النبلاء (قصة قصيرة)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ابن الجنوب
    أديب وكاتب
    • 25-09-2014
    • 10

    النبلاء (قصة قصيرة)

    النبلاء (قصة قصيرة) _______________

    سماؤنا غيوم..ولا متسع فى الأفق..وأرضنا قبور لا حياة فيها ولا حبة نبق..فيا صديقي إن بقيت لا أملك حيالك غير الأسى فلم أعد أملك حتى القلم ولا الورق..لم أعد روحا حالمة بالشرف والكبرياء..بل جسدا معلقا بين الأرض والسماء..لا تعنيه البدايات ولن تنجيه النهايات..فالسقوط حتما آت فى أحد قبور الاستبداد ..فتلك بلاد بلا أمجاد.!! هكذا رحل عادل مودعا صديقه فهمى مفعما باليأس والحسرة لما آلت إليه الأمور فى بلاده عقب ثورة عارمة أطاحت بالنظام الحاكم ومالبثت ان خفتت فهدأت وتراجعت ليعود الظلم والجبروت فى ثوبه الجديد..يبقى فهمى شريدا ضائعا لا يملك غير إرادته وعزيمة يظن انها لا تلين وسرعان ما انخرط فى مجموعته القديمة ليشعل الثورة من جديد ..وفى ليلة من ليالى الصيف فى جليم حيث منزل علاءالصيرفي المناوئ لكل ماهو قبيح وضال وفاسد ... وبينما يشتد النقاش فى سبل حشد الجماهير لمواجهة الديكتاتور الجديد المعادي للثورة واهدافها وللقضاء على الفساد والرشوة والعمالة اللوجيستية للدول الكبري بقيادة اميركا....وبينما الهدوء يغلف الحي المقابل لشاطئ البحر وفى ساعة متأخرة يتم اقتحام البناية وتطويقها من كل جانب بقوات الشرطة وسرعان ما اقتحمت الشقة ليتم القبض على مجموعة مناهضة للنظام ويزج بهم للسجون متفرقين ..كما نشرت الصحف عن حيازة منشورات وعبارات تدعو لقلب نظام الحكم..ويصدر الحكم عليهم بالسجن سبع سنين..كان عادل قد غادر الى لندن عند اخيه صالح المهاجر من زمن واستطاع ان يكون ثروة لا بأس بها ولديه زوجة بريطانية من عائلة أرستقراطية كثيرا ماكانت تعرض عليه ان يكرم اخيه كما عرضت ان تزوجه فتاة من عائلتها لكن عادل كان يرفض بلطف وامتنان بانه عائد للوطن عندما يكون هناك وطن وليس في وسعه ان يستقر اجتماعيا قبل ان تستقر روحه وطنيا..وعرف عادل بخبر اعتقال صديقه ومجموعته الثورية ودخل فى نقاش حاد وغاضب مع اخيه صالح انته الى عرض من اخيه ان يأخذ ما يشاء من مال قد يعينه في اطلاق سراح فهمي واحضاره للندن بعيدا عن أتون الصدام القاتل هناك..صالح رجل مال لايريد ان يخسر اخيه فهو يعلم ان فهمي آخر صديق خرج به عادل ومن الصعوبة بمكان ان ينساه في حياة جديدة بلا متاعب او أحزان..لكنه ايضا عرض عليه الفكرة وهي خلاصة تجربته في دنيا المال والصفقات فقد اقترح عليه ان يجابه الفساد بالفساد..تلك الجملة كانت مفتاح الخلاص لعادل في محاولة اخراج فهمي من السجن..فوضع خطته وارسلها عبر زملاء كفاحه القديم ليجدوا له من يخرج صديقه مقابل المال وبعد البحث والتحرى عرفوا احد قيادات السجن والمعروف عنه التوغل في الفساد الى درجة أن تم نقله لأكثر من مكان حتي استقر أخيرا في قطاع السجون..وكانت بداية خروج فهمي للحياة من جديد بلا قيود..

    (الضعف_الخوف_ الهوان..)

    تلك الثلاثية تؤرق روح فهمي الوثابة المتطلعة للحرية لكنه في دورة الأيام وغمرة الأحداث المتلاحقة استطاع ان يتجاوزها ويعبر الي منصة الحلم بكل مايعنيه ويبثه من أمل ويقين بأن الغد قادم لا محالة..وفي مقهي المنيرة حيث يدور حوار يغلب عليه الخوف والترقب من المجهول ...

    رأفت :

    فهمي اسمعني جيدا..انت ملاحق فخلفك عيون وأنياب ولا تنس انك هارب من السجن فاسترح قليلا ولا داعي لأي فعل الان..

    فهمي:

    ليس في مقدوري ان ابتعد فلن اترك غربان الوطن لتخيم علي سمائنا..

    رأفت:

    لن يتركوك وأرجوك لا تكن صيدا سهلا لهم..سنكمل نحن المسيرة.

    فهمي:

    بل سنكمل معا ولو بدونكم جميعا..قالها وهو يشيح بوجهه الغاضب لباب المقهي..واستطرد..لقد كان كل أملي أن أموت فى هدير الثورة..فلم أعد أطيق الحياة مكبلا والقيد لا يريد البتة أن ينكسر..!!

    رأفت:

    حسنا لكن يجب ان أبلغك ان عادل يلح علينا لتغادر اليه في لندن وينتظر موافقتك لاتمام اجراءات تهريبك عبر الحدود للدول الآمنةلتستقل طائرتك للندن ..

