هيت لك!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبدالرحيم التدلاوي
    أديب وكاتب
    • 18-09-2010
    • 8473

    هيت لك!


    هيت لك...
    أحس بكيانه يتزلزل و هي تخبره برقة و عذوبة أنها تحبه، كانت مفاجأة غير منتظرة جعلته يفقد توازنه؛ و سيكون للزلزال توابع على أسرته.
    صحيح أنها فاتنة، مازالت غضة فتية، و هو الكهل المشرف على الانحدار.
    كان ذلك ذات لقاء غير مرتب و الشمس على وشك الغروب و الفصل صيفا، و ما كان من عادته أن يظل خارج المنزل كل هذا الوقت، لكنها ترتيبات القدر، ربما، جعلته يتأخر ليصادف حضورها المشرق أمامه.
    _ما عدت أطيق صبرا، و الرسائل لم تسمح لي بري رغبتي.
    هذا البوح اللذيذ جعله ينتشي ، كما لو أنه شرب كأس نبيذ معتق فأحس بمتعة جعلته يبدو كالسكران، لفترة،فترة قصيرة في حساب الزمن، لكنها طويلة في حساب النفس المنتشية. لم يبلغ بعد مرحلة الغروب، قال لنفسه، مازال به بعض ماء الشباب، و إلا لما فاتحته بحبها.
    كان يدرسها قبل هذا البوح الصارخ و الفاصل ببضع سنوات، و كانت تسعى إلى لفت انتباهه، لكنه لم يكن يعير الأمر اهتماما، ففي نظره: هي فترة مراهقة ستشفى منها و تنساه.
    كان واهما، بدليل اعترافها المزلزل و الممتع.
    عاد إلى نفسه، لا يمكن أن أبادلها حبا بحب، هذا مستحيل، ثم أنا متزوج و لي أطفال أكبرهم في سنها. ماذا سأقول للناس، بل كيف سيكون موقفي تجاه نفسي. هذا أمر غير سليم. أبدا، لن أقبل مسايرتها في بوحها.
    ظل يبحلق فيها بعد اعترافها غير قادر على النبس بكلمة، لما رأته أخرس و ما درت أنها أسكرته، خفضت عينيها بخفر و انسلت كما لو كانت أفعى بثت سمها في الجسد الذي أمامها، غير أنه كان سما ممتعا كما خدر.
    ظل طيلة الطريق يفكر في الأمر، أما زلت مرغوبا في، ما عشت قصة حب أبدا، ما عرفته من حب كان من طرف واحد؛ يتبع التي خفق لها قلبه، يتخفى حين تستدير مخافة أن تراه، ثم يخمد حبه فجأة ليشتعل مع أخرى. ما تواصلت معه و لا واحدة. مرة، و قد عرف صديقه تولهه بفتاة يعرفها، طلب منه أن يكتب لها رسالة يعترف لها بحبه، و سيتكلف بإيصالها لها، و سيسعى إلى إقناعها بمبادلته الحب. لم تكن نية الصديق سليمة، بل كانت خبيثة لن يعلم سوء طويته إلا بعد أن فاحت سطور الرسالة بين الأصدقاء و الأهل، و صار محل تنذرهم.
    ياه!، كم هي الحياة لعوب، تهديك الحب بعد سنوات، و كأنه تلك القطرات التي ترطب جفاف شفاه من يعاني سكرات الموت. نعم، هو متزوج لا عن حب، بل كان بفعل ترتيب من الأسرة و قد لاحظت تقدمه في السن و عزوفه عن الزواج.
    ما أمتعها! النظر إليها يجلب لنفسه الراحة و ينعش روحه و يولد فيه طاقة الفرح.
    لكن، مهلا، هذا غير ممكن، هل يمكن جمع الخريف بالربيع؟ سيكون في ذلك إجراما في حق الجمال و الحياة.
    لاحظت زوجته شروده و بعدها تغيره، و سعت لمعرفة السبب لكن من دون جدوى، إذ ظل متكتما لا يترك علامة تدينه.
    عاد إلى المرآة يستشيرها، يتقرى قسمات وجهه، يتلمس تجاعيد الجبهة و العنق، يتفحص تنيات العينين و انتفاخ الجفون، يتغاضى عن كل ذلك فرحا بما أطرب سمعه. قرر تغيير لباسه، بدأ يرتدي أقمصة وردية، و سراويل ضيقة، و يلمع شعره..
    لاحظت الزوجة ذلك، أصيبت بحيرة، لم تعد تبتسم في وجهه، تمطره بأسئلتها المحرجة، تضيق عليه المخارج، فحدس المرأة دوما صائب. لكن، ما الدليل؟
    و إذ أدرك أن الخطر محدق، و أنه إلى فضيحة سائر، فكيف له و هو الرجل المتزن، و الزوج
    الرزين الذي يضرب به المثل أن يسقط هاته السقطة، قال لنفسه: يا للفضيحة!
    تذكر يوم كتب لها:

