( تَأْليفُ وطنٍ )
مَنْ مِنَّا إِلاّ طَيُّ كِتَابٍ
حَرْفٌ مِنْ ذَاتٍ أو نفسٍ
تَظْهَرُ فِي الْعُنْوَانِ
فِيهِ كَذَلِكَ صِنْفٌ شَاذٌ فِي الأَلْوَانِ
بَحْرٌ مِنْ ظُلُمَاتٍ مُمْتَدُ الشُطْآنِ
يَأْخُذُنَا يُقْذِفُنَا بَيْنَ الأَمْوَاجِ
أَطْيَافًا مِنْ أجْنَاسٍ الأَحْرُفِ والكَلِمَاتِ
مَا عَادَ المَرْءُ يَوَدُّ الأَشْيَاء
لا شَيْءَ يُرِيدُ ؛
غَيْرَ البُعْدِ عَنِ الأَحْيَاءِ
لا الحَلْوَى عَادَتْ تُرْضِيهِ ،
ولا الدَّعَوَات
*****
قَامَ الشَّرُّ بِخَرْقِ المَرْكِبِ
فَتَدَفَقَتْ الأمْوَاجُ
وَتَأَرْجَحَتْ الأَفْلَاك
وصِرْنَا نَكْتُبُ صَفَحَاتٍ مَا فِيهَا رُوحُ حَيَاة
تَيَّارٌ جَارِفُ يُبعِدُنَا
ضَاعَتْ فِيهِ الأَرْكَان
أضحى الحُزْنُ يُلَمْلِمُنَا ،
وخُلْفَ الآرَاء
تَخْشَاهُ الأسْمَاكُ ، وكلُّ الحِيتَان
يَمْلأُنَا كُرْهًا ..حِقْدًا ..شَرًّا فِي أنفسنا
اخْتَلَطَ الطِّينُ بالماءِ ،
لَفِظَتْنَا الكَلِمَات
لاحَتْ للنُّورِ حُرُوفٌ مِنْ أقْصَى الصَّفَحَات
تَمْتَدُّ إِلَيْنَا تَمْسَحُ عَنَّا أَلَمًا ..خَوفًا ..شَوْكًا
يَنْخِرُ فِي الوُجْدَان
تُنْجِدُنَا مِنْ قَلْبِ التِّيهِ الحَالِكِ بالأوسَاخْ
تُمْسِكُ دَفَّتَنَا قَبْلَ الغَرَقِ وقبلَ الموتِ لِنَحْيَا
لِنُحِبَّ قَنَادِيلَ الأَدَبَ ، وتَأْلِيفَ الأوْطَان
*******
آهٍ لَوْ كَانَتْ مُخْلِصَةً تِلْكَ الأصْوَات
وتَشْكِيلَ عِبَارَاتٍ تَبْنِي فَصْلاً
وَسْطَ سُطُورِ كتاب
لَكِنَّ خُرُوجًا يَجْعَلُنَا بين السَّحْلِ،
وبينَ دُخَانِ قَنَابِل أَرْصِفَةٍ
وَرَصَاصٍ يَخْتَرِقُ الأَعْيُنَ والآذَان ،
وَبَلْطَجَةِ الشَّيْطان ،
لا يختلف على الباطل اثنان
*******
واختلفَ النَّاجُون مِنَ الحُوتِ الأزْرَقِ والأمواجِ
من كل فئات الكُتَّابِ
المجتمعين لتأليف كِتَاب
لُطِّخَ عُنْوَانُ بَقَايَا المَركبِ بِدِمِ الشُّهَدَاء
كانَ الأبيضُ حَرْفًا مِنْ فَرْع الفُلِّ
يَصْدَحُ في الميدان
وَحَطَّ الأسْوَدُ حَرْفًا مِنْ أشْوَاكٍ وَدِمَاء
أنتَ وَنَحْنُ نسْكُنُ شَجَرَةَ تِلْكَ الأوْرَاق
مَنْ مِنَّا يَمْلِكُ وَحْدَهُ دون حياة
تَأْلِيفَ كِتَابٍ ؟
يَمْحُو مِنْهُ اللوْنَ الأسْوَدَ والكلمات
ويبثُّ الرُّوحَ بعملٍ
من باقة زَهْرِ البُسْتان
ليَجْمَعَنَا
كَيْ نبنيَ مجْدَا
في صنع العنوان
***************
محمد فهمي يوسف
تعليق