بين نورين ...!!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فاكية صباحي
    شاعرة وأديبة
    • 21-11-2009
    • 790

    بين نورين ...!!

    ما أكثر الثمار المتدلية بين أغصان البسمات وما أغرب ألوانها وهي تغرينا حنينا للحظةٍ صادقة ٍتاهت خطانا الواهنة بحثا عنها ، وقد تساوت البسمات نورا وظلمة..وزيفا وصدقا على كل الوجوه.. فشتان بين بسمات النور، ونور البسمات
    لأن الأولى ليست سوى هدية الرحمن لكل القلوب الموجعة ، لنعانقها متى شئنا ونحن نغتسل من رهقنا على ضفافها كلما اجتهدنا ومزقنا عن كاهلنا وشاح الظلمات ، وانطلقنا نحوها كقلب محب لا يعرف المراء ..ولا الخداع وهو يقبل عليها تلهفا ..وليس تكلفا

    أما الثانية فهيهات أن نقف لها على مرفأ وقد أوغلت كل الوجوه بين غياهب التجمل والرياء
    فليس كل من يظهر لنا أسنانه تبسما قد يحبنا كما نحبه ، أو يحن إلينا كما نحن إليه.. فقد نكون مجرد سد فراغ لم يجد من يملؤه ، وسرعان ما يلفظنا إن وجد ضالته لدى غيرنا

    وليس كل من يمد لنا يده قد يحمل لنا ذات الوفاء بين جنبات ما انطبقتْ إلا على إسمه ، ورسمة قلاعا من رماد لا يهمه إن شُيدتْ أسوارها على رميم الآخرين

    فالأهم عنده دائما أن يشهق أفقا حتى يطاول نورا كم تمنى لو كان مالكه ليضن به على الآخرين وهو يسكبه متقطعا على موائدهم الظمأى للحظة صدق عساه يُرضي رغائب تلك الأنا التي هيمنت عليه طولا ..وعرضا وهي تنمّقُ شرَكها بكل إتقان ليبدو كمملكة من ضياء مشرعة النوافذ لكل الوافدين..

    فكم تتشابك الخيوط بين نور البسمات، وبسمات النور.وكم يصعب على القلوب الساذجة فكها..لتهيم بصدقها ووفائها بين هذه، وتلك وما تلبث أن تصحو بين قوس الأولى وسهم الثانية
    وكم هو البون شاسع بين كونك سهما تتقاذفه الأقواس أنّى تشاء - وأنت تلبس ثوب قدر محتوم وإن لم تكن تعلم مجاهيله مسبقا-وكونك قوسا يتفنن في رمي السهام عابثا
    وكم هي الدروب شائكة بين هذه.. وتلك على من أعياه خنوع السهم، وما أغراه جبروت القوس ليضنيه التلفت وهو يبحث بين أطواء أيامه عن وجه كم كان يظن أنه أنقى من إشراقة الشمس ..وأجمل من جدائلها وهي تتعرج تألقا لتلون صباحاته - بأجمل ما يكون التلوين - كلما خفت وقع أقدام الأماني بظلمات قبوه المنزوي بعيدا عن عيون البشر

    إذاما حلقت أمامه كل الطيور دون وداع ليكمل الطريق وحيدا وهو يجر الخطى متثاقلا كنبضة خافتة بين جنبات قلب واهن قد أغلق عنه كل أبوابه ليتلذذ بالعتمة هاربا من نورِ بسماتٍ استقامت على نزّ جراحه وهي ترشق سهامها تلذذا بعذابه ..متنكرة للعهد والود اللذين أخضرا حدائق وأدواحا على مد البصر

    فكم من خيوط رفيعة أثقلتها العهود أحجارا وما ناءت بحملها يوما لتظل بوفائها أقوى من الليل ،ومن سوط الهموم وهي تصارع أعاصير الحقب لتحنيها بصفائها - الذي كلما تعتقتْ كؤوسه ..ساغ شرابها- ووفائها الذي كلما ادلهمت دروبه ازداد بريقا لينير أقبية أيامنا ودهاليز رؤانا..
    لنمد اليد في ثقة حتى نفك تشابك خيوط الأيام التي امتدت عنوة لتشد وثاق الروح وهي تهيم مكبلة خلف نور بسمات زائفة كم لاحت توهما على وجوه الذين نحبهم ..وما كانت لتستقيم أمام بسمات النور الذي كلما أشحنا عنه لاح توهجا ليناغي بصائرنا حتى تغسل غبش بصر مثقل بكحل الخداع لتتساوى الوجوه أمام ناظرينا عبر كل محطات أيامنا الباهتة ..
    خيط رفيع يتأرجح هناك بأفق ضياعنا وقد علقت بآخره قطرة ماء باردة تلوح كمشكاة بليل داج - وكلما مددنا لها اليد لنعانق فيها نبض الحياة أوغلت في الهروب لترسو فوق نور البسمات تكلفا...ونظل نقفو أدواحها المقفرة إلا من زرع الأنا وهو يستقيم يُبسا لا يعرف كنه الرواء-..ولكن هيهات أن تتقن المسير إن لاحت بسمات النور على وجه الأفق
    لتستجمع أنفاسها ..وتستقيم من جديد مترقرقة كنبع زلال كلما شهقنا على ضفافه تأملا انعكستْ صفحةُ وجوهنا الشاحبة على بريق مرآته لنمد اليد ونتحسس بقايانا وقد ضج بدواخلنا صوت الجراح و امتلأتْ جرابه من نزفنا ..لنوقظ الروح من غفوتها علها ترخي أطناب دلائها و تعبّ من فسيح الكون نورا ملأ الأمداء وسكب فيوضه لترتق كل فتق أعيانا اتساعه بين الحنايا

    (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)
    سورة النور24

    (من مجموعة الخيط الرفيع)

  • عبير هلال
    أميرة الرومانسية
    • 23-06-2007
    • 6758

    #2
    خاطرة مدهشة تخاطب قلوبنا وأرواحنا

    ليتنا نسمو ونتغير

    بوركت غاليتي المبدعة فاكية

    محبتي وورودي
    sigpic

    تعليق

    يعمل...
    X