس من يجيد حفظ غلاله ؛ فالناس كانت تحتفظ بحبوبها داخل أناء كبير مصنوع من الطين وروث الدواب تصنعه النساء الفلاحات عادة ؛ولا يخلو بيت من بيوت القرية إلا وبه (صومعة ) أو صومعتين تحفظ فيها الغلال والحبوب ؛حتى أنهم كانوا يصنعون أحجام صغيرة ؛وذلك لحفظ الدقيق فيها ؛بدلاً من الأجولة ؛وقد تبدل الزمن وتغيرت الأحوال ؛وأصبح التجار في زماننا هذا يشترون بالميزان بل الكيل ؛
          بالرغم أن الكل مازال موجودا تتعامل به الناس في كيل الكميات البسيطة والصغيرة
          إلا أن الوضع تغير وساد الشراء بالميزان في أغلب الأمور
          وأصبحت الحبوب تجدها عند العلاف وفتحت محلات خاصة لبيع الحبوب ؛ولذلك
          انكمش السوق وبدأ ينفض بعد أو قبل صلاة الظهر ؛لقد قل الطلب علي طالبين الحبوب وقلة نسبة الزراع لها فبدأ يظهر في السوق الكساد

          مازلت خطواتنا في بداية السوق
          فمع سوق أخري نلتقي إن شاء الله تعالي
          تحياتي
          سيد يوسف مرسي









          تعليق

          • سيد يوسف مرسى
            أديب وكاتب
            • 26-02-2013
            • 1333

            #6
            المطاعم المتنقلة /تابع سلسلة سوق الخميس

            المطاعم المتنقلة
            بقلم // سيد يوسف مرسي

            إنها لحقاً لمطاعم متنقلة ؛ليس لها جدران أو أبواب تحيط بها ؛ تمتد في السوق علي مساحة لا بأس بها ؛تتوسط السوق عامة ؛الجميع يذهب إليها ليأكل ؛الطعام المقدم منها ؛طعام شعبي في متناول الجميع ؛والجميع يستطيع الأكل وسد جوعه ؛ فالإنسان
            لا يستطيع أن يظل ويبقي جائعاً ؛عليه أن يأكل أولاً ؛كي يمارس حركته في السوق ؛
            مطاعمنا تقدم دائما وجبة شعبية ؛يعرفها كل الناس ويطلبها كل الناس ؛الكبير والصغير ؛والغني والفقير ؛والتاجر والبائع ؛والمار بالسوق والخارج منه ؛
            إنها الخبز أو يسميه الناس عندنا (الْعِيش ) بتسكين اللام وكسر العين ؛والفول والطعمية ؛
            و أغلب أصحاب هذه المطاعم يأتون من المدينة ؛وعدد قليل لا يتجاوز الأربعة من قريتنا ؛تنصب هذه المطاعم علي يد أصحابها قبل شمس يوم الخميس ؛وهي عبارة عن أسرة من جريد النخل ؛صنعت خصيصاً لهذا المأرب ؛ ليجلس الناس أمامها ولايمكن الجلوس عليها ؛وهي توضع الأطعمة فوقها أمام الناس ؛فّاذا جلس الرجل كان الطعام أمامه وفي منال يده ؛ وتوضع هذه الأسرة علي شكل مستطيل أو مربع مغلق ؛لا يدخله أحداً من الناس ؛ويجلس صاحب المطعم بداخله هو ومن يعاونه ؛وقد أتي بجميع مستلزمات المطعم من خبز وفول ملئ به القدور ؛وطاسة القلي (إناء القلي) وكمية الزيت التي سيستعملها ؛والأطباق التي يضع فيها الفول للزبائن التي تجلس حوله ؛وتأكل من عنده ؛وكية من الملح المحوج بالشطة والكمون ؛وطبق كبير بجانبه ممتلئ بالسلطة الحمراء المحوجة بالكسبرة الخضراء ؛
            والفلفل الأخضر والخيار ؛أشياء وأطباق وبرغم بساطتها تشدك إليها ؛تدفعك للشراء والأكل مادمت جائعاً ؛تصطف المطاعم علي مستطيلات بجوار بعضها البعض ؛
            منقسمة علي الجانبين ؛تاركة بينها شارع وطريق يمر فيه الناس ؛فإنك تنظر يميناًً مطاعم للفول والطعمية وعن الشمال كذلك ؛ والطعمية التي تقدم للناس طازجة ساخنة حارة ؛تخرج إليك من طاسة القلي مباشرة لا يأتي بها معه وتعد وتوضع أمامك وتقلي أمامك ؛الشئ الوحيد الذي يأتي به صاحب المطعم معه الخبز فقط ؛حيث لا توجد أفران لصنع الخبز بالقرية فيطر لإحضار خبزه معه ويعبأ ويلف في قفاف (جمع قفة وهي الغلق ) فيظل لدناً طرياً ؛وكذلك عجينة الطعمية ؛التي يأتي بها جاهزة ؛
            حتى يتسنى له العمل بهدوء ويستطيع التعامل مع زبائنه ؛وتسوي الطعمية علي وابور جازي يعمل بالغاز الأبيض وهو صناعة محلية ؛ابتكره الناس ليسهل لهم عملهم ؛وهو عبارة عن إناء اسطواني الشكل يقف علي قاعدة من نفس معدنه ؛ويوضع في أعلاه عين لإخراج النار (الكوشة ) كما يسميها الناس ؛ويوضع حوله قطعة من صفيح ؛حتى تمنع الهواء من ملاعبة النار له وإطفاءه ؛
            وصاحب المطعم عليه أن يجلب الماء لنفسه ولزبائنه ؛فهو يحتاج للماء لغسل الأطباق التي يأكل الناس فيها ؛وكذلك ليشرب الناس في أثناء أكلهم ؛فتجد أن صاحب المطعم وضع أيضاً بجانبه إناءان من فخار عبأهما بالمياه الصالحة (بلاصين ) ليسقي زبائنه
            ويستخدمهما في مطعمه ؛لكن اليوم تقلص عدد المطاعم التي كانت تقام بالسوق ؛
            وأصبح العدد لا يتجاوز عدد أصابع اليد ؛لكنها مازالت موجودة ؛ومازال روادها لا ينضبون ؛مادام السوق مقام ومتواجد