    سأتوضأ بدمع عينيك
    لأقيم صلاة الحب.
    كيف استقبلتها بحرارة و اشتعل فيها الشوق و زاد لهيب حبها.
    و في لقاء جمعه بها بعيدا عن أعين المتلصصين و كيد الفضوليين، أقنعها بالبحث عن شاب تتزوجه و يكون لها سترا، فحبها له طريق مسدودة، و نهايتها لن تكون سوى كارثية.
    بدت مقتنعة ففرح و استبشر خيرا، و أحس أنه لم يتهور و لم يورط نفسه في مشكل لا حل له سوى الخراب.
    و بدأ يدعمها ماديا و معنويا إلى أن أخبرته بقرب زواجها من شاب متيم بها. أسعده النبأ.
    وتكلف بمصاريف العرس كلها. ثم أخبر زوجته أنه سيحضر عرس أعز أصدقائه و أنه متأسف لعدم مصاحبتها له.
    دخل إلى قاعة الفرح، و كان الفرح باديا على الجميع، و العروس في كرسيها تنتظر عودة العريس من غرفة العدول، طلب منه التوجه إليها، هناك، وجد عدلين و عم العروس، و العريس، و أبيه، طلب منه أحد العدلين أن يمده ببطاقة هويته، فأسرع إلى مدها باعتباره وكيل العروس.
    و انتقل العريس إلى جانب عروسه، و تتابع الاحتفال في جو بهيج. ثم بدأ الجمع ينفض، و حينها دعته العروس أن يحملها بين ذراعيه إلى الغرفة كما جرت بذلك عاداتهم و تقاليدهم، شعر ببعض الحرج، و في الأخير أذعن فحملها كما طلبت.
    أدخلها إلى الغرفة ، كانت فارغة إلا منهما، استدار للعودة من حيث أتى، و إذا بالغرفة تقفل في وجهه.


  • محمود عودة
    أديب وكاتب
    • 04-12-2013
    • 398

    #2
    يا لها من حالة عجيبة زواج بالأكراه .. أبدعت

    تعليق

    • مصطفى الصالح
      لمسة شفق
      • 08-12-2009
      • 6443

      #3
      وأخيرا أوقعته وهو غائب عن وعيه

      معقول أن تنطلي عليه الحيلة!

      لكن البنت كانت مصممة بدليل إنها جابته يعني أحضرته يعني حصلت عليه

      المهم أنها بالحلال

      سرد جميل موفق

      ولغة منسابة سلسة

      غير أن لي ملاحظة واحدة

      لا يحق للقاص التقريرية والتدخل مثل: إن لم نقل
      اتزانه،،
      ولاحظ أن كلمة اتزانه جاءت منفصلة وهذا لا يجوز أيضا، لا يجوز ترك السطر العلوي فارغا والانتقال إلى السفلي وقص الجملة
      ثم أنني متزوج>> ثم أنا متزوج

      جميل جدا أنت تسير بخطى واثقة

      كل التقدير
      [align=center] اللهم صل على محمد أفضل الخلق وعلى آله وصحبه أجمعين

      ستون عاماً ومابكم خجــلٌ**الموت فينا وفيكم الفزعُ
      لستم بأكفائنا لنكرهكم **وفي عَداء الوضيع مايضعُ

      رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ

      حديث الشمس
      مصطفى الصالح[/align]

      تعليق

      • محمد الحزامي
        عضو الملتقى
        • 13-06-2014
        • 356

        #4
        إنّ كيدهن عظيم : سرد بديع وتسلسل منطقي جميل لقصّة حبّ تنتهي بزواج إستثنائي غريب يوضح مدى قدرة المرأة في تحقيق أهدافها وإن طال بها المسير .

        تعليق

        • عبدالرحيم التدلاوي
          أديب وكاتب
          • 18-09-2010
          • 8473

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة محمود عودة مشاهدة المشاركة
          يا لها من حالة عجيبة زواج بالأكراه .. أبدعت
          مبدعنا الرائع، محمود
          سررت كثيرا بتفاعلك القيم و المشجع.
          شكرا لك على طيب تعليقك.
          مودتي

          تعليق

          • عبدالرحيم التدلاوي
            أديب وكاتب
            • 18-09-2010
            • 8473

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة مصطفى الصالح مشاهدة المشاركة
            وأخيرا أوقعته وهو غائب عن وعيه

            معقول أن تنطلي عليه الحيلة!

            لكن البنت كانت مصممة بدليل إنها جابته يعني أحضرته يعني حصلت عليه

            المهم أنها بالحلال

            سرد جميل موفق

            ولغة منسابة سلسة

            غير أن لي ملاحظة واحدة

            لا يحق للقاص التقريرية والتدخل مثل: إن لم نقل
            اتزانه،،
            ولاحظ أن كلمة اتزانه جاءت منفصلة وهذا لا يجوز أيضا، لا يجوز ترك السطر العلوي فارغا والانتقال إلى السفلي وقص الجملة
            ثم أنني متزوج>> ثم أنا متزوج

            جميل جدا أنت تسير بخطى واثقة

            كل التقدير
            مرحبا بك، أخي الغالي، مصطفى الصالح
            شكرا لك على تفاعلك القيم، و على ملاحظاتك البانية. سأعمل على إدراج التصويبات.
            إطلالتك أبهجتني، ممتن لك على الدعم المعنوي الحار.
            بوركت.
            مودتي

            تعليق

            • عاشقة الادب
              أديب وكاتب
              • 16-11-2013
              • 240

              #7
              هههههههاعجبتني القصة
              كانت عالاقل اكثر ذكاءا وحبا له ومع ذالك اراه هو ايضا كان قابلا لتطويع والتشكيل فهو في عطش ليرتوي بحبها والا لما كلف نفسه ماديا ومعنويا بمعرفة مصيرها
              ابدعت كعادتك

              تعليق

              يعمل...
              X