    فهمي:

    اترك عادل لي فبيننا حوار لم ينته
    ..فهو يعلم صعوبة رحيلي عن مصر فلن أرحل رأفت.

    انصرف رأفت بعد ان طمئن فهمي بانه سيخبره بكل جديد..مشددا علي يديه المقبضتين ليشد من أزره .. وينصرف هو الأخر بعده بقليل ..
    ومرت الايام ولم يخبره بشيء فعلم فهمي بنبل مقصد صاحبه فلم يغضب او يعتب..
    وذات يوم تلقي رسالة تحمل خبر قدوم عادل ليكمل معه المسيرة فقفز لأعلي فرحا ولم يتمالك نفسه لحسابات الواقع المرير بل احتضن الحلم بلا شروط وليكن مايكون فأعد العدة ووضع خطة التحرك في قلب العاصمة متحديا الحواجز الأمنية والمدرعات والقناصة التي تتصيد النشطاء وبعد طول نقاش مع النشطاء اعلنوا يوم الصمود للجماهير الغاضبة والثائرة بالمدارس والجامعات والمصانع والشوارع والميادين ..ارادوها يوما للخلاص وبالفعل حضر عادل قبيل الموعد المحدد بقليل وكتب العديد من المنشورات المثيرة بيده وتم نشرها في ارجاء البلاد اعلانا عن يوم غير عادي من ايام الثورة وفي صبيحة يوم الصمود استعد النشطاء وانتشروا في الشوارع والميادين وقبيل الظهيرة التحم عادل وفهمي بتكتل جماهيري ضخم يموج بحشود تشي بان حدثا جللا قد يقع في هذا البلد.. وفي قلب العاصمة صدرت الأوامر للقناصة المتواجدة بأعلي البنايات المطلة علي الشوارع والميادين بقنص اكبر عدد ممكن من النشطاء والمعارضين لتكن عبرة لاي تجمعات قادمة واشتدت حموة التظاهرة وفعل الهتاف فعلته في نفوس الجماهير وفي تلك الأثناء حيث يقود عادل وفهمي وزملاؤهم الجماهير العريضة من الثائرين المناهضين والغاضبين من البسطاء والمهمشين.. يطلق قناص طلقة غادرة ليصيب رأس عادل فيسقط أرضا صريعا بلا حراك..وتتفرق الجماهير يمينا ويسارا وفهمي ينظر لعادل في ذهول فيصرخ بأعلي صوته كلاب كلاب كلاب... خونة..ويتهاوى بجسده النحيل علي صدر عادل ويغيب في نوبة بكاء ونحيب هستيري وتتدافعه الأيدي في سرعة وشدة لحمل جثة عادل لتذهب بها بعيدا عن الاخطار لتنزوي بها في مدخل احد البنايات المجاورة ..ويهمس احدهم في لفيف من الناس هل تعلمون من هو واين اهله فأشار احدهم لفهمي فاتجه نحوه ..انت صديقه ..نعم صديقه وحبيبه قالها والدموع تنغمر علي وجهه فطلب منه ان يخبر اهله ...فاعطى له الهاتف واشار له برقم والدته...مرت ساعة واذ بسيارة تقف امام البناية لتنزل منها سيدة ذات وجه ملائكي وخطوة ثقيلة ثقل الزمن. تتكيء علي سيدتين يرافقانها تتقدم لداخل البناية الأثرية حتي وقفت امام جثة عادل وسقطت علي ركبتيها ومالت بجسدها لتلامس وجهه براحتيها مرتجفة ... مرتعشة واجتزبته لحضن الأم ليرتاح واطلقت صرخة مدوية تتبعها صرخة أشد ..من أجل من يا ولدي..من أجل من... هكذا هدأت رويدا رويدا... ثم عاودت الصراخ لعنة الله علي هذا البلد..!! الذي يأكل ابناءه ..من أجل من ياولدي..تركتني ..لماذا عدت فقد قتلوك وقتلونا جميعا بك..لماذا عدت...بهدوء اتجه اليها كبار السن من الرجال والنساء ليحملونها في هدوء لركن الحائط لرفع جثة عادل لمنزل احدهم واصطحاب والدته السيدة أمينة...في صباح اليوم هبطت طائرة صالح وكريستينا قادمين من لندن لحضور مراسم العزاء وعند قبر عادل تقدم صالح بجسد متهدم ونفس ضائعة وتهاوي ارضا فلحقته ايدي كريستينا لتحنو عليه وتعينه علي تمالك نفسه ثم اتجهت نحو القبر وخطت بيدها وبلغتها الانجليزيةعلي جدار القبر ...ان شجرة الحرية قد رويت بدماء الأحرار فحتما ستثمر يوما ..فنم في سلام ولاتحزن...

    تمت

    2014/9/1
    ابن الجنوب
    الحرية
  • ابن الجنوب
    أديب وكاتب
    • 25-09-2014
    • 10

    #2
    قمت بنشر القصة القصيرة..للمزيد من النقد والتحليل الفني..سيما والقصة كتبت برؤية خاصة جدا..من حيث السرد والبناء ..فالحداثة هنا فى وعي الكاتب..كما المعنى فى بطن الشاعر..وأعتذر عن عيوب الكتابة عبر ا لكيبورد...
    التعديل الأخير تم بواسطة ابن الجنوب; الساعة 25-09-2014, 20:47.
    الحرية

    تعليق

    يعمل...
    X