            *******
            لقد استحدث بعض أصحاب هذه المطاعم عملاً أخر وشيئا يجلب نوعاً أخر من الزبائنً ؛استطاع أن ينوع في زبائنه ؛فبدأ يبيع السمك مقلي طازجاً للناس ؛فأصبح له زبون من ذا مقدرة عن زبون الفول والطعمية ؛وأصبح هذا الرجل مشهوراً وأصبح له زبونه الخاص به؛ لقد اتخذ احدي طرفي سوق العيش والطعمية وثبت وجوده في هذا المكان ؛ثم جاوره مطعم أخر بصفة مغايرة تماما له وللسوق التي يجلس فيه ؛جاء سيدة وبنتها وجلسوا بجوار بائع السمك ؛يقدمون طعامهما للناس ؛إنه لشئ مبتكر جديد ؛لم يتعود الناس عليه بالسوق ؛إنه خبز جديد فاخر بدقيق فاخر يعجن بالسمن ويضاف إليه السكر وقليلٌ من بيض ؛ ويصنع علي شكل أقراص أو دوائر ملفوفة ؛يطلقون عليها اسم الكعك البلدي ؛قد ملئت كل واحدة منهما (مقطفها ) الغلق
            كما يسميه البعض بهذا الخبز ودثرته جيدا بالقماش ووضعت بجانبها غلق أخر أصغر حجماً من الغلق يوضع فيه العيش أو الخبز ؛وقد وضعت فيه كمية من البيض المسلوق ؛وقليل من ملح محوج بطريقة شيقة يسمونها (الدُقَة ِ) ؛ويباع قرص الكعك أو قرص (المُخَمَرِ ) كما يطلقون عليه ؛يباع بقرش صاغ واحد والبيضة الواحدة بقرش أيضاً ؛أنهما يبيعان خبزهما قبل انتهاء السوق وينفض ولا يتبقي عندهم ما يرجعان به ويتلف ؛
            وجاء واحداً أخر ولم يجلس وكأنه أبي الجلوس وكره بيع الفول والطعمية مثل باقي السوق أو لم يجد لنفسه مكان بينهم أو بجانبهم ؛حمل مطعمه فوق رأسه وظل يطوف بجميع أنحاء السوق ؛كان مطعمه الذي يحمله عبارة عن طبق من الخوص ؛كبير متسع وضع فيه عدداً من الأرغفة ؛وطبقاً ممتلئ بالطعمية ؛وطبقاً عبأه سلطة حمراء؛
            وبعض البيض أحيانا أخري ؛فأنه يطوف وينادي بأعلى صوته العيش والطعمية ؛
            عيش وطعمية سخنه ؛حتى إنك حين تراه وتسمعه ؛تشفق لحاله ؛وقد يدفعك الفضول والشفقة والحاجة لتشتري منه ؛وهناك طائفة من الناس لا تستطيع ترك بضاعتها لتذهب لسوق الطعمية والعيش لتأكل ؛فيكون مرور هذا الرجل بجوارهم بمثابة النجدة لهم ؛فيشترون منه ؛وقد تكون في أول السوق فيأتيك صوته من أخر السوق ؛وصوته يدل علي مكانه ؛وكلما دنا صوته منك عرفت قربه منك ؛وكلما بعد عرفت أنه يذهب ويجول في مكان أخر ؛هذا الرجل فقده السوق وما يعود مرة أخري ؛وما الناس يرونه في سوقنا ولا الأسواق الأخرى غير سوق الخميس ؛لقد تبدلت الأحوال والظروف وما الناس في حاجة لمثل بائع العيش والطعمية فوق رأسه جوال وطواف علي فوق رؤوس الناس ؛أنه الزمن الجميل يا صديقي الذي ولي دون رجعة ؛
            مازلنا بالسوق نتجول
            ولم ينتهي بعد !!
            فكن معي في سوق أخر ومكان جديد
            تحياتي / / سيد يوسف مرسي
            التعديل الأخير تم بواسطة سيد يوسف مرسى; الساعة 11-09-2014, 20:04.









