جامعة الأمهات .. أنموذج ريادي
بقلم المستشار د نزار نبيل أبو منشار الحرباوي
تزخر تركيا بالعديد من النماذج الناجحة على المستوى المؤسسي ، نماذج من التميز في فهم المجتمع وتمثيله والتعامل مع متطلباته بصورة إبداعية تتخطى حدود المألوف ، وترقى بالأفق المعرفي النهضوي في المجتمع بصورة حقيقية .
جامعة الأمهات في إسطنبول أنموذج من النماذج التي تحتذى في عالم العطاء المؤسسي ، ودلالة على حجم التشارك في صناعة القرار وتوجيهه بين القطاع الأكاديمي والبلديات والمجتمع في تركيا بشكل واضح .
في منطقة اسينلار في اسطنبول ، قامت الدوائر التخطيطية في البلدية بالتواصل مع شرائح المجتمع ، ومن خلال تحليل التغذية الراجعة ، وجدت أن هناك عددا من النسوة الأميات في المنطقة ، وأنهن يعانين بسبب ذلك نفسياً واجتماعياً أمام أبنائهن والمجتمع برمته ، فانطلقت جهود تنسيقية بين رئاسة البلدية وبين واحدة من أعرق الجامعات التركية ألا وهي جامعة إسطنبول لبدء برنامج أكاديمي مجتمعي بمساقات ومواد تعليمية خاصة للتعامل مع هذه الحالة .
من بين هذه الجهود التفاعلية ، نشأت فكرة جامعة الأمهات ، التي تتيح للأم الأمية أن تدخل في مساقات ومحاضرات خاصة بها على يد خبراء ، وتتعلم مدة ستة أسابيع فقط في مجالات القراءة والكتابة والاقتصاد المنزلي وتربية الأبناء ونحوها ، وتتخرج من الجامعة بشهادة معتمدة من جامعة اسطنبول ورئاسة البلدية في الآن ذاته .
لا ريب أن هذه المشروعات الحيوية تغير النمط السلوكي لدى الأم الأمية ، وتكسب الأم الثقة بنفسها بصورة فاعلة ، وتغير من نظرة المجتمع لها ، بكونها تحمل شهادة رسمية من جامعة مخضرمة ، شأنها شأن خريجي كليات الطب والهندسة والعلوم الاجتماعية والإنسانية المنوعة
.
على صعيد الكلفة المادية ، يمكن للجميع هنا أن يلمس أن هذا المشروع العملاق لا يكلف الجامعة ولا يكلف البلدية أي عبء مالي ، فالدراسة تتم في قاعات الجامعة والاحتفالات على البلدية ، والدراسة في الجامعة تقديرا للأم ودورها باتت مجانية
الجدير بالذكر هنا أن العرف جرى بأن تقوم أمينة أردوغان ، وهي زوجة رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان - قبل أن يصبح رئيساً للجمهورية - بتقديم المحاضرة الختامية في هذه الجامعة للأمهات الطالبات، لتعبر لهن عن اعتزاز تركيا بهن كنسوة منتجات متعلمات.
وخلال مقابلة جمعتني بواحدة من خريجات هذه الجامعة ، سال الدمع من عينيها عندما سألتها عما اكتسبته من هذه الجامعة ، وقد كان ردها الموجز بليغاً بما فيه الكفاية ليخرس الخطباء والشعراء ، فقد كانت إجابتها : " يكفي أن نظرة أبنائي لي قد تغيرت ، ونظرتي لهم قد تغيرت ".
بقلم المستشار د نزار نبيل أبو منشار الحرباوي
تزخر تركيا بالعديد من النماذج الناجحة على المستوى المؤسسي ، نماذج من التميز في فهم المجتمع وتمثيله والتعامل مع متطلباته بصورة إبداعية تتخطى حدود المألوف ، وترقى بالأفق المعرفي النهضوي في المجتمع بصورة حقيقية .
جامعة الأمهات في إسطنبول أنموذج من النماذج التي تحتذى في عالم العطاء المؤسسي ، ودلالة على حجم التشارك في صناعة القرار وتوجيهه بين القطاع الأكاديمي والبلديات والمجتمع في تركيا بشكل واضح .
في منطقة اسينلار في اسطنبول ، قامت الدوائر التخطيطية في البلدية بالتواصل مع شرائح المجتمع ، ومن خلال تحليل التغذية الراجعة ، وجدت أن هناك عددا من النسوة الأميات في المنطقة ، وأنهن يعانين بسبب ذلك نفسياً واجتماعياً أمام أبنائهن والمجتمع برمته ، فانطلقت جهود تنسيقية بين رئاسة البلدية وبين واحدة من أعرق الجامعات التركية ألا وهي جامعة إسطنبول لبدء برنامج أكاديمي مجتمعي بمساقات ومواد تعليمية خاصة للتعامل مع هذه الحالة .
من بين هذه الجهود التفاعلية ، نشأت فكرة جامعة الأمهات ، التي تتيح للأم الأمية أن تدخل في مساقات ومحاضرات خاصة بها على يد خبراء ، وتتعلم مدة ستة أسابيع فقط في مجالات القراءة والكتابة والاقتصاد المنزلي وتربية الأبناء ونحوها ، وتتخرج من الجامعة بشهادة معتمدة من جامعة اسطنبول ورئاسة البلدية في الآن ذاته .
لا ريب أن هذه المشروعات الحيوية تغير النمط السلوكي لدى الأم الأمية ، وتكسب الأم الثقة بنفسها بصورة فاعلة ، وتغير من نظرة المجتمع لها ، بكونها تحمل شهادة رسمية من جامعة مخضرمة ، شأنها شأن خريجي كليات الطب والهندسة والعلوم الاجتماعية والإنسانية المنوعة
.
على صعيد الكلفة المادية ، يمكن للجميع هنا أن يلمس أن هذا المشروع العملاق لا يكلف الجامعة ولا يكلف البلدية أي عبء مالي ، فالدراسة تتم في قاعات الجامعة والاحتفالات على البلدية ، والدراسة في الجامعة تقديرا للأم ودورها باتت مجانية
الجدير بالذكر هنا أن العرف جرى بأن تقوم أمينة أردوغان ، وهي زوجة رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان - قبل أن يصبح رئيساً للجمهورية - بتقديم المحاضرة الختامية في هذه الجامعة للأمهات الطالبات، لتعبر لهن عن اعتزاز تركيا بهن كنسوة منتجات متعلمات.
وخلال مقابلة جمعتني بواحدة من خريجات هذه الجامعة ، سال الدمع من عينيها عندما سألتها عما اكتسبته من هذه الجامعة ، وقد كان ردها الموجز بليغاً بما فيه الكفاية ليخرس الخطباء والشعراء ، فقد كانت إجابتها : " يكفي أن نظرة أبنائي لي قد تغيرت ، ونظرتي لهم قد تغيرت ".