            تعليق

            • سيد يوسف مرسى
              أديب وكاتب
              • 26-02-2013
              • 1333

              #7
              تابع /سوق الخميس
              بين القديم والحديث
              (سوق الدواجن والطيور)
              بقلم // سيد يوسف مرسي
              سوق عامرة لا تنضب أبداً ؛وأكثر روادها من تجار الطيور ؛ أما الفلاحون فدائماً هم البائعون ؛ قل من يشتري منهم طيور ؛فهم الذين يقوم بتربية هذه الطيور والدواجن ؛
              وتأتي النساء عادة لشراء صغار الدواجن (الكتاكيت ) لتربيتها في منازلهم وهي التي في أغلب الأحوال التي تقوم بالبيع ؛فأغلب رواد سوق الطيور والدواجن عادة من النساء ؛اللاتي يؤتين من قريتنا أو القرى التي تجاورنا ؛
              يقع سوق الطيور في مقدمة جميع الأسواق لسوق الخميس ؛وهو لا يطول ولا يستمر
              مثل باقي الأسواق ؛فنهايته الساعة الحادية عشر صباحاً علي أكثر تقدير؛
              فلا تصب فيه خيام ولا يظل الجلوس فيه أكثر من ساعة ؛فزمن إقامته محدود ؛
              والذي يحتاج أن يشتري منه عليه بالتبكير قبل أن ينفض السوق ؛
              والذين يجلسون بعض النسوة الذين أتوا ليبيعوا صغار الدواجن ؛ أو أتوا ومعهم بعض أفراخ الحمام ؛فهم يجلسون بأقفاصهم الصغيرة الممتلئة لبيعها ؛ودائماً ما يلجئون للظل ويجاورن الظلال ؛حتى لا تضر أو تصاب بضربة شمس ؛
              وليس كل التجار يتواجدون بالسوق ؛فهناك من اتخذ لنفسه مكان خارج السوق ؛يقطع علي الناس طريقهم ؛ ينادي علي الرائحين ينظر ما بأيديهم وفوق رؤوسهم ؛فلو كان دجاجاً أو بطاً قلبه بين يديه وأعطى سعراً بخس ؛لكن صاحب الحاجة لا يبيع له ويأخذ حاجته عنوة من يد التاجر؛ليذهب حيث السوق ؛فيزيد التاجر في الثمن لعله يشتري ؛ ويظل التاجر يزيد كلما ذهب الزبون وابتعد عنه لعله يرجع إليه ؛فإن رجع أخذ التاجر منه ؛أو قلب الديك أو الدجاجة في يده مرة أخري وبطريقة كيديه فضغط بيده علي الأضلع ضغطة شديدة قويه حتى إذا ما فارقته مرة ثانية ؛مات ما بيدك
              ؛لكن هؤلاء قلة بين التجار ؛والناس تتعرف عليهم دائماً؛ لأنهم يقعون بين أيادي الناس ؛وينالون نصيبهم ضرباً ويدفعون ثمن ما أتلفوه في أيديهم
              *******


              وسوق الطيور يشمل سوق البيض فهو في مقدمة سوق الطيور ؛وهو يحتوي علي عدة تجار نساءً ورجالاً يجلسون بأقفاصهم المعبئة بالقش ؛حتى لا يكسر البيض بداخلها أثناء الحمل أو الحركة ؛يجمعون البيض ويشتروه بعد الكشف عليه ؛ولديهم ميكروسكوب يدوياً ؛ صنع محلياً بأيد التجار ؛هذا الميكروسكوب عبارة عن قطعة من ورق مقوي لف بطريقة اسطوانية ؛ وربط بخيط في أوله وأخره ومفتوح من الجانبين ؛وتوضع البيضة في إحدى فتحتيه ثم ترفع مقابل الشمس ؛فذا كانت فاسدة عرفها التاجر ورأي ما بها بميكروسكوبه البلدي ؛ فترفض هذه البيضة ولا تشتري ؛
              وهناك طريقة أخري للتجار لمعرفة البيضة السليمة من الفاسدة ؛ترج البيضة وتقرب من الأذن لسماعها ؛فإذا تحركت البيضة من الداخل ؛عزلت ولا تشتري من قبل التاجر؛وسوق البيض أسرع انفضاضاً من سوق الطيور والدجاج لكنه زاخراً وإن ندر رواده فهذه الأيام ؛وتبدلت طيورنا البلدية ؛بطيور غريبة عن البيئة التي نعيشها
              فظهرت لنا هذه الأيام دجاجاً أبيض يأتي إلينا من المزارع ليس طعم ولا نكهة ؛ تمتلئ به أقفاص التجار ويباع بالكيلو ؛أما دجاجنا البلدي وبطنا البلدي فأنه يباع بالواحدة ؛ولحومه طيبة كما علفه طيب ومازالت السوق تباع فيه طيورنا البلدية لكن ليس بالكثرة كما كان بالماضي ؛

              ما زلنا بالسوق نتجول
              فإلي سوق أخر ومكان جديد
              تحياتي
              سيد يوسف مرسي
              التعديل الأخير تم بواسطة سيد يوسف مرسى; الساعة 15-09-2014, 18:47.









              تعليق

              • سيد يوسف مرسى
                أديب وكاتب
                • 26-02-2013
                • 1333

                #8
                تابع سوق الخميس
                (بين القديم والحديث )
                نحن الآن علي خطوات من سوق الخضار
                (سوق الخضار والفاكهة )
                ما أجمل هذا السوق وما أروعة ؛سوق عامرة بكل ما تعني الكلمة من مدلول ؛ تبهر بهذا بمجرد مطالعتك لها ؛ رصت الخضروات داخل (المقاطف والقف ) وهي طازجة أتت للتو من الحقول علي ظهور الدواب والحمير ؛جاءوا بها أصحابها إلي السوق لبيعها ؛ والسوق تعج بكل أنواع الخضار ؛ وخصوصاً في فصل الصيف ؛
                البامية ؛والملوخية ؛والطماطم ؛والخيار ؛ والبطيخ ؛ والشمام ؛ ونوع يقال له (الحرش )؛ (والعجور ) نوع من القتة يزرع بأراضي الجزر التي تقع علي النيل حأو التي تركها النيل بداخله ؛ والباذنجان ؛ والفلفل ؛ واللوبيا ؛الخضراء والسلة الخضراء ؛والجرجير والبقدونس والكسبرة ؛والشبار ؛والبصل والثوم ؛والكرنب ؛والقرنبيط ؛ والخص ؛والفجل ؛والجزر الأحمر والأصفر ؛
                وكل ما تشتهي نفسك إليه وتطيب ؛ كل ذلك موجود بسوق الخضار؛أنها عامرة مكتظة بالخضروات والفاكهة ؛فالفاكهة لها جانب والخضار لها جانب ؛والذي يريد شراء فاكهة أو خضار يمر بين الخضار والفاكهة ؛تجار الخضروات ليسو بتجار دائماً أصحاب حقول ؛أتوا بخضرواتهم من حقولهم إلي السوق مباشرة لبيعها ؛فتجد الخضروات بالسوق طازجة نضرة؛ وتجلس بها بعض النساء الفلاحات كبيرة السن ؛أو بعض الفتيات الصغيرات أو بعض الصبية من الذكور ؛وغالباً ما تجد مزارعاً يجلس فوق خضرواته لبيعها إلا نادراً ؛وقد يكون ذلك من القرى المجاورة لقريتنا ؛
                فحضر الفلاح بنفسه بدلاً من أن يرسل ولداً قاصراً أو بنتاً صغيرة للسوق ؛
                والخضروات كانت تباع في سوقنا في عقود سالفة ؛كانت تباع بالتقنين أي تكون أحياناً بالعدد مثل البامية التي يطلقون عليها اسم (الويكة ) عندنا والعدد كل أربعة حبات من البامية تسمي (دُورَة) ويكون بالقرش صاغ مثلاً عشرة دورات من البامية ؛فإذا أردت شراء كمية أكثر ؛اشتريتها بالكيل ؛كما تكال الحبوب مثلاً ؛والفلفل مثل ذلك يباع بالكيل مثل الحبوب ؛أما الآن فقد حل البيع بالميزان وأصبح كل شئ يباع بالكيلو ؛ والملوخية الخضراء تباع بالربطة ؛ولا تجد من يشتريها فيرجع بها أصحابها من السوق كما هي في أغلب الأحوال ؛حتى اليابسة منها كانت تباع بالغلق ؛فكان أغلب من يبيع الخضار يرجع بأغلب خضاره إلي داره تالف أو شبه تالف ؛من العارض وقلة الشاري والمستهلك ؛حتى الكرنب والقرنبيط ؛كثيراً ما أصحابها يتركون كميات كبيرة خلفهم لم يحالفهم الحظ في بيعها ؛ويستثقلون حملها والرجوع بها مرة أخري ؛فيتركونها خلفهم لتأكلها الدواب التي ترعي بالسوق بعد انفضاضه ؛
                وما زال هذا الوضع يحدث عندنا بسوق الكرنب والقرنبيط حتى يومنا هذا ؛وتحجم الناس عن شراءه أحياناً لكثرة تكاليف إعداده ؛فالفلاح قد لا يجد الأرز ولا يتوفر لديه ؛أو قد لا يجد الزيت ؛وقد يكون لدي الفلاح البديل الذي يجعله لا يلجأ إلي شراءه ؛
                أما الفاكهة فكثيراً ما تأتينا من أماكن بعيدة وخصوصاً فصل الشتاء ؛حيث تقل زراعة فاكهة الشتاء عندنا بصعيد مصر ؛والكمية الموجودة لا تكفي أسبوع واحد فقط ؛لذلك تأتي إلينا فاكهة الشتاء من أماكن بعيدة وتباع بالميزان ؛كما فاكهة الصيف كثيرة لدينا ؛وتجود بها أراضي كثيرة بالصعيد ؛فالعنب يزرع والمانجو ؛والبلح ؛ والخوخ ؛والجوافة والليمون والرمان فقليل ما يأتي تجار الفاكهة بفواكه من بعيد ولفترة كبيرة ؛أما في أيامنا هذه دخلت فواكه كثيرة السوق عندنا مثل الفراولة والتي كان لا يرونها إلا نادراً ؛وأصبحت الفراولة من الفاكهة التي يعمر بها السوق ؛والكاكا ؛
                لكن أغلب تجار الفاكهة يأتون من أماكن بعيدة ؛وفي قرب عصر يوم الخميس
                ؛يحملون ما تبقي من بضاعتهم عائدين إلي ديارهم بعد ما كسبوا ونالوا من رزق في سوق الخميس ؛

                إلي سوق أخر ما زلنا نتجول في ربوع السوق
                فكن معنا بسوق أخر ومكان أخر









                تعليق

                • محمد الحلو
                  محظور
                  • 26-06-2015
                  • 89

                  #9
                  ابدعت
                  تحيتي لك

                  تعليق

                  يعمل...
                  X